كنا نتوهم في ظل صعود ثقافة النظام العالمي الجديد، ان قبائل رأس المال سوف تساهم ايجابياً في افساح المجال لترقية الذوق الجمالي العام،. لكن ما حدث هو ولادة التشظي والفسيفساء. لقد تغيّر الجمهور الى حالة كرنفالية سطحية. الاشكالية ليست في نوعية القصيدة قصيدة تفعيلة ام قصيدة نثر، ومحاولات التجنيس، فهذا امر مشروع، لكن الاشكالية تكمن في كمية الصقيع في قصيدة نهاية القرن، وهبوط الشعرية إلى أدنى دركات الاستنساخ والتكرار. وقصيدة الاستنساخ ليست بالضرورة قصيدة نثر فقط، فالترهل يطول قصيدة التفعيلة بالتأكيد. الخلل أذاً في القصيدة ذاتها، أما النقد فهو متواطئ مع السلطة والمال والاعلام : فهو اما نقد انطباعي بلا معرفة، او نقد بنيوي بلا ذوق. وهكذا تخلق المؤسسات والصحافة والفضائيات سحرها المقدس الجديد، وسحرها الشعري الجديد. كل جيل يخلق اوهامه ويصدقها، ثم يكتشف لاحقاً الخديعة. واكبر مأساة في الوطن العربي، هي مأساة المهرجانات الشعرية التي تكرّس سلطة الاسم بدلاً من سلطة النص. بالنسبة إلي، اواصل مشروعي الشعري الخاص في عزلة موقتة، لمواجهة العزل والديكتاتورية الليبرالية الجديدة، الى ان تهدأ عاصفة ما هو خارج النص قليلاً.