يقوم علماء وأطباء بريطانيون واميركيون بتجربة وسيلة وراثية تمكنهم من حماية الأوردة المستخدمة في عمليات تجاوز القلب by-pass من الانسداد، مما سيغني بالتالي عن تكرار اجراء مثل تلك العمليات. والمعروف ان عمليات تجاوز القلب هي من اكثر العمليات شيوعاً والتي يلجأ فيها الجراحون لاستئصال اوردة من ساق المريض لزرعها حول شرايين القلب المريضة او المسدودة من اجل تجاوزها والسماح للدم بالوصول الى القلب. ومن المؤسف ان الجراحين يضطرون غالباً الى تكرار هذه العملية لمرضاهم خلال بضع سنين لأن الأوردة المستخدمة لتجاوز القلب ليست متينة كشرايين القلب المريضة ولا تقوى على احتمال ضغط الدم المخصص لتلك الشرايين. لذا تنمي الاوردة طبقة عضلية تحميها من الضرر او الأذى، غير ان ذلك يؤدي الى ضيق مجراها ويجعلها اكثر تعرضاً للانسداد مقارنة بالشرايين. أما الوسيلة الجديدة فإنها تجعل الأوردة المستخدمة في عمليات تجاوز القلب تتصرف وكأنها شرايين. إذ يقوم الأطباء بحقن الوريد المستأصل من ساق المريض بالمادة الوراثية المهندسة لتغيير التركيب الجيني للخلايا العضلية قبل زرعه، وذلك من اجل ابطاء عملية انسداد الشرايين ومنع ضيقها. وتجدر الاشارة الى ان 30 في المئة من عمليات تجاوز القلب تفشل نتيجة اعاقة الوريد المزروع خلال سنة من اجرائها، بينما يفشل 50 في المئة منها خلال 5 أو 10 سنوات. ونظراً للمصاعب المادية والجسدية والنفسية التي يعانيها المرضى جراء تكرار العملية الجراحية، والمخاطر التي يمكن ان تنجم عنها مع تقدم المريض في السن. هذا بالاضافة الى قلة عدد الأوردة الصالحة للزرع التي يمكن للطبيب استئصالها من ساقي المريض، يرى الباحثون ان نجاح هذا الأسلوب من المعالجة الوراثية قد يفتح الطريق امام تطبيقه بصورة عامة داخل المستشفيات والعيادات المتخصصة خلال السنوات القليلة القادمة. من جهة أخرى يقوم الدكتور سميث تشانون في مستشفى جون رادكليف التعليمي التابع لجامعة اكسفورد باستخدام اسلوب آخر من المعالجة الوراثية في تطبيق عملية اجتياز القلب. اذ بدل اعتماده على المادة الوراثية البشرية، يقوم بتغيير طبيعة المادة الوراثية للفيروسات بحيث تصبح سليمة وغير مؤذية. عندها يستخدم الدكتور تشانون هذا النوع من الفيروسات المهندسة وراثياً لمهاجمة الخلايا التي يتكون منها الوريد. وهكذا يمنع الفيروس سلسلة الاحداث التي تؤدي الى انسداد الوريد نتيجة تراكم الخلايا العضلية الزائدة، مما يحافظ على سلامة الوريد المزروع ويساعد على تأخير الحاجة الى القيام بعملية اجتياز اخرى اطول فترة ممكنة. … ودواء بأقل من دولار ينقذ الألوف من مرضى القلب صرّح اطباء اميركيون ان دواءً لعلاج احتباس الماء في الجسم حقق نتائج مذهلة في تحسين حال مرضى "قصور القلب الاحتقاني" Congestive Heart Failure. فقد بيّنت التجارب ان الدواء الذي يعرف باسم "سبيرونولاكتون" Spironolactone خفض من عدد المتوفين بهذا المرض بنسبة 30 في المئة، وقلل من عدد المرضى المترددين على المستشفيات بنسبة 35 في المئة. وأكد الطبيب المسؤول عن هذه التجارب، الدكتور بيرترام بِت من جامعة ميتشيغان، ان هذا الدواء الرخيص الثمن والمتوفر في الصيدليات سيحدث ضجة كبيرة ومدوية في مجال العلاج الصحي في العالم اجمع. فهو دواء قادر على انقاذ حياة الألوف من المرضى ويمتاز بفعاليته الكبيرة في تحسين الوضع الصحي للمصابين بمرض قصور القلب الاحتقاني، الذين يعانون من وهن عضلات القلب وعجزها عن ضخ الدم الذي يحتاجه الجسم. شملت التجارب 1670 مريضاً من 15 دولة واستمرت لأكثر من عامين. وقد ذهل الاطباء القائمون على هذه التجارب من النتائج الباهرة التي حققها الدواء، لدرجة انهم اوقفوا التجارب قبل 18 شهراً من التاريخ المحدد لانتهائها. ويعود السبب في ذلك الى انهم رأوا ان الاستمرار في التجارب من دون اعطاء 50 في المئة من المرضى المشاركين دواء سبيرونولاكتون، يعتبر عملاً غير اخلاقي، خصوصاً وان فوائده باتت واضحة للعيان. واذا كانت بداية التجارب اقتضت اعطاء الدواء لنصف عدد المشاركين دون النصف الآخر من اجل مقارنة النتائج، فإن ايقاف الدراسة بعد اكثر من عامين وقبل عام ونصف من التاريخ المحدد لها اصبح له ما يبرره حرصاً على سلامة المرضى وسعياً لتحقيق اكبر قدر من الفائدة لهم جميعاً. وتجدر الاشارة الى ان دواء سبيرونولاكتون كان قد انتج للمرة الاولى عام 1959، عندما كان يستخدم روتينياً لعلاج قصور القلب وارتفاع ضغط الدم من دون ان يتم اختباره او دراسته بصورة علمية شاملة. لذا تجاهل الأطباء استخدامه لصالح ادوية جديدة اخرى ظهرت على الساحة مثل موسعات الأوعية الدموية captopril وQuinapril وغيرها. اما الآن فإن دواء سبيرونولاكتون يباع في الصيدليات تحت اسم "ألداكتون" ويعمل عن طريق منع انتاج هورمون "الدوستيرون" الذي يزيد من احتباس الاملاح داخل الجسم، مما يؤدي الى ارتفاع مستوى الأدرينالين ويزيد من تصلب الأوعية الدموية. ورغم ان الأدوية الموسعة للأوعية الدموية تحد من انتاج هورمون "الدوستيرون" ايضاً الا انها لا تقوم بهذه المهمة بذات الفعالية التي يتميز بها دواء ألداكتون Aldactone. لذا يعتقد الاطباء الاميركيون ان اضافة هذا الدواء الى كوكتيل الأدوية التي يتناولها مرضى قصور القلب، أصبحت خطوة ضرورية وايجابية ايضاً، مع الأخذ في الاعتبار بعض الاعراض الجانبية التي قد يتسبب بها مثل انتفاخ الثديين عند الرجال وتدني الرغبة الجنسية. وهذا ثمن زهيد يدفعه المريض الذي يهدده قصور القلب بالموت.