أرشيف سعودي للصور التاريخية : 30 الف صورة تحكي تاريخ الجزيرة العربية على أقراص مدمجة

يقول الصينيون "الصورة بألف كلمة".
والصورة هي الذاكرة الضوئية التي ترصد تاريخ الشعوب، ومراحل تطورها الاجتماعي والعمراني والاقتصادي.
والسعودية وفي غمرة الاحتفال بمرور مئة عام على تأسيسها، وتكثيف الاهتمام بتاريخها المكتوب، لم تنس تاريخها الضوئي، لذلك شرعت في انشاء الأرشيف الوطني للصور التاريخية الذي بدأ العد التنازلي لافتتاحه بعد ستة اشهر.
يقول علي الصوينع امين مكتبة الملك فهد الوطنية التي يتبعها المشروع ان الصور القديمة تعد وثائق تاريخية تتميز بقدرتها على نقل المعلومات التي تعجز المصادر التقليدية عن نقلها بشكل مناسب، ويمكن باستنطاق تلك الصور الحصول على معلومات قيّمة عن ملامح الحياة والعمران وتطورهما عبر الزمن.
ويقول الصوينع في حوار مع "الوسط": "لقد تعددت وسائل توثيق تاريخ المملكة العربية السعودية، الا ان الصور لم تحظ بذلك الاهتمام الذي يتناسب مع مكانتها التاريخية، ومن هنا جاءت فكرة انشاء الارشيف الوطني للصورالتاريخية".
وترجع فكرة انشاء هذا الارشيف الى العام 1997 الذي جرى فيه افتتاح مكتبة الملك فهد الوطنية، وهى المكتبة الام المسؤولة عن حفظ التراث الوطني السعودي بأشكاله كافة، من مطبوعات وصور ومجسمات، اضافة الى جميع المواد التي تحمل معلومات عن السعودية. وتم الاتفاق على ان يكون افتتاح الارشيف، الذي أسند تنفيذه الى مؤسسة "التراث"، متزامناً مع احتفالات السعودية بمرور مئة عام على تأسيسها ليكون هدية مناسبة للمثقفين والمهتمين والباحثين والمواطنين.
ويشير الصوينع الى ان اهتمام المكتبة بالصور ليس وليد اليوم لكنها اهتمت بذلك منذ تأسيسها فقامت بجمع وحفظ الصور القديمة والحديثة للمملكة العربية السعودية وشخصياتها ومعالمها حيث تقتني المكتبة اكثر من خمسة عشر الف صورة خاصة بالسعودية.
وما هي مصادركم لجمع صور الارشيف الوطني؟
- مصادرنا كثيرة ومتنوعة بين الداخل والخارج، حيث اننا نحصل على الصور من افراد وهيئات، مثل الامراء والوزارات والهيئات الحكومية وكبار الشخصيات السياسية والتاريخية، والأعيان في مختلف مناطق المملكة، وشركات النفط العاملة في السعودية، والصحف والمجلات المحلية والاجنبية والسفارات المعتمدة في المملكة والمكتبات الاوروبية والاميركية والمتاحف الوطنية في دول العالم. الى جانب الافراد الذين عملوا او زاروا المملكة من السفراء والمصورين او عوائلهم الذين ورثوا الصور.
في تصوركم ما أهمية هذا المشروع ؟
- انه عمل تاريخي وعلمي وتراثي وثقافي ومعلوماتي وتعليمي، ايضا هو مخزن معرفي لمن يريد البحث والاطلاع ولمن يريد ان يرى حقيقة تاريخ السعودية من بداية العام 1880. وهو ايضاً عمل وطني لأن الصور تغطي ارجاء المملكة قبل وبعد التوحيد على يد الملك عبدالعزيز آل سعود، وتوضح الملامح الثقافية القديمة والعادات والتقاليد والملابس وحال المدن والقرى من قديم الزمن، ما يساعد على ابراز الشخصية الوطنية. والفكرة ان يتم جمع الصور القديمة عن الجزيرة العربية او عن السعودية قبل وبعد توحيدها حتى الستينات. وحصلنا حتى الآن على نحو 18 الف صورة ونتوقع ان يصل العدد الى 30 الف صورة تعكس مختلف جوانب الحياة الاجتماعية للجزيرة العربية. كما يضم الارشيف مئات من الصور الشخصية لاعلام المملكة من الملوك والامراء ومختلف الشخصيات والمعالم الحضارية.
وهل واجهتم أية صعوبات اثناء تنفيذ المشروع؟
- صعوبات عديدة اولها مغالاة بعض أصحاب الصور في طلب مبالغ مالية مبالغ فيها. وقد تكون الصورة التي يملكونها غير واضحة ولكنهم يريدون استثمارها. والبعض يضع شروطاً وقيوداً على نسخ صورة من الصور الاصلية. الى جانب عدم ادراك بعضهم أهمية هذا المشروع واعتقاده اننا سنأخذ الصور لنا علماً اننا سنحفظ الحق الادبي لأصحاب الصور وسنكتب اسماء الاشخاص الذين يمدوننا بها.
ولكن هناك ايضا صعوبات فنية ؟
- طبعا.. مثل عدم وضوح الصورة، او عدم التعرّف على من فيها، وتاريخ التقاطها ومكانه. ولهذا نقوم بترميم الصورة واصلاحها وتحسين مستواها بالرتوش والتظليل والايضاح عن طريق متخصصين في ترميم الصور الفوتوغرافية، حتى تصبح في مستوى قابل للمسح الضوئي. وللتأكد من صحة المعلومات نلجأ الى المصادر المنشورة والمطبوعة مثل الصحف والمجلات واهل الاختصاص من مؤرخين وباحثين وموثقين للتحري والبحث عن الشخصيات الموجودة في اي صورة.
وما المراحل التي يتضمنها المشروع؟
- يمرّ المشروع بمراحل عدة، وهي البحث والتقصي عن الصور القديمة لدى الافراد والهيئات داخل السعودية وخارجها. كما سيشمل التنقيب العديد من المصادر النادرة في مواقع لم يسبق البحث فيها عن مثل تلك الصور، والاتفاق مع اصحابها في شأن تملكها او الحصول على نسخ منها. ثم المعالجة الفنية للصور القديمة من اجل ضمان جودتها، وتوثيق الصور وتحديد معالمها من ناحية المكان والزمان، وفهرستها، وتخزينها على وسائط بصرية في الاقراص المدمجة، وسيتم استخدام احدث التقنيات المتطورة لذلك. ويتضمن النظام المستخدم القدرة على حفظ وتحسين مئة الف مادة مصورة عن اصول على شكل شرائح او صور وذات مستويات متباينة الجودة. كما يتضمن حفظ معلومات عن كل شريحة وصورة تشمل الموضوع والموقع والتاريخ والمصوّر ومصدر الصورة ومرجع الحقوق ونوع الاصل، واخيرا اعداد نظام آلي لاسترجاع الصور وطباعتها.
وهل يستطيع الباحث من اي بلد الاستفادة من هذا الارشيف؟
- سيكون لهذا الارشيف موقع على الانترنت يساعد الباحثين والدارسين واهل الاختصاص من جميع دول العالم على الوصول الى اية معلومات وتدعّم بحوثهم التاريخية بالصور القديمة. فاذا اراد أحد ان يكتب عن تاريخ الحج مثلاً او عن تاريخ تطور المدن والقرى السعودية فلا بد ان يدعم حديثه بالصور لأن للصورة قيمة لا تخفيها العين.
وما اقدم الصور التي حصلتم عليها؟
- اول الصور التي التقطت في المملكة تعود الى العام 1880 التقطها المصور اللواء محمد صادق بك الذي ولد في القاهرة، حيث التقط مجموعة من الصور الشخصية لمنطقة الحجاز والحرمين الشريفين. اما نجد فان اول الصور التي التقطت لها فتعود الى العام 1914، واول صورة للملك عبدالعزيز التقطها المصور شكسبير في الكويت العام 1910وهي منشورة في عدد من الكتب التي تناولت سيرته.