بعدما اقتصر "مهرجان ايلول"، في دورته الاولى العام الماضي، على الاعمال المسرحية، قررت "الجمعية اللبنانية للفنون المعاصرة" التي تنظمه، تنويع فاعليات دورته الثانية هذا العام، لتضم، الى المسرح، عروضاً راقصة، وافلام فيديو وتجهيزات. وبعدما كان عدد الاعمال المسرحية في الدورة الاولى خمسة، وهي انتاج "ايلول"، "المقسم 19" لربيع مروه، "الجدار" لسهام ناصر، "بوب كورن" لفادي ابو خليل، "المنفذ 14" لعادل حكيم، و"أوفريرا" للينا الصانع، قلّص العدد هذا العام الى اربعة: "عن جديد" لزكي محفوض، ستة مشاهد ايمائية تقوم بتأويل أربع قصائد لجاك بريفير، عن الرتابة التي تدمّر النفس حين تكون الخيار الوحيد، اعداد وتنفيذ سوسن ابو خالد على مسرح مونو. والعمل الثاني، "هوى آب" لندين توما، نص فادي ابو خليل وندين توما، حياة أم وابنتها وماكينة خياطة وغائب على مسرح مونو. والثالث، "كتاب الموتى المصري" لحبيبة الشيخ، نصوص معدة من كتاب الموتى، تقدم خلفية معرفية عن طقوس الدفن والتحنيط الموميائي على مسرح المدينة. اما العمل الرابع فأجنبي بريطاني بعنوان "كويزولا" لتم أتشلز، تقدمه فرقة "فورسد انترتانمت" باللغة الانكليزية، يتألف من اسئلة وأجوبة، لعبة غريبة، أفلتت من السيطرة في مبنى عز الدين. وهذا العرض اختير وفق احد معياري الصيغة الجديدة للمهرجان، وهو "اختيار تجارب طليعية وجديدة من العالم" كما أعلنت باسكال فغالي منسّقة المهرجان، لا سيما وان تجربة العام الماضي هدفت الى تشجيع الشباب اللبناني، المقيم والمهاجر، وانتاج اعمالهم وتوفير فرص لهم ولها، وعليه دعي في الدورة الماضية عادل حكيم ليعرض عمله "المنفذ 14". بحسب المعيار الثاني في الصيغة الجديدة للمهرجان ايضاً بحسب فغالي، وهو "افساح المجال للفنانين اللبنانيين المهاجرين لتقديم عروضهم في بيروت"، دعيت الكوريغرافية جمانة مراد لتقدم، في الدورة الحالية، العرض الراقص "أكاذيب مختارة"، حول الصراعات في العالم: الشرق الاوسط، أوروبا الشرقية وأميركا اللاتينية، ومعها الفرقة نفسها التي قدمت العرض للمرة الاولى عام 1997 في "بليس تياتر" في لندن، وهي مؤلفة من ايليان كونتريغ، ساره ليتل وايزابيل ويوود على مسرح المركز الثقافي الروسي. العرض الراقص الثاني ضمن المهرجان، "المناطق الممنوعة" لرويدا الغالي، تمزج فيه ما بين الرقص المعاصر الغربي والرقص المعاصر الياباني من جهة، والتمثيل المسرحي من جهة ثانية مسرح بيروت. الافلام: عين على الذات الى العروض المسرحية أربعة والراقصة اثنان، هناك خمسة افلام فيديو تتعدد مواضيعها لكنها تلتقي في "همها الوجودي" وعينها الداخلية على ذات الفرد وسيرته وعلى اسرار الجماعة. فهذا محمد سويد يستوحي من ذكرياته عن الحب والحرب والسينما موضوعات فيلمه "تانغو الأمل" الذي أعطاه عنواناً من أغنية قديمة لنور الهدى هي الحب والحزن والتسامح المركز الثقافي الفرنسي. وهذه مي قاسم تروي، في فيلمها "جوكر"، حكاية العامل السوري احمد الذي جاء الى بيروت للعمل والمساهمة في اعمارها، فيرتبط بالمدينة وبالمباني التي يعمل فيها... السنوات تمضي واحمد يهرم، وبيروت؟.. المركز الثقافي الفرنسي. وهذا غسان سلهب ونسرين خضر في فيلمهما "في الغواية" يركزان الكاميرا على محاولات امرأة في غواية رجل. فيتساءلان مع نساء الفيلم عن مكانة الغواية في حيواتهن، فيلم عن استراتيجية الغواية المركز الثقافي الفرنسي. وهذا طلال خوري، في فيلمه "ماسلز" يستكشف في نوادي كمال الأجسام، يدخل الى عالمها السري حيث يمتزج الفقر بالهامشية والبحث عن الذات المركز الثقافي الفرنسي. وهذا ايضاً واخيراً، محمود حجيج يتقاطع فيلمه "بيروت - باليرمو - بيروت" مع الافلام الاخرى عند نقطة "السر" واستراتيجية كشفه. والحكاية انه خلال حفل تكريم رسمي لمخرج سينمائي على اساس انه نال جائزة في "مهرجان باليرمو"، يرتفع صوت مشككاً بحقيقة الجائزة، فتبدأ عملية تحقيق المركز الثقافي الفرنسي. هذه الافلام تلتقي في إحساسها بالخديعة والخداع، بالهامشية والتهميش، وبالفراغ الذي يدفع على الملل والغربة... الفراغ والتمرّد وليس بعيداً من هنا تقف بعض التجهيزات المشاركة في المهرجان، وتحديداً "فراغ 2" لعماد عيسى، وهو عمل ادائي مكاني يتحدث عن يوميات الزمان الفاشل، المركز الثقافي الروسي. وايضاً تجهيز "التبولة" لرولا حاج اسماعيل. وهو عرضي هضمي يستدعي حواسنا الاساسية. ولا يصل أبعد من قدرة الفم على التذوّق بيروت ميديا برودكشن. لكن التجهيزات الثلاثة الاخرى كأنها غير مستسلمة للفراغ الذي "تعاينه" وتنطلق منه، كما هو عمل "متواليه متتابعة" لكاترين كاتاروزا وسينتيا زافين الجامعة اللبنانية - كلية الفنون. عرض يستخدم الفضاء المديني كمكان للتجربة، تجهيز في الهامش بوصفه اثراً لما حدث، ولحظة كسر تسمح بالانتقال: المكان يتغير. انه استعارة. والهدف: جعل لحظة العبور ممكنة. تجهيز آخر ضمن هذا الاتجاه: "البريد الباقي" لجوانا حاجي توما وخليل جريج، بالتعاون مع زينة عريضة. وهو تجهيز يسمح لنا بأن نتعرف الى 125 معتقلاً في معسكر الخيام ويدعونا الى كتابة رسائل لهم مسرح بيروت. وكذلك تجهيز "الإطار الآخر" لأكرم زعتري - وإن كان هدفه ابراز سلطة المصور على موضوعه من خلال صور الاهل لأولادهم، ثم من خلال استلهام وضعيات مصورة اساساً مع اطفال، واعادة تركيبها مع من هم اكبر سناً معهد غوته