في نهاية اللفة الاولى من سباق الجائزة الكبرى في النمسا لسيارات فورمولا واحد كانت سيارة ماكلارين - مرسيدس بقيادة الفنلندي ميكا هاكينن تحتل المركز الاول في حين كانت سيارة ماكلارين - مرسيدس بقيادة الاسكتلندي ديفيد كولتهارد في المؤخرة. وفي نهاية السباق عبرت سيارتا ماكلارين بقيادة هاكينن وكولتهارد خط الوصول في المركزين الاول والثاني تباعاً وذلك للمرة الرابعة في سباقات هذا الموسم. هذه عيِّنة من المفاجآت الغريبة التي حفل بها سباق النمسا، وهذه المفاجآت هي التي تشحن سباقات فورمولا واحد بالمتعة وتجعلها الرياضة الاكثر اثارة في العالم بعد كرة القدم. والمفاجآت المثيرة بدأت عشية انطلاق السباق عندما استطاع الايطالي جيانكارلو فيزيكيلا سائق بينيتون - ميكاكروم ان يتصدر المتسابقين في التجارب الرسمية التي جرت في جو مطير، يليه الفرنسي جان أليزي سائق ساوبر - بتروناس ووراءهما متصدر الترتيب العام ميكا هاكينين ووصيفه ميكايل شوماخر. وللمرة الاولى لاحت امام المراقبين بوادر احتمال كسر الهيمنة التي فرضتها ماكلارين وفيراري على سباقات هذا الموسم والاخلال بتناوبهما على احتكار منصة التتويج، الا ان هذه البوادر تبخّرت في اليوم التالي تحت اشعة الجو المشمس ولم تعمر اكثر من حلم ليلة صيف. ان الفوز الذي حققه هاكينن في سباق النمسا، وهو فوزه الخامس في هذا الموسم اعاد التوازن الى سباقات فورمولا واحد بعد ثلاثة انتصارات متتالية احرزها شوماخر على متن سيارة فيراري. وقد اتاح له هذا الفوز ان يرفع الفارق بينه وبين وصيفه الالماني الى ثماني نقاط بعدما بلغ رصيده 66 نقطة جمعها على الوجه الآتي: 10 نقاط في استراليا و10 نقاط في البرازيل و6 نقاط في الارجنتين و10 نقاط في اسبانيا و10 نقاط في مونتي كارلو و4 نقاط في فرنسا و6 نقاط في بريطانيا و10 نقاط في النمسا. واثبت هاكينن رغم الضغط النفسي الذي تعرّض له في اللفات الپ17 الاولى من السباق انه سائق صعب المراس يعرف كيف يحمي ملكه وكيف يدافع عن موقعه. فقد انطلق انطلاقة جيدة اذ قفز من المركز الثالث الى المركز الاول وحافظ على صدارته رغم محاولات شوماخر المستميتة لتخطيه، وفي دفاعه المرير عن موقع الصدارة استخدم هاكينن كل ما لديه من شجاعة وحنكة ومهارة علماً ان سيارته كانت مثقلة بالوقود لأنه اعتمد استراتيجية تقضي بدخوله المرآب مرة واحدة خلافاً لاستراتيجية فيراري التي تقضي بدخول شوماخر مرتين. واثر حادث تعرض له شوماخر وهو يحاول تجاوز هاكيننن وأدى الى خروجه من الحلبة والى اعطال لحقت بمقدمة سيارته اضطرته الى دخول المرآب، دانت السيطرة لهاكينن وتوّج سيطرته بعشر نقاط جعلته يتربع بفارق مريح في صدارة الترتيب العام. شوماخر الأكبر وشوماخر الأصغر اما شوماخر فانه كان يتطلع الى احراز سباق النمسا ليحقق فوزه الرابع على التوالي ويتصدر الترتيب العام اياً كانت نتيجة المتصدر هاكينن اذ كان الفارق بينهما نقطتين فقط، لكن حسابات الحقل لم تنطبق على حسابات البيدر، ولعل شوماخر دفع في هذا السباق ثمن تسرعه، وهو يحاول تجاوز هاكينن علماً انه حقق بدوره انطلاقة جيدة اذ قفز من المركز الرابع الى المركز الثاني. ورداً على احد الاسئلة في المؤتمر الصحافي الذي عقده بعد السباق، لم ينكر بطل العالم مرتين انه ارتكب حماقة جعلته يتقهقر من المركز الثاني الى المركز السادس عشر والاخير. وتجدر الاشارة الى ان شوماخر نجح لاحقاً بما عرف عنه من عناد واصرار وكفاءة عالية في القيادة ان يكفّر عن حماقته تلك وان يقلل من اضرار الحادث الذي كاد يخرجه من الحلبة بالضربة القاضية فراح يتجاوز السائقين واحداً تلو الآخر الى ان احتل المركز الخامس بعد 16 لفة وراء شقيقه رالف شوماخر سائق جوردان موغن هوندا. وهنا توقع المشاهدون ان يسهل رالف مهمة شقيقه ويسمح له بتجاوزه، لكن مصلحة الفريق طغت على اعتبارات الاخوة فشهدت الحلبة صراعاً ضارياً بين الشقيقين حبس الأنفاس على امتداد ثلاث لفات استطاع شوماخر الاكبر في نهايتها ان يتجاوز شوماخر الأصغر. وقد علّق سائق فيراري على الامر بقوله: "على الحلبة لا يختار السائق عائلته، بل يختار فريقه، ورالف قام بما يتوجب عليه، وأنا لم اكن اتوقع ان يقدم الي هدية". هدية ايرفاين الا ان الهدية التي رفض رالف ان يقدمها الى شقيقه، قدّمها طوعاً زميله في فريق فيراري الاسكتلندي ادي ايرفاين الذي كان يحتل المركز الثالث فخفف من سرعته بداعي متاعب واجهتها مكابح سيارته كما ذكرت مصادر فريق فيراري، والارجح انه اراد ألا يحرم زميله من نقطة ثمينة قد يكون في امس الحاجة اليها في صراعه على اللقب مع هاكينن فتنازل عن المركز الثالث لمصلحة شوماخر، في بادرة تشبه الى حد بعيد بادرة ديفيد كولتهارد ازاء زميله في فريق ماكلارين - مرسيدس في سباق الجائزة الكبرى في استراليا. وهذه البادرة اتاحت لشوماخر ان يعتلي منصة التتويج مضيفاً اربع نقاط الى رصيده الذي بلغ 58 نقطة جمعها على الوجه الآتي: 4 نقاط في البرازيل و10 نقاط في الارجنتين و6 نقاط في سان مارينو و4 نقاط في اسبانيا و10 نقاط في كندا و10 نقاط في فرنسا و10 نقاط في بريطانيا و4 نقاط في النمسا. ولا بد من الاشارة الى الحادث الذي قضى على آمال بطلي التجارب الرسمية الايطالي جيانكارلو فيزيكيلا والفرنسي جان أليزي. فبعد فشلهما في توظيف نجاحهما الباهر الذي اتاح لهما ان ينطلقا من المركزين الاول والثاني، خرجا من السباق بصورة درامية بعدما اصطدمت سيارة فيزيكيلا لدى خروجه من المرآب بسيارة أليزي. ومسؤولية الحادث على الارجح تقع على عاتق الايطالي، مع ان كلا السائقين رفض ان يحمل الآخر المسؤولية نظراً الى علاقات المودة والصداقة التي تربط بينهما، وقد اكتفى أليزي بالقول: "انا اكره الاصطدام بسيارات السائقين الآخرين ولا سيما سيارة من احب كثيراً. انني اقدر فيزيكيلا. وما الفائدة من تسمية المخطئ". ثم اضاف قائلاً: "كان فيزيكيلا يتطلع الى اعتلاء منصة التتويج، وانا كنت اتطلع الى جمع نقطتين، اذ لم يكن في وسعي ان احقق افضل من المركز الخامس، ولم يقع الاصطدام لأنني رفضت السماح له بالخروج امامي". وقال فيزيكيلا: "اعتقدت في بادئ الامر ان أليزي سيسمح لي بتجاوزه، وعندما اكتشفت خطأي كان الوقت متأخراً جداً لتفادي الاصطدام. وأنا كنت عصبياً لأنني تأخرت في المرآب دقيقتين اكثر من الوقت العادي". نجم السباق اما نجم السباق بلا منازع فكان ديفيد كولتهارد سائق ماكلارين - مرسيدس الذي استطاع بصبره وأناته وقيادته الواثقة ان يعتلي منصة التتويج في المركز الثاني بعدما انطلق من المركز الرابع عشر وبعدما تعرض في اللفة الثانية لأضرار في مقدمة سيارته نتيجة اصطدام سيارتي أروز بقيادة دينيز وسالو. صحيح ان سيارة الأمان التي دخلت بعد الاصطدام خففت من وطأة الكارثة، لكنه لا يجوز اغفال الانجاز الرائع الذي حققه كولتهارد وهو شبيه الى حد بعيد بانجاز شوماخر مع فارقين: الاول هو ان تأخر شوماخر كان نتيجة خطأ فادح ارتكبه وهو يحاول تخطي هاكينن عند احد المنعطفات، في حين ان تأخر كولتهارد لم يكن له يد فيه. والفارق الثاني هو ان سيارة الأمان خدمت كولتهارد فقلصت الفارق بينه وبين المتسابقين اما شوماخر فلم يستفد من هذه الخدمة المجانية في سباق النمسا مع انه استفاد منها في سباق سيلفرستون. والجدير بالذكر ان كولتهارد حقق افضل زمن للفة واحدة مسجلاً 878.12.1د يليه شوماخر بزمن مقداره 029.13.1د. الصراع المفتوح وبعد النتائج التي اسفر عنها سباق الجائزة الكبرى في النمسا يمكننا القول ان الصراع على لقب السائقين لا يزال مشرعاً على كل الاحتمالات بعدما كان شبه محسوم لمصلحة هاكينن في بداية الموسم وبعدما رجحت كفة شوماخر في مراحل لاحقة رغم تخلفه بنقطتين عن هاكينن قبل سباق النمسا. ولا يزال في انتظار المتسابقين ستة سباقات يمكن ان تقلب الموقف رأساً على عقب لأن الفارق حالياً بين المتصدر والوصيف ثماني نقاط ويكفي شوماخر مثلاً لتصدر الترتيب العام ان يفوز بالسباق المقبل شرط ألا يسجل هاكينن اكثر من نقطة واحدة. اما الصراع على لقب الصانعين بين ماكلارين - مرسيدس وفيراري فهو بدوره مفتوح على مختلف الاحتمالات مع ان الفارق بينهما اثنتا عشرة نقطة، وقد تسبقنا المفاجآت في سباق الجائزة الكبرى في المانيا على حلبة هوؤكنهايم والمجلة تحت الطبع فيتعدل الترتيب العام للسائقين او للصانعين او لكليهما معاً الترتيب العام للسائقين اسم السائق البلد النقاط 1- ميكا هاكينن فنلندا 66 2- ميكايل شوماخر المانيا 58 3- ديفيد كولتهارد اسكتلندا 36 4- ادي ايرفاين ايرلندا الشمالية 32 5- الكسندر ورز النمسا 17 6- جيانكارلو فيزيكيلا ايطاليا 15 الترتيب العام للصانعين الفريق النقاط 1- ماكلارين - مرسيدس 102 2- فيراري 90 3- بينيتون - ميكاكروم 32 4- وليامس - ميكاكروم 20 5- ستيوارت - فورد 5 6- أروز 4