ترتبط زيارة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان ولي عهد أبو ظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة في دولة الإماراتلواشنطن في 11 الشهر الجاري بشراء الإمارات طائرات مقاتلة. وأكدت مصادر مطلعة ل "الوسط" أنه سيتم الاعلان خلال هذه الزيارة عن اختيار شركة "لوكهيد مارتن" الأميركية لتزويد الإمارات بحوالى 80 طائرة مقاتلة من طراز "اف - 16". وقالت إن توقيع الصفقة بشكل نهائي سيتم بعد الانتهاء من الاتفاق على تفاصيل فنية. وتأتي زيارة الشيخ خليفة بن زايد لواشنطن لتضع حداً لكثير من التوقعات في شأن هذه الصفقة التي تبلغ قيمتها حوالى 8 بلايين دولار، وتنهي المنافسة الحامية التي استمرت أكثر من ثلاث سنوات بين "لوكهيد مارتن" وشركة "داسو" الفرنسية التي عرضت طائرة "رافال" واتحاد الصناعات الأوروبي المصنّع لطائرة "يوروفايتر". لكن تبقى أسئلة كثيرة تدور في الأوساط التي تتابع تفاصيل هذه الصفقة. فالمراقبون يرون أن الولاياتالمتحدة فازت مع حصولها على هذه الصفقة بحصة الأسد من كعكة فاتورة التسليح الإماراتية، في إشارة إلى أن فرنسا حصلت في نهاية كانون الأول ديسمبر الماضي على صفقة لتزويد الإمارات بثلاثين طائرة "ميراج 9/2000" وتحديث طائرات "ميراج - 5" التي تستخدمها القوات الجوية الإماراتية تبلغ قيمتها 20 بليون فرنك فرنسي 5،3 بليون دولار أعلن عنها الرئيس جاك شيراك خلال زيارته نهاية العام الماضي للإمارات بعد زيارة قام بها الشيخ خليفة بن زايد لباريس في أيلول سبتمبر 1997. أما بالنسبة إلى بريطانيا، فإنها لن تكون بعيدة عن هذه "الكعكة"، إذ سيكون لها نصيب منها. ومن المعروف ان الإمارات تتفاوض مع بريطانيا لتزويدها طائرات تدريب من طراز "هوك". لكن السؤال الكبير الذي يرتسم مع الكشف عن اختيار طائرة "اف - 16" هو: لماذا هذه الصفقة الضخمة في هذا الوقت بالذات؟ ولماذا وقع الاختيار على الطائرة الأميركية؟ تؤكد الدوائر الإماراتية أن هذه الصفقة ليست منعزلة أو وحيدة، وإنما تندرج في إطار برنامج تسليحي وضع منذ فترة طويلة، ويتم تنفيذه تدريجاً بعد دراسات وافية ومتكاملة على الصعيدين السياسي والعسكري. ومن شأن هذه الصفقة، التي تعتبر الأهم في برنامج التسليح الإماراتي، أن يكون لها دور كبير محلياً واقليمياً ودولياً. فهي من المنظور الإماراتي ستعزز القوة الدفاعية لدولة الإمارات وتسهم في تكامل أنظمتها الدفاعية الجوية تلبية لاحتياجاتها الأمنية. وترى الإمارات من منظورها الاستراتيجي ان هذه الصفقة تتكامل مع برامج التسليح في دول مجلس التعاون، وتعزز القدرات الدفاعية لهذه الدول، مما يساعد المنطقة على الوصول إلى اليوم الذي لا تحتاج فيه لوجود القوات الأجنبية على أراضيها. فالإمارات ليست الدولة الوحيدة في المنطقة التي تشتري السلاح. فقد عقدت صفقات عسكرية ضخمة في المنطقة، وستعقد صفقات مماثلة في السنوات المقبلة لتطوير القدرات الدفاعية. ذلك ان منطقة الخليج شهدت من المنظور الاستراتيجي خلال العقدين الأخيرين حربين مدمرتين، وما زالت التفاعلات السياسية والأمنية والعسكرية فيها موجودة بشدة وربما تكون مفتوحة على تطورات جديدة، خصوصاً أن الأزمة بين العراق والأمم المتحدة ما زالت مفتوحة على كل الاحتمالات، ولا تزال إيران تحتل الجزر الإماراتية الثلاث. ويُعتقد في الإمارات ان تعزيز القوة الدفاعية في الإمارات سيكون له تأثير ايجابي على وضع نهاية سلمية للخلاف مع إيران على الجزر الثلاث، لأن تعزيز القوة الدفاعية للإمارات سيعزز قوتها التفاوضية مع إيران وربما يؤدي ذلك للوصول إلى حل سلمي للمشكلة. وتطرح مسألة تعزيز القوة الدفاعية للإمارات لاستخدامها كقوة تفاوضية تساؤلاً حول الموقف الأميركي من احتلال إيران للجزر الإماراتية. وترى مصادر ديبلوماسية في أبو ظبي أنه لا يوجد تطابق في المواقف الإماراتية والأميركية في شأن قضية الجزر، وتؤكد ان واشنطن لم تتخذ حتى الآن موقفاً واضحاً في تأييدها لمطلب الإمارات بإستعادة سيادتها الكاملة على جزرها الثلاث. وتضيف أن اختيار الولاياتالمتحدة الأميركية وطائرة "اف - 16" لصفقة العصر لم ينطلق من جانب الإمارات من توافق سياسي تام بين البلدين، وإنما فرضته عوامل فنية وزمنية وأمنية. وينعكس عدم التوافق السياسي بشكل واضح في اختلاف مواقف البلدين من العراق،ومن عملية السلام. وبهذا يرى المراقبون في أبو ظبي ان صفقة الطائرات لا تستند إلى موقف سياسي موحد أو متشابه تجاه القضايا الاقليمية والدولية. وهذا الأمر بدوره يطرح تساؤلاً مهماً وهو لماذا إذاً اختارت الإمارات هذا التوقيت للاعلان عن الصفقة؟ الدوائر ذات الصلة بمركز اتخاذ القرار تؤكد ان اتخاذ القرار فرضته ظروف أمنية إضافة إلى المصالح الوطنية العليا لدولة الإمارات. وتقول إن المفاوضات في شأن هذه الصفقة استمرت أكثر من ثلاث سنوات ولا يمكن الاستمرار بها إلى ما لا نهاية. وتؤكد ان المسألة ليست في توقيت الاعلان عن الصفقة، ولكن في القدرة على توظيفها التوظيف السليم والمناسب لمصلحة الإمارات والقضايا العربية من دون التأثير في استقلالية القرار السياسي الإماراتي. وتؤكد المصادر ان الحكم النهائي على هذه الصفقة يجب أن ينظر إليه من خلال المقاييس الخاصة بالصفقة نفسها. ولفتت في هذا الصدد إلى ان المصادر الغربية والأميركية المتخصصة تعترف بأن الإمارات حصلت في هذه الصفقة على أفضل الشروط من حيث الميزات الفنية التي تتمتع بها طائرات "اف - 16" المطلوبة. وتؤكد ان الإمارات حصلت من خلال نفسها الطويل في المفاوضات على أنظمة تسليح متطورة ما كان لها ان تعطى لدولة أخرى وبأسعار تنافسية مناسبة. وقالت المصادر ل "الوسط" إن وفداً اماراتياً عالي المستوى توجه إلى واشنطن وبدأ اتصالات مع مراكز القرار والكونغرس الأميركي في مفاوضات حتى اللحظة الأخيرة للحصول على أفضل الشروط 0