اكثر ما يثير مخاوف الرجال هاجس العجز الجنسي اذ يعتبرونه فقداناً للرجولة ومدعاة للسخرية وفضيحة ما بعدها فضيحة، الامر الذي يدفع معظم المصابين بهذا الداء الى تجنّب زيارة الاطباء واستشارتهم او حتى التطرق الى الحديث عن مشكلة العنّة. لذا ليس غريباً ان تصبح حبوب "فياغرا" أسرع الادوية مبيعاً في التاريخ، وان يرتفع سعر اسهم الشركة المصنّعة الى اكثر من الضعف. فمشكلة العجز الجنسي متفشية في كل ارجاء العالم ويعاني منها 30 مليوناً في الولاياتالمتحدة وحدها، و10 في المئة من الرجال فوق سن العشرين في بريطانيا، اضافة الى عشرات الملايين من المصابين بهذا الداء في بلدان اخرى، بينها الدول العربية. وكانت "الوسط" قد تناولت موضوع العجز الجنسي واقراص "فياغرا" في العدد 304 تاريخ 24 تشرين الثاني نوفمبر 1997 واشارت الى اهمية هذه الاقراص التي تعتبر ثورة في علاج العنّة. وتعمل حبوب "فياغرا" الزرقاء على صدّ أنزيم موجود في عضو الرجل يساهم في تكريس العجز الجنسي، وذلك بزيادة تأثير أحد المواد الكيماوية التي يفرزها الجسم عادة داخل العضو، مما يزيد اندفاع الدم عبره ويؤدي الى انتصابه. وتتميز حبوب "فياغرا" في انها اول دواء ضد العجز الجنسي يمكن تناوله عن طريق الفم، وفي كونها اقرب ما تكون الى العلاج الطبيعي لهذه المشكلة. فهي لا تؤدي الى الانتصاب بمجرد تناولها، كما هو الحال مع الحقن المستخدمة حالياً، بل يحتاج متعاطيها الى إثارة جسدية بصورة طبيعية لتحقيق مبتغاه. وجاء اكتشاف فاعلية هذه الأدوية مصادفة اثر فشل استخدامها في علاج الذبحة القلبية. فقد لاحظ المرضى الذين تناولوها انها سبّبت لهم حالات انتصاب لم يتوقعوها نتيجة اندفاع الدم في قلوبهم وداخل اعضائهم الاخرى. وتتوافر حبوب "فياغرا" في ثلاث جرعات 25 ملغ، 50 ملغ و100 ملغ، وتشكو نسبة ضئيلة من مستخدميها من بعض المضاعفات الجانبية، كالصداع واوجاع المعدة واحمرار الوجه او الطفح الجلدي الحراري مع اضطراب البصر وتباين الالوان الناجمة عن تأثير الحبوب على الأنزيم الموجود في عضو الرجل واجزاء اخرى من جسده. اضافة الى احتمال المعاناة من انسداد الأنف والتهاب المسالك البولية والإسهال. وينصح الاطباء المرضى الذين يتناولون ادوية تحتوي على مادة النيترات، مثل مرضى القلب وارتفاع ضغط الدم، بعدم تناول حبوب "فياغرا" من دون استشارة طبية، لأن تناولها قد يؤدي الى هبوط حاد في ضغط الدم والى اصابة المرضى بالإغماء. وتعطى حبوب "فياغرا" بوصفة طبية على ان يتناولها "المريض"، او العاجز، مرة في اليوم قبل ساعة من الجماع. ويمكن تناولها بين 30 دقيقة و4 ساعات من الجماع ايضاً. ويبدو ان الرواج الهائل لحبوب "فياغرا" لم يعد مقصوراً على المصابين بالعجز الجنسي، اذ ان عدداً كبيراً ممن يرغبون في التحكّم بعملية الانتصاب وممارسة الجنس بشراهة من دون معاناتهم من اعراض العجز الجنسي راحوا يتطلعون الى هذه الحبوب على انها السلاح السحري لتحقيق رغباتهم. كما هو الحال بالنسبة الى حبوب "بروزاك" التي سبق وأُسيء استعمالها فأصبحت ادوية لتغيير المزاج والشخصية بدلاً من ان تكون ادوية مضادة لحالات الكآبة والقلق. ولا يخفي الاطباء مخاوفهم من ان يُساء استخدام هذه الحبوب من قبل رجال لا يعانون العنّة، بحيث يصبحون مدمنين علىها ولا يمكنهم تحقيق المعاشرة الزوجية الطبيعية من دونها. العنّة النفسية وعلى رغم الاسباب الجسدية والمرضية والجراحية الكثيرة التي تلعب دوراً مهماً في اصابة الرجل بالعنّة او العجز الجنسي، كتلف الاوعية الدموية وتداعي وظائف الدماغ والنخاع الشوكي، والاصابة بأمراض السكري والكلى وانسداد الاوعية وتصلّب الجهاز العصبي وجراحة البروستات وغيرها من الجراحات التي تؤذي أوعية دموية او اعصاباً او اعضاء معينة، كالمثانة والنخاع الشوكي والحوض والعضو الذكري. وعلى رغم اعتراف الاخصائيين للمرة الاولى بعدم صحة الاعتقاد السائد بأن معظم حالات العجز الجنسي يعود الى العوامل النفسية بعدما أثبتت التجارب والدراسات الوبائية ان 75 في المئة من هذه الحالات ناتج عن مزيج من العوامل الجسدية والنفسية، يصعب تجاهل العنّة النفسية التي تسببها امور عارضة تزول بزوال اسبابها، مثل الكآبة والقلق والخلافات الزوجية والعائلية، والخوف من الفشل او الشعور بالذنب. وكذلك الاجهاد والضغوط الاجتماعية والمهنية والتوتر والوهن. اذ غالباً ما ينجح علاج حالات العنّة الناجمة عن المشاكل الاجتماعية والنفسية عن طريق تقديم النصح والمشورة والارشاد والدعم وجلسات المصارحة المفتوحة بين الطبيب المعالج ومرضاه. كما ان طمأنة المريض واعادة ثقته بنفسه وتزويده بالمواد والمعلومات التثقيفية يعتبر من الحلول الناجعة في دعم العملية العلاجية. ولقد اظهرت تجارب سابقة ان تناول حبوب "سلدينافيل" او "فياغرا" لها فوائد نفسية ايضاً. اذ تحسنت القدرة الجنسية عند 40 في المئة من المتطوعين الذين تناولوا حبوباً تحمل اسم "سلدينافيل" من دون ان تحتوي على مركباته الكيماوية. بمعنى ان مجرد اعتقاد المرضى بأنهم يتناولون حبوب "فياغرا" من دون ان يتناولوها فعلاً، ساعد على شفائهم من العنّة النفسية. ويبدو ان حبوب "فياغرا" ليست فعّالة فقط ضد عنّة الرجال، بل ربما كانت فعّالة ايضاً في علاج حالات البرودة الجنسية او فقدان النشوة الجسدية عند النساء. اذ اظهرت بعد التجارب ان حبوب "فياغرا" تساعد على زيادة الافرازات الزلقة لدى المرأة فتسهّل عملية الجماع وتزيد الإثارة. ومن المؤسف ان العلماء لا يعرفون الكثير عن مشاكل الاداء الجنسي وقلّة الاثارة وعدم بلوغ النشوة عند النساء. ويعود ذلك الى ان معظم ابحاثهم المتعلقة بالعجز الجنسي تركّزت على الرجال. وقد ساعد ظهور حبوب "فياغرا" ونجاحها المذهل في علاج عنّة الرجال على دفع العلماء لدرس تأثير هذه الحبوب على النساء اللواتي يعانين من فقدان المتعة. فقد أبدت سيدة اميركية تدعى لورين كلاين دهشتها وسعادتها للتأثير السحري الذي منحتها اياه حبوب "فياغرا" بعدما عانت من غياب بلوغ النشوة لأكثر من ست سنوات نتيجة خضوعها لعملية استئصال جزئي للرحم. وأشارت، وهي اول امرأة اميركية تشارك في التجارب، الى انها تشعر وكأنها فتاة مراهقة وان السعادة تغمرها بشكل لم تعرفه من قبل. وتجدر الاشارة الى ان حبوب "فياغرا" لا تعطى عبثاً للنساء المشاركات في التجارب، بل يسبقها زخم من الفحوصات الطبية والنفسية والمخبرية للتأكد من طبيعة المشكلة الجنسية التي تعاني منها. وسوف يحتاج الباحثون الى فترة طويلة للحصول على معلومات وافية عن سلامة حبوب "فياغرا" عند النساء ومعرفة المزيد عن التأثيرات الجانبية والمضاعفات الصحية التي يمكن ان تنجم عنها. اذ لا تكفي تصريحات السيدة كلاين او زوجة السياسي الاميركي المخضرم بوب دول، لاعطاء الضوء الاخضر لكل امرأة ترغب في تناول هذه الحبوب. مع العلم بأن بعض العيادات الاميركية باشرت في صرف الدواء لمن يحتاجه من النساء تبعاً لحالاتهن وتحت الاشراف والمتابعة الطبية. وقد باشرت الشركة المصنّعة لحبوب "فياغرا" تجارب مماثلة على النساء في بريطانيا للتأكد من سلامتها وفاعليتها في علاج حالات العجز الجنسي او فقدان النشوة الجنسية عند النساء. المضاعفات النفسية للعجز الجنسي او فقدان الرغبة الجنسية تؤثر كثيراً في مزاج الانسان وتحيطه بكآبة شديدة تنال من ثقته بنفسه وتمسّ برجولته او بأنوثة النساء اللاتي يعانين منها ايضاً. وتعود الاسباب غالباً الى خليط من المشاكل الصحية التي ترهق الجسد وتشغل البال. كما ان الاجواء المحيطة بمهنة الانسان ومدى نجاحه او فشله بما يقوم به من اعمال او مشاريع، والمبالغة في التطلعات المستقبلية والطموحات التي لا تنتهي، تلعب دوراً كبيراً في دفع الرغبة الجنسية او كبتها. ويكفي احياناً التغلّب على الارهاق العقلي والقلق والكآبة لتحسين حالة انحدار الرغبة الجنسية او فقدانها، خصوصاً ان هذه الحالات قادرة على كبت الرغبة موقتاً. وليس هناك افضل من خيار تناول الوجبات الغذائية المناسبة التي تكفل راحة البال والجسد وتساعد على تقوية القدرة الجنسية واحياء الرغبة المفقودة، فالانسان منذ القدم يعتمد على المواد الغذائية الطبيعية المتمثلة بالنباتات والاعشاب لتجديد نشاطه الجنسي وتقوية طاقاته الجسدية التي تمكنه من ممارسة هذا النشاط. وكان العرب اول من ادرك اهمية خضار الهليون والزنجبيل في تنشيط الرغبة الجنسية. بينما اكدت دراسات علمية اهمية بذور الجنسنغ الكوري في دفع الرغبة الجنسية وتقويتها، وذلك لاحتوائها على مواد شبيهة بالهورمونات الجنسية الموجودة عند الرجال والنساء، وهي لذلك تنعش الجسد وتزوّده بالطاقة والحيوية التي تساهم في تحسين ادائه الجنسي وتساعد على التركيز. وينصح اخصائيو طب الاعشاب بأن تستعيض النساء اللاتي يعانين من البرودة الجنسية عن الجنسنغ الكوري بأعشاب دونغ كواي المعروف بالجنسنغ النسائي، لأن الجنسنغ الكوري يعكّر مزاجهن ويدفعهن الى العنف. وتمتاز هذه الاعشاب ايضاً بأنها تعيد انتظام الدورة الشهرية عند النساء اللاتي يعانين من اضطراباتها. ويعتقد العلماء ان فيتامين E الذي يمكن الحصول عليه من اصول القمح ودقيق الصويا والقرنبيط والكرنب والبروكولي والقرّاص والحمّاض والبيض، يزيد من خصوبة الرجال والنساء ويساعد العضلات والاعصاب والغدد على القيام بوظائفها بصورة طبيعية. وكثيراً ما يؤكد ان الاشخاص الذين يتناولون هذا الفيتامين بأنه يزيد من اندفاعهم الجنسي ورغبتهم في ممارسته. ومن المواد الغذائية المهمة الاخرى معدن الزنك الذي يمكن الحصول عليه من المحار والاسماك ولحم الكبد والحليب كامل الدسم والقمح ومشتقاته، والفستق واللوز والجوز وبذر اليقطين والخميرة والبيض وبودرة الخردل. وقد ساد الاعتقاد منذ فترة طويلة بأن الزنك يلعب دوراً مهماً في السيطرة على النشاط الجنسي وبواعث اثارته فهو ضروري جداً لتفاعل الاعضاء التناسلية، خصوصاً عند الرجال لأنه يكوّن سائل المني، كما لوحظ ان معظم المصابين بالعجز الجنسي يفتقر الى هذا المعدن، وان الرجال والنساء الذين تضعف لديهم الرغبة الجنسية يعانون من نقص فيه. ولتكامل الاداء الجنسي بصورة طبيعية، لا بد من حصول الجسم على بعض الحموض الأمينية الاساسية مثل الهيستدين والارجينين والفينيل ألانين والتريبتوفان الموجودة في لحم الكبد وصدر الدجاج والسمك والقريدس والصويا والفستق وزبدة الفستق واللوز والجوز والسمسم والحمص والقرع والبيض والجبنة البلدية. ويلعب الهيستيدين دوراً مهماً جداً في تحقيق النشوة الجنسية وبلوغها عند الرجال والنساء لانه يساهم في تكوين مادة الهيستامين الموجودة في الانسجة والمسؤولة عن تحقيق قمة النشوة. فالنساء اللواتي ينخفض عندهن مستوى الهيستامين يصعب عليهن بلوغ هذه النشوة. بينما يعاني الرجال من مشاكل في قذف المني. لذا يستحسن تناول الاغذية الحاوية على هذا الحمض الاميني مع ضرورة دعمه بفيتامينات B3 وB6 نياسين وبيريدوكسين. ومن جهة اخرى يساهم الآرجينين في تحسين الاداء الجنسي لأنه اساسي في عملية تكون مادة السبيرمين الموجودة في سائل المني. ويقوم الفينيل الآنين بزيادة الرغبة الجنسية ورفع مستوى اليقظة والانتباه ومقاومة الكآبة والقلق. وهو لذلك يعتبر غذاء مثالياً لعلاج هذه الحالات. ومن الاغذية الاخرى التي تساهم في دفع الرغبة الجنسية، البصل والفلفل الاخضر والأفوكادو والشوكولاته والزنجبيل والكافيار. ان اتباع الوسائل الطبيعية لعلاج حالات العنّة النفسية هي الخيار الافضل دوماً. كما ان اختيار انواع الغذاء المناسب لصحة العقل والجسد افضل بكثير من الاعتماد على الادوية والعقاقير، الا ان الحالات المستعصية التي يصعب حلّها بالعلاج النفسي او الغذائي لا بد من عرضها على الاطباء لاقتراح الدواء الشافي لها، سواء كان ذلك "فياغرا" او غيرها 0