انطلاق مهرجان الحنيذ الأول بمحايل عسير الجمعة القادم    «الأونروا» : النهب يفاقم مأساة غزة مع اقتراب شبح المجاعة    «طرد مشبوه» يثير الفزع في أحد أكبر مطارات بريطانيا    م. الرميح رئيساً لبلدية الخرج    شقيقة صالح كامل.. زوجة الوزير يماني في ذمة الله    فيتنامي أسلم «عن بُعد» وأصبح ضيفاً على المليك لأداء العمرة    «الزكاة والضريبة والجمارك» تُحبط 5 محاولات لتهريب أكثر من 313 ألف حبة كبتاجون في منفذ الحديثة    باص الحرفي يحط في جازان ويشعل ليالي الشتاء    «الأرصاد»: أمطار غزيرة على منطقة مكة    الرعاية الصحية السعودية.. بُعد إنساني يتخطى الحدود    فريق صناع التميز التطوعي ٢٠٣٠ يشارك في جناح جمعية التوعية بأضرار المخدرات    المنتخب السعودي من دون لاعبو الهلال في بطولة الكونكاكاف    الذهب يتجه نحو أفضل أسبوع في عام مع تصاعد الصراع الروسي الأوكراني    الكشافة تعقد دراسة لمساعدي مفوضي تنمية المراحل    الملافظ سعد والسعادة كرم    استنهاض العزم والايجابية    المصارعة والسياسة: من الحلبة إلى المنابر    "فيصل الخيرية" تدعم الوعي المالي للأطفال    الرياض تختتم ورشتي عمل الترجمة الأدبية    رواء الجصاني يلتقط سيرة عراقيين من ذاكرة «براغ»    حلف الأطلسي: الصاروخ الروسي الجديد لن يغيّر مسار الحرب في أوكرانيا    «قبضة» الخليج إلى النهائي الآسيوي ل«اليد»    «السقوط المفاجئ»    حقن التنحيف ضارة أم نافعة.. الجواب لدى الأطباء؟    «استخدام النقل العام».. اقتصاد واستدامة    «الأنسنة» في تطوير الرياض رؤية حضارية    الثقافة البيئية والتنمية المستدامة    عدسة ريم الفيصل تنصت لنا    إطلالة على الزمن القديم    «بازار المنجّمين»؟!    مسجد الفتح.. استحضار دخول البيت العتيق    إجراءات الحدود توتر عمل «شينغن» التنقل الحر    أشهرالأشقاء في عام المستديرة    د. عبدالله الشهري: رسالة الأندية لا يجب اختزالها في الرياضة فقط واستضافة المونديال خير دليل    تصرفات تؤخر مشي الطفل يجب الحذر منها    صرخة طفلة    وزير الدفاع يستعرض علاقات التعاون مع وزير الدولة بمكتب رئيس وزراء السويد    البيع على الخارطة.. بين فرص الاستثمار وضمانات الحماية    فعل لا رد فعل    لتكن لدينا وزارة للكفاءة الحكومية    المياه الوطنية: واحة بريدة صاحبة أول بصمة مائية في العالم    محافظ عنيزة المكلف يزور الوحدة السكنية الجاهزة    أخضرنا ضلّ الطريق    أشبال أخضر اليد يواجهون تونس في "عربية اليد"    5 مواجهات في دوري ممتاز الطائرة    ترمب المنتصر الكبير    إنعاش الحياة وإنعاش الموت..!    رئيس مجلس أمناء جامعة الأمير سلطان يوجه باعتماد الجامعة إجازة شهر رمضان للطلبة للثلاثة الأعوام القادمة    إطلاق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش في السعودية    فرع وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية بحائل يفعّل مبادرة "الموظف الصغير" احتفالاً بيوم الطفل العالمي    "التعاون الإسلامي" ترحّب باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة التعاون معها    استضافة 25 معتمراً ماليزياً في المدينة.. وصول الدفعة الأولى من ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة    «المسيار» والوجبات السريعة    أمير الرياض يرأس اجتماع المحافظين ومسؤولي الإمارة    أمير الحدود الشمالية يفتتح مركز الدعم والإسناد للدفاع المدني بمحافظة طريف    أمير منطقة تبوك يستقبل سفير جمهورية أوزبكستان لدى المملكة    سموه التقى حاكم ولاية إنديانا الأمريكية.. وزير الدفاع ووزير القوات المسلحة الفرنسية يبحثان آفاق التعاون والمستجدات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فتح ل "الوسط" دفاتر "فتح" والثورة . فاروق القدومي : أوسلو في مأزق والانفجار قريب تردد عرفات قبيل مغادرته إلى غزة ودخول القيادة الفلسطينية كان مطلباً إسرائيلياً 1
نشر في الحياة يوم 06 - 04 - 1998

سألت السيد فاروق القدومي أبو اللطف رئيس الدائرة السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية عن اتفاق أوسلو فأجاب: "لقد وقع الفأس في الرأس". تحدث عن المأزق واحتمالات وقوع انفجار وعاد بالذاكرة إلى ظروف التوقيع والاتصالات مع سورية حول هذا الموضوع. ولأن الحوار مع "أبو اللطف" أحد مؤسسي حركة "فتح""وأمين سر لجنتها المركزية كان لا بد من السؤال عن أحوال الحركة ومستقبلها فضلاً عن ظروف الولادة وأبرز المحطات.
تحدث القدومي عن اعتقاله في الأردن في أحداث 1970 وطريقة خروج عرفات من هناك. وقال أن "أيلول الأسود" لم تكن منظمة بقدر ما كانت تسمية لعمليات نفذتها مجموعة مفرزة من "فتح"، وبينها عملية ميونيخ وعملية مقتل السفير الأميركي في السودان، وان المرجع الأمني كان صلاح خلف أبو اياد عضو اللجنة المركزية ل "فتح" ومساعده أبو حسن سلامة. وتطرق إلى انشقاق "أبو نضال" مشيراً إلى أنه "تنقل بين السودان وليبيا ونحن الآن لا نعرف ان كان حياً". واعتبر ان اغتيال "أبو اياد" أبعد من "أبو نضال"، مشيراً الى أن المنفذ الذي أعدم "في المحيط" كان ينتظر ان تحدث عملية لانقاذه. وتحدث عن اغتيال "أبو الانتفاضة" خليل الوزير أبو جهاد. واكد ان عدنان ياسين الذي دانته المنظمة بتهمة التجسس لمصلحة اسرائيل لم يسلّم للدولة العبرية ولا يزال معتقلاً في دولة عربية.
وتحدث أبو اللطف عن العلاقات مع سورية والعراق وليبيا وجهات أخرى كاشفاً أن عرفات قال له مبكراً أن ميخائيل غورباتشوف سيأخذ المعسكر الاشتراكي والاتحاد السوفياتي الى كارثة. وهننا نص الحلقة الأولى:
انعقد مؤتمر مدريد وشاركتم فيه في إطار وفد مشترك مع الأردن، كيف حصل ذلك؟
- في البداية جرت محاولة لتوقيع اتفاقات أمنية بين دول الخليج والدول التي وقفت معها لكن هذه المحاولة لم تنجح. جرت محاولة لعقد مؤتمر اقليمي وليس دولياً. وافقت سورية في البداية لكن الأردن والمنظمة، بصفتهما الطرفين المهتمين بالوقوف مع العراق كان يقال ان لا بد من معاقبتهما، خصوصاً منظمة التحرير. كانت هناك رغبة في عدم الاتصال بالمنظمة لكن الأطراف العربية قالت لا نستطيع ان نحل المشكلة من دون الفلسطينيين، فطرحت عندها فكرة الوفد المشترك. وفي النهاية قبلنا ودخلنا هذه المسيرة على أساس درء الشر والحفاظ على الذات لأن الحصار السياسي والمالي على المنظمة كان محكماً، وكانت المرة الأولى التي يدخل فيها الشعب الفلسطيني مؤتمراً دولياً، أي يقبل بوجوده السياسي من قبل الخصوم. وهكذا وافق المجلس الوطني الفلسطيني على دخول هذه العملية.
كيف علمت بقناة أوسلو ومن أبلغك بها؟
- عرفنا عن أوسلو متأخرين وتحديداً عندما طرحت على اللجنة المركزية لحركة "فتح". قبل ذلك بنحو شهر اطلعني الأخ أبو عمار على مشروع قال إن أصدقاء أعدوه، لكنه لم يشر إلى مفاوضات تجري في أوسلو. لم نعرف بالمفاوضات إلا في آب اغسطس عندما تقدم الاخوة المسؤولون عن التفاوض بمشروع الاتفاق.
وكما قلت أطلعني أبو عمار قبل شهر على مشروع مشابه لمشروع أوسلو، وقال لي إن جهات صديقة أعدته لتحريك جهود السلام وسجلت ملاحظاتي عليه.
عرض المشروع على اللجنة المركزية لحركة "فتح" وسجلت تحفظاتي ومعارضتي، وكانت هناك مواقف معارضة ومتحفظة مثل مواقف صخر حبش وعباس زكي وهاني الحسن. لم يتخذ قرار وطلب عرض المشروع على اللجنة التنفيذية كونها صاحبة القرار الوطني. وهذا ما حصل وأيدت الغالبية المشروع.
بماذا برر أبو عمار خيار أوسلو في اجتماع اللجنة المركزية ل "فتح"؟
- الحقيقة أن المسار التفاوضي كان معطلاً أو شبه معطل. قبل ذلك كان رئيس الوزراء الإسرائيلي اسحق شامير جاهر برغبته في تمضية عشر سنوات في المفاوضات بلا نتائج. ثم جاء اسحق رابين، وهو كان الحصان الأميركي لهذا السباق، وقدمت له ضمانات القروض. كان واضحاً أن حزب العمل ينوي السير في هذه المسيرة وتغليف أهدافه الحقيقية باجراءات على الأرض توحي بتقدم في المسيرة السلمية. ولهذا السبب تقبل البعض هذا التقدم وحصل مشروع أوسلو على تأييد الغالبية ولم تكن هناك مناقشات حادة وكان المعترضون قلة.
ما الذي دفع عرفات ومؤيديه إلى سلوك هذا الطريق؟
- بعد حرب الخليج الثانية عاشت منظمة التحرير مرحلة من الحصار السياسي والمالي. وكانت قيادة المنظمة تعيش بعيداً في الشتات، بعيداً عن الأراضي الفلسطينية المحتلة، هنا اعتبر كثيرون أنه لا بد من البحث عن انفراج في المسار السلمي، وأن تقبل المرحلة الانتقالية، وهي سميت هكذا، وعندما تأتي مرحلة الحل النهائي نرى كيف يمكن التعامل معها. كان هناك اتفاق بيننا وبين اخوتنا العرب على أن أي نجاح في أي من المسارات لا بد أن يرافقه نجاح على المسارات الأخرى، وأنه لا بد من التشاور وأن المسار الفلسطيني هو الأهم، وبالتالي يجب أن ينال بعض التقدم على أن يكون تقدماً ملحوظاً وملموساً وأن تسير كل المسارات في طريقها في اتجاه سلام شامل.
اجتهاد ومغامرة
من يتحمل في نظرك مسؤولية السباق الذي حصل بين المسارات، وهل أخلت القيادة الفلسطينية بمبدأ التنسيق؟
- قال الاخ أبو عمار في الجامعة العربية هذا اجتهاد أخذناه بل هي مغامرة ويمكن ان نكتب عن مثالب أوسلو مجلداً. فقلت له: نستطيع أن نكتب مجلدات واترك الأمر لي يا أبو عمار. كان الضباب يكتنف الوضع العربي وتحولت الأحقاد في الجسد العربي سموماً، وكل ذلك دفع الفلسطينيين إلى القبول. أقول ذلك على رغم تحفظاتي. اعتبرت الغالبية ان علينا أن نجرب.
من كان الأكثر حماسة لأوسلو في اللجنة المركزية؟
- الاخ أبو عمار والاخ أبو مازن والاخ أبو علاء.
أنت وزير الخارجية الفلسطيني، لماذا لم تبلغ بأوسلو؟
- الحقيقة أنهم يعرفون موقفي، ولم تكن المرة الأولى التي نختلف فيها حول النهج السياسي. أنا عارضت اتفاق عمان في 1985 وأصدرت بياناً ضده، لأنني اعتبرت أن بعض ما ورد فيه يمس حقوق الشعب الفلسطيني، كما عارضت مبادرة جورج شولتز. شعرت دائماً أن الولايات المتحدة تريدنا أن نقبل مبادرة ثم تعود إلينا وتقول إن إسرائيل لم تقبل ثم تتقدم بمبادرة جديدة تحت ذلك السقف، أي أن المطلوب منها تقديم تنازلات من قرار التقسيم إلى الأراضي المحتلة في 1967 ثم إلى الحكم الذاتي.
هناك اتهام يوجه اليك بانك ترفض القراءة في المتغيرات التي اعقبت انهيار الاتحاد السوفياتي؟
- بغض النظر عن صحة الاتهامات أو عدم صحتها، أنا أرى أن لا يلجأ الإنسان إلى تقديم تنازلات مجانية. الحاج أمين الحسيني كان رجلاً وطنياً. عرف ان موازين القوى ليست لمصلحة الفلسطينيين لكنه لم يقدم أي تنازل. اعتقد أيضاً أنه لم يكن هناك مقابل للتنازلات التي نقدمها. مثلاً ماذا حصلنا في مقابل التنازل في موضوع الميثاق. وأنا اعتبر ان أهون الشرين هو الاستمرار من دون تنازلات في انتظار تبدل الظروف. اؤمن أن إسرائيل دولة قامت قسراً في التاريخ وستنتهي كما انتهى الاتحاد السوفياتي ويوغوسلافيا. إنها دولة لم تنشأ من خلال السياق التاريخي، كما تقول لينا وزيرة خارجية السويد، أو نتيجة حق توراتي، بل ولدت بقرار من الأمم المتحدة والتربة في المنطقة لا تساعد على وجود دولة عنصرية وعدوانية، فإما ان تكون دولة ديموقراطية يعيش فيها الإسرائيليون والفلسطينيون بسلام وأمن، وإما أن تواجه إسرائيل وضعاً صعباً وهو استحالة الحصول على الأمن ما دامت تحتل الأرض.
الفريق الفلسطيني الآخر يقول نحن على الأقل نقيم على أرض فلسطينية ونفاوض انطلاقاً منها، وأنهم لو رفضوا ما عرض لكان الجميع في المنفى؟
- القضية الفلسطينية تختلف عن كل القضايا العربية الأخرى. إنها قضية أكثر من كونها أرضاً. إنها قضية الأمن والمصير والمستقبل العربي، وإلا كيف نفسر أن العرب قاتلوا من أجل هذه القضية. قاتلوا لأنهم يعرفون أن أمنهم هناك ومستقبلهم هناك وأن ضياع فلسطين كقضية هو ضياع للأمة العربية حضارة وحاضراً ومستقبلاً، ولذلك نسي هؤلاء أن قضية فلسطين لا يمكن أن تعامل كسائر القضايا. هذه القضية تمس كل الوجود العربي. قاتل العرب فيها بجيوشهم الرسمية مرات عدة وقدموا آلاف الشهداء. نحن فقط طليعة، نحن كشعب فلسطيني نجلس على هذه الأرض من أجل الحفاظ على شعلة الثورة والتراث والحضارة العربيين. ومهما فعل الإسرائيليون، فإن الأمة العربية ستكون قادرة، في نهاية الأمر، على المحافظة على حقوقها القومية. ولذلك قال رابين إن أكبر انجاز حققناه هو اننا ادخلنا قيادة منظمة التحرير الفلسطينية وأصبحت تحت رقابتنا.
هل تعتبر أن القيادة الفلسطينية أوقعت نفسها في الفخ؟
- كتبت ذلك قبل أن يذهب الاخوة. وقلت: ستعيشون في غيتو مغلق ومن أجل أن تحيوا وتعيشوا على هذه الأرض ستقدمون التنازلات. قلت ذلك بوضوح وصراحة في المجلس الثوري. ماذا نلنا من الدخول؟
بماذا ردوا عليك يومئذ؟
- كانت هناك عملية تصويت وجاءت لمصلحة مشروع الاتفاق.
لماذا توافرت الغالبية الداعمة للاتفاق في هيئات "فتح" والمنظمة، هل هو رصيد أبو عمار؟
- وضع الناس الورود في فوهات البنادق واعتقد الناس أن دخول قائد الثورة يمكن أن يكون بداية التحرير، وظنوا أن إسرائيل ستتسم بحد من المصداقية ، لكن ما ثبت هو العكس. قال رابين بوضوح: هذا اتفاق ثنائي أصرينا ألا يشمل القدس لا في إطار التسوية الجزئية ولا في إطار التسوية الشاملة. هذا في 31/8/1993، أي قبل أسبوعين من التوقيع. إنه اتفاق ثنائي لا ضامن له.
الانفراد هو المشكلة
هل أنت خائف اليوم؟
- الشيء الوحيد الذي يجب أن نخافه هو الخوف نفسه.
هذا في باب المبادئ والعموميات، لو حصل انهيار لعملية السلام ما هي البدائل؟
- الحقيقة أن عملية السلام تعثرت وبدأت تنهار. نتانياهو يرفض إعادة الانتشار ويرفض ان يكون لنا ميناء ومطار. أنه يسيطر على الموارد الأساسية والسلطات المركزية ويحكم حصاره على الضفة الغربية وقطاع غزة، وهو يأخذ ما قدمه اسحق رابين من نزر بسيط.
ما هي خيارات القيادة الفلسطينية اذا حصل انهيار؟
- الحقيقة اننا لسنا وحدنا ولا يجوز ان ننظر الى أنفسنا على اساس اننا وحدنا. هناك الامة العربية وأول خطأ ارتكبناه هو اننا انعزلنا عن التنسيق العربي. كنا ننسق بين الاطراف الخمسة لكننا ذهبنا الى أوسلو وانفردنا وهذا الانفراد هو المضرة الاساسية فنظر الينا اننا بالفعل لا نتفاوض في مفاوضات دولية، واننا بعيدون عن مبادرة بوش ومبدأ الارض في مقابل السلام واننا اختطنا لأنفسنا مرجعية اخرى غير مرجعية مدريد ولذلك قال رابين: هذا اتفاق لا ضامن له. ولهذا السبب نقول ان القيادة الفلسطينية ستكون في مأزق وهي الآن في مأزق. نحن الآن في مأزق وكل العرب في مأزق.
هل تعتقد ان القيادة الفلسطينية بالغت في التأكيد على القرار الفلسطيني المستقل؟
- يجب الا نلوم الفلسطينيين على موقفهم هذا. كانت قضية فلسطين موزعة بين ولاءات عربية متعددة، كنا نريد لهذه الولاءات ان تلتصق ببعضها البعض، وان يكون التعامل مع الدول العربية من خلال اداة فلسطينية واحدة. هذا لا يعني اننا نخلي مسؤولية الامة العربية والدول العربية تجاه القضية الفلسطينية. وعندما حصلنا على صفة الممثل الشرعي الوحيد في 1974 في قمة الرباط قلنا انه لا يجوز لأي طرف عربي ان يتنازل عن مسؤوليته تجاه القضية الفلسطينية فهي قضية عربية.
أقر مشروع اتفاق اوسلو في الهيئات الفلسطينية وبدأت اتصالات الساعات الاخيرة للتوقيع اين كنت؟
- كنت في بيروت في اجتماع للأطراف العربية الخمسة عندما بدأت بوادر هذه الاخبار تنتشر، عدنا الى تونس فعرفنا ان اتفاقاً وقع بالاحرف الاولى.
اسرائيل عدو
ألم تصافح اي مسؤول اسرائيلي حتى الآن؟
- ابداً، واشترطت دائماً ان يعترف هذا المسؤول بحق اللاجئين في العودة الى ديارهم اعترافاً رسمياً وحينها يمكن ان نناقش ونصافح. المصافحة تعني اننا توصلنا الى حل مشاكلنا. لا تزال اسرائيل في نظري عدواً ولا يجوز ان اصافح المسؤولين فيها.
وزير الخارجية الفلسطيني يشاهد عبر التلفزيون ياسر عرفات يصافح اسحق رابين. ماذا كان شعورك؟
- ينتاب الانسان في مثل هذه الحالة شعور غريب، هو بين التصديق والتكذيب، هل صحيح ان الاتفاق سيوصل الى نتيجة، وهل صحيح اننا سنصل الى حقوقنا الوطنية، هل هذه المصافحة مصالحة تاريخية. كانت تنتابني شكوك في ما ورد في اتفاق اوسلو لهذه الجهة، المصالحة لا تكون على الورق. حتى الآن لم يدخل نازح واحد على رغم تشكيل لجنة رباعية من مصر والاردن واسرائيل وفلسطين من اجل درس صيغ ادخال الفلسطينيين النازحين الذين طردوا من ارضهم إبان عدوان 1967.
حتى الآن لم يدخل نازح واحد. كل ما ادخلوه هو منظمة التحرير لتكون تحت رقابتهم. انتابني شعور انها كذبة تاريخية كبرى. ما اخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة وهذه كلمات حقيقية قالها جمال عبدالناصر بعد تجربة مريرة. وهي لا تعني القوة العسكرية فقط بل تعني ايضاً القوة الاقتصادية والسياسية.
هناك اتهام آخر موجه اليك وهو أنك قريب جداً من المنطق السوري في التعامل مع موضوع أوسلو؟
- كانت علاقاتنا بسورية سيئة بعد حرب الخليج الثانية وحتى قبلها. بعد حرب الخليج ذهبت الى دمشق وقلنا انه لا بد من تنسيق المواقف بيننا وبين الدول العربية المعنية مباشرة مصر وسورية والاردن ولبنان.
التقيت الاخ فاروق الشرع وزير الخارجية وسمعت كلاماً من نوع: كل منا يقلع شوكه بيديه وما نقبل به سوياً نقبل به ولا تقولوا لنا هناك استراتيجية عربية ومرجعية ولذلك اذا سرنا في هذا الطريق وتعثرتم ولم تقبلوا شيئاً فهذه مسؤوليتكم.
كان كلامه يشير الى غياب الثقة. بدأنا البحث هل نريد الامم المتحدة؟ نعم، وهل نريد المؤتمر دولياً؟ نعم. أول من قبل التسوية سورية التي كانت تعتبر من الدول التي يجب ان تكافأ نتيجة موقفها من حرب الخليج الثانية وكنا نحن من الاطراف المطلوب معاقبتها. موضوع السلام طرحه للمرة الاولى، في تلك الفترة، وزير الخارجية الاميركي جيمس بيكر على سورية. اذا كان المنطق السوري هو المنطق السليم فليس عيباً ان نكون من هذا المنطق وهو عدم الثقة باسرائيل، واثبتت التجربة اننا على حق. عقد الاردن اتفاقاً شاملاً للسلام وعلى رغم ذلك ارسل نتانياهو عملاءه ليغتالوا خالد المشعل على رغم التنسيق الامني. والتجربة الاكثر وضوحاً في فشلها هي التجربة الفلسطينية.
هل تعتبر ان مؤتمر مدريد بدأ بحوار بين بيكر والمسؤولين السوريين؟
- نعم. تم بعد ذلك مع الاردن وقيل من يمثل الشعب الفلسطيني وتم رفض منظمة التحرير وقيل انه يمكن الحديث مع فلسطينيي الداخل وان الوفد يجب الا يضم اشخاصاً من القدس والا يكون مستقلاً بل في اطار وفد اردني - فلسطيني مشترك وعقدنا اتفاقاً مع الاردن.
رفض شامير دور الامم المتحدة وان يكون المؤتمر دولياً وان يتكرر انعقاده ورفض عضوية الدول الاوروبية، لقد فرض شروطه.
من هي الاطراف العربية التي اطلعتها القيادة الفلسطينية على اتفاق اوسلو قبل توقيعه؟
- ليست لديّ معلومات دقيقة في هذا الموضوع لكنني اعتقد ان محامين مصريين كانوا على اطلاع على سير المفاوضات، فالسلطة المبكرة تشبه الحكم الذاتي في كامب ديفيد.
هل اعتقدت بعد اوسلو انه كان من الافضل للفلسطينيين قبول الحكم الذاتي بموجب كامب ديفيد؟
- لا، كل شيء يرتبط بالاطار وموازين القوى. عرضت علينا مشاريع ورفضناها وكان يمكن ان نقبل بما هو افضل منها. رفضنا مشروع رونالد ريغان وتقدم العرب بمشروع فاس للسلام. كانت هناك مبادرة من قبل ليونيد بريجنيف لكن الطرف الآخر لم يقبلها. وكانت هناك مبادرة لسايروس فانس واندريه غروميكو في 1977 والغاها موشي دايان عملياً بعد 48 ساعة.
هل نصحت ابو عمار عشية اوسلو بعدم التوقيع؟
- اعرب كل منا عن رأيه لكن الغالبية ايدت.
لأوسلو اذاً شرعية مؤسساتية في الجانب الفلسطيني؟
- طبعاً المجلس المركزي للمنظمة وافق. بعد المفاوضات السرية طرح الامر امام المجلس المركزي. والحقيقة ان الوفد الفلسطيني المفاوض في واشنطن فوجئ بوجود هذه القناة السرية في اوسلو. وهنا ترد التساؤلات.
هناك مثل يقول المخبأ بندوق مجهول الوالدين وهذا المشروع بندوق.
أوسلو حقيقة اليوم؟
- نعم تركت آثارها على الارض ولا بد ان تعالج هذه الآثار سواء كانت سلبية ام ايجابية، لا بد من التعامل معها، والتعامل لا يعني قبولها، بل يمكن ان يكون على نحو لا يجعلها تمس الحقوق الوطنية او تؤثر في المسار التاريخي السليم للشعب الفلسطيني.
"الفأس في الرأس"
في تموز يوليو 1994 دخل ابو عمار الاراضي الفلسطينية؟
- الحقيقة انه كان متردداً. كانت هناك نصائح عربية وغير عربية. انا كنت من القائلين بتأجيل دخوله وليترك هذه التجربة، ما دمنا وقعنا فيها ووقع الفأس في الرأس، لاخوتنا في الداخل ما دامت في اطار مؤقت أي مرحلة انتقالية. فلننتظر لنرى نتائج التجربة. وقلت ايضاً لا تقيموا قيادتكم في غزة، اقيموها في اريحا لتكونوا على صلة بالغالبية العظمى من الشعب الفلسطيني في الضفة ولأن غزة مضمونة واسرائيل لا تريدها بل تريد احتواء الضفة الغربية ويجب ان يتركز الجهد هناك.
هل تجزم ان أبو عمار كان متردداً؟
- نعم ولم يفسر ذلك. أبو عمار لديه دائماً حاسة سادسة لكن كانت هناك ضغوط عليه واسرائيل تريد انتقال القيادة الفلسطينية الى الداخل.
هذا يعني ان دخول القيادة الفلسطينية كان مطلباً اسرائيلياً؟
- طبعاً.
بماذا شعرت وانت تشاهد أبو عمار متجهاً الى الأرض الفلسطينية؟
- دعوت الله ان ينقذنا من هذا المأزق في المدى البعيد.
هل تأثرت علاقتك الشخصية مع أبو عمار بسبب معارضتك اتفاق أوسلو؟
- لا أبداً. نحن في حركة "فتح" جئنا من تيارات سياسية متعددة وكان كل منا يحترم تفكير الآخر وكنا نحافظ على وحدة الحركة لاننا في الحركة الوطنية الفلسطينية عشنا انقسامات اضعفتها.
هل تحكمت جذور انتمائك البعثي السابق في موقفك من أوسلو؟
- لا اعتقد ذلك، ولعل الموقف يرجع الى التجربة السياسية التي خضناها. لا شك ان الارتباط القومي عامل اساسي فضلاً عن التجارب. التجربة التي خضناها مع الرئيس جمال عبدالناصر كانت مؤثرة.
من بقي من المعارضين لأوسلو أو المتحفظين خارج مناطق السلطة الفلسطينية؟
- في حديثنا عن المعارضين لأوسلو نسينا ان نذكر اللواء محمد جهاد وهو رجل عسكري وعضو اللجنة المركزية وكان شديد المعارضة وهو لم يدخل. وهناك الأخ أبو ماهر مسؤول التعبئة والتنظيم، والأخ أبو المعتصم رئيس الأركان، وأنا. ودخل المعارضون الآخرون بناء على قرار من اللجنة المركزية وايدت ذلك ليدخلوا ويخرجوا ويكونوا على صلة بالجماهير، والدخول عامل اساسي. دخل الأخ عباس زكي والأخ صخر حبش والأخ هاني الحسن.
هل خالجك شعور ان دورك همش لانك بقيت خارج خيار أوسلو؟
- لم يخطر في بالي ان دوري همش لانني انطلق من البوصلة الوطنية التي يجب ان نرد اليها كل موقف من المواقف السياسية. اذا كان الموقف يخدم قضية وطنية فهو مستحب واذا لم يخدمها فهذا يعني بالنسبة الي ان علينا ان نغير موقفنا. كنت جازماً ان هذه التجربة ستفشل. لأن الاسرائيليين واليهود و الغرب جاؤوا لخلق اسرائيل كشوكة في معدة العالم العربي. يجب الا يكون لدينا وهم انهم سيخرجون ما لم يكن هناك خلل في موازين القوى لمصلحة الأمة العربية.
اللجنة المركزية ل "فتح" تجتمع في الداخل وانت في الخارج؟
- نعم.
واللجنة التنفيذية ايضاً؟
- نحن على صلة بها.
في الصيغة القائمة بينك وبين أبو عمار هناك من تحدث عن توزيع ادوار، ما هذه الصيغة؟
- أولاً حركة "فتح" هي حزب القبيلة يعني ان كبير السن ورئيسها يبقى صاحب القرار. لا شك ان القبيلة تجمع بطونها وتأخذ قرارها لكن لا يمكن الاستغناء عن أي مسؤول في هذه القبيلة.
هذا يعني ان أبو عمار رئيس قبيلة "فتح"؟
- نعم رئيس قبيلة "فتح". الحركة ليست حزباً. يحصل اختلاف ويترك للاخوة ان يمروا في التجربة فان نجحت كان به وان لم تنجح لا بد ان نعود لنسلك طريقاً آخر.
هل افتقدت عشية أوسلو وجود "أبو جهاد" و"أبو اياد"؟
- لا شك ان وجودهما كان سيجعل الأمر مختلفاً.
تقصد ان أبو اياد ما كان ليوافق على أوسلو؟
- لا اقصد ذلك بالضبط بل اقصد ان الأمور كانت ستبحث من بدايتها وسنعلم بدقة متى ستبدأ المفاوضات.
هل افهم ان غيابهما اطلق يد الرئيس عرفات الى حد التفرد؟
- الحقيقة ان اثرهما كبير. ثم ان الأخ أبو عمار لا يعتبر الأمر تفرداً. حتى بوجودهما. يعتبر الأمر مبادرة وما دام الأخ أبو مازن محمود عباس هو المسؤول عن لجنة المفاوضات فالأمور تسير. انهم يعرفون انني لا أوافق على هذه الامور اذا لم تكن واضحة. ولهذا السبب أقول ان الأمر ربما كان سيتغير لأنه كان سيكون لهما رأي. لكن الموضوع تحكمت به عوامل عربية بعد كامب ديفيد ثم حرب الخليج الثانية وما تعرضنا له من حصار وغياب العلاقة الحسنة مع سورية. كنا في عزلة تامة. جاءني السفير البريطاني وكنت اناقشه مراراً حول دور بريطانيا في مأساة الشعب الفلسطيني واذ به يقول: اذا لم تدخلوا هذه المسيرة سيكون مصير شعبكم شبيهاً بمصير الأرمن ولهذا أقول لكم ان قبولكم بالتسوية السياسية سينقذ شعبكم من التشتت الابدي. واذكر انني قلت أنا أقبل هذا التحذير منك وأعلم انك على حق. بعد الاجتماع ذهبت الى اللجنة المركزية في 1991 والدمع في عيني. وعندما ألقيت في المجلس الوطني البيان السياسي استغرب الدكتور جورج حبش ان اقبل انا مسيرة مدريد.
ملف الخلافة
هل تخشى مفاجأة ما في حال غياب أبو عمار؟
- ان الظروف مهيأة لكل المفاجآت. نحمد الله ان الأخ أبو عمار بصحة جيدة على رغم هذه الاشاعات الكثيرة التي يُراد بها بلبلة الوسط الفلسطيني. المفاجآت لا تتعلق فقط بغياب فلان او فلان. المفاجآت هي من الشعب نفسه داخل الاراضي الفلسطينية المحتلة وبسبب التعنّت الاسرائيلي كأن يحصل انفجار في الاراضي الفلسطينية وفي العالم العربي. وصل الشعب الفلسطيني والشعب العربي عموماً الى حالة من الاشباع من الكذب والمماطلة الاسرائيليين وكذلك من الظلم واستمرار الاحتلال لذلك فالمفاجآت محتملة وقريبة.
هل هناك مؤسسات فلسطينية قادرة على ملء اي فراغ في السلطة يحدثه غياب أبو عمار؟
- اعتقد ان اللجنة المركزية لحركة "فتح" واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير مؤسستان قائمتان ويمكن ان تتحركا في اي لحظة من اللحظات.
اسمك مطروح في ملف الخلافة فماذا تقول؟
- القضية هي قضية من الذي يقبل بأوسلو. لا بد من معادلة مقبولة من الجميع وتقبلها المؤسسة. يجب ان نؤكد دور المؤسسة قبل كل شيء وارتباطها بالوضع العربي. لا بد من خطوات نتخذها، ونحن في صدد اتخاذها، لا بد من العودة، كما قرر المجلس الثوري حديثاً، الى التنسيق العربي. المجلس الثوري أدرك اهمية ان تكون المسارات العربية منسقة وهذا تغيير بالنسبة الى "فتح".
اسمان يترددان في موضوع الخلافة أبو مازن وأبو اللطف ما هي حظوظك؟
- اولاً ندعو الله ان لا يمسّ الأخ أبو عمار بمكروه. لا جدوى من البحث في مواضيع غير مطروحة ولو فعلنا سنظهر كمن يستجيب للاشاعات الاسرائيلية.
هل هناك علاقة شخصية بينك وبين أبو مازن؟
- نعم نحن اصدقاء واعضاء في اللجنة المركزية وعِشْرة طويلة. ربما هناك سنوات أطول بيني وبين الأخ أبو عمار والمرحوم أبو أياد لأننا عشنا مرحلة الدراسة معاً.
الأخ أبو مازن كان في قطر. نحن الثلاثة ذهبنا الى الكويت واستمرت الصلات بيننا.
ملف الخلافة مؤجل؟
- نعم مؤجل
التقيت الرئيس حافظ الاسد بعد اوسلو؟
- نعم. كنا طلبنا من الأخ أبو عمار ان نذهب ونطلع سورية على المشروع وذهبنا اليها انا والأخ أبو عمار الذي قال امام الرئيس الاسد انني غير موافق على اوسلو. لم يؤخذ هذا الكلام بشكل جدي في البداية وظن انني ألعب دوراً آخر. قال الرئيس الاسد ان هذه المسألة تخصّ الشعب الفلسطيني ومنظمة التحرير والمؤسسات الفلسطينية ولا بد من اتخاذ موقف. كان ذلك قبل التوقيع بأيام. قال الرئيس الاسد ان سورية لن تقول انها مع او ضد وان كانت ترى ان الأمر يحتاج الى اتفاقات متعددة. على كل حال اذا كنتم تريدون رأينا اعطونا فترة من الزمن لنطلعكم عليه خلال اسبوعين.
كان الاجتماع صعباً؟
- لا فقد كنا قبل ذلك نجحنا في تحسين العلاقات.
كيف برّر أبو عمار في الاجتماع خيار اوسلو؟
- قال هذا ما توصلنا اليه بعد التعثّر في مسيرة السلام وتعنّت اسحق شامير وهو اعلان مبادئ. فقال الرئيس الاسد ان الامر يحتاج الى اتفاقات لتوضيح اعلان المبادئ وهو امر يخصّ اولاً الشعب الفلسطيني.
وفي غضون الاسبوعين تمّ التوقيع؟
- نعم ويبدو ان ذاك كان مقرراً.
ذهبت الى دمشق بعد اوسلو؟
- نعم واستقبلت كالعادة ولم يتغيّر موقف سورية.
لم يتغيّر الموقف منك لكن من قيادة المنظمة؟
- ذلك شيء آخر. بعد فترة من الزمن وظهور كتاب الأخ أبو مازن محمود عباس تأكد لسورية ان أبو اللطف كان بريئاً ولم يكن لديه علم مسبق. ذهبنا ذات يوم وتناولنا الغداء مع الأخ فاروق الشرع والأخ فارس بويز وزير خارجية لبنان الذي قال: "الآن انت براءة". وكان بويز يقول ذلك بعد ما سمعه من الرئيس الاسد.
في 1996 زار عرفات دمشق والتقى الرئيس الاسد وكنت حاضراً ماذا حصل؟
- كان لا بد من العودة الى التنسيق ولعبت مصر دوراً مهماً في تسهيل اللقاء. ذهب وزير الخارجية المصري عمرو موسى وتحدث الى الرئيس الاسد الذي رحّب فذهبنا الى اللاذقية. جرى نقاش للتطورات في المسار السلمي. دام الاجتماع نحو خمس ساعات. وكان منتظراً ان يتم هذا اللقاء على قاعدة سياسية وان يحصل اتفاق بيننا وبين سورية على طريقة التنسيق اذ ان بوادر التعثّر في المسار السلمي ظهرت. كانت الضرورة تقضي ان نتفق ونبدأ من جديد. والواقع انها كانت بداية للحديث لم نتوصل خلالها الى بنود اساسية على رغم جهود مصر التي كانت ساهمت في تنقية الاجواء بعدما لبدتها اوسلو بالغيوم. ولم يلتق الرئيس الاسد والأخ أبو عمار بعدها الا في القمة الاسلامية الأخيرة.
النموذج... والفساد
هل تعتبر النموذج الذي أقامته السلطة الوطنية مشجعاً؟
- لم تقم السلطة الوطنية حتى اليوم اي نموذج. والسبب في ذلك ليس فقط ان السلطة مقصّرة في هذا الامر بل ان سلطات الاحتلال لم تعط السلطة الفلسطينية العوامل الموضوعية التي يمكن الاستناد اليها في قيام سلطة وطنية. اكثر من ذلك فان سلطات الاحتلال حرمتها من كل مقومات السلطة الوطنية اي السيادة على الارض والولاية الجغرافية وكل السلطات التي تتميز بمظاهر السيادة كالمياه والكهرباء والاستيراد والتصدير والمطار والميناء. حاصرت سلطات الاحتلال الشعب الفلسطيني وسعت الى تقطيع أوصاله واستمرت في قضم الارض الفلسطينية اي ان الفلسطيني فقد الامن العام والخاص وفقد الثقة بالمسيرة السلمية. واخوتنا يقاتلون على رغم المظاهر الخاطئة.
ما هي المظاهر الخاطئة؟
- ما يسمونه فساداً، موجود في كل الدول، لكن الخطأ في عدم بناء المؤسسة اي ان يمارس المجلس التشريعي دوره كاملاً وان يكون له نظام.
هل تنصح أبو عمار بالعودة الى تونس؟
- لم نقل ذلك. قلنا افصلوا السلطة الفلسطينية المحلية عن المرجعية الاساسية اي اللجنة التنفيذية للمنظمة. يجب ان يتولى المسؤولية في الداخل من هم في الداخل ومن يرغب. اللجنة التنفيذية تمثّل كل الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج. وان يدخل الأخ أبو عمار ويخرج ويجتمع في الخارج، في الهواء الطلق، باللجنة التنفيذية كي لا تحاصره قوات الاحتلال ويكون في مأمن من تجسس الاسرائيليين وادوات التنصّت. لا بد من التمييز بين اللجنة التنفيذية والسلطة الفلسطينية وهذا اساسي. ولا بد ان تكون هناك مؤسسات بمعنى السلطة والصلاحية والمسؤولية. المهم ان لا يكون هناك من هو فوق القانون والنظام وان لا تصبح المؤسسة شخصاً. الدولة هي مؤسسة المؤسسات
الاسبوع المقبل
أيلول الاسود والاغتيالات


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.