حقّق "معرض القاهرة الدولي للكتاب" في دورته الثلاثين، نجاحاً منقطع النظير على مستوى مبيع الكتب واقبال القرّاء. وأجمع الناشرون على التعبير عن رضاهم وارتياحهم. أما النشاطات الفكريّة والابداعيّة التي كانت تطغى على كلّ ما عداها في الدورات الماضية، فعرفت هذا العام شيئاً من الانحسار. وكان اللقاء مع روجيه غارودي من المحطّات الأساسيّة للتظاهرة، إذ حظي الفيلسوف الفرنسي باستقبال عارم، وصرّح "أن الاعلام الغربي بيد الصهاينة". "الوسط" تابعت النشاطات والتقت عدداً من الناشرين، ولمست عودة الحيويّة النسبيّة إلى حركة النشر. عرف "معرض القاهرة الدولي للكتاب" الذي أسدل الستار على دورته الثلاثين قبل أيّام، اقبالاً منقطع النظير، إذ أَمّه ما لا يقلّ عن خمسة ملايين زائر. وقد عبّر الناشرون، مصريّين وعرباً، عن رضاهم التام عن حركة المبيع. في السنوات الأخيرة كان المعرض يضج بشكوى الناشرين من الركود، وشكوى القرّاء من ارتفاع الأسعار، في حين كانت التظاهرة تتألق بلقاءاتها الفكرية وندواتها الثقافية وأمسياتها الشعرية. أما هذا العام فيبدو أن الآية انعكست تماماً، إذ شهدت الأجنحة عدداً متزايداً من المشترين، فيما خفّ الاقبال على اللقاءات والندوات والأمسيات، وفقدت النشاطات الأدبيّة والفكريّة والنقديّة الموازية ألقها المعهود. هل السبب هو تكرار الوجوه والنقاشات؟ أم تعب الجمهور؟ أم غياب الأسماء المعروفة؟ وربّما كانت نجوم المواسم السابقة قد فقدت قدرتها على اجتذاب الناس... لكن الاستثناءات كانت موجودة طبعاً هذا العام، ولعلّ أبرزها اللقاء مع الفيلسوف الفرنسي روجيه غارودي. أما الأمسيات الشعرية فلم تتحلّ بالقدر الكافي من التنظيم والتحضير والاتقان، وينطبق الكلام نفسه على نشاطات سوق عكاظ والمقهى الثقافي. ومهما اختلفت الاجتهادات حول تلك الظاهرة، يبدو واضحاً أن إدارة المعرض لم تتمكن من اقناع عدد من الشعراء والمفكرين المصريين والعرب بالمشاركة. وأعلن في "البرنامج الثقافي" على عشرات الأسماء، والتي جاء غيابها ليحدث اضطراباً لدى الجمهور، ويفقده حماسته وثقته بالبرنامج: أحمد عبد المعطي حجازي، حسن فتح الباب، حسن طلب، عبد المنعم رمضان، حلمي سالم، محمد بهجت، فاروق جويدة، محمد عفيفي مطر، محمود أمين العالم، جابر عصفور من مصر، سليمان العيسى، ممدوح عدوان من سورية، وهذا الأخير قيل إنّه لم يحصل على جواز سفره، حسن عبد الله القرشي، محمد الحربي، ثريا العريض من السعودية، عبد الله البردوني من اليمن، حميد سعيد وعبد الوهاب البياتي من العراق، والثاني مقيم في عمّان، محمد الفقيه صالح ليبيا، سميح القاسم اسرائيل، وغادة السمان، جوزيف حرب لبنان وعلي الشرقاوي البحرين... ويدافع الشاعر محمد أبو دومة، المشرف على الأمسيات الشعرية، عن إدارة المعرض. فهو يؤكّد أن كل شاعر تمت دعوته بخطاب رسمي اضافة إلى الاتصالات الهاتفية: "هناك من اعتذر بداعي المرض، ومن فضّل الغياب اذ لا جديد لديه، يقول أبو دومة. لم نغفل أحداً من الموجودين على الساحة الشعرية، فلم الشكوى؟ الشاعر الذي يغيب هو الخاسر لأن الأمسيات تقام بالشعراء الحاضرين، والجمهور موجود". أما الشاعر اسماعيل عقاب، فيعتبر أن فشل الامسيات يقع على الشعراء الغائبين، مذكّراً أن "المعرض هو أفضل مكان يمكن أن يلقي فيه الشاعر قصائده على امتداد العام، وهو فضاء احتكاك فعلي بالناس، ومنطقة ضوء، وبؤرة اهتمام". وكالعادة امتدّ المعرض هذا العام خارج الفضاءات المغلقة، حيث الأجنحة والندوات والأمسيات، إلى المدى الفسيح... فلا بدّ لزائر أرض المعارض في مدينة نصر، من التعريج على بسطات الكتب في الهواء الطلق، تلك التي انتقلت من "سور الأزبكية" لتخلق على هامش أضخم سوق عربي للكتاب فضاءً مفاجئاً وحميماً. هؤلاء الباعة يفرشون بسطاتهم طوال العام، فيؤمّهم قرّاء فضوليّون يترصّدون كتاباً مفقوداً أو طبعة نادرة، أو ببساطة قرّاء فقراء يبحثون عن وسيلة لاشباع نهمهم للمعرفة، بما يتناسب مع امكاناتهم... باعة سور الأزبكيّة يلاقون رواجاً منقطع النظير. فالكتب القديمة رخيصة الثمن، ويخضع الشراء للمصادفات والمساومات. بائعو سور الأزبكية سعداء، كما عبر عم صابر عبده الذي قال إن المعرض ناجح، و"قد وقف الدكتور سمير سرحان بجوارنا وأعطانا مساحة كبيرة جداً". ورحّب بموعد المعرض الذي جاء هذا العام، متزامناً مع اجازة المدارس والجامعات، لذا فالاقبال أفضل من الأعوام السابقة. وأضاف بفخر: "السور أم الثقافة في مصر، وهو مليء بالكتب المهمة. تجد في سور الازبكية كل الكتب من جميع التخصصات واللغات. أنا أعمل في السور منذ العام 1960". لكن أين السور الآن؟ سألناه. فقال إنه استقر موقتاً بجوار مستشفى الحسين الجامعي في حي الازهر، "لكننا أخذنا وعداً من محافظ القاهرة، بإعادة السور إلى مكانه الاصلي في حي الازبكية. وسمعنا أن رئيس الحكومة الدكتور كمال الجنزوري متعاطف معنا. وقد نعود إلى مكاننا الاصلي هذا العام بإذن الله". وماذا عن دور النشر الراسخة ورؤيتها لمعرض هذا العام؟ يكشف صلاح السحار، مدير مكتبة مصر، أن الأسبوع الاول من المعرض كان أكثر اقبالاً ورواجاً بسبب اجازة المدارس والجامعات. ويضيف: "هذا هو جمهورنا الأساسي، وهذا الجيل هو الذي يجرّّ الجيل الأكبر منه إلى المعرض". ويؤكّد السحار أن المعرض حقق هذا العام مبيعات خلافاً للعام الماضي، و"حتّى طاولات ورفوف العرض أفضل من الماضي، كما وفرت لنا ادارة المعرض مخازن للكتب وصالة اجتماعات للناشرين". وعن الكتب الأكثر مبيعاً يجيب: "الكتب الجديدة ليس لها التأثير المطلوب، فالكتب القديمة التي نعيد طبعها هي الأكثر مبيعاً، مثل أعمال نجيب محفوظ وإحسان عبد القدوس ويوسف ادريس ومحمد عبد الحليم عبد الله. ويشير الناشر إلى كونه باع كميّة مهمّة من مؤلفات والده، مؤسس المكتبة، الكاتب والروائي عبد الحميد جودة السحار، نتيجة للدعاية التي نالها من وراء مسلسل "الشارع الجديد" الذي قدّمه التلفزيون المصري، واختتمت حلقاته مع افتتاح المعرض. صدرت رواية "الشارع الجديد" منذ 50 سنة، يقول، لكنّ التلفزيون هو الذي سلّط عليها الضوء فحققت رواجاً خلال هذا المعرض. وطالب السحار بمزيد من الاهتمام بانتاج أعمال تلفزيونية مأخوذة عن الأدب العربي لترويجه. فهذا يحيي الثقافة، وينعكس على صناعة الكتاب ويدعمها. ويصارحنا السحّار بشكواه: "الدولة المصريّة لا تقف وراء الناشر المصري على الاطلاق، بدليل أن دور النشر اللبنانية أغرقت المعرض بالمصاحف الفاخرة التي تزاحم الأسعار المصرية. لماذا؟ لأن دور النشر المصرية تدفع جمارك وتأمينات، فيما يصل الكتاب اللبناني حرّاً من أية قيود". ديوان أدونيس ب 180 جنيهاً ويشتكي جمال الجواهري، مسؤول التوزيع في "دار المدى" السورية، من بعض العيوب التنظيمية. لكنه سرعان ما يتجاوز الموضوع: "الاقبال على المعرض هائل وممتاز وغير طبيعي، كما ان اهتمام الصحافة المصرية بالمعرض لافت. وبالنسبة إلى منشوراتنا، فإن عناوين كثيرة نفدت، وعناوين عدة على وشك النفاد. رواية "العطر" لباتريك سوسكيند باعت ثمانين نسخة في ثمانية أيام. ونفذ كتاب "أورويل متشرداً في باريس ولندن" الذي ترجمه سعدي يوسف. وبعنا نسخاً كثيرة من "المريض الانكليزي"، رواية السيرلانكي مايكل أونداتجي التي عرّبها أحمد إسبر، على الرغم من تأخرها في الوصول إلى القاهرة الطبعة الأولى وليست الثانية". ومن منشورات هذه الدار الناشطة التي حققت رواجاً أيضاً: كتابا جلال الدين العظم "ذهنية التحريم" و"ما بعد ذهنية التحريم"، "تصوف" لكازانتزاكيس، "خبر اختطاف" لماركيز، "تري لام" لعزيز نسين. وتجدر الاشارة إلى أن هذا الكتاب نزل إلى المعرض السنة الماضية ولم يقبل عليه أحد، فيما أوشكت نسخه هذا العام على النفاذ!. ويواصل مسؤول "المدى": "أما عن الأسعار، فحاولنا أن تكون مناسبة للقارئ المصري. فرواية "العطر" مثلاً، بيعت ب 15 جنيهاً مصرياً فقط، وقد صدرت في طبعة مشتركة مع "المجمع الثقافي في أبو ظبي" الذي يبيعها ب 20 ريالاً. وصار جناحنا ملتقى طلاب وأساتذة الجامعات والمثقفين. كما أنني أؤكد لك أنه سبق وأحضرنا كتباً إلى معرض القاهرة، ولكننا لم نبعها إلا في هذا الدورة مثل "الغزو المستمر" لنعوم تشومسكي، و"أصول الصابئة" للباحث العراقي عزيز صبائي، و"الطيور الخمسة" لغونتر غراس، و"صيف كلينكسر الأخير" لهيرمان هسه.. مع العلم أنّني، بحكم حداثة الدار، لم أبع سوى للأفراد، خلافاً للدور المعروفة التي تبيع للمؤسسات مثل بقية الدور المعروفة. لكنّني أشعر بالارتياح، وأظنّ أن ذلك ينطبق على معظم الناشرين العرب المشاركين في هذه الدورة". وتؤكّد رنا سهيل أدريس، مسؤولة "دار الآداب" البيروتيّة، أن دورة هذا العام أفضل بكثير من معرض العام الماضي. وعلمنا أنّها باعت نسبة لا بأس بها من عناوين الدار الجديدة للأفراد، لكنها باعت أكثر من خلال التعاقد مع مؤسسات. "القارئ المصري يشكو من ارتفاع الأسعار - تقول إدريس - ومع ذلك فقد أقبل على كتبنا. جئنا ب 15 عنواناً جديداً، فبعنا منها بشكل ممتاز ومعظمها نفد، مثل كتاب "الثقافة والامبريالية" لإدوارد سعيد، ورواية "باب الشمس" لإلياس خوري، ورواية "الميراث" لسحر خليفة. كما نفدت بسرعة رواية أحلام مستغانمي "فوضى الحواس"، وهي الجزء الثاني من "ذاكرة الجسد". ويؤكد نبيل مروة، ممثّل "دار الساقي" اللبنانيّة، أن معرض الكتاب هذا العام من أنجح المعارض، وأنه سجل أعلى نسبة مبيعات منذ سنوات. ونقلنا لمروة استنكار المثقّفين المصريين لأسعار كتبه، فجناحه اشتمل على أغلى كتب المعرض في فئته، وهو ديوان "الكتاب" لأدونيس، بجزئيه الأول 80 جنيهاً والثاني 100 جنيه. فأجاب:"إن تكلفته عالية جداً، وكذلك تكلفة شحنه. إن نسبة 70 في المئة من العناوين التي نعرضها من اصداراتنا الجديدة، وعلى الرغم من ارتفاع اسعارها فنحن نبيع بشكل جيد". ويثني عبد الجليل ناظم، مسؤول "دار توبقال" المغربية، بدوره على معرض الكتاب هذا العام. فهو راض عن حجم مبيع كتبه، مع العلم أنّه يعرض ستة عناوين جديدة كلّها حقّقت الاقبال، بينها "أسئلة في علم الاجتماع الانعكاسي" لبيير بورديو، كما أن كتب عبد الفتاح كليطو نفدت نسخها جميعاً. "بعنا بشكل جيد مجموعة "دوائر من حنين" لسعيد الكفراوي"، يقول ناظم مذكّراً بالكلفة الباهظة المترتّبة على دار النشر، "خصوصاً اذا كانت حريصة على النوعيّة والمستوى الفنّي. من الطبيعي والحالة هذه أن تكون الأسعار مرتفعة قياساً إلى القدرة الشرائية للقارئ العربي. ولكن لا بد من أن نعوّد القارئ من دون أن نتجاوز الحدود المنطقيّة، ولا بد من أن ندافع عن الثقافة. فدعم الكتاب من قبل السلطات هو الطريقة الوحيدة لتخفيف سعره، وتفادي كارثة وضعه خارج متناول القرّاء. ويتمنى حسني سليمان، مسؤول "دار شرقيات" المصريّة، أن يقام المعرض المقبل في مثل توقيت هذا العام الذي جاء مناسباً للجميع. تعرض "شرقيّات" 30 عنواناً جديداً لاقى كثير منها رواجاً، مثل "المثقفون" لبول جونسون تعريب طلعت الشايب، و"كبش الفداء" لرينيه جيرال تعريب منار رشدي، و"سيدة المنام" لسحر الموجي مجموعة قصصية، وروايتين قصيرتين لمصطفى ذكري كاتب سيناريو "عفاريت الأسفلت". وعبّر سليمان عن سعادته ب "مكتبة الأسرة"، وبالطبعات الشعبية لقصور الثقافة. ف "على الرغم من تعارضها مع مصالح الناشر التابع للقطاع الخاص، تصل هذه الكتب بالثقافة إلى جمهور عريض لا يستطيع شراء الكتب الباهظة الثمن. الكتاب سلعة، بمعزل عن المحتوى، والكل يعاني من غلاء الورق ومن الرسوم... ولا حلّ سوى دعم الكتاب". وفي جناح "دار الكتب" بيع 2000 نسخة من "ألف ليلة وليلة" في أقل من عشرة أيام، بثمن 200 جنيه للمجموعة الكاملة. كما نفدت "أثينا السوداء" الصادرة عن المجلس الأعلى للثقافة. حتى الناشر الشاب هشام قشطة الذي عرض كتبه في مقهى المعرض، باع المجلد الأول من مجلة "الكاتب المصري" التي يعيد طبعها بدعم من صندوق التنمية الثقافية والمركز الفرنسي للثقافة والتعاون، وكان راضياً عن النتيجة. والتفاؤل النسبي بسبب حركة الاقبال هذا العام، أجّل الحديث عن أزمة النشر التي عادت احصاءات الأيّام الأخيرة للمعرض لتسلّط عليها الضوء. فإذا كانت الكتب العلميّة هي بين الأكثر مبيعاً ورواجاً هذه الدورة، فإن الرواية العربيّة احتلّت أدنى الدرجات في سلّم المبيعات. واعتبر عدد من الكتّاب والنقاد بينهم فاروق عبد القادر وجمال الغيطاني وفيصل درّاج أن هذا الوضع تعبيراً عن كارثة فعليّة، فيما عزا بعضهم السبب إلى ارتفاع الأسعار، وانعدام الترويج للكتاب الثقافي والابداعي. وكانت نقطة الثقل في النشاطات الفكريّة للمعرض، هي ندوة روجيه غارودي التي ترقّبها الجميع بحماسة زائدة، بسبب المتاعب القضائيّة التي يواجهها هذا الفيلسوف الفرنسي، منذ اصدار كتابه "الأساطير المؤسسة للسياسة الاسرائيليّة" الذي يتضمّن تقليلاً من أهميّة التصفية المنهجيّة لليهود خلال الحرب العالميّة الثانية. وكان من الطبيعي أن يستقبل جمهور المعرض رجاء غارودي كما أصبح اسمه بعد اعلان اسلامه استقبال الفاتحين. ورأى أكثر من مثقّف ومحلّل في هذا التضامن، تعبيراً عن حالة القهر التي تحاصر الرأي العام العربي، والطليعة العربيّة أيضاً، بسبب المواقف غير المنصفة التي اتخذها الغرب طويلاً من القضايا العربيّة. عبّر غارودي في الندوة التي حضرها الدكتور سمير سرحان رئيس "الهيئة المصريّة العامة للكتاب" التي تشرف على تنظيم المعرض، وكامل زهيري، والدكتورة هدى وصفي، والمحامي على الغتيت وعدد كبير من المثقفين المصريين، عن الآراء التي سبق أن أدلى بها في القاهرة منذ عام ونصف العام حين دعاه الراحل سعد الدين وهبة، ثم جابر عصفور في المجلس الأعلى للثقافة. لكن اطلالته في ندوة المعرض جاءت أكثر قوة بسبب الظروف الراهنة، من اقتراب موعد محاكمته 27 شباط/ فبراير إلى الأجواء المشحونة في الشارع العربي المتخوّف من ضربة أميركيّة على بغداد. تحدّث الفيلسوف، الماركسي سابقاً، عن الهيمنة الأميركية وعن سياسة إسرائيل المتعنّتة منذ 50 عاماً، بمساندة واشنطن التي من شأنها أن تفجّر حرباً عالمية ثالثة. وقال صاحب "واقعية بلا ضفاف" إن "95 في المئة من الإعلام في الغرب في يد الصهيونية، وهذا يفسر اعتبار سلمان رشدي رمزاً لحرية الفكر وعدم قبول غارودي". وتحدث عن متاعب ناشريه وموزعي كتبه، كما أعاد التأكيد مجدداً على احترامه للدين اليهودي وعدائه للصهيونية، هذه الحقيقة التي حاول أن يوضحها للمحكمة. كما تناول علاقته الروحيّة بالدين الإسلامي: "إن اعتناقي الإسلام تطور طبيعي. وسبق أن قلت إنني دخلت الإسلام، العهد القديم في يد وكارل ماركس في اليد الأخرى، وليس هناك أي قطيعة مع مراحلي السابقة أو تنكّر لما سبق أن آمنت به". وأكّد غارودي أن إسرائيل تلعب على الخلافات العرقية والدينيّة في الشرق العربي. وقال إن حقوق الإنسان في الغرب تتبدى بشكل مزدوج: "يعاقبون العراق لأنّه لم يستجب لقرارات الأممالمتحدة، بينما رفضت اسرائيل 172 مرة قرارات الأممالمتحدة ولم تعاقب". وعرض غارودي أربع وسائل لمقاومة الهيمنة الأميركية: الاستقالة من الأممالمتحدة التي أصبحت أداة في يد الولاياتالمتحدة الأميركية، إنشاء باندونغ جديدة، مبادرات للوقوف ضد العولمة ومقاطعة كل ما يأتي من اميركا واسرائيل، خلق سوق باندونغ المشتركة. ورفض غارودي إبداء رأي في الأنظمة العربية: "قبل ان تعطي فرنسا دروساً للآخرين من المستحسن أن تكنس أمام باب بيتها". وقال إن ما نسميه "عولمة" هو في الحقيقة استعمار مطلوب فيه أن تتبع كل بلاد العالم أميركا. وأقام "اتحاد الناشرين العرب" انتخاباته على هامش المعرض، فأعيد انتخاب ابراهيم المعلم رئيس اتحاد الناشرين المصريين - "دار الشروق" المصريّة رئيساً لمجلس اتحاد الناشرين العرب. وانتخب عبود خير الله عبود نائب رئيس اتحاد الناشرين اللبنانيين - "دار الجيل" اللبنانيّة أميناً عاماً، وفتحي البسّ رئيس اتحاد الناشرين الاردنيين - "دار الشروق" الأردنيّة أميناً للصندوق. وانتخبت الجمعية العمومية التي ضمت 150 دار نشر، في منصب نائب الرئيس، كلاً من رابح الدخيلي رئيس اتحاد الناشرين التونسيين - "الدار العربية للكتاب" وعدنان سالم رئيس اتحاد الناشرين السوريين - "دار الفكر" السورية ومحمد العبيكان الثنيان "مكتبات العبيكان" السعوديّة. وانتخب لمنصب الأمين العام المساعد كلاً من: محمد رشاد أمين عام اتحاد الناشرين المصريين - "الدار المصرية - اللبنانية"، وبشار شبارو "الدار العربية للعلوم"اللبنانية. أما أعضاء المجلس فهم : خالد قبيعة لبنان، محمود المحتسب الاردن، حسين عودات ووليد ناصيف سورية، جاسم المطير العراق، عبد الحفيظ كتاني المغرب، عبد الرحيم مكاوي السودان، ضو تيبار ليبيا، محمد سماعنة فلسطين، ومحمد ابراهيم مصر.