هل كان شكسبير فرنسيس بيكون أو كريستوفر مارلو أو ادوارد دي فير أو مجموعة من المؤلفين أو وليم شكسبير نفسه؟ لا نزال نسأل، نعم، ونتحدث عن المؤلف - الممثل كما لو سلمنا جدلاً بأنه كان من نعرفه من دون تساؤلات ووجع رأس، أو نعيد فتح الملف ونستدل على وجوده من النجوم والأقمار. بارك هونان قدم أكثر الدراسات تفصيلاً في "شكسبير: حياة" والدكتور اريك ألتشولر استند إلى غياب الاكتشافات الفلكية بعد 1604 عن مسرحياته ليقول إنه كان ادوارد دي فير، "الايرل" السابع عشر لاكسفورد، المتوفي في ذلك العام وليس الممثل الشاب الذي توفي عن اثنين وأربعين عاماً في 1616. الشاعر بن جونسون الذي تغزل بالملكة اليزابث في "الملكة الجميلة" عرف وليم شكسبير جيداً ومدح نزاهته وطبعه المتفتح لكنه عاب عليه طول مسرحياته وحذف أقل مما يجب في كتاباته. بارك هونان دقق في السجلات الرسمية ورسائل أصدقاء الكاتب ومذكرات معاصريه وتوصل إلى "احساس أكبر بخبرة الرجل" الذي أظهر ذكاء كبيراً منذ كان طفلاً، وحفظ في الثامنة عشرات الأمثلة اللاتينية التي استخدم مئتين وتسعة منها في مسرحياته. وربما كان ذكاؤه واجتهاده يردان على المشككين بقدرة ممثل على التحول إلى أعظم كاتب باللغة الانكليزية، ففي الحادية عشرة حفظ قواعد البلاغة الرومانية الأكثر تعقيداً بين كل اللغات لاحتوائها على مئات الوسائل الرامية إلى خلق "صوت على الورق". والدته فضلته على سائر اخوته لأنه كان بكرها بعد طفلين توفيا، وكانت امرأة أكثر ثقافة مما اعتقد سابقاً وذات ميول نسوية، إذ كان لها ختمها الخاص الذي أظهر حصاناً راكضاً. هنري جيمس تحدث عن شكسبير "المسخ والساحر ذي الألف قناع" وليس هناك صورة واحدة له تطمئننا إلى أننا نعرفه حقاً ونقبض على ملامح له ملموسة. بعض الرسوم يظهره ذا تقاسيم انكليزية دقيقة وبعضها يقدم رجلاً من سكان البحر المتوسط. دراسة البروفسور ألتوشر على الانترنت تزيد الغموض المتجدد حول الشخص نفسه لا الملامح وحدها. شكسبير أشار إلى المذنبات والنجوم في "هاملت" و"هنري الرابع" و"حلم ليل صيف" و"كل شيء جيد ما دام ينتهي جيداً". في "هاملت" يتحدث برناردو عن نجم لمع غرب القطب ليضيء ذلك الجزء من السماء، ويعتقد علماء الفلك أنه أشار إلى نجم زاد بريقه نتيجة انفجار فيه في 1572. الشخصيات في "هنري الرابع" تحدد الوقت اعتماداً على موقع نجوم الدب الأكبر، وتشير إلى وجود زحل والزهرة في مكان واحد، وهو حدث غير عادي تكرر في أواخر 1604 بعد موت ادوارد دي فير ولم تذكره أي من الأعمال "المنسوبة" إلى شكسبير وكلها طبعت بعد موت "ايرل" اكسفورد والممثل وليم شكسبير. لا يبدي الانكليز اعجاباً كبيراً بمن يريد تجريدهم من اسطورة الكاتب العبقري الذي رآه الشاعر الارلندي وليم بتلر ييتس ملاكاً ينظر إلى العالم من خلال الخالق. في أواخر القرن التاسع عشر برز اسم فرنسيس بيكون كشكسبير الحقيقي، لكن هل كان لرجل البلاط المحب للبذخ والمجد الوقت والقدرة على كتابة تلك الأعمال، علماً أنه كان من رواد العلم التجريبي الحديث؟ البعض استعان بكريستوفر مارلو، الشاعر والمسرحي، وقال إنه أشاع نبأ موته في 1693 ثم اختبأ وتابع كتابة الأعمال الشكسبيرية. لكن لماذا يفعل ذلك وهو أديب أصلاً؟ في حال دي فير الجواب جاهز. اعتقد النبيل أن الكتابة دون مستواه فرشا الممثل شكسبير لكي يتظاهر أنه هو المؤلف الحقيقي.