يركز معظم المصارف الاسرائيلية نشاطه على اقراض البنك المركزي، عن طريق الاكتتاب بشهادات الايداع التي يصدرها بصورة دورية ووصلت قيمتها الى حوالي 5.20 مليار شاقل حتى اواسط نيسان ابريل الماضي، بعدما كانت لا تزيد على 5 مليارات شاقل مطلع العام الجاري. أما التفسير الذي يقدمه معظم المصرفيين الاسرائيليين لتهافت مصارفهم على اقراض البنك المركزي فهو ان اسعار الفوائد التي يقدمها محافظه يعقوب فرانكل مغرية، وتزيد بواقع نقطة ونصف على فوائد السوق، مما يجعل التوظيف في شهادات الايداع مسألة مربحة ومن دون مخاطر. ويعاني القطاع المصرفي أساساً من فائض سيولة ينتج باستمرار عن تراجع عدد الشركات التي تلجأ الى الاقتراض منه بسبب الفوائد المرتفعة التي تفرضها السلطات النقدية، في اطار خطة الحكومة لمكافحة التضخم، الأمر الذي يضع المصارف التجارية في مواقف لا تحسد عليها عند سعيها الى توظيف ما لديها من اموال. واللافت، ان اقتراض البنك المركزي من المصارف التجارية عن طريق الاكتتاب بشهادات الايداع، واكب ظاهرة اخرى تمثلت في تدني حجم القروض والتسهيلات التي طلبتها المصارف نفسها من المصرف المركزي من 18 مليار شاقل قبل 3 سنوات إلى نحو ملياري شاقل أوائل العام الجاري، مما يعني ان الهاجس الاساسي للمصارف بات توظيف فائض السيولة لديها بأكبر مقدار من الربحية وبأقل قدر ممكن من المخاطر. وفي حين يقول مسؤولو البنك المركزي ان الابقاء على مستويات فوائد مرتفعة سببه المباشر الحاجة الى الابقاء على معدلات تضخم متدنية، وفقاً لما وعدت به الحكومة، على رغم آثارها السلبية على معدلات النمو الاقتصادي، التي من المقدر الا تزيد هذا العام على 7.5 في المئة، فإن مصرفيين يقولون ان الاعتبار الاساسي الذي شجع محافظ البنك المركزي على مواصلة سياسة الفوائد المرتفعة والتلويح بالتوسع في استخدامها التقليل من اندفاع المتعاملين نحو الدولار الاميركي والعملات الاخرى واحتمالات تأثيرها على سعر صرف الشاقل، في اطار معالجة انعكاسات السياسات التي التزم رئيس الوزراء تطبيقها لتحرير سوق القطع. وفي هذا السياق، يقول شلومو كوفسكي مدير مصرف "هبلنو مي هريشون" ان هذه هي المرة الاولى التي يتحول فيها مصرف مركزي في العالم من مصرف دائن الى مصرف مدين، ومن مصرف يدعم القطاع المصرفي، الى مصرف يحتاج الى الدعم. إلا أن مصرفيين آخرين يقولون ان المشكلة تتمثل في ان عدداً أقل من المتعاملين ينوي استخدام الشاقل بسبب مخاطر تقلبه صعوداً وهبوطاً من دون ضوابط كافية، في الوقت الذي يبدو فيه التعامل بالدولار مسألة اكثر جاذبية، وأقل مخاطرة، وكما يقول احد المصرفيين، فإن فرانكل يستخدم حالياً السلاح الوحيد الذي أبقته له الحكومة، في اشارة الى العجز المالي الكبير الذي تعاني منه موازنة الدولة، وفشلت جميع الجهود حتى الآن في معالجته بصورة كافية. ومن وجهة نظر هذا المصرفي، فإن فرانكل يستخدم وسائل تقنية محدودة لمواجهة اوضاع مالية واقتصادية اكثر تعقيداً، وهو ما يصح استخدامه لفترة معروفة وضمن سقوف محددة سلفاً، ومن غير الممكن مواصلة الاتكال عليه الى اجل غير مسمى، خصوصاً اذا تبين ان تراجع وتيرة تدفق الاموال والاستثمارات من الخارج الذي بدأ العام الماضي سيستمر في السنوات الثلاث المقبلة، نتيجة تعثر مفاوضات السلام، وتوسع دائرة الاضطراب الامني التي يشهدها عدد من المناطق الاسرائيلية، وتقلص الثقة الخارجية بإمكان إحلال سلام قريباً في الشرق الاوسط، بعدما كان كثير من الشركات الاميركية والاوروبية باشر التحضير للتوظيف في اسرائيل كنقطة انطلاق صوب أسواق الشرق الأوسط .