لم ينقطع الحديث في مصر طوال شهر رمضان عن مآدب الافطار الجماعي المعروفة باسم "موائد الرحمن" التي يقيمها بعض الفنانات والفنانين ويتبارون في تقديم مالذ وطاب من الوان الطعام لضيوفهم. وعلى رغم ان هذه الظاهرة ليست جديدة وانما تعود الى سنوات عدة مضت الا انها شهدت تصاعدا ملحوظا في هذا العام بعد ان لاحظ الفنانون ان البسطاء يعقدون المقارنات بين هذه الوليمة العامرة وتلك ويقيسون نجومية هذا الفنان او ذاك بمدى كرمه وقدرته على توفير افخر المأكولات واشهاها. وتقيم الراقصة فيفي عبده واحدة من اشهر هذه الموائد في منطقة المهندسين، حيث يستمتع البسطاء ممن اعتادوا منذ سنوات تناول الافطار على مائدتها بافخر انواع الطعام التي تشتريها الفنانة من احد الفنادق الكبرى ذات الخمس نجوم.والمدهش ان فيفي ترد بغضب على كل من يحدثها عن هذه الموائد مؤكدة ان هذا امر يخصها وحدها ولايحق لاي كان ان يتدخل في الموضوع الذي تعتبره في صميم علاقتها بربها. فهي لا تقيم هذه الموائد من اجل التباهي او حب الظهور اذ لم تنشر اعلانا تدعو فيه الناس لحضور "موائد الرحمن لفيفي عبده"! وقالت انها أرادت ان تقدم شيئا لوجه الله ولا ذنب لها ان حاول بعضهم ان يضيعوا عليها اجرها. ويذكر ان الممثلة شريهان تأتي في طليعة منافسات فيفي عبده من حيث الشهرة في اقامة موائد الرحمن خلال شهر رمضان. وذكر اشخاص تناولوا الافطار مراراً على مأدبة شريهان ان الفنانة المضيفة كانت تحرص في السنوات الماضية على الحضور بنفسها احياناً للتأكد من جودة انواع الطعام وحسن الخدمة. و صرحت في غير مناسبة انها تنفق عبر هذه الموائد جزءاً من زكاة مالها وتعبر عن شكرها وامتنانها لله لأنه انقذها من الموت شبه المحقق في حادث السيارة الشهير عام 1989 وساعدها على العودة مرة اخرى الى التمثيل والاستعراض بعد ان كان اكثر المتفائلين يأملون في مجرد وقوفها على قدميها مرة اخرى. وكانت شريهان سافرت الى لندن مع زوجها رجل الاعمال الاردني علاء الخواجة لاجراء مجموعة من الفحوصات الطبية للاطمئنان الى صحتها وهي تستعد لاستقبال ولدها الاول. ولم تستطع شريهان ان تمضي الشهر الفضيل كله في القاهرة، فقد نصحها الاطباء الانكليز بالخلود الى الراحة خصوصاً انها تحمل جنينها الاول. غير انها اوصت قبل مغادرتها العاصمة المصرية باقامة "موائد الرحمن" وفق الترتيبات ذاتها التي درجت على اتباعها في السنوات الماضية، وأشرف خال الممثلة شخصياً على تنفيذ هذه الرغبة. واضافة الى فيفي عبده وشريهان هناك آخرون يحرصون ايضاً على اقامة "موائد الرحمن" في رمضان على نطاق أضيق. فمثلاً تدعو نبيلة عبيد كل عام حشداً من الاصدقاء الفنانين ورجال الاعمال الى سحور كبير. كما يستضيف محمود عبد العزيز سنوياً أهل حي "الورديان" مسقط رأسه بالاسكندرية على مائدة افطار جماعي. و تقيم الفنانات المعتزلات، مثل سهير البابلي وشمس البارودي وسهير رمزي، ايضاً "موائد الرحمن" الخاصة بهن التي تكون عادة اقل بذخاً من موائد اخرى وتقتصر على السيدات المحجبات. لكن الممثلة المعتزلة هدى رمزي ابتكرت طريقة مختلفة لاقامة "موائد الرحمن"، اذ وزعت طوال ايام شهر الصوم وجبات افطار جاهزة على جنود المرور والحراسة في منطقة الجزيرة القريبة من بيتها في حي الزمالك.اما الممثل فاروق الفيشاوي فقد اتفق مع الممثل سامي العدل شريكه في مطعم يملكانه في منطقة المهندسين ، على تخصيص عدد من وجبات الافطار والسحور يوميا لمن لا يستطيع تحمل ثمنها. ومن ناحية اخرى، سألنا شيخ الجامع الازهر الدكتور محمد سيد طنطاوي عن رأي الشرع في موائد الرحمن التي يقيمها الفنانون في رمضان خصوصاً ان الحديث يكثر حالياً عن الحلال والحرام في اموال اهل الفن. ومع ان فضيلته لم يعطِ حكماً قاطعا في ذلك فهو لم يحّرم الموائد . وقال الله هو الذي يحاسب هؤلاء الذين يقيمون المآدب حسب نياتهم واعمالهم، فاذا كانت اموالهم حلالا قبلت منهم صدقتهم، واذا كانت غير ذلك فالله اعلم بها، والفن في ذاته مثل اي شيء.. حلاله حلال.. وحرامه حرام.