وأخيراً فرض البريطاني لينوكس لويس بطل العالم في الملاكمة للوزن الثقيل تصنيف المجلس العالمي للملاكمة نفسه على الاميركيين وأحدث انقلاباً مدوياً بعد اسقاطه متحديه البولوني اندرو غولوتا بالضربة القاضية في الجولة الاولى من المباراة التي اقيمت بينهما في اتلانتيك سيتي في الولاياتالمتحدة وحضرها جمهور كبير معظمه من البولونيين. ولم تستغرق المباراة اكثر من 95 ثانية نقل على اثرها غولوتا الى المستشفى حيث تبين ان وضعه الصحي لا يدعو الى القلق. يملك لويس 32 عاماً سجلاً حافلاً بالانتصارات يحسده عليه أي ملاكم فهو كمحترف فاز في ثلاثين مباراة من اصل 31 خاضها، منها 27 بالضربة القاضية ولم يخسر سوى مباراة واحدة امام اوليفر ماكويل الذي سقط لاحقاً ضحية المخدرات. وانتزع لويس يوم كان هاوياً ذهبية الملاكمة في الوزن الثقيل في اولمبياد سيول 1988 من ريديك بوي الذي اصبح فيما بعد بطلاً للعالم. ورغم هذا السجل العظيم فان النقاد الاميركيين ينظرون اليه كملاكم هاوٍ ومنظمي مباريات الملاكمة يتجاهلونه في اللقاءات الكبرى، وأبطال العالم في الملاكمة يتحاشون لقاءه بدءاً بريديك بوي الذي كان يفترض ان يسعى الى لقائه بدافع الثأر بعدما أسقطه لويس بالضربة القاضية في الجولة الثانية في نهائي اولمبياد سيول، مروراً بمواطنه فرانك برونو الذي هزمه لويس بالضربة القاضية، وانتهاء بمايك تايسون الذي آثر دون كينغ منظم حفلاته ان ينظم له لقاءات مع أبطال لا هم في العير ولا في النفير قبل ان يسقط مرتين امام ايفاندر هوليفيلد. ان ما حققه لويس في اتلانتيك سيتي يتعدى كونه فوزاً خاطفاً ومستحقاً على ملاكم عرف بشراسته وقوته الوحشية، إذ اثبت لمنتقديه وللمشككين في قدراته انه ملاكم فذ، وانه من معدن الكبار في الملاكمة، كما اثبت انه لا يقف طموحه عند حد الدفاع عن لقبه العالمي بنجاح، بل يتطلع الى لقاء الفائز في مباراة الاميركي ايفاندر هوليفيلد بطل العالم تصنيف الجمعية العالمية والاميركي الآخر مايكل مورر بطل العالم تصنيف الاتحاد العالمي في 8 تشرين الثاني نوفمبر المقبل، رغبة منه في توحيد اللقب العالمي. ومما لا شك فيه ان فوزه الرائع على غولوتا سيمهد امامه الطريف الى لقاء القمة في الملاكمة وسيبدد تحفظات منظمي الحفلات وفي طليعتهم دون كينغ ودونا دوفا على اعتبار انه سيكون الدجاجة التي تبيض لهم ذهباً. وهكذا في 95 ثانية فقط غيَّر لويس جلده وملامحه وتغيرت نظرة اوساط الملاكمة اليه بعدما اكتشفت فجأة مواهبه الخفية وطاقاته الدفينة. وسبقت مباراة لويس - غولوتا تصريحات نارية تبادلها معسكرا الطرفين وهي من طبيعة الحملات الدعائية لتسويق اللقاء واجتذاب الجمهور ولعل اطرف تلك التصريحات ما جاء على لسان ايمانويل ستيوارت مدرب لويس اذ قال: "أيسر للمرء ان يتصور جامايكيا يصل الى سدة البابوية من ان يتصور بولونياً بطلاً للعالم في الملاكمة" وهو بذلك يغمز من قناة البولوني غولوتا مؤكداً ان حظه في التغلب على لينوكس لويس كحظ ابليس في الجنة. ويبدو ان لويس قد استعد جيداً لهذا اللقاء الذي وجد فيه فرصته الاخيرة لاثبات مقدرته قبل ان يفوته قطار الملاكمة ونجح في ذلك كل النجاح اذ محا الصورة التي علقت في اذهان الاميركيين عنه بعدما سيطر على مجريات اللقاء منذ اللحظة الاولى، وكال لكمات مباشرة وخطافية لمنافسه الذي سقط مرتين في 95 ثانية ما اضطر الحكم جو كورتيز الى وقف المباراة واعلان لويس فائزاً بالضربة القاضية، علماً ان هذا الاخير كان يمكنه الفوز من دون قتال لأن منافسه تأخر عشرين دقيقة عن اعتلاء الحلبة لاسباب لا تزال مجهولة، وكان من حق لويس ان يعلن فائزاً لو أصرَّ على حقه لكنه آثر الدفاع عن لقبه دفاع الابطال فكان له ما أراد. ان انتصار لينوكس لويس اعاد الى مباريات الملاكمة في الوزن الثقيل بعض وهجها والى عشاق "الفن النبيل" بعض الثقة بهذه الرياضة التي اصبحت "مشبوهة" في نظر الكثيرين لفرط ما شهدت من مهازل ومن مباريات مفخخة خصوصاً انه لم تغب عن اذهانهم بعد مباريات مايك تايسون بعد خروجه من السجن. ومباراة لويس بالذات امام اوليفر ماكويل التي شرشحت الملاكمة وأثارت الاستهجان. والتعليقات التي أعقبت مباراة لويس - غولوتا خير دليل على ما نقول ومنها ما أعلنه دونا دوفا منظم حفلات الملاكمة المشهور: ان مباراة اللقب العالمي الموحد ستقام في بداية السنة القادمة بعدما أثبت لويس ما كان يعتقده البعض احياناً، وهو انه من افضل الملاكمين في العالم"، ولم يتردد لو دوفا مدرب غولوتا في القول: "ان لينوكس لويس أفضل ملاكم في الوزن الثقيل خارج الولاياتالمتحدة" في حين أعلن مايكل مورر: "عليّ مقابلة لويس في أول فرصة ممكنة وإلا فليس من حقي ان اعتبر نفسي بطلاً للعالم في الملاكمة" .