قبل ثلاثين عاماً، كنت طفلاً صغيراً، لكنني لا زلت اذكر تماماً احاديث بعض الاقارب عن عائلات فقيرة كانت وجبة غذائها عبارة عن سردين او سندويشة مرتديلا بدلاً من اللحوم والطعام المطهو. اما اليوم فقد اصبح السردين أو اللحوم المجففة طعام الاغنياء واصحاب الدولارات فقط! وقبل عشرين سنة كنا نرثي لحال بعض الاقارب الفقراء لانهم لا يأكلون اللحم ويكتفون بالخضار المقلية مثل الكوسا والباذنجان والبطاطا. اما الآن فأصبحت هذه الخضار من طعام الطبقة المتوسطة وحُرم منها الفقراء بسبب غلاء اسعار الزيت والخضار! وفي الثمانينات كانت سندويشة الفلافل أو صحن الفول أو الحمص من طعام الفقراء ولكنها صارت حالياً من طعام الموظفين وصغار الكسبة ممن لا يتجاوز دخل بعضهم اليومي 5 دولارات. ولكن بعد غلاء اسعار الخبز في غالبية الدول العربية، سواء بشكل علني واضح كما حدث في الأردن، او بشكل خفي وتدريجي ناهيك عن تلوث مياه الشرب وشح المياه بسبب الجفاف والانفجار السكاني فان الغالبية الفقيرة المسحوقة في العالم العربي سوف تحرم من رغيف الخبز الطازج والشهي وهي كوب الشاي النظيف الخالي من الزيوت والشوائب! وعندها فان السلام الاجتماعي الهش في العالم العربي سيتعرض للخطر، ولن ينفع معه القاء المسؤولية على جهات خارجية، كما يحصل في السودان والعراق... بل نحن من يجب ان يتحمل المسؤولية الاساسية. ان هذا الكلام قد يبدو غريباً على المواطن العربي في الدول العربية التي انعم الله عليها بالنفط، ولكن سيؤكده كل مواطن عربي فقير في الدول العربية الاخرى من لبنان والعراق شرقاً الى موريتانيا غرباً. فيا حكام العالم العربي ارجوكم ان تبقوا لطبقاتنا الفقيرة خبزها اليومي فهو آخر ما تبقى لها قبل ان تفقد صبرها الذي طال طويلاً. وربما تم انشاء صندوق مالي عربي لدعم سعر الخبز في العالم العربي كله وتوحيد اسعاره منعاً لتهريبه من دولة الى اخرى لان الاضطرابات التي قد تحدث في دول عربية فقيرة ستؤثر على الدول الاخرى. بسام نصري الخوري جمهورية المانيا الاتحادية