أعلنت اثيوبيا عن عزمها بناء سدين على النيل الأزرق ونهر أَتبَرة وهما من أهم روافد النيل، في وقت لا تزال تتفاعل مشكلة مياه الفرات التي أثارتها تركيا مع سورية والعراق، وأعاد ذلك قضية المياه لتحتل مكاناً في صدارة الاهتمامات العربية. غير ان تزامن المشكلتين يكتسب هذه المرة، بعداً اضافياً مهماً من زاوية حضور اسرائيل سواء عبر اتفاقها العسكري مع تركيا أو عبر مشاركة خبرائها في خطط أثيوبيا. والأرجح ان اعلان اثيوبيا عن عزمها بناء سدين على مجرى نهري النيل الأزرق وأتبرة، لن يبلغ مرحلة الانفجار في المدى القريب على الأقل. صحيح ان الاعلان فاجأ القاهرة عبر وكالات الأنباء قبل أسبوعين من دون مفاتحة ثنائية كانت مفترضة، الا ان الباب المفتوح لتنامي العلاقات السياسية والاقتصادية بين مصر واثيوبيا يشكل عنصراً كابحاً لتفجر المشكلة. وصحيح ايضاً ان البنك الدولي أعلن موافقته على تمويل السدين اللذين ستنفذهما شركة ايطالية، كما ان وزير المال الاثيوبي أعلن قبل أيام ان بلاده غير ملزمة بالحصول على موافقة دول حوض مصب النيل، الا ان الحفاظ على الاستقرار والأمن الاقليمي يشكل عنصراً يدفع الى التأجيل والبحث عن حلول اخرى. ديبلوماسية المياه للنيل في مصر اهمية استثنائية، شدّد عليها وجود كل منابعه خارج حدودها. لهذا حفر النيل بصمة لا تمحى في السياسة الخارجية المصرية في كل العهود. ولعب دوراً مركزياً في صياغة ما يمكن تسميته "ديبلوماسية المياه"، وما تفرضه من ضرورات المرونة والمهادنة - بكيفية ما - في القرار المصري وتعاملاته مع الصراعات الداخلية والاقليمية والدولية في منطقة حوض النيل وتخومها أياً كانت الاتجاهات السياسية لدولها. وكل خروج على هذه الصياغة، استثناء يؤكد القاعدة. واذا كان النيل مصدراً للنعم على مصر، فهو أيضاً مصدر القلق والحرج والخطر معاً. وذلك ان كل تحرك في الجنوب قد يغير من طبيعة مجرى النهر أو حركة وحجم تدفق المياه فيه، يسبب حالة عصبية في الشمال بمصر. لأنه يذكرها بنقطة الضعف في جغرافيتها السياسية، ويهدد حاجتها المتصاعدة للمياه لتلبية مشاريع التنمية ولمواجهة حاجتها الغذائية امام النمو السكاني. والواقع ان الاعلان عن خطط اقامة سدود على النيل في اثيوبيا دائماً وثيق الصلة بتطورات سياسية مصرية غالباً أو سودانية أحياناً، لا يرتاح اليها حلفاء اثيوبيا الغربيون - خصوصاً واشنطن. حدث ذلك العام 1959 رداً على اتجاه مصر لبناء السد العالي بتمويل سوفياتي بعد العدوان الثلاثي اثر تأميمها شركة قناة السويس. وقد اعدت بيوت الخبرة الأميركية والألمانية الغربية خطة أعلنت عنها آنذاك حكومة الامبراطور هيلا سلاسي العام 1964 باسم "مشاريع بحيرة تانا ومنطقة بيليز العليا" واقترحت الخطة التي طورت مراراً بعد ذلك بناء نحو 34 سداً يقع بعضها على حوض أنهار النيل الأزرق وأتبرة والسوباط لتحويل 400 الف هكتار الى أراض مروية رياً دائماً ولتوليد الطاقة الكهربائية. وتكرر الاعلان عن عزم اثيوبيا بناء خزانين للمياه على النيل الأزرق مقروناً بموافقة البنك الدولي على التمويل، العام 1981 في اثر اعلان الرئيسس المصري الراحل انور السادات عن احتمال مد اسرائيل بجزء من مياه النيل. وتجدد ذلك في نهاية 1989 مع عودة العلاقات المصرية - العربية ثم بروز تحالف مصري - عراقي - أردني - يمني، ومع وقوع انقلاب الفريق عمر البشير في السودان الذي بدا وكأنه مرتبط بمصر. وأخيراً تجدد الأمر في النصف الثاني من حزيران يونيو الماضي مع انعقاد القمة العربية في القاهرة، ومع بدء اتصالات مصرية - سودانية لتنقية العلاقات الثنائية والتي بلغت ذروة تأزمها بمحاولة اغتيال الرئيس حسني مبارك في اديس أبابا وسط شكوك قوية في تواطؤ حكومي سوداني مع المتهمين بالمحاولة. في كل هذه المرات، انطلاقاً من حرص السياسة المصرية على دعم العلاقة مع النظام الحاكم في اثيوبيا، ايا كانت توجهاته، وانتهاجها ديبلوماسية لا تهتم بالاعلام بقدر اهتمامها بقنوات الاتصال المباشرة مع اديس ابابا من جهة والبنك الدولي من جهة أخرى ودوائر التأثير الدولي والافريقي، امكن تجميد المشاريع الاثيوبية عند اثارتها في كل مرة. وليس سراً أن تجدد الاعلان هذه المرة قبل اسبوعين، في وقت لا تزال تتفاعل مشكلة مياه الفرات التي أثارتها تركيا مع سورية والعراق، أعاد قضية المياه لتحتل مكاناً في صدارة الاهتمامات العربية. بل ان تزامن المشكلتين يكتسب هذه المرة، بعداً اضافيا مهماً من زاوية حضور اسرائيل سواء من خلال اتفاقها العسكري مع تركيا او من خلال مشاركة خبرائها في خطط اثيوبيا. وعلى الأثر بدأت ديبلوماسية المياه المصرية التحرك على ثلاث جبهات: جبهة العلاقات مع أديس ابابا، وجبهة العلاقات مع البنك الدولي في واشنطن، وجبهة عواصم دول حوض النيل، خصوصاً الخرطوم للتشاور بحكم الاتفاقات الثنائية والجماعية التي تحدد حصة كل دولة من مياه النهر. وهكذا كفت جهات الاهتمام السياسية المصرية الأخرى عن الحديث، وكمنت في حالة من الترقب والحذر والانتظار. وبرغم إثارة إعلان اثيوبيا عن إنشاء السدين مخاوف من تأثير المشروع على حصة مصر من مياه النهر 55 مليون متر مكعب سنوياً 85 في المئة منها من مياه النيل الازرق، إلا أن الهدوء والتريث والحرص على عدم إثارة المشاكل يميز التحرك المصري. فقد طلبت القاهرة من أديس أبابا إيضاحات حول المشروع إلا أن اثيوبيا لم تطلع مصر بعد على كل التفاصيل. واكتفت بالتأكيد على أن المشروع لن يؤثر على حصة مصر من مياه النهر. ورغم الايضاحات، أكد مصدر مصري في وزارة الخارجية لپ"الوسط" أن القاهرة ستظل تتابع التطورات لاتخاذ الموقف المناسب، وستتعاطى مع الايضاحات الاثيوبية بكل حسن نية. لكنه لفت في الوقت نفسه إلى "أن ما أعلنته اثيوبيا يعد مخالفة صريحة لاتفاقية 1902 التي تعهدت فيها دولتا المنبع اثيوبيا والمصب مصر عدم تنفيذ أي مشاريع إلا بعد التشاور مع البلدين حول كل الجوانب الفنية المتعلقة بهذه المشاريع، كما يعد مخالفة لاتفاقية 1925 بين بريطانيا ممثلة لمصر وايطاليا ممثلة لأثيوبيا، والتي تعهدت الأخيرة فيها عدم القيام بأي عمل من شأنه تعديل حجم المياه في نهر النيل". وقال المسؤول المصري لپ"الوسط": إن ما قاله وزير المال الاثيوبي خلال إحدى جلسات البرلمان عن ان بلاده غير ملزمة الحصول على موافقة دول حوض النهر والمصب بدعوى أن المعاهدات السالفة وضعت زمن الاستعمار باطل قانوناً بسبب مخالفته ميثاق منظمة الوحدة الافريقية الذي اكد احترام المعاهدات التي ابرمت قبل الاستقلال، وتعارضه مع معاهدة فيينا لعام 1978 في شأن التوارث الدولي للمعاهدات، ما أكسب اتفاقيتي 1902 و1925 الثقة والاستمرارية". وتابع أن الموقف المصري يتأسس على ان المشروع مخالف لأحاكم معاهدة هلسنكي لعام 1969 التي تنص على عدالة توزيع المياه بين الدول المشتركة في أنهار دولية وعلى التعاون والتشاور في شأن أي مشاريع على هذه الانهار، وامتناع أي من الدول المنتفعة من إنشاء أي خزانات او سدود من شأنها الاضرار بحصص الدول الأخرى. وزاد "المشروع الاثيوبي يخالف أيضا الاتفاقية الوحيدة التي وقعت عليها اثيوبيا وتتعلق بالمياه مع كل من مصر والسودان وباقي دول حوض النهر ودول القارة. وهي اتفاقية الجزائر لعام 1968 والمعروفة باسم "الاتفاقية الافريقية للمحافظة على البيئة والموارد الطبيعية". وأوضح ان هذا المشروع يخالف المادة 14 من هذه الاتفاقية التي تنص على التشاور بين الدول المشتركة في أحواض الانهار، والمادة 16 التي تدعو هذه الدول الى التشاور في أي مشاريع. وقال: إن مصر لديها نقطة مراقبة ومراجعة لحصتها من مياه النهار في اوغندا وتراقب كل نقطة ماء من حصتها في مياه النهر. وحول الدفع الاثيوبي بأن مصر انشأت السد العالي من دون تشاور مع اثيوبيا، قال المسؤول المصري "السد العالي تم باتفاق بين مصر والسودان استناداً الى اتفاقية مياه النيل لسنة 1959 المبرمة بين الدولتين، ولا دخل لاثيوبيا به، لأن السد شيّد على أحد أفرع النيل بعد تجاوز المياه حدود اثيوبيا". واضاف: "أن كل جوانب الموقف المصري ابلغت لحكومة اثيوبيا والبنك الدولي الذي قرر تمويل المشروع". ويمكن ارجاع الحذر المصري في التعاطي مع ايضاحات اثيوبيا الى سوابق الاخيرة منذ استقلالها ورفضها الدخول في اتفاقات مع اي من دولتي المصب مصر والسودان أو الإعلان الرسمي منذ ذلك الوقت وحتى الآن عن إلتزام المعاهدات السابقة للاستقلال او الانضمام الى منظمة اندوجو تجمع دول حوض نهر النيل التي أسست العام 1983. والحصول فقط على وضع المراقبة بسبب عدم الارتباط بأي اتفاقات ملزمة. ولفت المسؤول المصري الى أن بلاده تقدمت العام 1990 إلى كل من اثيوبيا والسودان بمشروع انشاء خزان في بداية بحيرة تانا لاستغلال تجمعات الامطار المهدرة وتخزينها قبل أن تصل إلى البحيرة. وتقسيم مياه الخزان المقترح بين الدول الثلاث. وحمل المواقف السياسية وقتها مسؤولية عدم الاهتمام بالمشروع. ودعا حكومتي اثيوبيا والسودان مجددا الى بحث المشروع وإنشاء مؤسسة مشتركة تدرس حوض النهر لتنمية موارد المياه لصالح جميع الأطراف ومن دون الاضرار بأي منها. وعلى رغم عدم حصول مصر على الايضاحات الكافية، إلا أن خبراء مصريين اعدوا تقريرا للقيادة السياسية حول المشاريع الاثيوبية ذكر ان اثيوبيا تسعى من خلال انشاء السدين، كنواة لمشاريع انشاء خزانات اخرى مستقبلا، الى توليد الكهرباء بقدرة 30 مليون كيلو واط/ ساعة 4 اضعاف قدرة السد العالي وزيادة الاراضي القابلة للزراعة بحوالي مليون فدان منها 137 الف فدان صنفت باعتبارها الدرجة الأولى و330 الف فدان في الدرجة ثانية، وتخزين ستة بلايين متر مكعب من المياه حول بحيرة تانا ورواق ننشا والرهد والدندر وبليس ودابوس ويدسا. ويقدر الخبراء ايراد اثيوبيا من المياه بعد انشاء السدين بنحو نصف بليون متر مكعب من المياه من النيل الازرق ومئة الف متر مكعب مياه من نهر أتبرة. وستؤدي هذه الاستقطاعات - إن حدثت - الى ارتباك في كمية المياه الواصلة الى السودان ومصر. وجدير بالذكر أن "الوسط" اتصلت بسفير اثيوبيا في القاهرة لاستطلاع وجهة نظر بلاده. غير أنه اعتذر عن الادلاء بأي حديث أو تصريحات أو الاجابة على أية اسئلة، قائلا إنه يفضل معالجة مثل هذه المسائل بعيدا عن الاعلام. جبهة البنك الدولي على صعيد البنك الدولي، جرت اتصالات ابلغت خلالها مصر البنك باتفاقية 2901 وزودته نسخة منها لتجنب التورط مستقبلا في اي مشاريع قد تنشأ عنها خلافات يصبح معها البنك بحكم تمويله طرفاً فيها. اشار المسؤول المصري الى ان هناك سوابق تراجع فيها البنك عن التمويل منها توقفه اخيرا عن اقراض أنقرة لتنفيذ مشاريع مائية في شرق تركيا، بعدما ثبت للبنك ان ما ستقوم تركيا بتنفيذه على نهر الفرات يتعارض مع انظمة وقوانين دولية خاصة بالمياه الجارية أقرت في هلسنكي. وتعد رسالة الاحتجاج المصرية الى البنك الدولي الحادث الثالث من نوعه خلال الپ15 سنة الاخيرة. ففي 1981 تقدمت حكومة الرئيس السادات بمذكرة احتجاج الى البنك الدولي على قراره تمويل مشروع انشاء خزانين على النيل الازرق. ثم تقدمت حكومة الدكتور عاطف صدقي العام 1989 بمذكرة احتجاج شديدة اللهجة الى البنك الدولي والبنك الافريقي للتنمية بسبب موافقتهما على تمويل مشروع اثيوبي لانشاء خزان على النيل الازرق بحجة توفير 78 مليون متر مكعب من المياه سنويا تمثل 5،1 في المئة من مجمل مياه فيضان النيل الازرق لتأثير المشروع على حصة مصر ولمخالفته اتفاقية 1902. وأدى الاحتجاج المصري في الحالتين الى التراجع عن التمويل. وتحفظ المسؤول المصري عن دعوة البنك الى عقد مؤتمر دولي عن المياه في الشرق الاوسط وشمال افريقيا. وقال ان موضوع المياه تبحثه عادة لجنة المياه المنبثقة عن المفاوضات متعددة الاطراف. وشدد على "أنه حتى في ظل هذا الوضع فنهر النيل خارج أي مؤتمرات او مفاوضات دولية او ذات طابع دولي لأن هناك اتفاقات ثنائية وجماعية اكتسبت الصفة الدولية تنظم حقوق دول حوض النهر". وقال مسؤول في البنك الدولي لپ"الوسط" إن موافقة البنك المبدئية على تمويل مشروع انشاء سدين في اثيوبيا تأتي ضمن دعوة البنك دول مصاب ومنابع الانهار الى تبني استراتيجيات لاستخدام الموارد المائية بشكل افضل، والعمل المشترك في حل المشاكل المرتبطة بالمياه، والى عقد مؤتمر دولي حول المياه يعقد مطلع عام 1997، ودعوة الدول المانحة الى تقديم المساعدات المباشرة. وتقديم البنك الدولي التمويل اللازم ولانشاء مشاريع تحل المشاكل الناجمة عن التنازع على المياه. وأشار المسؤول الى ان دعوة البنك الى عقد المؤتمر كانت بندا في المحادثات التي اجراها رئيس البنك جيمس وولفنسون خلال زيارته عددا من دول المنطقة، منها مصر، في اذار مارس الماضي. لكن المسؤول اشار الى ان الدعوة واجهت اعتراضات وتحفظات عربية ومصرية استنادا الى ان موضوع المياه مطروح ضمن المفاوضات متعددة الاطراف في لجنة المياه المنبثقة عن مؤتمر موسكو في ايار مايو 1992. ولم يخف المسؤول الدولي ان دعوة البنك تعد احياءً لدعوة الرئيس التركي الراحل تورغوت اوزال العام 1991 لعقد مؤتمر قمة حول المياه في الشرق الاوسط - مع بعض التطوير - وهي الدعوة التي لم تحقق لرفض غالبية الدول العربية مشاركة اسرائيل في مثل هذه القمة قبل تحقيق السلام العادل والشامل. واوضح ان البنك لا يتدخل في الخلافات السياسية بين الدول المشتركة في انهار دولية. ويتجنب الدخول في الصراعات حول اقتسام المياه، بل تقتصر دراسته لأي مشروع يتلقاه في شأن المياه على النواحي الفنية وبالتعاون مع الخبراء المحليين. وحول احتمالات ان يسحب البنك موافقته على تمويل مشروع انشاء السدين في اثيوبيا على غرار ما حدث مع تركيا، ذكر المسؤول ان البنك سيدرس اي مقترحات او دراسات فنية تتعلق بالمشروع نفسه تَرِدُ إليه مؤكدا ان البنك الدولي "حريص على عدم التدخل بأي شكل من الاشكال في الصراعات او الخلافات حول اقتسام موارد المياه". من ناحية اخرى اكد تقرير بعثة تقصي حقائق اوفدها برنامج الاممالمتحدة للتنمية الى دول حوض النيل، اطلعت "الوسط" على نسخة منه، أن هناك فائضاً من مياه النهر غير مستغل بسبب ضعف الامكانات الفنية، وعدم توافر السيولة النقدية لدى حكومات معظم هذه الدول - ومنها اثيوبيا - لتنفيذ مشاريع تستغل هذا الفائض. كما اكد التقرير وجود "محاولات لاقامة مشاريع محددة تحقق عائدا ضعيفا ولأجل غير طويل". لكنه نبه الى ان أي مشاريع للاستخدام الامثل للمياه تتحقق من خلال "تعاون جماعي بين دول حوض النيل"، مشيرا الى ان برنامج الاممالمتحدة على استعداد لدراسة أي مشاريع تقترحها دول حوض نهر النيل وتمويلها ودعوة الدول المتقدمة الى المساهمة في تنفيذها. جبهة التشاور العربي بحكم اتفاقات 1929 و1932 بين مصر والسودان وبريطانيا، ومعاهدة 1959 بين مصر والسودان في شأن اقتسام مياه النيل، جرت اتصالات بين الجهات المعنية في البلدين للتنسيق في التعاطي في شأن المشروع الاثيوبي في اطار الشراكة في حوض نهر النيل، ولمطالبة حكومة اثيوبيا باحترام الاتفاقات المبرمة. وتعد وزارتا الخارجية والموارد المائية والري في مصر والسودان لاجتماعات مشتركة قريبا. وعلى صعيد الجامعة العربية يتضمن جدول اعمال مجلس الجامعة على مستوى وزراء الخارجية الذي سيعقد في 16 ايلول سبتمبر المقبل بندا حول المياه ضمن تقرير مقدم من لجنة الموارد المائية التي شكلها مجلس الجامعة عام 1992، يوصي بانشاء لجنة عربية على مستوى وزراء الخارجية والوزراء المعنيين بالموارد المائية في الدول الاعضاء لوضع استراتيجية مياه عربية وانشاء مركز عربي للدراسات المائية. وعلمت "الوسط" ان الامين العام للجامعة الدكتور عصمت عبدالمجيد سيدعو مجددا الى عقد قمة عربية استثنائية تعقد خصيصا لبحث موضوع المياه والتهديدات التي تتعرض لها بعض البلدان العربية في هذا الشأن. وفي الوقت الذي لم يرد فيه ذكر اسرائيل في مواقف رد الفعل المصرية او السودانية تجاه المشاريع الاثيوبية، الا ان تقريرا للادارة العسكرية في الجامعة العربية اشار الى "المخاطر التي قد تتعرض لها مصر والسودان من جراء قيام اثيوبيا بتنفيذ مشاريع على مجرى النهر". وقال ان مصدرها "محاولات اسرائيلية لاختراق امن البلدين طبقا لاستراتيجيتها الافريقية سعيا وراء اجبار مصر على قبول مشروعها بتزويد اسرائيل بقناة من مياه النيل". واتهم التقرير اسرائيل بپ"التخطيط لمساعدة اثيوبيا على بناء سدود على النيل الازرق لانقاص ايراد مصر والسودان، ودعم حركة التمرد في جنوب السودان لبث الاضطرابات في حوض نهر النيل، مما عطل استكمال مشروع قناة جونقلي".