اختتم وزراء المياه في دول حوض النيل اجتماعهم أول من أمس من دون التوصل إلى حلحلة في قضية تقسيم المياه، إذ أصرت مصر والسودان على رفضهما توقيع «اتفاق إطاري» لتجاهله «حصتهما التاريخية» في المياه باعتبارهم دولتي المصب، ما أدى إلى إرجاء توقيع الاتفاق لمدة ستة أشهر لمزيد من التشاور في شأن النقاط الخلافية. وقالت مساعدة وزير الخارجية المصري للشؤون الأفريقية السفيرة منى عمر أن وزراء المياه لتسع دول (السودان ومصر وإثيوبيا وروندا وتنزانيا وأوغندا وبوروندي وكينيا والكونغو) إضافة إلى أريتريا التي شاركت كمراقب للاجتماع الذي عقد لمدة أربعة أيام في محافظة الإسكندرية الساحلية - قرروا إرجاء التوقيع على معاهدة جديدة لتقسيم مياه النيل لمدة ستة أشهر وذلك لمزيد من التشاور حول النقاط الخلافية. وأكدت في تصريحات خاصة إلى «الحياة» أن الخلافات بين مصر والسودان ودول المنبع ليست حول حصة مصر من المياه، وإنما مرتبطة بإصرار مصر والسودان على وضع بنود الاتفاقات الدولية في هذا الشأن في «المعاهدة الإطارية»، وهو ما ترفضه بقية دول حوض النيل إذ تعتبر تلك الدول أن الاتفاقات الدولية كانت في الحقبة الاستعمارية ولا تُطبق الآن. وبدت الخلافات واضحة بين مصر والسودان (دولتي المصب في حوض النيل) من جهة وبقية دول حوض النيل من جهة أخرى (دول المنبع) عندما رفضت الدولتان في اجتماع عقده مجلس وزارء المياه لمجموعة دول حوض النيل في نهاية الشهر الفائت في العاصمة الكونغولية كنشاسا، توقيع «اتفاق إطار» قانوني لمعاهدة دول الحوض، إذ أصرت مصر والسودان على تضمين الاتفاق ثلاثة بنود تتحفظ عليها بقية الدول، وهي: الاعتراف بحقوق مصر والسودان في استخدامات مياه النهر وفقاً للمعاهدات الدولية بصرف النظر عن أنها وقعت خلال الفترة الاستعمارية، وضرورة الإخطار المسبق لدول المصب بأي إنشاءات ومشاريع تُقام على النهر وفروعه بما يضمن تدفق مياهه، وأخيراً التزام كل دول حوض النيل باحترام قاعدة التصويت بالإجماع عند النظر في تعديل أي من البنود الأساسية للاتفاقية التي تمس مصالح دول الحوض وأمنها المائي. أما البنود الأخرى الأقل أهمية فيمكن التصويت عليها وفق قاعدة الغالبية المطلقة على أن تكون دولتا المصب (مصر والسودان) ضمن هذه الغالبية المطلقة. وقالت السفيرة منى عمر ل «الحياة» إن القاهرة ستسعى خلال الأشهر الستة المقبلة إلى تقارب في وجهات النظر «حتى نصل إلى توقيع الاتفاق، ومن الممكن أن تتنازل مصر عن بعض البنود بشرط عدم الإضرار بمصالحها». وأوضحت عمر أن بلادها ستوفد بعثة ل «طرق الأبواب» إلى إثيوبيا يرأسها رئيس الحكومة الدكتور أحمد نظيف في مطلع تشرين الأول (أكتوبر) المقبل حيث يتم التحاور مع الحكومة الإثيوبية حول كيفية تدعيم التعاون بين البلدين بما يقلل من الإهدار في مياه النيل. وقالت: «نعتبر إثيوبيا من أهم بلدان حوض النيل ويوجد بالفعل بيننا تعاون وشراكة نسعى إلى تطويرهما، ونقوم بوضع دراسات لدعم إثيوبيا بالخبرات الفنية لتدشين سدود على المجرى المائي للنيل للحد من الإهدار في المياه». وتمثل حصة المياه بالنسبة إلى مصر أهمية قصوى لا تقبل المواربات خصوصاً مع تحذير خبراء من أن البلد الذي يعيش معظم سكانه على مياه النيل قد يدخل مرحلة الشح المائي قريباً نتيجة للإسراف في استخدام المياه وكذلك بسبب النمو السكاني المتزايد.