في "دار كشمير"، وسط اسلام اباد، يقضي رئيس وزراء كشمير سردار عبدالقيوم وقته في تعبئة الكشميريين لافشال الانتخابات التي تعتزم الحكومة الهندية اجراءها هناك في 30 أيار مايو الجاري. ويبدو واثقاً من أنها ستلقى المصير نفسه الذي لقيته سابقاتها، إذ لم تتعد نسبة المشاركة فيها 2 في المئة. ويرى المسؤول الكشميري أن تلك المواقف تأتي في نطاق عزم سكان كشمير على الاستمرار في كفاحهم للحصول على حقهم في تقرير المصير والانضمام الى اخوتهم الباكستانيين. ويبدو عبدالقيوم متفائلاً بأن المجتمع الدولي، خصوصاً القوى الكبرى وفي مقدمها الولاياتالمتحدة، ستولي الملف الكشميري أولوية في السنوات المقبلة، "إذ ان الاضطهاد الذي يتعرض له الكشميريون منذ سبع سنوات وأعمال القتل والاعتقال التي شملت عشرات الآلاف حولت وديان كشمير وسهولها وجبالها الى معتقلات وثكنات عسكرية اذ يزيد عدد الجنود الهنود الذين يتناوبون على تطبيق سياسة الحديد والنار الهندية فيها على 700 ألف جندي". التقت "الوسط" رئيس وزراء كشمير في مقره في العاصمة الباكستانية حيث أجاب عن اسئلتها في هذه المقابلة: ما هي الخطوات العملية التي تنتظرون من الولاياتالمتحدة اتخاذها في المستقبل القريب لحل مشكلة كشمير؟ - نأمل ان تقدم واشنطن على منع تزويد الهند المساعدات العسكرية التي تطلبها، خصوصاً أن نيودلهي كانت تعتمد في تسليحها على موسكو أثناء الحرب الباردة، كما ان من شأن أي اجراءات اقتصادية تتخذها منظمات دولية أن ترغم الحكومة الهندية على اعادة النظر في موقفها تجاه كشمير. احتاج العالم الى سنوات عدة لمعرفة الألاعيب الهندية التي حاولت اخفاء حقيقة ما يجري على أرض كشمير. ان تصوير الكشميريين باعتبارهم شعباً مخالفاً للقوانين أمر ليس صحيحاً، اذ ان حقوقنا ومطالبنا سبق أن أقرتها الأممالمتحدة، وهناك قرارات دولية تتحدث عن حق الكشميريين في تقرير مصيرهم. والذي يعطينا الأمل في احتمال تحرك أميركي في المستقبل ان الولاياتالمتحدة رفضت الاعتراف بكشمير باعتبارها جزءاً من الهند الأمر الذي يخالف الخطوات التي خطتها دول غربية، خصوصاً تلك التي تتعامل مع قضية كشمير باعتبارها نزاعاً بين الهندوباكستان على أراضٍ، في حين تقول الولاياتالمتحدة ان تسوية أزمة كشمير يجب أن تتم حسب رغبة سكانها. وقد بدأ التعاطف مع قضيتنا يتنامى في دول غربية عدة خلال السنوات الماضية، اذ وقّع أكثر من 100 نائب بريطاني عريضة تدعو الحكومة البريطانية الى اتخاذ موقف ايجابي يراعي حق الكشميريين في تقرير مصيرهم. وفي الدول العربية والعالم الاسلامي بدأنا نشاطاً من خلال منظمة المؤتمر الاسلامي لتكوين مجموعات اتصال تتولى التنسيق ودعم كل الجهود التي تبذل لكسب الرأي العام العالمي لمصلحة قضيتنا. ما الذي سيفعله الكشميريون إذا شعروا بأن المجتمع الدولي لم يقم بأي عمل جاد لحل قضيتهم؟ - سيستمرون في نضالهم، اذ لن يكون أمامهم خيار سوى ذلك، كما أنني لا أتوقع أي تغيير في العلاقات بين باكستانوالهند تجاه هذه القضية، والأمر الذي يعني أن التوتر على جانبي الحدود سيتفاقم، مما يترك الاحتمالات قائمة في شأن نشوب حرب لا يعرف أحد نتائجها وابعادها. هل هذا التوتر هو الذي سيؤدي الى نشوب حرب في المستقبل القريب؟ - الحرب قد تنشب في أي لحظة، اذ أن الحكومة الهندية ترفض اتخاذ أي خطوة من شأنها نزع فتيل التوتر، وتتجاهل كل النداءات التي وجهت اليها للتوقف عن بناء ترسانتها النووية، أو على الأقل السماح للهيئات الدولية المعروفة بالاطلاع على نشاطاتها النووية، اضافة الى ان هناك تجارب واختبارات شبه دائمة تجريها الحكومة الهندية لتطوير قدراتها العسكرية. الى أي مدى تشعرون بالارتياح مما تقدمه الحكومة الباكستانية لدعم النضال الكشميري؟ - باكستان تقوم بكل ما في وسعها من دون أن تجازف بمستقبلها، واعتقد ان هناك مجالاً لزيادة جهدها لدعم قضيتنا. وقد قامت الحكومات الباكستانية المتعاقبة بجهود واسعة على الصعيدين السياسي والديبلوماسي لحض قادة الدول الكبرى على اتخاذ مواقف من شأنها إرغام الهند على الرضوخ لقرارات الأممالمتحدة المتعلقة بالقضية الكشميرية. بعيداً عن الدعم السياسي والديبلوماسي الذي تتلقونه من باكستان، هل تتوقع أن تقدم حكومة باكستان على تزويدكم أسلحة؟ - لا داعي لأن يزودونا السلاح. عندما تكون لدينا الأموال الكافية، فنحن قادرون على شراء أسلحة من أي مصدر بما في ذلك الجيش الهندي نفسه. هل يعني ذلك أنكم لا تعانون من نقص في السلاح والذخيرة؟ - لا. على الاطلاق. ما هو حجم الضرر الذي يلحقه النشاط العسكري للتنظيمات الكشميرية المقاتلة بالقوات الهندية؟ - اننا لا نسعى الى هزيمة الجيش الهندي من خلال الأسلحة التي نملكها، ولكن من خلال مقاومتنا المدنية ومقاطعتنا لمؤسساتهم المدنية نحاول افهامهم بأن وجودنا تحت سيطرتهم أمر غير ممكن. أود الاشارة كذلك الى أن عدد المدربين على السلاح في كشمير لا يتجاوز بضعة آلاف، وهذا مخالف تماماً للوجود الكشميري على الجانب الآخر من الحدود، أقصد في باكستان حيث تلقى شبابنا التدريبات والدورات العسكرية المطلوبة، ورغم ذلك تجد القوات الهندية زجّت بنحو 700 ألف جندي لضمان سيطرتها على كشمير. إذا استمرت الاعتقالات والانتهاكات الهندية، ستردون بتصعيد العمل العسكري؟ - يبقى امكان اتساع نطاق المواجهة لتشمل مقاطعات أخرى في الهند أمراً وارداً. وهل سيحصل ذلك في وقت قريب؟ - في غضون شهر أو ربما سنة. هل تسيطر القوات الهندية تماماً على الحدود بشكل لا يسمح لمقاتليكم بالتسلل؟ - من الصعب مراقبة الحدود بشكل كامل، ولهذا فإن بامكان الكشميريين التسلل خلف خطوط القوات الهندية المرابطة على الحدود. ما هو حجم الدعم الذي يقدمه اليكم العالم العربي؟ وماذا تتوقعون من بلدانه؟ - لم نطلب من العالم الاسلامي محاربة الهند، وقد أبدى عدد من الدول الاعضاء في منظمة المؤتمر الاسلامي اهتماماً بالقضية الكشميرية، واتخذت قرارات في السابق، لكنها عملياً لم تخضع للمتابعة والتنفيذ. ونود أن ننتهز هذه الفرصة لنلفت اخوتنا في تلك الدول الى أن الخطر الهندي لن يتوقف عن تهديد باكستان، بل سيتخطى ذلك ليصل الى قلب العالم الاسلامي والعربي ويتجاوز منطقة الخليج. ان باكستان دولة تقف في أول خط مواجهة مع الهند، ولهذا فإن على الدول العربية أن تأخذ خطوات جدية للضغط على نيودلهي، بالأقوال والأفعال لتأكيد قلقها حيال الممارسات الهندية. كيف تنظرون الى إصرار الهند على اجراء انتخابات في كشمير؟ - ان الكشميريين، في السابق وفي المستقبل، سيقاطعون أي انتخابات يعرفون أنها لن تجرى بشكل جدي لتخليصهم من الظلم الذي يرزحون تحت نيره. لكن الهند تتحدث عن تعاون بينها وبين بعض الفصائل الكشميرية... - ذلك الكلام لا ينطبق على أرض الواقع، اذ لا يوجد كشميري لم يعان من استمرار الاحتلال الهندي. هل أنت متفائل برؤية كشمير مستقلة في المستقبل؟ - آمل ذلك. لكن من الذي سيتجاوز خطة التقسيم التي أعدت للمنطقة؟ ولا أدري إذا كان هناك من سيقدم لهم خياراً من ذلك القبيل الذي أشار اليه سؤالك. أعني هل الكشميريين على استعداد لحمل الهندوباكستان على الاعتراف بحقهم في انشاء كيان خاص بهم في أرض كشمير؟ - إذا سنحت للكشميريين الفرصة لتقرير مصيرهم، فسينضمون الى باكستان، ولهذا فانهم يعانون. والحكومة الهندية تدرك جيداً مطامح الكشميريين.