وزير البلديات يقف على مشروع "الحي" بالمدينة    «حزب الله» في مواجهة الجيش اللبناني.. من الذي انتصر؟    تأهيل عنيزة يستضيف مؤتمر جودة حياة الأشخاص ذوي الإعاقة الدولي الشهر القادم    أمير تبوك يوجه بتوزيع معونة الشتاء في القرى والهجر والمحافظات    خبراء الكشافة: أهمية الطريقة الكشفية في نجاح البرنامج الكشفي    الأمير عبدالعزيز الفيصل يتحدث عن نمو السياحة الرياضية    انعقاد الاجتماع التشاوري للدورة 162 لمجلس الوزاري الخليجي    آل دغيم يهنيء سمو محافظ الطائف ومجتمع الطائف بهذه الخطوة التنموية    أمير تبوك يستقبل مطير الضيوفي المتنازل عن قاتل ابنه لوجه الله تعالى    "الأمن السيبراني".. خط الدفاع الأول لحماية المستقبل الرقمي    استشهاد تسعة فلسطينيين في قصف للاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة    محافظ الطوال يؤدي صلاة الاستسقاء بجامع الوزارة بالمحافظة    "محافظ محايل" يؤدي صلاة الاستسقاء مع جموع المصلين    القيادة تهنئ رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية بذكرى استقلال بلاده    الإحصاء: ارتفاع الإنفاق على البحث والتطوير بنسبة 17.4 % خلال عام 2023    اليونسكو: 62% من صناع المحتوى الرقمي لا يقومون بالتحقق الدقيق والمنهجي من المعلومات قبل مشاركتها    انخفاض أسعار النفط وسط زيادة مفاجئة في المخزونات الأميركية وترقب لاجتماع أوبك+    أمير الرياض ونائبه يؤديان صلاة الاستسقاء في جامع الإمام تركي بن عبدالله    بالتضرع والإيمان: المسلمون يؤدون صلاة الاستسقاء طلبًا للغيث والرحمة بالمسجد النبوي    محافظ صبيا يؤدي صلاة الإستسقاء بجامع الراجحي    «مساندة الطفل» ل «عكاظ»: الإناث الأعلى في «التنمر اللفظي» ب 26 %    الداود يبدأ مع الأخضر من «خليجي 26»    1500 طائرة تزيّن سماء الرياض بلوحات مضيئة    «الدرعية لفنون المستقبل» أول مركز للوسائط الجديدة في الشرق الأوسط وأفريقيا    المملكة تشارك في الدورة ال 29 لمؤتمر حظر الأسلحة الكيميائية في لاهاي    السعودية ترأس اجتماع المجلس التنفيذي ل«الأرابوساي»    27 سفيرا يعززون شراكات دولهم مع الشورى    في «الوسط والقاع».. جولة «روشن» ال12 تنطلق ب3 مواجهات مثيرة    وزير الصحة الصومالي: جلسات مؤتمر التوائم مبهرة    السياحة تساهم ب %10 من الاقتصاد.. و%52 من الناتج المحلي «غير نفطي»    شخصنة المواقف    سلوكياتنا.. مرآة مسؤوليتنا!    النوم المبكر مواجهة للأمراض    غولف السعودية تكشف عن المشاركين في البطولة الدولية    إنسانية عبدالعزيز بن سلمان    الشائعات ضد المملكة    نيمار يقترب ومالكوم يعود    الآسيوي يحقق في أداء حكام لقاء الهلال والسد    بحث مستجدات التنفس الصناعي للكبار    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالريان يُعيد البسمة لأربعينية بالإنجاب بعد تعرضها ل«15» إجهاضاً متكرراً للحمل    "الأدب" تحتفي بمسيرة 50 عاماً من إبداع اليوسف    المملكة ضيف شرف في معرض "أرتيجانو" الإيطالي    تواصل الشعوب    ورحل بهجة المجالس    محمد بن عبدالرحمن يشرّف حفل سفارة عُمان    أمير حائل يعقد لقاءً مع قافلة شباب الغد    الزميل العويضي يحتفل بزواج إبنه مبارك    احتفال السيف والشريف بزواج «المهند»    يوسف العجلاتي يزف إبنيه مصعب وأحمد على أنغام «المزمار»    خادم الحرمين الشريفين يتلقى رسالة من أمير الكويت    باحثة روسية تحذر الغرب.. «بوتين سيطبق تهديداته»    تقليص انبعاثات غاز الميثان الناتج عن الأبقار    «واتساب» تختبر ميزة لحظر الرسائل المزعجة    اكتشاف الحمض المرتبط بأمراض الشيخوخة    رئيس مجلس الشيوخ في باكستان يصل المدينة المنورة    أمير تبوك يقف على المراحل النهائية لمشروع مبنى مجلس المنطقة    هيئة تطوير محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية ترصد ممارسات صيد جائر بالمحمية    هنآ رئيس الأوروغواي الشرقية.. خادم الحرمين الشريفين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الوسط" تحاور زغيم "حزب الله" . نصرالله : لبنان نحو ديكتاتورية سلطة والاسرائيلي قد يضطرنا الى مواجهته في كل أرض 1
نشر في الحياة يوم 11 - 03 - 1996

أسباب كثيرة تدفع الصحافي الزائر في بيروت الى السعي للقاء الأمين العام ل "حزب الله" اللبناني السيد حسن نصرالله. وجديد هذه الأسباب اثنان: تسريب الحكومة اللبنانية ان قرار منع التجول الذي فرضه الجيش لمنع الاتحاد العمالي العام من التظاهر أملته معلومات عن تحركات ل "حزب الله"، والثاني اعلان رئيس الوزراء الاسرائيلي شمعون بيريز الحرب على "حماس" رداً على هجماتها الانتحارية الأخيرة وتوجيه اصابع الاتهام الى ايران. والحرب على "حماس" تعني الحرب على كل التنظيمات الاسلامية التي تشن هجمات ضد الدولة العبرية. ولا تحتاج حرب اسرائيل على "حزب الله" الى اعلان فهي مستمرة منذ أربعة عشر عاماً.
شاءت الصدف أن أكون في طريقي للقاء السيد نصرالله حين بثت احدى الاذاعات نبأ العملية الانتحارية في تل أبيب، وضاعف هذا التطور الجديد من رغبتي في طرح الاسئلة عن "حزب الله" خصوصاً أن الجنوب اللبناني مرشح لأن يكون احدى الساحات الأكثر سخونة في الفصل الجديد من المواجهة.
سألت الامين العام ل "حزب الله" عن الهجمات الأخيرة ل "حماس" وذيولها الانتخابية والأمنية والسياسية، وعن التطورات الأخيرة على المسرح اللبناني. طال الحوار وتشعب وشمل قصة تأسيس الحزب ومشكلة الرهائن والطيار الاسرائيلي رون اراد والعلاقات مع ايران وموضوع المرجعية الشيعية ونتائج التحقيق في اغتيال الأمين العام السابق للحزب وتخطيط اسرائيل لخطف الأمين العام الحالي أو اغتياله. "الوسط" تنشر الحوار على حلقتين وهنا نص الأولى:
ما هو في رأيكم تأثير العمليات الأخيرة وموقفكم من التهديدات التي أطلقت بعدها؟
- انعكاس العمليات الجهادية الاستشهادية في داخل فلسطين المحتلة والتي تقوم بها حركة "حماس" على عملية التسوية هذا الانعكاس أصبح واضحا ولا يحتاج الى تحليل. فالاجراءات التي اتخذتها وتتخذها حكومة العدو على المسارات التفاوضية المختلفة تهدد مجمل هذه العملية. من وجهة نظرنا ان الهدف الحقيقي لهذه العمليات هو استعادة الشعب الفلسطيني لأرضه التي اغتصبها الصهاينة والتي لن تصبح أرضاً اسرائيلية مهما طال الزمن بل ستبقى أرضاً فلسطينية وعربية واسلامية. وعندما يمارس المجاهدون حقهم في تحرير أرضهم لا تعنيهم كل الأنشطة والمشاريع السياسية ومعارك الانتخابات وغيرها. الهم الرئيسي هو تحرير الأرض والمقدسات. لقد اعتدنا ان نسمع الكثير من التهويل الاميركي والاسرائيلي. ان هذا الأمر لا يخيفنا على الاطلاق نحن نخوض معركة الدفاع عن أمتنا وأرضنا بوعي وايمان وبعزم راسخ. اما اتهام ايران فهو معزوفة أميركية واسرائيلية واضحة. كل من لديه مشكلة مع شعبه بسبب طغيانه أو ظلمه، أو كان محتلاً يواجه مقاومة شريفة يسارع الى القاء المسؤولية على ايران أو سورية من دون ان يخضع للحقيقة التي تقول ان سبب كل قتل وعنف أو ما يسمونه ارهاباً هو اغتصاب الصهاينة أرض فلسطين وأراضي عربية أخرى. ما يجري اليوم هو نتيجة وليس سبباً.
قبل ساعة من لقائنا هذا أعلن عن عملية جديدة في تل أبيب. هل يصر الاسلاميون على المشاركة في الانتخابات الاسرائيلية عن طريق التفجيرات؟
- غالباً ما يقوم التحليل على أساس تفسير العمليات العسكرية سياسياً. أنا استطيع ان اتحدث بوضوح عن خلفيات العمليات في لبنان كجزء من عمليات المقاومة الاسلامية لمواجهة الاحتلال الاسرائيلي. استطيع أن أجزم ان هذه العمليات من حيث التوقيت لم تكن لها في يوم من الأيام أي خلفية سياسية.
توقيت العمليات لا يرتبط نفياً أو اثباتاً بالمفاوضات وتطورها أو تعثرها ولا في داخل الكيان الاسرائيلي، وانما غالباً، بل دائماً، تخضع لتوافر الأهداف ولدرجة الجهوزية والقدرة على التنفيذ. مثلاً على الجبهة اللبنانية كانوا يفسرون قصف المستعمرات على أساس ان له علاقة بالمفاوضات، في حين ان هناك قاعدة حكمت هذه المسألة منذ حرب تموز يوليو وما سمي "تفاهم تموز" وهو ان قصف اسرائيل المدنيين في جنوب لبنان يستدعي رداً من المقاومة يتمثل بقصف المستعمرات، بما يعني العمليات داخل فلسطين.
ما أعرفه انا هو ان استمرار العمل الجهادي قرار متخذ وقائم لدى الحركات الجهادية داخل فلسطين وفي مقدمها الحركات الاسلامية. وان هذه الحركات لم تتخل يوماً عن هذا الخيار وهذا القرار. اعتقد بأن التوقيت يخضع للجهوزية وتوافر الاهداف والامكانات وفرصة العمل أما القرار فهو متخذ ومفتوح. يمكن ان يدخل الظرف السياسي احياناً في التوقيت، بمعنى ان يعجل في بعض العمليات العسكرية بسبب الاعتقاد بأن تأثيرها سيكون أكبر في هذا الوقت. لا اعتقد بأن أي حركة جهادية في فلسطين تريد ان تكون ناخباً ولا يعني ان يتصدر السلطة ليكود أو حزب العمل أو حكومة ائتلافية.
الاحتلال من طبيعة واحدة. وفي كل الأحوال نظرة الاسلاميين الى السلطة الاسرائيلية والسلطة داخل فلسطين المحتلة هي أنها ذات ماهية واحدة وأطماع واحدة وطموحات واحدة وأهداف واحدة وان التفاوت يتعلق بالتكتيك. استغرب مثلاً حين اسمع ان الاسلاميين دخلوا على الخط لاضاعة فرص شمعون بيريز رئيس الوزراء الاسرائيلي في الفوز في الانتخابات لكي تكبر فرص بنيامين نتانياهو زعيم المعارضة.
خلفية المقاومة واحدة
ولكن أليس من مصلحتهم عرقلة التسوية؟
- عمل المقاومة داخل فلسطين خلفيته كخلفية عمل المقاومة في جنوب لبنان، وهي تحرير الأرض والضغط المتواصل من اجل تحقيق هذا الهدف. هناك من يناقش ويسأل هل هذا الهدف واقعي؟
عندما كان الاسرائيلي يحتل في 1982 أكثر من نصف لبنان كان كثيرون من اللبنانيين، ومعهم حكومات وأنظمة في المنطقة والعالم، يعتقدون بأن إخراج اسرائيل من لبنان بفعل عمليات المقاومة أمر غير واقعي وهو من باب المثاليات والشعارات. لكننا عشنا وشاهدنا بعد سنوات قليلة كيف اضطر الاسرائيلي الى الانسحاب الى الشريط الحدودي المحتل. استراتيجية الحركة الاسلامية واضحة وليست سرية وباطنية، أي أنها لا تظهر شيئاً وتخفي شيئاً آخر. وهذا ينطبق على "حماس" أو "الجهاد الاسلامي في فلسطين" أو الكثير من الفصائل الفلسطينية المعارضة. وكلها تعلن ان فلسطين من النهر الى البحر هي أرض فلسطينية عربية اسلامية. وترفض أصل وجود هذا الكيان.
ومن الطبيعي ان يقاتل هؤلاء من أجل تحقيق هدفهم وان يخوضوا حرب استنزاف طويلة. الى أين يمكن ان تؤدي هذه الحرب؟ لقد علمت تجارب الشعوب ان خوض مثل هذه الحرب بنفس طويل يمكن ان يؤدي الى النصر.
قراءة مختلفة
الى أي حد يشعر "حزب الله" بالخوف من المستقبل؟ فعملية السلام ترسخت على المسارين الأردني والفلسطيني وخيار السلام واضح على المسارين السوري واللبناني؟
- قراءتنا للمستقبل مختلفة. قد تقول لي ان قلة تشارككم هذه القراءة وردي هو ان لا مشكلة. في 1982 - مع اعترافي بالفروق - دخل لبنان العصر الاسرائيلي. لم يكن أحد يظن ان الاسرائيلي سيخرج، بل ان لبنان صار جزءاً من المناطق الخاضعة للهيمنة أو السلطة الاسرائيلية، نحن لا نزال شباناً لكننا كنا شباناً أكثر آنذاك. كنا نقول ان اسرائيل ستخرج من لبنان فيجيبون من سيخرجها؟ جامعة الدول العربية؟ الفارق أنها لم تكن قد وقعت وهي الآن فعلت. الأمم المتحدة أم الغرب أم الاتحاد السوفياتي؟ وكنا نرد بأن إرادة المجاهدين هي التي ستفرض على العدو الاسرائيلي ان يخرج. قالوا لنا أنتم تحلمون وانتم مجانين فهل تقاوم العين المخرز؟ وصلنا الى وقت خرجت فيه اسرائيل وما كان يعتبر حلماً أو جنوناً لدى كثيرين صار واقعاً.
لكن الاسرائيلي لم يخرج فقط بسبب ضربات المقاومة؟
- بسبب ماذا؟
بسبب تعقيدات سياسية وذيول صبرا وشاتيلا.
- الاعتبار الوحيد الذي فرض عليه الخروج هو أنه لم يعد قادراً على تحمل حجم الخسائر الذي كبدته إياها المقاومة من 1982 الى 1985. وهذا معروف بالأرقام. خسائر القوات الاسرائيلية في تلك الفترة، بحسب الأرقام الاسرائيلية، تفوق مجموع خسائرها في مجموع حروبها مع الجيوش العربية. الاسرائيلي استنزف واضطر الى الخروج.
نحن قناعتنا ان التسوية في المنطقة ليست أكيدة. وحتى لو حدث صلح في المنطقة لا نرى انه سيترسخ. أنا لا أوافق على ان التسوية ترسخت على المسار الفلسطيني - الاسرائيلي. أنا اعتقد بأن الحال هي حال تفسخ وليست حال ترسيخ. الكيان الاسرائيلي يمكن ان يحقق صلحاً مع الأنظمة لكنه لن يحقق صلحاً مع الشعوب. كانوا يتحدثون عن التطبيع وها هم يتحدثون اليوم عن عزل المناطق الفلسطينية عن مناطق 1948 ووضع معابر الكترونية والاستعاضة عن العامل الفلسطيني بعامل آسيوي. أين السلام والتطبيع؟
هل تتصور ان الرئيس ياسر عرفات يمكن ان يدخل قادة "حماس" ومؤيديها السجون ببساطة وان يقضي على حركة "الجهاد"؟ ما يجري في داخل فلسطين ليس قصة منظمة سرية تعمل، إنه واقع شعبي. يحيى عياش لم يكن زعيماً سياسياً أو مفكراً أو فيلسوفاً، إنه خبير متفجرات والسيارات التي كان يعدها كانت تقتل أحياناً من يسمونهم مدنيين. عشرات الألوف خرجوا للمشاركة في تشييعه. قد تقول لي أنهم أنفسهم ذهبوا الى صناديق الانتخابات! وأنا أقول أنهم ذهبوا الى الانتخابات بحلم قيام الدولة الفلسطينية، وهم مشوا في تشييع عياش لأنهم ليسوا قادرين على العيش مع الذي يحتل أرضهم ويمارس الظلم. وقصة ليث شبيلات معبرة في الأردن. وموقف الفنانين في مصر من التطبيع له دلالاته.
نحن لا نرى المستقبل أسود بالدرجة التي يتحدثون عنها. على المستوى الدولي قراءتنا العلمية والموضوعية - ونحن لا نحلم هنا - تقول ان اميركا لن تبقى خلال السنوات المقبلة القوة العظمى الوحيدة المتحكمة. العالم يسير في اتجاه تعدد الأقطاب. فرص تناقض المصالح، كما تقاطع المصالح، ستكون كبيرة. العالم يتجه الى تحولات كبرى دولياً واقليمياً. ما يجري الآن ليس نهاية الكون ونحن لسنا قلقين ولا خائفين ولا مضطربين.
"نحتفظ بالورقة"
إذا انسحبت اسرائيل الى الحدود الدولية وقررت السلطة اللبنانية، بالتنسيق مع سورية إبرام معاهدة سلام مع اسرائيل، ماذا سيفعل "حزب الله"؟ هل يتعهد عدم اطلاق أي رصاصة؟
- مبتسماً هناك إلحاح على هذا السؤال. هناك موضوع الرصاصة والعمليات وهناك مواضيع اخرى. نحن لسنا مع التطبيع وسنقاومه. في النهاية نحن لسنا تنظيماً عسكرياً في لبنان، نحن حركة جماهيرية وشعبية ولنا حضورنا السياسي ومؤسساتنا. في ما يعني عمل المقاومة نعتبر ان من حقنا ان نحتفظ بهذه الورقة وبموقفنا منها. لماذا يحق للاسرائيلي ان يخبىء أوراقه في ما يعني المستقبل ولا يحق لنا ذلك؟ هذا أهم سؤال يطرحه الصحافيون الاجانب. هذه ورقة يحتفظ "حزب الله" بها لنفسه الى ذلك اليوم. أنا أعرف ماذا سأفعل لكنني لست معنياً بأن أقول ذلك اليوم.
إذا وقع السلام وجاء سائح اسرائيلي هل يؤيد "حزب الله" اطلاق الرصاص عليه؟
- فليأت وسنرى في حينه.
تقولون ان ساحة المواجهة مع اسرائيل هي في المناطق التي تحتلها وعلى حدودها، هل تستطيع ان تجزم ان ليست لپ"حزب الله" اللبناني تحركات في العالم؟
- نعم هذا حتى هذه اللحظة. في حادثة بوينس ايرس كنا واضحين. حتى الحكومة الارجنتينية بدأت تعيد النظر في الاتهامات التي وجهتها من دون دليل. الحكومتان الاميركية والاسرائيلية اتهمتا بعد اقل من نصف ساعة "حزب الله" من دون تحقيق أو تدقيق. التسرع في الاتهام يدل على انه غير علمي وغير قانوني ويستند الى خلفية سياسية. نحن "حزب الله" اللبناني لم تكن لنا علاقة. هذه ساحة قتالنا ونقاتل فيها.
إذا سألتني هل أكيد أنكم لن تفعلوا شيئاً في الخارج مستقبلاً، أجيبك أنني لا اعرف ولست متأكداً، فليس واضحاً كيف سيتطور الصراع بيننا وبين الاسرائيليين. أنا لست معنياً بإعطاء أي تطمينات للاسرائيليين. أنا لست معنياً بكشف موقفي اذا كنت سأستمر في المقاومة. ولست معنياً بكشف موقفي اذا كنت سأتوقف.
المواجهة مع الاسرائيلي خارج الأرض التي نوجد عليها لم تحصل حتى هذه اللحظة، لكنني لا استطيع ان أضمن المستقبل لأنه يرتبط الى درجة كبيرة بمستوى الصراع. يمكن ان يأتي وقت يضطرنا فيه الاسرائيلي الى ان نقاتله في كل أرض.
"ادعاءات غير صحيحة"
تردد ان من بين الأسباب الأساسية التي دفعت الى فرض نظام منع التجول في 29 شباط فبراير في لبنان هو ورود معلومات عن استعدادات "حزب الله" للمشاركة بكثافة في تظاهرة الاتحاد العمالي العام، وان شباناً منه كانوا يستعدون لحمل المسدسات خلال التظاهرة، فما هو ردكم؟
- أولاً، القول ان "حزب الله" كان ينوي المشاركة لا يكشف سراً، فالحزب أيد قبل أسابيع الدعوة الى الاضراب والتظاهر التي أطلقها الاتحاد العمالي العام وشارك في اللقاء الوطني في فندق كارلتون وفي لجنة المتابعة وعلى مدى اسابيع أعلنا هذا الموقف عبر ممثلي الحزب ونوابه. لم يكن تأييدنا للتظاهرة من باب رفع العتب وانما كان تأييداً جدياً. لكن القول ان "حزب الله" كان سيشارك في التظاهرة بكل ثقله ليس صحيحاً وهم يعرفون أنه غير صحيح. قبل الموعد المحدد للإضراب بأيام سئلت في مؤتمر صحافي واجبت أننا سنشارك مشاركة فاعلة وجادة ضمن حدود ان لا تتحول التظاهرة تظاهرة لپ"حزب الله" لأنها يجب ان تبقى تظاهرة الاتحاد العمالي العام. نحن حريصون على ألا نكون أمام الاتحاد ولسنا خلفه بمعنى اننا نتخذه واجهة. ونحن صادقون وجادون في تأييد حركة الاتحاد من أجل تحقيق المطالب التي ينادي بها.
أما بالنسبة الى الحديث عن المسدسات أقول: قبل يوم من اعلان منع التجول كان هناك تعميم داخلي يقضي بأنه حتى الأخوة الذين لديهم مرافقون بأسلحة مرخصة عليهم ترك أسلحتهم في البيت اذا أرادوا المشاركة في التظاهرة، فنحن نخشى ان يحصل اطلاق نار ولو رصاصة واحدة وان يؤدي ذلك الى كارثة. ولدينا تجارب في هذا المجال. كل ما قيل هو ادعاء لا دليل عليه وهو حجة تتستر خلفها السلطة السياسية لتبرر الاجراءات التي اتخذتها.
واستطيع القول صراحة ان هذه الادعاءات رسائل موجهة الى الخارج وتحديداً الى الغرب. شعرت الحكومة بأن اجراءاتها الأمنية ستسيء الى صورة لبنان في الخارج فأرادت تدارك شيء من هذه الصورة، فقالت انها اتخذت هذه الاجراءات لردع "حزب الله" أو لقطع الطريق عليه، على اساس ان الخارج يقبل باجراءات من هذا النوع اذا كانت تستهدف "حزب الله". الحقيقة هي ان الاجراءات كانت تستهدف الشعب اللبناني والاتحاد العمالي العام.
هناك مناسبات عدة حصلت فيها تجمعات في إطار إحياء مناسبات دينية. مثلاً في العاشر من محرم عاشوراء مشت في الضاحية الجنوبية وفي مدينة بعلبك ومدن أخرى تظاهرات ضخمة ومسموح بها على اساس انها تندرج في اطار احياء الشعائر الدينية. عندما يحضر مئة ألف في الشارع في الضاحية الجنوبية ولا يحصل أي إشكال أو خلل ما هي حجة الدولة؟
التسويق الذي حصل بعد منع التجول، وفي صورة معلومات خاصة ومصادر، كان من قبيل الاختراعات ما بعد الحدث وليست له علاقة بما حصل قبل الحدث.
قانون منع التظاهرة قائم حتى ولو أعلن "حزب الله" أنه لن يشارك فيها على الاطلاق. قبل سنوات قال رئيس الحكومة اللبنانية رفيق الحريري لإحدى المجلات ان زمن التظاهرات في بيروت انتهى. ومنع التظاهر هو جزء من سياسة تتبعها الحكومة منذ سنوات، وهي بكل بساطة سياسة كم الأفواه وقمع كل من يريد ان يعبر عن رأيه بصراحة.
هناك من يقول ان هذا غير صحيح. مثلاً لم يمنعني أحد من التحدث اليك الآن. لم يصل الأمر بعد في لبنان الى حد يصبح الحكم فيه ديكتاتورياً قمعياً كما هو الحال في الكثير من بلدان العالم الثالث، لكن الخطوات التي تنفذ نقرأها على انها تسير بلبنان نحو هذا النوع من المصير.
ديكتاتورية سلطة
هل تقصد ان لبنان يتجه نحو الديكتاتورية؟
- ديكتاتورية سلطة بمعزل عن ديكتاتورية من ستكون. مثلاً في الموضوع الاعلامي منذ ان جاء رئيس الحكومة الحالي الى السلطة بدأ اجراءات. حاول استخدام القضاء في مواجهة الصحف والمجلات والتلفزيونات. لم يوفق لأن تركيبة البلد لا تسمح لكل راغب في التحول الى سلطان ان يفعل ذلك. حاول ان يشتري بالمال مجلات وصحفاً واذاعات وتلفزيونات لكن هناك وسائل اعلامية استعصت على أمواله. خلال فترة استغل ظرفاً سياسياً معيناً، اثناء قضية "القوات اللبنانية" وتفجير كنيسة سيدة النجاة، فاتخذت الحكومة قراراً بوقف النشرات الاخبارية. بعدها ظهر اصرار شديد جداً على إصدار قانون لتنظيم الاعلام المرئي والمسموع. نحن لسنا ضد تنظيم الاعلام لكن للقانون خلفيات تنذر بالتسلط والاحتكار. ليس هناك احد يعارض وجود قانون لتنظيم الاعلام المرئي والمسموع. نوابنا في المجلس ناقشوا القانون. وفي المرحلة الحالية حصر عدد المحطات التلفزيونية بست إحداها للدولة، أي خمس محطات، و12 إذاعة "اف.ام" اثنتان للدولة، أي 10 اذاعات. بعضهم يقول: ولماذا تزعلون هناك كلام ان حصتكم مضمونة فأنتم مقاومة ويجب ان يكون لكم تلفزيون. البحث ليس في حصتنا وهل هي مضمونة أم لا، البحث هو الى أين ستؤدي هذه السياسة؟ لماذا خمس محطات ولماذا تكون الغالبية للسلطة؟ ولماذا لا يكون هناك عشر محطات بالتساوي بين السلطة والمعارضة، علماً أننا ندعو السلطة الى اجراء استفتاء لتدرك حجم مؤيديها وحجم معارضيها وان توزع التلفزيونات بناء على النتائج؟ الأمر نفسه بالنسبة الى الاذاعات.
التظاهر احدى وسائل التعبير، التظاهر ممنوع بحجة انه يهدد الأمن والاستقرار. على كل يحق لمن استخدم التظاهر لاسقاط حكومة عمر كرامي ان يخاف من التظاهر خشية ان تطيحه التظاهرات التي استخدمها في السابق وسيلة لاطاحة غيره.
"يمنع التظاهر لأنه استخدمه"
إنك تقصد الرئيس الحريري؟
- طبعاً.
وهل تحمله مسؤولية ما حدث في 6 أيار مايو 1982؟
- هذا معروف في البلد. أنا لا أجد أي مبرر أمني لمنع التظاهرة. أقول أكثر من ذلك: إذا كانت الحكومة حريصة فعلاً على الأمن والاستقرار فلتسمح بالتظاهر. العالم جائعة. هناك من لا يصدق وجود جوع حقيقي في لبنان، وعائلات لا تملك ليس قوت سنتها أو شهرها فقط بل قوت يومها. طبيعي ألا يشعر المترفون بهذه الحقيقة ... هناك من يعجز أيضاً عن تعليم أبنائه. لا نحل مشكلة الناس ونحرمها من حقها في التعبير. اتركوهم على الأقل ليفشوا خلقهم.
الكبت والقمع والمنع ستؤدي لاحقاً الى دفع الجائع الذي يطالب اليوم بحق النزول الى الشارع لرفع صوته، الى النزول الى الشارع شاهراً سيفه. من يريد الأمن والاستقرار يجب ان يحترم حق الناس في التعبير. هناك من يقول: وماذا ستحقق المظاهرات؟ اذا كانت بلا فائدة فلماذا تخشون منها؟ في الحد الأدنى اذا لم تعطوا الناس الخبز أعطوهم الحرية. وبلا خبز وبلا حرية أين سيصبح البلد؟
معارضة
بدا لفترة انكم دخلتم هدنة مع مشروع الرئيس الحريري الذي عدتم الآن الى انتقاده بلهجة عالية، كيف تنظرون الى هذا الموضوع؟
- عندما جاءت حكومة الحريري كنا نحن الكثرة في القلة التي حجبت الثقة في مجلس النواب. والأمر نفسه لدى تشكيله حكومته الثانية. حجبنا الثقة انطلاقاً من مناقشة موضوعية وقلنا لرئيس الحكومة: مشكلتنا ليست معك كشخص بل مع سياساتك. شعر المراقبون في مرحلة معينة كأن هناك تحولاً. سبب هذا الأمر انه حتى حين حجبنا الثقة لم نقاطع الحكومة. اتخذنا موقف المعارضة من دون ان نقاطع. وكنا نلتقي رئيس الحكومة والوزراء وفي ما كان يقدم من مشاريع لم نكن نرفض لمجرد ان المشروع صادر عن حكومة الحريري بل كنا نناقش.
الكل يعرف ان نواب "كتلة الوفاء للمقاومة" هم من أكثر النواب الجادين في مناقشة المشاريع في اللجان النيابية. كنا نناقش المشاريع ونعمل على تحسينها وتطويرها ونؤيد ما نجد فيه مصلحة للناس. مشروع انماء الضواحي من المشاريع الكبيرة التي استهلكت الكثير من الوقت والجهد في المجلس النيابي وفي النهاية صوتنا الى جانبه وهو مشروع قدمته الحكومة.
في ما كانت تفعله الحكومة ايجاباً كنا نقول لهم احسنتم هذا جيد. مثلاً عندما أبعد أربعمئة فلسطيني من فلسطين المحتلة اتخذت الحكومة اللبنانية قراراً بمنع هؤلاء من دخول المناطق المحررة فبقوا في الوسط. من الطبيعي جداً ان المبعدين هم من "حماس" و"الجهاد" وهؤلاء اخواننا وحلفاؤنا واصدقاؤنا. نحن لم نقف في لبنان للقول لماذا تتركونهم في العراء. نحن أيدنا موقف الحكومة وكنا آنذاك في موقع المعارضة. لم نمارس السلبية بالمطلق. بدأت المقاطعة بعد مجزرة 13 ايلول سبتمبر 1993. طالبنا السلطة السياسية بموقف مما حدث وقاطعنا على هذا الأساس. بعد مضي زمن ونتيجة الموقف الذي اتخذته السلطة السياسية وعبرت عنه بوسائل مختلفة: بيان الهيئة العليا للاغاثة وهي برئاسة رئيس الحكومة وكلام رئيس الجمهورية في مجلس الوزراء وتصريحات لوزير الدفاع ووزراء آخرين… في ضوء كل ذلك اعتبرنا نحن ان هذا الموقف السياسي كاف وكفيل بانهاء المقاطعة فعدنا الى ما كنا قبل 13 ايلول وليس الى ما كنا قبل مجيء حكومة الحريري.
قلنا لرئيس الحكومة نلتقي لكننا لم نتحول موالاة ولم نصبح في منتصف الطريق بين الموالاة والمعارضة، فنحن ما زلنا نعارض المشروع والسياسات. وعندما تطرح ملفات ساخنة وحيوية نحن معنيون باتخاذ موقف. اذا كان هناك موضوع الحريات الاعلامية أو العامة أو المطالب الاجتماعية ولم نقف الى جانب هؤلاء الناس فأين سنقف؟ الجوعى أهلنا وكل الناس تتضرر من قمع الحريات العامة ونحن منهم.
من الطبيعي ان نكون في الموقع الذي نحن فيه اليوم. لم نغير موقعنا. في بعض المراحل تحتاج الى رفع صوتك بقوة، وفي بعض المراحل الأخرى تحتاج الى المعارضة ولكن من دون ان ترفع صوتك بقوة. ثم يأتي ظرف جديد فترفع صوتك بقوة لأن للمسألة علاقة بطبيعة القضية التي تتحدث عنها. كنا ننتقد الحكومة بصوت قوي جداً وقاس نتيجة للغتها الباردة في ما يعني المقاومة. الآن لسنا كذلك، وحين نسأل اليوم نقول ان موقف السلطة جيد والمطلوب ان يتحول الى دعم فعلي. نحن لم نغير لغتنا، اداء السلطة هو الذي تغير. انا أريد ان تدعم السلطة المقاومة وحين تفعل لماذا اواجهها بقسوة؟
اهانة للشعب اللبناني
هناك من يعتبر ان مشروع الحريري يرمي الى استقرار نقدي واقتصادي وسياسي وان الاستقرار ليس الجو الأكثر ملاءمة لنمو "حزب الله"، وان معارضي الحريري يستفيدون أصلاً من حال الاضطراب، وهناك كلام في البلاد ان لا بديل من الحريري وان رحيله يفتح باب الكارثة، هل تعتقد بأن البديل موجود؟
- اولاً الاستقرار لم يصنعه الحريري، حصل قبله. الاستقرار الأمني والسياسي في لبنان - ونقولها بصراحة - يعود الفضل فيه الى سورية - وكل اللبنانيين يعرفون ذلك - والى توافق كثير من القوى اللبنانية على التزام السلم الأهلي. تعاون اللبنانيين مع القوات العربية السورية ومع الدولة اللبنانية هو الذي أوصل الى السلم الأهلي. لو كان كل حزب لا يزال يحمل سلاحه وراء متراسه والحرب دائرة من يصنع السلم الأهلي؟
الأسباب التي أدت الى السلم الأهلي كانت سابقة لوصول رفيق الحريري ولا ترتبط بشخص رئيس الجمهورية أو الحكومة أو المجلس. هذا موضوع أكبر من الأشخاص الذين يتناوبون على السلطة. نحن كنا من القوى التي تفاعلت بقوة مع الخطط الأمنية لتحقيق السلم الأهلي. وكنا واضحين. لم نكن جزءاً من الحرب في الداخل وفي موقع الدفاع في بعض الفترات. ولم نكن جزءاً من المشاريع الهجومية. كنا ننادي بالسلم الأهلي من موقع المقاومة لأن السلم الأهلي يعني ان ننصرف نحن وغيرنا الى مقاومة الاحتلال وتوجيه كل طاقاتنا لخدمة هذه المقاومة. ومنذ استقرار السلم الأهلي وقبل مجيء رفيق الحريري وبعد مجيئه فليقدم أي كان نموذجاً ولو صغيراً على خرق معين قام به "حزب الله". وهذا يؤكد حرصنا على السلم الأهلي.
اما بالنسبة الى الاستقرار الاقتصادي والنقدي فنحن نعتبر ان ذهاب رئيس الحكومة أو تغيير الحكومة لن يؤدي الى انهيار اقتصادي في البلد ولا الى انهيار جديد للعملة الا اذا لجأ الموجودون حالياً في السلطة لحظة خروجهم منها الى التلاعب والتآمر. وهذا بحث آخر. المشاريع التي تنفذ في البلد لا تؤدي الى استقرار نقدي واقتصادي وسياسي وأمني. هل يؤدي الى استقرار امني وسياسي وجود جائعين قرب ناطحات سحاب؟ حين اقيم اوتوسترادات ضخمة وأوسع المطار ويتزايد في الوقت نفسه الفساد والسلب والمافيات والمخدرات هل يؤدي ذلك الى استقرار؟ هناك سياسة تعطي الأولوية للحجر وسياسة تعطي الأولوية لمعالجة مشاكل الناس.
رأيي ورأي كثيرين من الذين يعيشون على أرض الواقع ان الأرضية في لبنان مؤهلة، لا أقول لحرب اهلية، بل للكثير من الخلل السياسي والأمني بسبب السياسات المتبعة. لو لم تكن الناس جائعة لما كان هناك خوف من تحرك الاتحاد العمالي؟ لو كانت السلطة واثقة من شعبيتها لتركت الاتحاد يتظاهر وليظهر حجمه الفعلي.
بالنسبة الى موضوع البديل، أنا لا أسمي احداً لكن البلد الذي يأتي وقت لا يملك فيه بديلاً من رئيس الحكومة هو بلد لا يستحق ان يكون له وجود سياسي. انا اعتبر هذا الكلام عن عدم وجود بديل من الحريري اهانة لكل اللبنانيين وليست اهانة لحزب أو جهة معينة. اهانة للبنانيين لأنها تعني ان ليس بينكم من يصلح لرئاسة الحكومة الا هذا الانسان. هذا غير منطقي. انا اعتقد بأن هناك شخصيات قادرة على ادارة البلد ولو بالوضع الذي نحن فيه. من قال اننا نتقدم الى الأمام. اننا نتقدم في بعض الأشياء لكننا في أشياء اخرى نتراجع كثيراً الى الوراء.
العلاقة مع الجيش طبيعية
وهناك من فسّر منع التجول الأخير "بروفة" امنية تثبت ان الجيش اللبناني قادر على الامساك بالبلاد حين تستلزم ظروف السلام، اي تحجيم "حزب الله". كيف ترى العلاقة مع المؤسسة العسكرية وهل هناك تصادم أم تنسيق؟
- العلاقة مع المؤسسة العسكرية طبيعية وعلاقة ارتياح. نحن والجيش اللبناني موجودون على أكثر من أرض: في الجنوب والبقاع الغربي حيث تقاتل المقاومة العدو الاسرائيلي وليست هناك أي مشكلة. وفي المناطق التي لا توجد فيها المقاومة نحن نتحرك كحركة سياسية ولدينا مؤسسات اجتماعية واعلامية وليست هناك مشاكل. التواصل دائم لتأكيد هذا الحرص بيننا وبين المؤسسة العسكرية.
في الجنوب نحن على أرض واحدة وهناك تنسيق. المقاومة حريصة على عدم الاساءة الى الجيش ومهماته ومسؤولياته الأمنية. والجيش حريص على ان لا يكون حارساً للاحتلال الموجود في الشريط الحدودي. عندما يكون لدى المقاومة والجيش مثل هذا الحرص من الطبيعي جداً ان لا تكون هناك مشكلة. الجيش قوي بتأييد الشعب وليس بالعديد أو العتاد ونوع السلاح. في اداء الجيش اخيراً الناس هم التزموا عدم النزول الى الشارع لأنهم شعروا بأن ثمة مخاطر كبيرة تتهدد البلد بفعل السياسة التي اتبعت. وضع الجيش في مواجهة الجائعين والعمال واساتذة الجامعات والطبقات المحرومة والمستضعفة خطير. فهذا الجيش مكون في النهاية ليس من أبناء الموجودين في السلطة بل من أبناء الجائعين. الشعب يعتبر الموجودين في الجيش منه. عندما تقع المواجهة بين الجيش والناس ينتهي البلد ويذهب كل شيء: مشاريع اقتصادية وسياسية وامن واستقرار.
اعتقد بأن الكثير من القوى الشعبية والقيادات التي تؤثر في الشارع لديها من الوعي والحرص والاخلاص ما يجعلها تحول دون الوقوع في هذا الفخ. الجيش يستطيع ان يمسك طالما انه لا يواجه الناس وهؤلاء يستوعبون حركته واداءه. هنا تكمن قوة الجيش. كلنا نعرف تركيبة لبنان. اذا صار الجيش يتصرف بمعزل عن الناس لن يكون في استطاعته التماسك. الوضع مختلف في الأنظمة العسكرية. الجيش اللبناني مهما تكرس كمؤسسة يبقى ضباطه وجنوده ابناء هذا الشعب يتحسسون مشاكل الشعب. واثبتت التجربة حتى الآن ان الجيش حريص على الا يكون في مواجهة الناس على رغم ممارسات السلطة السياسية.
تحدثت عن فخ. هل تعتقد بأن الحكومة حاولت دفع الجيش الى الاصطدام بالناس؟
- هذا ليس مجرد اعتقاد فقد كان واضحاً. انا اعتقد بأن الجيش لجأ الى منع التجول لتفادي الاصطدام بالناس وليس لأنه حريص كثيراً على سياسات الحكومة. طبعاً هو في النهاية ملزم تنفيذ مقررات مجلس الوزراء لكنه اتخذ قرار منع التجول لئلا يصطدم بالناس. عندما تحدث تظاهرات ضخمة والجيش مكلف منع التظاهر فهذا يعني الاشتباك مع الناس. واذا حصل ذلك يبدأ الجيش بخسارة حاضنته الشعبية. وهذه خسارة للجيش وللوطن. في الحسابات اللبنانية الدقيقة يمكن القول ان ما كان يعد له كان فخاً.
من تحمل مسؤولية هذا الفخ؟
- للاداء السياسي والسلطة السياسية حكماً وحكومة.
هل نفهم ان ليست هناك مخاوف من صدام مع الجيش في الوقت الحاضر؟ وهل ستزداد هذه المخاوف اذا اقترب السلام؟
- لا أعرف طبيعة الظروف التي ستنشأ آنذاك. نحن لسنا في وارد ان تكون لدينا مشكلة مع الجيش أو غيره على المستوى الداخلي.
ايران وسورية
هل حصلتم بعد تأسيس الحزب في 1982على دعم من حركة "فتح"؟
- كان واضحاً منذ اليوم الأول للاجتياح الاسرائيلي عام 1982 ان أبو عمار لا يقاتل الاسرائيليين، بل يبحث عن تسوية معينة، وحسب بعض المعلومات فانه كان موعوداً بوصول الاجتياح الى نهر الأولي فقط، وقد فوجئ عندما أكمل الاسرائيليون زحفهم نحو بيروت.
سورية تعاونت معنا ومع جميع الذين قاتلوا الاحتلال وامنت لفصائل المقاومة، وبينها "حزب الله"، غطاء سياسياً ودعماً معنوياً وتسهيلات ميدانية، فالقوات السورية كانت موجودة في البقاع والشمال. وهاتان المنطقتان شكلتا الخلفية الداعمة للمقاومين الموجودين في مناطق الاحتلال. بالطبع سورية لم تقدم الينا أموالاً. دعمت وساهمت وسهلت، ولا تزال طبعاً تتبنى المقاومة وتدعمها، اما اخواننا في ايران فاتصلنا بهم وابدوا استعداداً وقدموا دعماً. وهذا أمر لا نخفيه، ولا لزوم للانكار اننا نحصل على دعم مالي وسياسي من ايران. فلماذا لا يُستكثر على الولايات المتحدة ان تدفع ثلاثة مليارات دولار للكيان الاسرائيلي الذي يعتدي على كل المنطقة فيما يُستنكر على ايران ان تدعم مالياً "حزب الله" أو أي فصيل مقاومة اسلامي من اجل تحرير ارضه؟ لسنا خجولين ولا هم الايرانيون خائفون.
عدتم الى المجلس الشيعي بعد فترة انقطاع.
- نحن لم نقاطع المجلس الشيعي، نحن قاطعنا احدى الجلسات كشكل من أشكال التعبير والاحتجاج على ما يتعلق ببعض الاداء السياسي والاعلامي الذي اتبع خلال الفترة الماضية.
هل كان ذلك احتجاجاً على بعض ما صدر عن الشيخ شمس الدين؟
- نعم.
هل حلت الأزمة؟
- نقول انها حلت بالكامل… لا. الاخوة حضروا الجلسة الأخيرة للمجلس الشيعي. سماحة الشيخ محمد مهدي شمس الدين حريص على ان تكون العلاقة طبيعية. ونحن كذلك حريصون على ان تكون العلاقة طيبة مع الجميع. وقد يحصل لقاء قريب لحل هذه المسائل.
هناك من يقول ان عودتكم الى المجلس كانت تداركاً لضغوط قد تتعرضون لها في مرحلة مقبلة؟
- لم نعش ضغوطاً من هذا النوع، ونحن نعرف انه اذا جاء اليوم الذي يعاقب المجاهدون على جهادهم، وان يعاقبوا على تهمة الارهاب، والتي معناها مقاومة الاحتلال في الجنوب، يومها لن يحمي هؤلاء المجاهدين لا المجلس الشيعي ولا المجلس النيابي ولا أي شيء آخر. من الخطأ تفسير حركتنا السياسية باتجاه مؤسسة دولة او مؤسسات عامة من هذا النوع انها محاولة للاختباء أو محاولة للحصول على الحماية. نحن حاضرون لأن نواجه تبعات اعمالنا بصدرنا العاري وبكل جرأة وشجاعة.
من سيحمي المجاهدين اذا لم تحمهم هذه المؤسسات؟ سلاحهم؟
- يحميهم شعبهم، وسلاحهم طبعاً. لأن منطق الدفاع عن النفس في أي ظرف من الظروف شرعي وقانوني وانساني واخلاقي وطبيعي جداً. أضف الى ذلك ان للمجاهدين الكثير من الأصدقاء الذين لا يتوقع لهم ان يتخلوا. كثيرون يتوقعون ان يأتي اليوم الذي يطلب من سورية ان تؤدب المجاهدين وتعاقبهم. وأنا أقول باطمئنان كبير ان سورية حافظ الأسد لم تعاقب مقاومين ومجاهدين في السابق ولن يتم هذا حالياً ولا في المستقبل. نحن لا ننكر ما قمنا به، بل نعتز باننا قاومنا الاحتلال وقاتلناه. وسنطلب من الدولة اللبنانية يوم ينسحب الاحتلال من الجنوب ان تعلق أوسمة على صدر المجاهدين.
حتى لو وقعت سورية اتفاقاً مع اسرائيل؟
- على أي خطأ سنحاسب، ان المجاهدين يقاتلون في معركة تؤيدها سورية تأييداً كاملاً.
واذا اتخذتم موقفاً سلبياً من عملية السلام؟
- هذا بحث آخر. اذا وقع اتفاق سلام، فإن سورية ستلتزم الاتفاقات التي تعقدها مع الآخرين. ولكن هل تتوقع ان تقبل القيادة السورية أي طلب من الآخرين لمحاسبة المجاهدين على قتالهم لاسرائيل؟ الجواب لا حتى ولو كان ذلك سيعرقل الصلح.
بكلام آخر اذا عارضتم الاتفاق ماذا سيحصل؟
- انت تناقش في مواضيع لم تطرح بعد.
الحلقة الثانية الاسبوع المقبل


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.
مواضيع ذات صلة