تحتل روسيا حالياً المرتبة الاولى بين اهم مصدري الغاز الى أسواق اوروبا الغربية، فيما تخطط الجزائر لمضاعفة صادراتها قبل نهاية العقد الجاري، الى حوالي 60 مليار متر مكعب سنوياً الى دول اوروبا الجنوبية، خصوصاً اسبانيا والبرتغال، وبنسبة اقل الى ايطاليا وفرنسا. وفي السياق نفسه بدأت دول أخرى منتجة التخطيط لتصدير الغاز الى الاسواق الاوروبية، مستفيدة من نمو الطلب في هذه الاسواق، سواء لاعتبارات تتصل بالتوسع الاقتصادي فيها ام لاعتبارات بيئية تتعلق بالخطط الهادفة الى التوسع في استخدام مصادر اكثر نظافة للطاقة. وتعطي الدول المنتجة للغاز في الخليج، مثل قطر وابو ظبي وبعض الدول الاخرى مثل ليبيا وايران ومصر، اهمية متزايدة لمشاريع التصدير الى الاسواق الاوروبية عن طريق التركيز على خفض اكلاف النقل والانتاج بحيث يصبح الغاز الذي تنوي تصديره اكثر تنافسية مما هو عليه في الوقت الحاضر. ومن بين النجاحات ولو الجزئية، التي تحققت في الفترة القليلة الماضية، الاتفاقات المبدئية مع هيئة قناة السويس لاعطاء ناقلات الغاز عبر القناة باتجاه الاسواق الاوروبية تخفيضات تصل الى 35 في المئة، بعدما اعتبرت الاكلاف المرتفعة لشحن الغاز من الخليج احد المعوقات التي تحد من فرص نمو الصادرات الى اوروبا بالمقارنة مع اسعار الصادرات الروسية والجزائرية، ومن مصادر اخرى قريبة نسبياً من اسواق الاستهلاك. واضافة الى ذلك تظهر رغبة الدول المنتجة بزيادة حصتها من الاسواق الاوروبية من خلال المشاريع المتداولة، وتشمل في بعضها خططاً لمد خطوط انابيب في قاع البحر المتوسط، وصولاً الى مراكز تجميع، ومنها عبر خطوط برية الى أسواق الاستهلاك، على غرار ما تطرحه بلدان منتجة لاقامة مراكز تخزين في الموانئ الاسرائيلية، ومنها الى بعض الدول الاوروبية على الجانب الآخر من المتوسط، او ما يطرح بالنسبة الى مشاريع تصديرالغاز الى بعض الدول الاوروبية القريبة على المتوسط. الأوضاع الأمنية وتستند هذه الخطوة بصورة عامة الى اعتبارين رئيسيين: الاول، النمو المتوقع في الطلب على الغاز في الاسواق الاوروبية، والثاني المخاوف الاوروبية من تردي الاوضاع الامنية في اهم بلدين مصدرين اليها، وهما روسياوالجزائر، واحتمال تأثير هذا التردي على استقرار امدادات الغاز والنتائج السيئة التي يمكن ان تصيب الدورة الاقتصادية، واحتمال تعرض الطاقة الانتاجية للتوافق نتيجة نقص مصادر الطاقة، ما يفسر الاهتمام الخاص للدول المستهلكة بتنويع مصادرها لتقليص نسبة المخاطر، وتحسين قدرتها على الحصول على أسعار اكثر تنافسية. ومع ذلك فإن المنافس الرئيسي لصادرات الغاز من الشرق الاوسط الى اوروبا الغربية قد لا يكون فقط الصادرات الروسية، او حتى الجزائرية، كما تقول دراسة اعدتها اخيراً شركة "شل" العالمية، بقدر ما ستتمثل هذه المنافسة في الكميات الاضافية التي سيكون بامكان احدى الدول الاوروبية نفسها، وهي النروج، تصديرها الى الاسواق المجاورة، مستفيدة من الاحتياطات الكبيرة التي اكتشفت في حقول بحر الشمال، في السنوات الثلاث الماضية، والمشاريع العملاقة التي بدأت تنفيذها، والتي يتوقع ان تدخل مرحلة التشغيل أواخر العقد الحالي، باستثمارات تبلغ عشرات المليارات من الدولارات. وفي الواقع تخطط الحكومة النروجية لزيادة صادراتها في العام 2000 الى حوالي 62 مليار متر مكعب من الغاز، وهو رقم يزيد بواقع ملياري متر مكعب عما يفترض ان تكون صادرات الغاز الجزائري قد بلغته في الموعد نفسه، وهو 60 مليار متر مكعب. وحسب شركة "ستاتويل" الحكومية، فإن حجر الزاوية في خطط النروج لزيادة انتاجها من الغاز والتوسع في عمليات التصدير، يتمثل في البرنامج الذي بدأ تطبيقه لاستثمار حقل "اسغارد" الذي يعتبر، ليس فقط اكبر حقل للطاقة في بحر الشمال، وانما احد اكبر الحقول في العالم، باحتياطات تصل الى حوالي 232 مليار متر مكعب من الغاز، و730 مليون برميل من النفط. ويشتمل الحقل الذي لا يبعد سوى 260 كلم عن السواحل النروجية، بالمقارنة مع الحقول الاخرى في اقصى الشمال، على ثلاثة حقول رئيسية هي: "ميدغارد" و"سمربوك" و"سمربوك الجنوبي". ويتوقع ان تصل اكلاف الاستثمار الى حوالي 4 مليارات دولار، تشتمل في جزء اساسي منها على اقامة اكبر محطة عائمة، بكلفة تبلغ حوالي 400 مليون دولار، وستتولى شركة "آسيا براون بوفري" انشاءها بالتعاون مع شركتين نروجيتين، لاستخراج الغاز والنفط من تحت سطح الماء. وحسب تفاصيل العقد الذي وقعته "ستاتويل" التي تتولى ادارة الحقل بالتعاون مع الاستثمارات الخاصة، فإن طول السفينة العائمة سيصل الى 276 متراً بعرض 45 متراً، وبغاطس 26 متراً، على أن تبلغ طاقتها الانتاجية 220 ألف برميل يومياً، فيما من المقدر ان تصل سعتها التخزينية الى 150 ألف متر مكعب، مع طاقة معالجة تصل الى 16 مليون متر مكعب من الغاز يومياً. ومن المقدر وفق الخطط التي اقرتها "ستاتويل" بالتعاون مع الشركات المساهمة في المشروع، ويصل عددها الى 12 شركة عالمية، ان يدخل حقل "اسغارد" مرحلة الانتاج في شقها النفطي اعتباراً من اواخر العام 1998، في حين ان انتاج الغاز سيتأخر الى العام 2000، ويبرر المسؤولون عن المشروع التفاوت الحاصل في مواعيد الانتاج، برغبة ادارة المشروع في الحصول على عقود طويلة الاجل، في اشارة غير مباشرة الى المفاوضات الجارية منذ فترة لتصدير كميات اضافية الى كل من المانيا وفرنسا ودول اخرى قريبة. وتقول تقديرات متطابقة ان الصادرات المتوقعة للغاز النروجي في خلال السنوات الثلاث المقبلة، لن تزيد عن 40 مليار متر مكعب سنوياً لاسباب تتعلق بانتاجية الحقول القائمة حالياً، ورغبة الحكومة في تحقيق اكتشافات جديدة تغطي ما يتم استهلاكه. الاّ أن هذه الصادرات ستكون مرشحة للارتفاع الى ما يزيد عن 62 مليار متر مكعب مع حلول العام 2000، وهو الموعد المحدد للبدء باستغلال احتياطات حقل "اسغارد" ما يجعل النروج احد اهم المصدرين الى اوروبا والمنافس الرئيسي لروسياوالجزائر.