الأسهم الأوروبية تغلق على تراجع    أمير تبوك: نقلة حضارية تشهدها المنطقة من خلال مشاريع رؤية 2030    الفالح: المستثمرون الأجانب يتوافدون إلى «نيوم»    برئاسة ولي العهد.. مجلس الوزراء يقرّ الميزانية العامة للدولة للعام المالي 2025م    السعودية وروسيا والعراق يناقشون الحفاظ على استقرار سوق البترول    مغادرة الطائرة الإغاثية ال24 إلى بيروت    التعاون والخالدية.. «صراع صدارة»    الملك يتلقى دعوة أمير الكويت لحضور القمة الخليجية    الهلال يتعادل إيجابياً مع السد ويتأهل لثمن نهائي "نخبة آسيا"    في دوري يلو .. تعادل نيوم والباطن سلبياً    خادم الحرمين الشريفين يدعو إلى إقامة صلاة الاستسقاء    «التعليم»: 7 % من الطلاب حققوا أداء عالياً في الاختبارات الوطنية    أربعة آلاف مستفيد من حملة «شريط الأمل»    «فقرة الساحر» تجمع الأصدقاء بينهم أسماء جلال    7 مفاتيح لعافيتك موجودة في فيتامين D.. استغلها    أنشيلوتي: الإصابات تمثل فرصة لنصبح أفضل    الأسبوع المقبل.. أولى فترات الانقلاب الشتوي    «شتاء المدينة».. رحلات ميدانية وتجارب ثقافية    مشاعر فياضة لقاصدي البيت العتيق    الزلفي في مواجهة أبها.. وأحد يلتقي العين.. والبكيرية أمام العربي    مبدعون.. مبتكرون    ملتقى الميزانية.. الدروس المستفادة للمواطن والمسؤول !    هنآ رئيس الأوروغواي الشرقية.. خادم الحرمين الشريفين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية    بايدن: إسرائيل ولبنان وافقتا على اتفاق وقف النار    كيف تتعاملين مع مخاوف طفلك من المدرسة؟    حدث تاريخي للمرة الأولى في المملكة…. جدة تستضيف مزاد الدوري الهندي للكريكيت    قمة مجلس التعاون ال45 بالكويت.. تأكيد لوحدة الصَّف والكلمة    7 آلاف مجزرة إسرائيلية بحق العائلات في غزة    الدفاع المدني: استمرار هطول الأمطار الرعدية على معظم مناطق المملكة    كثفوا توعية المواطن بمميزاته وفرصه    شركة ترفض تعيين موظفين بسبب أبراجهم الفلكية    «هاتف» للتخلص من إدمان مواقع التواصل    حوادث الطائرات    حروب عالمية وأخرى أشد فتكاً    معاطف من حُب    الدكتور عصام خوقير.. العبارة الساخرة والنقد الممتع    جذوة من نار    لا فاز الأهلي أنتشي..!    الرياض الجميلة الصديقة    هؤلاء هم المرجفون    المملكة وتعزيز أمنها البحري    اكتشاف علاج جديد للسمنة    السعودية رائدة فصل التوائم عالمياً    خادم الحرمين الشريفين يدعو إلى إقامة صلاة الاستسقاء الخميس المقبل    مناقشة معوقات مشروع الصرف الصحي وخطر الأودية في صبيا    حملة على الباعة المخالفين بالدمام    «السلمان» يستقبل قائد العمليات المشتركة بدولة الإمارات    أهمية الدور المناط بالمحافظين في نقل الصورة التي يشعر بها المواطن    المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة يناقش تحديات إعادة ترميم الأعضاء وتغطية الجروح    مركز صحي سهل تنومة يُقيم فعالية "الأسبوع الخليجي للسكري"    "سلمان للإغاثة" يوقع مذكرة تفاهم مع مؤسسة الأمير محمد بن فهد للتنمية الإنسانية    جمعية لأجلهم تعقد مؤتمراً صحفياً لتسليط الضوء على فعاليات الملتقى السنوي السادس لأسر الأشخاص ذوي الإعاقة    حقوق المرأة في المملكة تؤكدها الشريعة الإسلامية ويحفظها النظام    استمرار انخفاض درجات الحرارة في 4 مناطق    الكرامة الوطنية.. استراتيجيات الرد على الإساءات    محمد بن راشد الخثلان ورسالته الأخيرة    زاروا المسجد النبوي ووصلوا إلى مكة المكرمة.. ضيوف برنامج خادم الحرمين يشكرون القيادة    نوافذ للحياة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مدينة تبحث عن هوية ومستقبل . دبي هل تأخذ دور هونغ كونغ في القرن المقبل ؟
نشر في الحياة يوم 02 - 12 - 1996

حتى اوائل القرن الحالي حملت دبي المدينة تسمية "الوصل" وشكّلت على ارضها اغرب فسيفساء بشرية عرفتها مدينة عربية وهذه الفسيفساء تستدعي الى الذاكرة صورة بغداد التاريخية بأسواقها المزدحمة بأهل الشرق والغرب. مدينة السياحة والترفيه ام مدينة التجارة الحرة ام مدينة عالمية متكاملة العناصر والامكانات؟
التحقيق الآتي يروي قصة المدينة ويحاول الاجابة عن هذا السؤال الذي يؤرق المهتمين بما تشهده دبي حيث يشكل الوافدون من كل جنس ولون ما نسبته 82 في المئة.
يبدأ تاريخ دبي كموقع اقتصادي متميز في منتصف القرن الثامن عشر عندما وفد اليها عدد كبير من العائلات العربية المعروفة على الشاطئ الايراني من قبائل كردستان المقيمة في حواضر مهمة هناك عاصمتها "لنجة" اثر تسلّم رضا شاه بهلوي السلطة في طهران في انقلاب عسكري ضد سلطة القاجار العام 1304 هجرية. ويسجل لهذه العائلات التي يتمتع احفادها الآن بامتيازات شتى في دبي انها جلبت معها الكثير من الامكانات والخبرات خاصة في مجال المعمار والتجارة والنقل البحري وتجارة اللؤلؤ.
وقد اطلق على هذه الفئة الجديدة في مجتمع دبي اسم "البستك" ذلك انهم اشتهروا بتقديم انواع "البسكويت المحلى" لضيوفهم حتى ان منطقة مهمة من دبي تقع على مقربة من بيت الحاكم لا تزال تحمل اسم "البستكية" حتى الآن وتتصف بداراتها الواسعة المزخرفة وهو أمر لم تكن المدينة تعرفه اذ اقتصرت المباني الحجرية في حواضر الخليج العربية قديماً على الحصون والقلاع والابراج للاغراض العسكرية والحماية ولتأمين سكنى الحاكم. اما بيوت العامة فكان معظمها من سعف النخيل.
واختار البستك التجارة نشاطاً لهم ومنهم من كوّن ثروات هائلة من تجارة السلاح وتهريبه الى بلاد السند لحساب قبائل الافغان التي حاربت الهند في الولايات الشمالية بشراسة. وباتجاه الساحل الايراني نشطت حركة تجارية لا تخلو من المخاطر قوامها نقل السلع الغذائية الرئيسية التي فرضت عليها ضرائب باهظة من قبل اسرة بهلوي وعلى رأسها السكر والارز والشاي لكن اخطر جانب في التجارة تولاه تجار لنجة القدامى الخبراء هو تهريب الذهب باتجاه الهند وتلك مرحلة يفخر بعض من تبقى من رجالاتها بانتصاراتهم فيها.
ولم يقتصر الأمر على البستك وحدهم وان كانوا الاكثر حظوة لدى الحاكم حينذاك لانهم جلبوا معهم الكثير من المدنية والمعرفة الفقهية والعلم ورأس المال بل توافد اتباع ملل واجناس شتى الى دبي مثل مجموعة من طائفة "البهرا" الاسلامية التي اشتهرت بالتجارة. وهي ذات اصول هندوكية اذ قدمت من غرب الهند وتدين بالمذهب الاسماعيلي .
ويذكر ان هذه الطائفة من التجار تسيطر على سوق مواد البناء في المدينة الى جانب الاتجار بالمواد الرئيسية كالسكر والارز وقد انخرط افرادها في المجتمع العربي. ويقال ان معظم افراد البهرا تحول الى المذهب السني في عهد مظفر شاه حاكم ولايتهم الهندية من العام 1407 الى 1411.
ويسجل ايضاً وجود جماعة اخرى من الهند هي البانيان من الهندوس الذين توافدوا الى دبي اثناء الاستعمار البريطاني للهند ومنذ العام 1885 بدأوا العمل كوكلاء للشركات البريطانية والهندية في بومباي واقاموا تجارتهم في المنسوجات واعمال الصرافة وتقديم القروض لتجار اللؤلؤ لأن المسلمين لا يمارسون الربا. وما يزالون حتى الآن يشكلون فئة اقتصادية ناشطة. وللبانيان امتيازات دينية تحدث عنها جميع الرحالة العرب والاجانب الذين زاروا المنطقة ويسجل للمدينة انها سمحت لهم بإقامة معبد خاص بهم ومزاولة طقوسهم الدينية حتى ان العرب والمسلمين كانوا يتحاشون ذبح اغنامهم وابقارهم على مرأى منهم.
يبدو ان اهتمام العرب بالتجارة واجه صعوبات اجتماعية في البداية ويذكر لنا عبدالله بن عوقد حادثة طريفة تتعلق بافتتاح أول دكان في دبي لعربي هو شقيقه راشد بن عوقد فقد قوبل بسخط كبير حتى انه تعرض للضرب من قبل الزبائن العرب لانه كان من المعيب ان يتولى عربي البيع في دكان.
اما محدثنا فقد انشأ ما يمكن ان نطلق عليه مؤسسة للنقل البحري اختصت بنقل الركاب اساساً لأداء الحج في مكة المكرمة وفي الانتقال ما بين سواحل شرق افريقيا واليمن والخليج.
ويصف لنا بن عوقد التقسيمات التجارية في المدينة اوائل هذا القرن على الشكل التالي:
تجار البستكية من الاصول العجمية ينفردون بتجارة الارز والسكر والطحين. في حين تتولى عائلات اخرى مثل كلداري والفطيم والكاز بتجارة الذهب الرائجة وينفرد البانيان الهنود بتجارة اللؤلؤ. في حين يأتي اهل الزبير العراقيون بالغتر والشالات والملابس. وتحول اهتمام العرب نحو تجارة اللؤلؤ والغوص وبرز منهم اسماء لامعة في ذلك الوقت لعل التاجر احمد بن دلموك في دبي ابرزهم الى جانب اسماء اخرى من عائلة العتيبة والعويس وغيرهم.
نشطت التجارة المهربة مع مناطق مجاورة وبحكم اللغة والدين وطرق التهريب التي تمر عبر مناطق نفوذ القبائل كان لابد للعرب من تسلم زمام هذه المرحلة دون غيرهم واستمر الامر حتى نهاية الحرب العالمية الثانية وجمع العديد من العرب ثروات لا بأس بها من التجارة الحرة هذه المرة بعد تخليهم عن الاتجار باللؤلؤ الطبيعي اثر ظهور اللؤلؤ الزراعي في اليابان وتوقف اساطيل الغوص عن الخروج الى البحر العام 1949.
وعلى الرغم من توقيع الشيخ سعيد المكتوم حاكم دبي في النصف الاول من هذا القرن اتفاقية للبحث والتنقيب عن البترول العام 1937، لم يعثر على البترول الا العام 1966 على عمق 7600 قدم وعلى بعد 96 كلم من الشاطئ. وفي العام 1980 بلغ عدد الآبار 144 بئراً ليرتفع الانتاج الى حدود نصف مليون برميل في اليوم.
وتخوض دبي منذ 1958 معركة تجديد واصلاح وتنمية فريدة اثر تولي الشيخ الراحل راشد بن سعيد المكتوم الحكم الذي انشأ اكبر ميناء عالمي في منطقة جبل علي، وسبق ان قام بتأهيل ميناء خاص في المدينة استقطب سفن الحاويات من احجام كبيرة.
وفي احصاء تقريبي نشرته احدى الجهات الاقتصادية ان في دبي 240 مصنعاً. وبذلك تحتل المركز الاول في الامارات على هذا المستوى اضافة الى 50 ألف منشأة و25 مكتباً تجارياً دولياً تمثيلياً. ويبدو ان اليابان وايران شريكتان رئيسيتان تجارياً فقد بلغ حجم الواردات من الالكترونيات 3 مليارات درهم سنوياً. وتستورد المدينة 250 ألف جهاز تلفزيون و3 ملايين جهاز راديو ومسجل وفيديو وربع مليون جهاز تكييف واكثر من 5 ملايين ساعة يد و200 الف ثلاجة!!
وتقيم المدينة معارض لاحدث ما ينتج في العالم سنوياً تعرض فيها كل ما يخطر في البال من ابرة الخياطة حتى الطائرة - الشبح.
"الوسط" سألت المحامي دلموك محمد دلموك عضو المجلس الوطني الاتحادي في الامارات البرلمان إذا كان النمو الاقتصادي تواكبه عمليات تطوير واضافات قانونية ملائمة، فرد بأن الازدهار الاقتصادي الذي شهدته الامارة منذ الستينات ما كان ليتحقق لو لم تتوفر له بنية قانونية جديدة يتركز عليها. ففي العام 1966 صدر قانون الجمارك لتنظيمها وحدد طرق ومستويات تحصيل الرسوم على البضائع المستوردة والمصدرة. وفي العام 1970 صدر قانون بتشكيل المحاكم وتبعه قانون البينات الذي حدد وسائل الاثبات في المعاملات المدنية والتجارية العام 1971 وحدد قانون العقود في العام نفسه. وعقب اعلان اتحاد الامارات ساهمت دبي بشكل فعال في صياغة العديد من القوانين الاتحادية المعمول بها الآن على مستوى الامارات كلها، مثل قانون الوكالات التجارية وقانون الشركات التجارية وقانون العلامات التجارية وقانون آخر يخص قمع الغش التجاري وأخيراً قانون حماية الملكية الفكرية والفنية.
لكن قوانين كثيرة اعلن عنها أخيراً عبر وسائل الاعلام لم تطبق بعد، مثل قانون تمليك الشقق والعقارات السكنية في دبي؟
- طرحت فكرة مشروع القانون في وسائل الاعلام ولم يصدر القانون بشكل رسمي بعد، وأنا شخصياً مع القانون واعتقد بأنه سيحرك سوق العقار في الامارة.
ملاحظات كثيرة يبديها أصحاب رأس المال الأجنبي في الامارة تتعلق بقوانين الاستثمار وضرورة الشريك المواطن الاماراتي، الا ترى ان مثل هذا الشرط يقلل من حجم الرساميل الخارجية التي تريد العمل هنا؟
- أولاً ليست دبي محطة عبور للرساميل بل موقع مستقر تمنح فيه الاستثمارات الخارجية امتيازات كثيرة، وهذا ما دفع بالعديد من الجهات العالمية الصناعية والاقتصادية لبدء نشاطها في المنطقة باتخاذها دبي موقعاً اقليمياً. قد يطرح البعض فكرة انشاء مشروعات بملكية كاملة للمستثمرين الأجانب وهذا ما وفرته منطقة جبل علي الحرة. ولو نظرنا الى قوانين المشاركة والاستثمار داخل الامارة سنجد ان المستثمر الأجنبي يحق له المشاركة بما نسبته 49 في المئة من رأس المال و51 في المئة لمواطن الامارات، وفي الشركات المهنية يحتفظ المستثمر المحلي بنسبة 25 في المئة فقط من قيمة الشراكة. ودعوني هنا ابين مسألة هامة وهي ان دبي لا تعرف الضرائب التي تمس رؤوس الأموال المستثمرة في أي بلد في العالم. ومن المتعارف عليه ان حركة رأس المال ترتبط عادة بالبنى التحتية المتكاملة وتوافر الخدمات وعدم فرض القيود على حرية تحريك الأموال وهذا كله متوافر هنا. فضلاً عن ان لمصارفنا سمعة دولية طيبة في خدماتها الى جانب سهولة المواصلات والاتصالات، والى جانب هذا كله نشاط السوق وأجهزة الأمن المتكامل والاستقرار السياسي.
وما رأيك في منع الأجانب من التملك في دبي؟
- ليس هناك بلد يسمح بتملك الأجانب الأراضي تمليكاً مطلقاً.
يتردد ان هناك نوعاً من الانفلات التجاري في أسواق الامارة يهدد السمعة التجارية مثل العلامات المقلدة وعدم تطبيق قانون الوكالات التجارية على بعض السلع العالمية المعروفة.
- انفلات تجاري عبارة غير دقيقة في اعتقادي، فنحن كما تعلمون نطبق نظام حرية السوق وفلسفتنا قائمة على الجودة وتدفق الكثير من السلع والبضائع والخدمات المرتبطة بها الى اسواقنا لا يعني ان هناك انفلاتاً. والامارة تطبق قوانين الغش التجاري وحماية الوكالات والعلامات التجارية بدقة وصرامة اضافة الى ان الأجهزة الرقابية تقوم بمسح دقيق للأسواق باستمرار للتأكد من تطبيقها القوانين المرعية.
بين الجودة والخصخصة والمستثمر الاجنبي
تتطلع دبي الى انشاء كلية للتجارة والاقتصاد فيها رغم وجود كلية من هذا النوع في جامعة الامارات بغية ايلاء الجانب التطبيقي الاعتبار الاهم. وهو ما يفسره المراقبون على انه محاولة ملحة من الامارة لتأهيل اجيال جديدة من التجار يتسلحون بالعلم الى جانب الخبرة المكتسبة لرفع مستوى الفاعلية في اقتصاد الامارة للقرن المقبل في اطار سوف يخدم 1.3 مليار نسمة هم شعوب الخليج العربي والشرق الاوسط وشبه القارة الهندية وشرق افريقيا ووسطها وجنوب افريقيا التي بدأت تتصدر لائحة الاسواق المتعاملة مع دبي في الفترة الاخيرة.
رئيس غرفة التجارة والصناعة في دبي سعيد النابودة يقرّ في حديثه الى وسائل الاعلام بأن غرف التجارة لا تزال تعمل في نطاق الوضع السياسي العام للبلد الذي تقع في اطاره الاقليمي والتجمعات السياسية الاقليمية والدولية. ويفخر النابودة بأن غرفة تجارة دبي تصدر يومياً ما معدله 500 شهادة منشأ وهو رقم يتجاوز بكثير ما تصدره غرف مشابهة في العالم، وان عدد اعضائها 320 الف مؤسسة حتى الآن. لكن الدائرة الاقتصادية في الامارة وهي عبارة عن وزارة اقتصاد محلية التي تضع نصب اعينها حماية المستثمر والحفاظ على مصالحه تبدو مساهمة رئيسية في تنشيط القطاع الاقتصادي في الامارة عن طريق اقامتها مؤتمرات اقتصادية متخصصة على ارض الامارة واستقطاب الخبرات الدولية للحديث فيها لاقامة الدورات التدريبية المتنوعة للعاملين فيها وفي القطاع الاقتصادي بشكل عام، علماً ان جائزة الجودة التي تشرف عليها بدأت تؤتي ثمارها.
وثمة مشكلة ملحة بدأت تأخذ طريقها الى الصحافة المحلية وتتعلق بحماية حقوق المستثمر الاجنبي في الامارة. فقد اصدرت محكمة دبي اخيراً قانوناً خاصاً بالشركات يتضمن بنوداً هامة معمولاً بها منذ عقود، اولها تقسيم الشراكة على اساس 51 في المئة للشريك الاماراتي و49 في المئة للوافد، وقد قضى قرار محكمة دبي بعدم السماح بتأجير او بيع الرخص الصادرة عن الدائرة الاقتصادية باسم المواطن الى مستثمر اجنبي، وقد جرت العادة سابقاً ان يلجأ المستثمر الوافد الى المحامين المزاولين للمهنة في الامارات لاجراء عقود جانبية تحافظ على حقوقهم بطرق قانونية مشروعة، ذلك ان الشريك الكفيل قد لا يدفع اي جزء من رأس المال احياناً ويقوم باستصدار رخصة يؤجرها للمستثمر الوافد الذي يتحمل اغلب الاحيان اعباء الشراكة المالية كافة لقاء مبلغ يدفع سنوياً لصاحب الترخيص.
ويبدو ان قضايا كثيرة تنظر فيها محاكم دبي تتعلق بعلاقة ورثة الكفيل المواطن والشريك الوافد دفع الى استصدار هذا القرار الذي قد يؤثر كثيراً على حجم الاستثمارات في دبي مستقبلاً اذ ترتبط الشراكة بطول حياة الكفيل وقد يرغب الورثة بتغيير كل شيء، ويطول امر تأسيس الشركات الضمانات التي يجب ان يقدمها الشريك المحلي بما يوازي حصة في رأس المال، وقد دفع هذا الامر بالعديد من المواطنين العاملين في القطاع الاقتصادي لرهن عقاراتهم وممتلكاتهم من الاراضي والمباني مما دفع بحاكم الامارة الى اصدار قانون بمرسوم يمنع البنوك من رهن العقار اياً كانت اوضاعه. ويبحث اساتذة من معهد القانون الدولي في دبي السبل الكفيلة بحفظ حقوق الشركاء من دون المساس بالسمعة الاقتصادية للامارة. وفي الوقت الذي تتوقف الدائرة الاقتصادية عن منح رخص جديدة لقطاعات معينة ترى ان عددها فاق بكثير احتياجات الاسواق، فان ظاهرة الاعلانات التحذيرية الخاصة بالعلامات التجارية المعروفة وحقوق توزيعها تتصدر الصحف يومياً من قبل وكلائها.
وهكذا تتجه مؤسسات كبيرة في الامارة نحو طرح حصص من رأس مالها للاكتتاب بعدما كانت ملكية اجنبية كاملة مثل جمبو للالكترونيات في دبي، وهي اكبر شركة لتوزيع الالكترونيات في الشرق الاوسط اذ تصل مبيعاتها السنوية الى حدود 1.5 مليار درهم، وقد طرحت 20 في المئة من رأس مالها للاكتتاب الخاص بمواطني الامارات فاجتذبت ما يقارب 90 مليون درهم لرفع رأس المال والتوسع، وقد تم الامر في اكتتاب خاص لا على اساس الاسهم او السندات وهكذا يتوقع تكرار التجربة مع شركات ومؤسسات ضخمة مختلفة في الامارة.
لكن المفاجأة الكبرى التي فجرتها الدوائر الرسمية خلال الاسابيع الماضية هي اللجوء الى الخصخصة في قطاع حكومي هو هيئة البريد، اذ سمحت لشركات عالمية متخصصة في هذا المجال بممارسة نشاطها في الامارة تمهيداً لاعتماد مبدأ التخصيص في قطاعات اخرى تتعلق بالخدمات.
عقد التسعينات عقد الاستحقاقات
منذ قيامها، تنتهز دبي - على جري عادتها - الفرصة لاجتذاب الاهتمام والمال، منذ تسلم أبناء الشيخ راشد المكتوم حاكم دبي الراحل زمام الأمور في الإمارة وقد قاربت معالم الأمور الاقتصادية والسياسية فيها الاكتمال. وقد واجهوا مرحلة صعبة وسط خضم متلاطم من القضايا الاقليمية والدولية، فحرب الخليج الثانية التي أدت إلى تحرير الكويت حملت معها تباشير اقتصادية غاية في الأهمية، فالشركات العالمية التي تساهم في إعادة إعمار الكويت تحتاج إلى موقع اقليمي لتدير أعمالها وقوات التحالف تحتاج إلى تأمين الامدادات الغذائية والدوائية، ودبي هي الموقع المثالي لكل هؤلاء.
تؤكد مصادر عليا في الإمارة معنية بالشأن السياحي ان عائدات السياحة ستضاهي عائدات النفط بحلول العام 0020. ويقال إن الناتج المحلي للإمارة من هذا القطاع بلغ العام الحالي 11 في المئة، ويتوقع بلوغه نسبة 20 في المئة خلال العامين المقبلين، وهو ما يوزاي عائدات النفط وتدعم الحكومة بكل طاقتها هذا القطاع وعندما انشئ ما يسمى مجلس دبي للترويج والسياحة العام 1990 حددت له موازنة قدرها 15 مليون درهم، إلا أنها خلال عامين فقط ارتفعت إلى 60 مليون درهم.
يقول خالد بن سليم الرئيس التنفيذي لمجلس ترويج السياحة والتجارة في دبي: خطط لقيام المجلس عام 1989 لكن التسويق الفعلي بدأ العام 1990 واعتمدنا في البداية ارسال وفود من قبلنا إلى مختلف انحاء العالم للتعريف بامكانات الإمارة والدولة بشكل عام، فنحن نشارك حالياً في أكثر من 30 معرضاً سياحياً عالمياً كل سنة، والهدف الأول منها هو اجتذاب الاستثمارات إلى المدينة، اضافة إلى اجتذاب السياح. إن توفر الأمن والاستقرار في بلدنا ميزة مهمة تجذب رؤوس الأموال وقد دعمت الحكومة هذا التوجه بإقامة بنى تحتية هائلة لخدمة السياحة. فمشروع توسعة المطار الذي سينجز قبل العام 2000 سيكلفها ملياري درهم أي 550 مليون دولار، وسيلبي المطار الجديد احتياجات الإمارة لعقدين مقبلين، وقامت بتمويل شراء طائرات جديدة لاسطول طيران الإمارات عن طريق المصارف المحلية بقيمة مليار دولار عدا عن الموازنات الخاصة بحملات الترويج التي فاقت ال 140 مليون درهم العام 1995، وشركات الفنادق العالمية من الفئة الممتازة تتسابق لإقامة مجمعات فندقية وسياحية لها بتكلفة عالية. وكل ذلك دفعنا إلى اقامة مهرجان دبي للتسوق العام الماضي الذي حقق فائدة كبيرة للجميع.
تقول دراسة انجزت أخيراً عن مهرجان التسوق إنه نجح في استقطاب مزيد من الزوار إلى الإمارة وزاد نسبة الانفاق والتبضع. وكشفت ان عدد الزوار من مقيمين وقادمين اثناء المهرجان بلغ 16 مليون زائر انفقوا خلالها ما يعادل 6،2 مليار درهم وقد اتضح ان القادمين من أوروبا الغربية كانوا الأكثر عدداً 80 ألفاً يليهم الخليجيون، وحل مواطنو الاتحاد السوفياتي السابق في المرتبة الثالثة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.