توج الأمير سلطان بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران رئيس مجلس ادارة مؤسسة "الخطوط العربية السعودية" مسيرة خمسين عاماً من الخدمة والانجاز ل "السعودية" باعلانه عن قرب توقيع الصفقة المرتقبة لتزويد "السعودية" طائرات جديدة. وأعلن في حفل اقامته "الخطوط السعودية" الموافقة على صفقة تحديث اسطول الشركة ب 61 طائرة تشمل 5 طائرات 747 - 400، و23 طائرة طراز 777 - 200، و29 طائرة طراز MD90، و4 طائرةات طراز MD11. وأشاد الأمير سلطان بالدعم اللامحدود الذي تحظى به "الخطوط السعودية" من حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز، مشيراً الى عزم الحكومة السعودية انشاء "الشركة الأهلية السعودية للخطوط الجوية" في خطوة جادة نحو خصخصة المؤسسة. وقد بدأت مسيرة التطور في عمر "السعودية" منذ عام 1945 حين وصلت طائرة الداكوتا "دي سي 3" هدية الرئيس الاميركي فرانكلين روزفلت الى الملك عبدالعزيز رمزاً لصداقة نشأت بين الزعيمين اثر اجتماعهما التاريخي في شباط فبراير 1945. وفي العام نفسه غادر الملك عبدالعزيز مدينة الرياض متجهاً الى مدينة الطائف براً، واثناء الرحلة ونظراً الى طول المسافة استدعى الطائرة لتقابله على الطريق الى الطائف ليكمل رحلته جواً. وفي عام 1946 امر الملك عبدالعزيز بتأسيس "الخطوط الجوية العربية السعودية" كادارة تابعة لوزارة الدفاع والطيران، وتتالى شراء المزيد من الطائرات من طراز داكوتا تمهيداً لتسيير رحلات منتظمة بين الرياض وجدةوالظهران والطائف، وفي البداية اتخذت "الخطوط السعودية" الرمز SAA للدلالة عليها، لكنه استبدل في وقت لاحق بالرمز SDI، نظراً الى تشابهه مع رمز شركة طيران جنوب افريقيا التي سبقت "السعودية" في استخدامه، ثم انشئ اول مطار في منطقة الكندرة في جدة، وهي منطقة قريبة حالياً من وسط المدينة. وخلال فترة وجيزة تمكنت شركة الطيران الفتية من تغيير نمط الحياة في المملكة بأسرها، وغدت الرحلة التي تستغرق اربعين يوماً على ظهر البعير تتم في اربع ساعات فقط، وكانت المرافق الأضية بسيطة للغاية ولم يكن المطار سوى شريط ممهد من الأرض في الصحراء لكن ذلك لم يوقف مسيرة الخير، فانتظمت الرحلات الجوية لتشمل أولاً المدن الرئيسية في المنطقة الوسطى والغربية والشرقية، ثم الى المناطق الجنوبية الغربية فالمناطق الشمالية. وفي اواسط الخمسينات اصبحت "السعودية" تمتلك مؤسسة طيران باسطول يضم 15 طائرة من طراز داكوتا دي سي 3. وفي عام 1949 تم تدعيم هذا الاسطول بخمس طائرات من طراز بريستول 170 التي استخدمت في نقل الركاب والشحن. وفي عام 1952 قامت "السعودية" بشراء خمس طائرات من طراز دي سي 4 المزودة بأربع محركات وذات مدى اطول لاستخدامها في رحلات الى منطقة البحر الأبيض المتوسط. ونظراً الى ان هذه الطائرات لم تكن مكيفة ورغبة من السعودية في تقديم مستويات افضل من الراحة للمواطنين والقادمين، لا سيما في اشهر الصيف الحارقة، وقع الاختيار على طائرة الكونفير 340 ذات المحركين المكيفة التي انتجت بعد الحرب العالمية الثانية وتم شراء عشر طائرات منها ادخلتها "السعودية" الخدمة في عام 1954 - 1955. عصر الطائرات النفاثة وبحلول عقد الستينات ومع تنامي قدرات "السعودية" وطموحاتها في منافسة الشركات العالمية، لم يكن من الممكن تحقيق ذلك بقدرات "السعودية" الضعيفة نسبياً من الطائرات، لذا قامت "الشركة" في عام 1963 بشراء طائرتين من طراز بوينغ 720 ب ذات اربعة محركات نفاثة، وتوسعت شبكة الخطوط حيث سيرت "السعودية" رحلات منتظمة الى الدار البيضاء عبر بيروت وطرابلس وتونس فكان اول خط يربط بين المشرق والمغرب العربيين. كما سيرت رحلات الى نقاط في اوروبا الغربية، منها لندن وجنيف وفرانكفورت. وإدراكاً من "السعودية" للحاجة الماسة للنقل الجوي للخدمة في داخل السعودية تم تزويد المدن المهمة بمدرجات خرسانية كالمدينةالمنورة وابها والطائف وتبوك وجيزان اضافة الى مطارات الرياض وجدةوالظهران. وفي عام 1967 استخدمت على رحلاتها الداخلية اسطولاً من ثلاث طائرات من طراز دوغلاس دي سي 9 ذات المحركين، واستمرت هذه الطائرات في الخدمة الى ان تم استبدالها بطائرات بوينغ 737. وفي عام 1968 واصلت "الخطوط السعودية" خطواتها التوسعية حيث تسلمت اول طائرتين من طراز بوينغ 707 والتي لم يسبق استخدامها في منطقة الشرق الأوسط، وتتالى وصول الطائرات من طراز بوينغ 737. وفي عام 1972 حطمت "السعودية" حاجز المليون مسافر، وبلغت ارباحها 9.5 مليون ريال مع زيادة بنسبة 50 في المئة في حركة نقل البضائع، وخلال عقد من الزمن ارتفع عدد المحطات الدولية من 13 محطة الى 30 كما ان غالبية رحلاتها اصبحت مباشرة من دون توقف. كما تم اعتماد التصميم الجديد للشعار وتبني اسم "السعودية" باعتباره الاسم الرسمي للمؤسسة، كما اختارت الشركة زياً جديداً لموظفيها ولوناً جديداً لطائراتها. ولا تكتمل الصورة عن النقل الجوي في المملكة العربية السعودية من دون القاء الضوء على دور "السعودية" في خدمة حجاج بيت الله. ففي الماضي كان معظم الحجيج القادمين من المناطق المجاورة يستخدمون الطرق البرية في شبه الجزيرة باستخدام قوافل الجمال او عن طريق البحر الى جدة وغيرها من الموانئ الصغيرة على البحر الاحمر، الا ان استخدام النقل الجوي احدث تغييراً كبيراً. وفي عام 1937 بدأت اول رحلة جوية لنقل الحجاج من القاهرة الى جدةوالمدينة وقامت بها شركة مصر للطيران باستخدام طائرة من طراز دي هافيلاند. وفي عام 1946 قامت الشركة بأول رحلة لها لنقل الحجاج من مطار اللد في فلسطين. وفي هذه الأيام يقدر عدد الحجاج سنوياً بمليوني حاج يأتي معظمهم عن طريق الجو الى مطار الملك عبدالعزيز في جدة. خلال السبعينات، نمت حركة النقل الجوي في السعودية نمواً كبيراً تلبية للطلب الكبير على السفر وازدهار النشاط الاقتصادي، واصبح استخدام الطائرات الكبيرة ضرورة ملحة. واستجابة لهذه الحاجة وبتوجيه من الأمير سلطان تعاقدت "السعودية" في أيار مايو 1974 على شراء طائرتين من طراز ترايستار بسعة 214 مقعداً، تم تلا ذلك طائرات اخرى من الطراز نفسه حتى بلغ اجمالي عددها 20 طائرة. الى الولاياتالمتحدة وبتزايد حركة النقل الجوي من السعودية واليها عجزت الطائرات الجديدة من طراز ترايستار عن مواكبة هذا النمو، فاستأجرت "السعودية" طائرتين من طراز 747 - 200 سعة 377 مقعداً، دخلت الخدمة الفعلية في شهر حزيران يونيو عام 1977، كما تمت اضافة المزيد من المسارات على خريطة اوروبا الغربية، وفي شباط فبراير عام 1979 تم تدشين اهم المسارات في تاريخ "الخطوط السعودية" عندما سيرت رحلات مشتركة بالتعاون مع شركة بان اميركان من الظهران الى نيويورك مباشرة. وفي شهر تموز يوليو عام 1981 قامت "السعودية" برحلتها الأولى المباشرة من جدة الى نيويورك بطائراتها من طراز "بوينغ 747 اس. بي". واعتبر هذا الخط اضافة الى خط الرياض - نيويورك والذي دشن لاحقاً الخط المباشر الوحيد في العالم الذي يغطي اربع قارات، اذ يربط آسيا وأميركا محلقاً فوق افريقيا واوروبا. واضافة الى الخط المباشر الى نيويورك سيّرت "السعودية" رحلات الى بانكوك ومانيلا وسنغافورة في الشرق الأقصى، كما تم تدشين المسار الى سيول باستخدام طائرات بوينغ من طراز 747 اس بي وافتتاح خط نيروبي في شرق افريقيا. ومع تزايد الطلب على النقل الجوي في القطاع الداخلي وكثافة الرحلات الدولية، تضاعفت حركة نقل الركاب بمقدار 11 ضعفاً خلال عقد واحد. وفي عام 1983 نقلت "السعودية" اكثر من 11 مليون راكب، وبذلك احتلت مكان الصدارة في منطقة الشرق الأوسط. ان تحقيق هذه الانجازات خلال مدة وجيزة لم يخل من المصاعب والعقبات، منها نمو حركة النقل الجوي، الذي شكل ضغطاً هائلاً على البنية الأساسية، ما دعا السلطات الحكومية لتنفيذ الكثير من المشاريع الأساسية، كالمطارات والخدمات الملاحية وخدمات المراقبة الجوية، ومنها ايضاً موسم الحج وكثافة اعداد الحجاج وضيق الوقت المطلوب لنقلهم، ما يعني الحاجة لعدد هائل من العمالة الاجنبية لتنفيذ مشاريع التوسع العمراني والصناعي، ولمواجهة هذه الاحتياجات المتلاحقة زادت "السعودية" اسطولها من الطائرات باستئجار عدد كبير من الطائرات من ضمنها 12 طائرة من طراز دوغلاس دي. سي. 8 سعة 163 مقعداً، اضافة الى عدد اكبر من طائرات الشحن منها 12 طائرة من طراز دوغلاس دي. سي. 8. اف. العريضة السطح بحمولة مئة طن من البضائع، كما حصلت "الخطوط" على 14 طائرة شحن من طراز لوكهيد سي 130، وفي عام 1984 تعاقدت "السعودية" على شراء 11 طائرة من طراز ايرباص 300 للعمل على الخطوط الداخلية ذات الكثافة العالية اضافة الى تدعيم طائرات الترايستار في الرحلات الدولية الاقليمية. وهكذا تأهلت "الخطوط السعودية" للدخول في السنوات الأخيرة من القرن العشرين بأسطول متوازن من الطائرات ذات المحركين والثلاثة والأربعة وجميعها من الطائرات العريضة الجسم وذات السعة الكبيرة. الشحن الجوي وشهدت حركة الشحن الجوي نمواً مطرداً، ليس فقط في سعة المستودعات على طائرات الركاب بل وايضاً في عدد طائرات الشحن اضافة الى افتتاح خطوط جديدة للشحن. ففي اواخر السبعينات استبدلت الطائرات من طرازات دوغلاس دي سي 3 وبريستول 170، ودوغلاس دي. سي. 6 بطائرات من طراز دوغلاس دي. سي. 8 - 63 اف. كما تم في عام 1981 تدعيم اسطول الشحن بطائرات الشحن العملاقة من طراز بوينغ 747 اف بحمولة تصل الى 100 طن متري. وباتت ست من هذه الطائرات الضخمة منظراً مألوفاً في المطارات الاوروبية والآسيوية. وفي عام 1986 قامت "السعودية" باختيار مدينة بروكسيل في بلجيكا لتكون مركزاً لتجميع الشحنات في اوروبا الغربية، نظراً الى موقعها الاستراتيجي في قلب المنطقة الصناعية في اوروبا الغربية، ولقربها من الكثير من العواصم الرئيسية مثل لندن وباريس وامستردام اضافة الى قربها من مراكز الصناعات الثقيلة في المانيا. وفي عام 1988 اختارت "السعودية" مدينة تايبيه لتكون مركزاً لتجميع الشحنات في جنوب شرقي آسيا، نظراً الى توسطها وقربها من المراكز التجارية والصناعية المهمة مثل اليابان وكوريا وهونغ كونغ. وفي عام 1990 تم تمديد خط الشحن المتجه الى تايبيه ليصل الى مدينة طوكيو في اليابان.