محافظ احد رفيدة يرعى احتفال المحافظة باليوم الوطني 94    محافظ العيدابي يرعى احتفال الاهالي باليوم الوطني ال94    رئيس وزراء فلسطين: إسرائيل مقتنعة أنها دولة فوق القانون    نقاء تدشن إنطلاقتها بالإحتفاء باليوم الوطني السعودي ٩٤    نخيل القصيم أمسية في المسرح الروماني    مستشفى بيش العام بتجمع جازان الصحي يحتفي باليوم العالمي للصيدلي    الاتحاد يعبر الخليج.. و الأهلي ينزف    إحباط تهريب (130) كجم «قات» في جازان و(10) كجم «حشيش» في عسير    السوبر الافريقي: ركلات الترجيح تحسم اللقب للزمالك على حساب الاهلي    فيصل بن فرحان يلتقي وزير خارجية كوريا    وزير الخارجية: الحرب في غزة هي أساس المشكلة وسبب التصعيد في المنطقة    برنامج علاجي خاص للاعب الهلال نيفيز    الكتاب... «معين يفيض بالمعرفة»    أنباء متضاربة عن اغتيال نصرالله    إنجاز 61 % من مشروع تقاطع الأمير نايف مع الدائري الثالث في المدينة المنورة    القطاع الخاص يشرع في تنفيذ أول منصة رقمية لمنظومة الترفيه    تأهل السعودية سمية منشي لنهائي كأس العالم للكيك بوكسينغ    شكر النعم    «الصحة» تؤكد.. أولوية "الخدمة" لمن لديهم مواعيد مسبقة في المراكز الصحية    الاندماج بين مجموعة مغربي للتجزئة وريفولي فيجِن يقود إلى تطور قطاع البصريات في الشرق الأوسط    وزير الاقتصاد والتخطيط يلتقي نائب الأمين العام للأمم المتحدة    "المتاحف" تطلق معرض فن الصين الأول في المملكة    «هيئة العقار» تُعلن بدء التسجيل العيني ل 43 ألف عقار في الرياض والدرعية    خطيب المسجد النبوي:صفتين محمودتين يحبهما الله هما الحلم والأناة    القيادات تتساقط.. «حزب الله» يتهاوى    لليوم الخامس.. إسرائيل تكثف الغارات على جنوب لبنان    ارتفاع درجات الحرارة العظمى على أجزاء من مكة والمدينة    فعاليات جمعية الثقافة والفنون بالدمام باليوم الوطني تستقطب 30 ألف زائر    إدارة تعليم عنيزة تحتفل باليوم الوطني 94 بحضور محافظ عنيزة    لتجذب الآخرين.. احفظ هذه الخمس    مواليد هذه الأشهر مختلفون أبرزهم كريستيانو وسيمون    الذهب يسجل 5 أرقام تاريخية في أسبوع    ردع العابثين    5 أمور تجعل تنظيف الأسنان أساساً    صدمة..حمية الكيتو تهددك بالسكري!    قصر النظر وباء يتطلب استجابة عاجلة    ضمن تصفيات كأس آسيا .. الأخضر الشاب يواجه "ماكاو"    محافظ الزلفي يرعى احتفال إدارة التعليم باليوم الوطني 94    أمير القصيم دعم رجال الأعمال يعكس وعيهم في بناء مجتمع معرفي    عندي لكم خبرين !    أعتى تضاريس وأقسى مناخات!    الشريك الرسمي للإتحاد الافريقي لكرة القدم : ايرادات السوبر تتجاوز ال 4 مليون دولار    فريق أمل وعمل التابع لجمعية رواد العمل التطوعي في جازان يحتفي باليوم الوطني ال٩٤    مكتب الضمان الاجتماعي في حائل يُقيم دورة "بناء نموذج العمل الحر لمستفيديه"    المملكة تُقيم مخيمًا للنازحين الفلسطينيين في خان يونس بجنوب غزة    الأفكار التقدمية خطر أم استقرار؟!    من البساطة إلى التكاليف!    أمير الرياض: إطلاق 'مؤسسة الرياض غير الربحية' تجسيد لحرص القيادة على دعم وتطوير العمل المؤسسي والاجتماعي    الكلية التقنية للبنات بنجران تحتفل باليوم الوطني السعودي    ولي العهد يُعلن إطلاق مؤسسة الرياض غير الربحية وتشكيل مجلس إدارتها    تعليم مكة يحتفي باليوم الوطني ب " السعودية أرض الحالمين " وأوبريت "أنا وطن"    وزير الخارجية في الجلسة المفتوحة لمجلس الأمن: السعودية ملتزمة بتعزيز العمل الجماعي لتحقيق الأمن والتنمية    الحب والروح    نائب أمير مكة يشهد حفل اليوم الوطني بالإمارة    أكد دعم القيادة للعمل الخيري الإسلامي وسرعة الاستجابة.. الربيعة: المملكة تولي اهتماماً كبيراً باللاجئين في العالم لعيشوا بأمان وكرامة    اكتشاف نوع جديد من القرش «الشبح»    خطبة الجمعة المقبلة تتحدث عن التساهل بالطلاق    فرع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يشارك في فعاليات اليوم الوطني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبدالمحسن والسيوي وعبلة يعرضون في جدة : جدل تشكيلي بين الواقعين المصري والسعودي
نشر في الحياة يوم 08 - 05 - 1995

أقام بيت التشكيليين في جدة، معرضاً لافتاً لثلاثة فنانين مصريين بارزين، هم عبدالوهاب عبدالمحسن وعادل السيوي ومحمد عبلة. وجاء المعرض في اطار سياسة انفتاح على التجارب الابداعية المتميزة في العالم العربي، محاولة أولى لاقامة جسر بين التشكيليين السعوديين وفن الغرافيك الراقي الذي يبرع فيه الفنانون الثلاثة.
ثلاثة فنانين مصريين في "بيت التشكيليين" في جدة: عبدالوهاب عبدالمحسن وعادل السيوي ومحمد عبلة. والمعرض الذي اعتبر من أبرز الاحداث الفنية في المملكة ضمّ أعمالاً جديدة للفنانين بعضها يعرض للمرة الأولى، وبعضها يمثل نقلات نوعية في أدائهم.
عبدالوهاب عبدالمحسن سبق له أن جاء إلى جدّة في العام الماضي، حيث أقام معرضاً شخصياً في صالة "كرا"، وهو يأتي هذه المرّة بمجموعة جديدة من الأعمال تمثل تجربة مختلفة تماماً عن لوحات المعرض الماضي. وهو يعتبر أن إثقال اللوحة بمدلول فكري يعيقها، لأن الفنّان ساعتئذ "سيكون أسيراً لمعطيات مسبقة". وربما كان ذلك الاعتبار هو أساس توجه عبدالمحسن الفني، ومحور أسلوبه الغرافيكي حفراً وطباعة.
لوحات عبدالمحسن تنطلق من أفكار جمالية مجردة، معتمدةً على ملاحظات عابرة أو على ما تحمله الذاكرة في أقانيم دهشتها. وتبدأ اللوحة عنده من نقطة صفر وهمية. يتكوّن العمل من "لحظات" فرع شجرة أو تكويرة أنوثية أو فقاعة مائية...، ويغلب اللون الواحد أحياناً على مساحة الدلالة أو تتضافر درجاته في تكوين الهوامش والمراوغات الشكلية التي توحي بأكثر من ملمح. فيما توحي "الخيوط" اللونية الداكنة المضطربة بأشكال مختلفة، وهو ابهام يضيف الى الحركة المرئية في الصورة.
ويختفي الوضوح الشكلي، لكن الناظر بوسعه الاستدلال عليه من خلال تداخل الرموز والفضاءات المفتوحة وتعدد المستويات. في حين يتبقى للفراغات قصيدتها الواضحة لدى القراءة العميقة "للنص" التشكيلي. وتأخذ اللوحة أحياناً منحى تجريدياً يشبه الجغرافيا الأرضية، حيث تكثر خلجان اللون الواحد التي تتداخل مع لون آخر فقط يؤكد التوجه الأساسي ويترك للمتلقي حيرة الالمام بالمشهد في كليته أو يصبغه بالغموض. يسعى الفنّان إلى الغاء الملموس والاعتماد على "نصية" الفراغ الذي يمثل عملاً موازياً في الوقت نفسه.
دمعة صبر طويلة
أما عادل السيوي، فقدّم مجموعة لوحات لا تخلو من الملامح البشرية. وبين أعماله اللافتة "الحارس" و"الوجوه"، حيث يمكن اعتبار الحارس لوحة "مقطعية" تأخذ شكل جذع شجرة ضخم ملؤه ملامح متجهمة أو غليظة، تتماوج فيها جزر لونية يمثل كل منها مشهداً قائماً بذاته. ففي جوانب العين نجد "انسكاباً" بشرياً يتعلق بالاهاب، وآخر يتدلى منسحقاً في شكل دمعة صبر طويلة، بينما يجاور التضرع الانساني أنف الحارس ويكمل حدود ذلك الانف الافريقي الضخم. كما تتماوج الأجساد الانسانية المهمشة في منطقة الفم والذقن، مع اختلافات لونية تأخذ شكل الاختلاج الملمحي وتماهيه.
أما لوحة "الوجوه" - وتتألّف من 18 لوحة صغيرة متكاملة في ما بينها - فتمثل تداعيات بشرية مختلفة. من الوجه المذعن، إلى المقطب والمبتسم والمنسحق، مروراً بالمزدوج والمُنحني... وتنجح الألوان الهادئة مع الظل والنور في تأكيد الحالات وتضميناتها. ويستخدم السيوي أحياناً كلية الجسد البشري ليعبر عن حالة الوجه المقصود، مثلما يستخدم أذناً احتلت حجم اللوحة الصغيرة فيما ملامح وجه "جالس" في داخلها. هكذا تجاور الأذن انسحاق ملامح أخرى تعكس حالة التشوه أو الشر أو الاستسلام. وينحو السيوي الى التعبيرية الملحوظة أحياناً، والمعجونة في الوقت نفسه بتجريدية قائمة على واقع شكلاني تنسكب منه الملامح المعهودة أو حالاتها الخالصة. ولعل ما يقدمه السيوي يؤكد منهجه المتميز، القائم على قراءة خاصة للهم الانساني عبر ملاحظات حادة للحيوات المتعددة التي لا يتركها تمر أمامه من دون التقاط ما يفسرها أو يتناثر منها من دلالات.
ازدحام فولكلوري
نصل إلى أعمال محمد عبلة التي تشترك في بعض سماتها مع تجربة كل من زميليه، لكنّها توغل في الذاكرة، وتستنّ الادهاش من خلال أجساد بشرية مختلفة الحركة والوضعيات، مع طمس مقصود لملامحها أحياناً. كما يعتمد عبلة على ازدحام فولكلوري واضح، واداء فني يميل بعض الشيء الى البدائية والعبث الطفولي. ونقع في فضائه التشكيلي على الزخم المتماوج نفسه الموجود لدى عبدالمحسن والسيوي، إذ يطيل التوقّف عند تداخلات لونية لا تنفي الوضوح بل تُعدد مستويات التأويل - بغير قصد ربّما.
وتلعب البقع اللونية دوراً في تأكيد الأجواء المحيطة ببعض الوجوه التي لا يعوزها التحديد الملمحي، والغائصة في خضم من الأجساد المتشابكة الحركة، والمختلفة الوضعية. يعتمد عبلة أيضاً على بناء نص آخر، لا يوازي النص المعلن بل يؤكده، ويشارك في توضيح دلالاته التي تبدو في القراءة الأولى خالية من المعنى. لكن القراءة الأخرى تجعل المتلقي أَمْيَل الى محاورة نصه الآخر الذي يأخذ شحوبه اللوني ليؤكد القصيدة.
وقد يظن المتلقي أمام بعض الأعمال أن عبلة يكرر جزئياته. لكن التمعن يؤكد الاختلاف، على مستوى اللون أو التركيب التداخلي. وتشكّل الأقنعة الأكثر عبثية، في الخلفية المزدحمة، ما يمكن اعتباره سرداً آخر لحركات الجسد الذي يهوى هذا الفنّان ايقاعاته وحدوده اللامتناهية. وربّما بدت تلك الازدحامات المحبّبة إليه، تعبيراً عما يخالجه من فيض، أو ما يؤرقه من رؤى جمالية تنفلت أبعادها في لعبة حياتية واضحة. نلمس ذلك من خلال واقعيته المائلة إلى التجريد الموحي، كما نلمسه من خلال لجوئه إلى الرسوم المشابهة ل "الكولاج" لتصوير نظام كوني متناغم في تنافره.
لا شكّ في أن المعرض جاء متمايزاً للغاية، وأقام جدلاً بين الواقعين التشكيليين في مصر والسعودية، وهو جدل تحتاجه الفنون العربية لإثراء راهنها وقطع الطريق على الانغلاق الثقافي، وتجاوز القطيعة الملموسة أحياناً، ومد جسور التواصل بين الفضاءات الاختبارية المختلفة ومتلقّين يشتركون في الهموم الجمالية والثقافية والحياتية نفسها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.