تعهدت "الشركة النمسوية لهندسة الطرق" التي تتولى وضع دراسات الجدوى الفنية والاقتصادية لمشروع سكك الحديد في الاردن، ومع الدول المجاورة، انجاز مهمتها قبل نهاية تموز يوليو المقبل. وتعلق الحكومة الاردنية اهمية خاصة على انجاز هذه المهمة في خلال الاشهر القليلة المقبلة، بحيث يكون المشروع جاهزاً لطرحه على جدول اعمال القمة الاقتصادية المقرر انعقادها في تشرين الأول اكتوبر المقبل في عمان بحضور ممثلي الدول المانحة، لإقرار المساعدات التي تحتاجها خطة انماء المنطقة، التي أقرتها قمة الدار البيضاء بخطوطها العريضة، وكلفت لجان عمل فنية متابعة درسها، على غرار مشروع مصرف التنمية للشرق الاوسط وشمال افريقيا، ومشاريع الربط الكهربائي، والسياحة والخدمات والمناطق الحرة. ويقوم المشروع اساساً على انشاء شبكة سكك حديد تربط جنوبالاردن بشماله وغربه بشرقه، امتداداً الى اسرائيل وسورية والعراق والسعودية. وحسب التقديرات الاولية، فإن طول الشبكة قد يصل الى 1100 كلم، في حين ان كلفتها التقديرية تبلغ 300.1 مليار دولار، على ان تكون مدينة المفرق الواقعة شمال شرقي الاردن نقطة الربط للشبكة بكاملها. وكانت عمان التي تطمح الى الحصول على الحصة الكبرى من مشاريع التنمية الاقليمية باشرت التحضير للمشروع باتصالات ثنائية، شملت في الاشهر الماضية اسرائيل والعراق، اذ طرح وزير النقل الاردني سمير قعوار مع نظيره العراقي احمد مرتضى اواخر العام الماضي مشروع ربط الاردنبالعراق بخط سكك حديد ينطلق من ميناء العقبة حتى الحدود، فيما بحث المفاوضون الاردنيون في الاجتماعات الثنائية مع نظرائهم الاسرائيليين في مشروع خط حديدي يربط بين مدينة اربد الاردنية وميناء حيفا الاسرائيلي. ويقول مسؤولون اردنيون ان المباحثات التي جرت مع اسرائيل والعراق استهدفت اطلاق المرحلة الاولى من مشروع الربط الاقليمي الذي من المفترض ان يضم في مرحلته الاولى 5 دول على الاقل هي الاردن واسرائيل وسورية والعراق والسعودية، فيما من المقدر ان تنضم اليه لاحقاً تركياً التي تؤمن الربط بين الشبكة الشرق اوسطية من جهة، والشبكة الاوروبية من جهة ثانية، اضافة الى انضمام مصر ومناطق الحكم الذاتي الفلسطيني بحيث يتوافر بعد ثانٍ للمشروع يتمثل بربط الشرق الاوسط بشمال افريقيا عبر مصر، فيما يتمثل البعد الثالث بربط دول المشرق العربي بمنطقة الخليج. لكن الحملة التي بدأها الاردن منذ اواسط العام الماضي ترافقت مع مؤشرين لافتين هما: حماس اردني في مقابل فتور عراقي للربط بين ميناء العقبة الاردني والاراضي العراقية. فقد اثار وزير النقل العراقي احمد مرتضى نقطتين مع نظيره الاردني: الاولى ان دراسات الجدوى الفنية والاقتصادية للربط بين الاردنوالعراق بواسطة خط جديد لسكك الحديد غير واضحة، وتحتاج الى مراجعة اكثر تفصيلاً. اما النقطة الثانية فتتعلق بمشكلة التمويل، إذ تساءل الوزير العراقي عن جدوى البحث في مشروع يحتاج الى تمويل غير مؤكد حتى الآن، في الوقت الذي لم تحسم فيه بغداد حتى الآن اولويات اعادة الاعمار بعد رفع الحظر الدولي عنها. ويقول مسؤولون اردنيون ان انشاء خط سكك الحديد الذي سيربط بين ميناء العقبة والعراق سيوفر فرصاً اكيدة لانتعاش المرفأ، كما يوفر فرصاً مماثلة لاستفادة الاقتصاد الاردني من خطط اعادة اعمار العراق، الذي سيكون مضطراً الى الاتكال بصورة رئيسية، وبنسبة قد تصل الى 70 في المئة من وارداته على ميناء العقبة. اما المؤشر الثاني فهو انه في مقابل الحماس الاسرائيلي لربط موانئ حيفا ويافا بالاراضي الاردنية، كان ثمة فتور أردني، برره وزير النقل سمير قعوار بحاجة كل طرف من طرفي المفاوضات الى مراجعة حساباته داخل دوائره الخاصة قبل الانطلاق في المشروع. الا ان ما لم يقله الوزير الاردني كشفت عنه مصادر قريبة منه، عندما اشارت الى ان فتح الاراضي الاردنية على الموانئ الاسرائيلية على المتوسط قد يؤدي الى افادة هذه الموانئ من قيام التجار الاردنيين باستخدامها للاستيراد من اسواق اوروبا الغربية، ما يعني ان مرفأ العقبة سيكون الخاسر الاساسي والمباشر، وهو ما بدأ يتخوف منه المسؤولون الاردنيون عندما عاود مرفأ بيروت العمل قبل سنتين، وتحول عدد متزايد من المستوردين الى استخدامه. ومن المعروف ان المسافة التي تفصل بين ميناء حيفا الاسرائيلي ومدينة اربد الاردنية لا تزيد عن 70 كلم، في حين ان المسافة بين ميناء حيفا والحدود العراقية عن طريق مدينة اربد لن تزيد عن 405 كلم، ولا تزيد كلفتها وفق التقديرات الاولية عن 325 مليون دولار للجزء الاردني من الخط. ولا يستبعد مسؤولون اردنيون ان تكون اسرائيل تسعى لتحويل موانئها على البحر المتوسط حيفا ويافا بوابة تصدير من اوروبا الغربية، ليس فقط الى الاردن، وانما ايضاً الى العراق ودول الخليج، على غرار الدور الذي كان يلعبه مرفأ بيروت حتى العام 1975، عندما كان البوابة الرئيسية لدول الخليج والاردنوالعراق، وحتى سورية في تعاملاتها التجارية مع دول اوروبا الغربية، وهي المصدر الاساسي اليها. وتتحدث المصادر الاردنية عن شبكة اقليمية لتنمية التبادل التجاري بين دول المنطقة، على ان يكون الاردن المحور الاساسي فيها، الا ان الاردنيين لا يخفون قلقهم من احتمال تعثر المشروع الاقليمي الشامل، لترى النور مكانه مشاريع ثنائية، وهو ما لا ترى فيه عمان احدى الأولويات التي يتوجب بذل جهود كبيرة لتحقيقها، اقله في الظروف الراهنة، على ضوء الامكانات التي يملكها مرفأ العقبة بالمقارنة مع الامكانات المتوافرة للموانئ الاسرائيلية. قد تبرز جدوى الربط بين اربد وحيفا لتسهيل تصدير الخضار والفواكه والفوسفات الاردنية الى اسواق اوروبا، لكن وزير النقل الاردني يقول ان الاسواق المتوقعة لصادرات بلاده ربما ستكون من حيث الاهمية في اوروبا الشرقية، وهو ما يستطيع خط الحجاز الذي يربط الخليج بتركيا عبر الاردن وسورية ان يؤمنه بصورة افضل. ... والكهرباء تربط 3 قارات على صعيد آخر يدخل مشروع الربط الكهربائي بين لبنان وسورية مراحله التنفيذية الاخيرة عن طريق خطين الاول في منطقة البقاع اللبناني والثاني في الشمال، على أن يستطيع البلدان تبادل الطاقة الكهربائية قبل نهاية العام الجاري بما يصل الى 80 ميغاواط يمكن استخدامها في الاتجاهين لتلبية النقص الحاصل في الانتاج. ومع ان المشروع يندرج في المرتبة الاولى في سياق التعاون بين بيروتودمشق، الاّ أنه يمكن ادراجه ايضاً في اطار أوسع، وهو مشروع الربط الخماسي بين دول المشرق الذي يضم حتى الآن كلاً من مصر والاردن وسورية والعراقوتركيا. اذ سبق للحكومة اللبنانية ان قدمت قبل اشهر طلباً رسمياً للانضمام الى المشروع الذي سيكون احدى المراحل الرئيسية من خطة الربط الكهربائي العربي في ما بين الدول العربية من جهة، وفي ما بينها وبين اوروبا وافريقيا من جهة ثانية، عن طريق تركيا والمغرب مع اوروبا وعن طريق مصر - زائير والدول المجاورة مع افريقيا. واذ كان ينظر الى مشروع الربط الكهربائي مع الخارج على أنه مشروع طويل الاجل ينتظر تنفيذه خلال عقدين على الاقل، فإن المشروع على الصعيد العربي دخل مرحلة التنفيذ، ما يوحي بإمكان استكماله قبل حلول العام 2005. وفي الواقع باشرت مصر والاردن تنفيذ مشروع الربط الكهربائي بينها عن طريق انشاء خطوط يصل طولها الى 240 كلم، من بينها، 12 كلم تحت مياه البحر للربط بين الجزءين الآسيوي والافريقي، للدول العربية، إذ الى جانب منافع تبادل الطاقة بصورة مباشرة بين البلدين، سيوفر المشروع فرصة أساسية لربط الدول العربية الآسيوية الاردن، سورية، العراق، لبنان، دول الخليج العربي بالدول العربية الافريقية ليبيا، تونس، المغرب، موريتانيا، الجزائر. وبحسب دراسات الجدوى التي أعدها الصندوق العربي للانماء الاقتصادي والاجتماعي الذي يتولى تمويل معظم أكلاف المشروع التي تصل الى 100 مليون دولار، فإن الفوائد المتوقعة منه قد تصل الى المدى الطويل الى 5،1 مليار دولار. وتشتمل المرحلة الثانية من مشروع الربط الكهربائي لدول المشرق العربي على ربط الشبكتين الاردنية والسورية، وقد بدأت الاعمال التحضيرية لتنفيذ هذه المرحلة، بعدما حصلت دمشقوعمان على موافقة الصندوق العربي على التمويل، وهي موافقة يمكن ان تغطي المراحل المقبلة بين سورية والعراق من جهة، وبين سورية ولبنان من جهة ثانية، الى مساهمة البنك الاسلامي للتنمية في المرحلة الاخيرة للربط مع تركيا. التكاليف والفوائد وفي موازاة مشروع الربط بين دول المشرق العربي، يدخل المشروع بين الشبكات الخليجية مراحله التحضيرية الاخيرة، وطبقاً للدراسات التي وضعتها الامانة العامة لدول مجلس التعاون الخليجي. فإن كلفة الربط بين الشبكات الخليجية ستصل الى حوالي 950،1 مليار دولار في حين ان قيمة الفوائد المتوقعة، قد لا تقل عن 5،3 مليار دولار. وتقترح الدراسات التي أعدتها الامانة العامة لمجلس التعاون ان يتم تنفيذ الربط الخليجي على مرحلتين: الاولى ربط كل من السعودية وقطر والامارات والبحرين، والكويت بما يصل طوله الى 2000 كلم من الشبكات، ثم ربط الامارات بسلطنة عمان في المرحلة الثانية بطول 350 كلم. ومع ان الكلفة المركبة للانتاج ستبقى عند مستوياتها القائمة حالياً، وهي تتراوح بين 700 و1000 دولار للكيلوواط الواحد، فإن ثمة اجماعاً على أن الدول العربية المشاركة في المشروع ستكون قادرة على تحقيق وفر كبير، ينتج بالدرجة الاولى عن تقليص حجم الطاقة الاحتياطية التي يجب توفيرها على مستوى كل شبكة على حدة، عن طريق استغلال الفائض المتوافر في بعض الدول لتلبية النقص الحاصل في الدول الاخرى. وبحسب دراسات الجدوى للمشروع، سيكون بإمكان بعض الدول التي تواجه تزايداً في الطلب على الطاقة، ان تعتمد على إنتاج الدول الاخرى، وتوفير اكلاف محطات جديدة، الى جانب تخفيض اكلاف تأمين محطات احتياطية. حتى الآن، لا يزال المشروع في مراحله التنفيذية الاولى، لكن مع تزايد الاقتناع بجدواه الاقتصادية ستتوافر فرص افضل لتسريع خطط التنفيذ، وهو الامر الذي تراهن عليه غالبية الدراسات المتعلقة بالمشروع.