عقدان من الزمن عبرا بسرعة مذهلة، وما أكثر الذين استفاقوا مندهشين ليكتشفوا المسافة الزمنية التي تفصلنا عن غياب "سيّدة الغناء العربي". أشياء كثيرة تغيّرت منذ الرابع من شباط فبراير 1975، أما أم كلثوم فبقيت حاضرة يومياً، ترافق كعادتها الاحداث الصغيرة والكبيرة، كأنها لم ترحل. صحيح أن الناس لم يعودوا يتحلّقون حول المذياع، أو الشاشة الصغيرة، عشية أول خميس من كل شهر، ولم يعد يخطر ببال أحد تحميلها مسؤولية الهزائم والنكبات المتلاحقة... لكن أم كلثوم ما زالت هنا، بصوتها وأغنياتها، بما تختزنه من ذاكرتنا القريبة والبعيدة، الفردية والجماعية. فطيفها يخيّم على القرن الذي شهد صعود الاحلام ثم انهيارها المدوّي. وبعد كل هذه السنوات انضم الى قافلة محبيها آلاف المستمعين الذين لم يعاصروا حفلات "الازبكية" و"قصر النيل"، لم يعاصروا ولادة الاذاعة الوطنية، وانتشار آلة الفونوغراف ولا ثورة الضبّاط الأحرار ولا... نكسة ال 1967. بعد كل هذه السنوات، جاءت أجيال جديدة وتملّكت أغنياتها. مستمعون ولدوا أو كبروا في غيابها، يبحثون في قصائد شوقي وبيرم التونسي وأحمد رامي، في ألحان زكريا أحمد والسنباطي وعبد الوهاب... عن صدى مشاعرهم، وفي ذاك الصوت الأليف، الاستثنائي، عن عزاء وبلسم، أو عن شيء من الدفء والفرح والنشوة. واليوم في غمرة طغيان الأغاني الهابطة، وفي زمن اعادات النظر وأزمات الهويّة، والبحث عن نقاط ارتكاز تعطي الثقة والزخم المطلوبين لمواجهة المستقبل، تسطع صورة أم كلثوم ويصدح صوتها. ونتساءل نحن عن سرّ هذا الحضور، وتلك المقدرة على الاستمرار. كيف قامت الاسطورة؟ من هم ورثتها؟ ومن يخلفها اليوم؟ سؤال تحاول "الوسط" الاجابة عنه، محتفية على طريقتها بذكرى مرور عشرين عاماً على وفاة "كوكب الشرق". لا تزال أم كلثوم، بعد عشرين عاماً على رحيلها، حاضرة في الوجدان الشعبي، ولا تزال أغنياتها منتشرة في مصر والعالم العربي على نطاق واسع. كأن الوقت توقّف منذ ذلك اليوم من شباط فبراير 1975... أو كأن صوتها قادم من خارج الزمن، هو الذي الذي كان شاهداً على مرحلة حاسمة من تاريخنا، وأغنياتها وجدت لتتعايش مع الوقت وتسبقه الى المستقبل. ترى ما سرّ هذه الظاهرة الفنية الفريدة؟ وكيف لم تؤثر السنوات والاحداث في الاسطورة، ولم يخفت بريق "كوكب الشرق"؟ كيف ظل الجمهور وفياً لها طوال ستين عاماً، جمهور ما انفك يتسع ليضم أجيالاً جديدة من المستمعات والمستمعين الذين ولدوا بعد رحيلها؟ لعل بقاء أم كلثوم مستمد أساساً من سلطتها الفنية، سلطة صوتها أوّلاً. ولعل سر استمرارها نابع من تكامل الروافد الفنية التي صنعت الظاهرة، وفي تفتحها عند منعطف تاريخي يصعب تكراره... هكذا بدت صاحبة الحنجرة الذهبية مع السنوات مؤسسة ثقافية وقومية قائمة بذاتها، لا تحتاج إلى دعم أو ترويج من الخارج، ولا تستمد شرعية استمرارها وتماسكها الا من ذاتها. فالحكومات المتلاحقة لم تفعل شيئاً لتخليد ذكرى ام كلثوم. و"÷يلتها" الانيقة على ضفاف النيل في الزمالك، اشتراها ثري عربي عاد فباعها الى مقاول مصري، وهدمها الأخير ليقيم فوقها عمارة أطلق عليها اسم "برج ام كلثوم". أفاد المقاول من الاسم، ولم تستفد ام كلثوم! ليست هناك جائزة باسمها، او مشروع او معهد او متحف او مسرح او صرح. ولم تبذل وزارات الثقافة في شتّى العهود السياسية أي جهد على هذا الصعيد. وعلى رغم المكاسب الجيدة للشركة المصرية التي تحتكر حقوق نشرها، "صوت القاهرة للصوتيات والمرئيات"، فان تسجيلاتها تنسخ وتسوّق بطرق غير شرعية في العالم أجمع. كما أن شركة "صوت القاهرة" لا تبذل جهداً في سياسة النشر، ولا تلجأ الى التنوع في ما تطرحه من أشرطة لها، بل تكتفي فقط بطبع تسجيل "الحفلة الاولى" للاغنية الكلثومية التي تزداد حلاوة مع الاعادة، وتتجوهر مع الحفلات اللاحقة. أضف الى ذلك أن المطربة غنّت في أكثر من مدينة عربية وأوروبية، حيث تألقت وبلغ فنّها أعلى مراتبه. سلطة الصوت يبقى اذاً لسلطة الصوت الفضل الاول والاخير في بقاء ام كلثوم. هذا الصوت بدأ ينتشر مع استقرار المطربة في القاهرة أواسط العشرينات، حين انطلقت في مغامرتها الفنية الحافلة بالمحطات، فعانت وتعلمت وصدّت كل محاولات هدمها، واستقطبت تدريجاً شعراء وملحنين كباراً سيشاركونها في المغامرة ويسخرون مواهبهم في خدمة صوتها. وكان لا بد، ونحن نقتفي اليوم أثر الفنانة، من الاستماع الى شهادات الذين رافقوها وعاصروها، في معرض كشف جوانب موهبتها وتناول قضية خلافتها، وآفاق هذه الخلافة واحتمالاتها. الموسيقار كمال الطويل الذي لحن لها النشيد الوطني "والله زمان يا سلاحي" من كلمات صلاح جاهين، واغنية "لغيرك ما مددت يداً" من فيلم رابعة العدوية، ولحن "غريب على باب الرجاء" من كلمات طاهر ابو باشا... يعتبر أن أم كلثوم "كانت زعيمة الغناء وكانت حصناً من حصون الحفاظ على الموسيقى الشرقية، وأن أحداً لا يمكنه أن يملأ الفراغ الذي تركته". وترى رتيبة الحفني ان ام كلثوم لن تتكرر لا بشخصها ولا بإحساسها ولا بفنها. "إن الارض المثمرة لا يمكن ان تتوقف عن الانتاج، وفي المعاهد المتخصصة كما في الأرياف البعيدة هناك أصوات نادرة. فأم كلثوم لم تخرج من فراغ وليست مجرد صوت جميل، بل ان أباها رباها، وكان أن اغتنت موهبتها وتأكدت بلقاء أشخاص مثل الشيخ ابو العلا محمد والدكتور النجريدي ومحمد القصبي وزكريا احمد... كل هؤلاء مدوا لها ايديهم ورفعوها وطوروا شخصيتها الفنية. واستطاعت بعد ذلك بقوة شخصيتها وامكاناتها غير العادية، أن تتحول وتؤثر في الجميع بعدما تأثرت بهم. فهؤلاء انتشلوها من غناء البطانة ووضعوا لها التخت، والقصبجي عمل لها المونولوغ. ثم أثرت هي بأسلوبها الخاص في زكريا احمد ورياض السنباطي وكل من عملت معه". لماذا لم يخلفها أحد إذاً؟ تعتقد الحفني بأن الاصوات الموجودة اليوم "لا تجد من يقف بجوارها ويشجّعها ويصقلها ويخرج بها الى الملأ. كما أن الاغنية المكتوبة غالية الثمن واجر الملحن مرتفع جدا والتصوير مكلف وكذلك الملابس. وأصحاب المواهب لا يملكون عادة أية وسيلة للانفاق على فنهم. ولا بد من الاشارة الى أن الملحّنين الكبار تركوا الساحة نهائياً، وكم أتمنى أن يعودوا ويبحثوا عن الاصوات ويتبنوها". هل تسعى رتيبة الحفني بهذا الكلام الى نفي صفة "المعجزة" عن أم كلثوم؟"يمكن أن تكون لديك معجزة وتقتلها. ولكن اذا وجدت المعجزة المجال مفتوحاً فإنها ستلمع. العبقرية موجودة عند ام كلثوم لكنها وجَدت من يساعدها على الظهور. والكفاءة موجودة عندها، فأنا لا أنفي موهبتها الخارجة على المألوف، ولا خامتها الفذة... ولكن لو لم يكن الطريق مفتوحاً أمام تلك العبقرية، لوُئدت وانطفأت الى غير رجعة. أنا مصرّة على رأيي: عندنا اليوم أصوات نادرة كل الابواب موصدة بوجهها، ولو أتيحت لها فرص مؤاتية لبرزت وتميّزت. إننا نقتل مواهبنا". ودعت المطربات الصاعدات الى التأمل في سيرة ام كلثوم التي "عانت لكي تصل. لم يعد لدى الجيل الجديد في الاغنية أي ثقافة عامة أو المام عميق بمجال معرفي أو فنّي أو تقني. لا ينقصنا اليوم صوت مثل ام كلثوم فقط، بل ينقصنا أيضاً موسيقيون وشعراء. أين أمثال السنباطي وزكريا احمد والموجي وبيرم التونسي؟ أم كلثوم كانت تربي المستمعين ولا تجد لديها لحظة نشاز واحدة...". المايسترو اللبناني سليم سحاب الذي دار سجال حاد قبل أسابيع بينه وبين مواطنه الموسيقار الدكتور وليد غلميّة حول الموسيقى المصرية، يؤكد استحالة ايجاد خليفة لأم كلثوم. يقول: "كانت أم كلثوم مؤسسة كاملة ولن تتكرر، لأننا نحتاج أيضاً لبعث مثل هذه الظاهرة، الى محمد القصبجي وزكريا أحمد ورياض السنباطي وأحمد شوقي وأحمد رامي... أم كلثوم ليست صوتاً فحسب، كما يخيّل لبعضهم، بل نقطة التقاء وتضافر لمواهب ملحنين وشعراء وعازفين عباقرة. حبّذا لو تأتينا اليوم أم كلثوم ثانية". أكثر الاصوات ضبطاً جرت محاولات عدة لدرس صوت ام كلثوم علمياً، وكان معظمها يفضي الى استنتاج واحد متوقّفاً عند طابع المعجزة الملازم لهذا الصوت. يقول سحاب: "غنت هذه الفنانة طوال ستين عاما متواصلةً. وليس في العالم مغنٍ استمر هذه السنوات الطويلة فأكبر مغنّي الاوبرا العالميين لم يتجاوز عمره الفني ثلاثين عاماً. وحاول الدكتور يوسف شوقي إجراء دراسة على جهاز الكمبيوتر لقياس نسبة النظافة والنشاز في صوت ام كلثوم ومطربين آخرين، لكنّه لم يعلن إلا النتيجة الخاصة بأم كلثوم وعبد الوهاب، خوفاً على سمعة المطربين الآخرين! والفارق بين الدرجة والدرجة في الصوت تسعة اقسام، وكل قسم يسمى "طوماً"، واقصى ما تستطيع ان تميزه الاذن البشرية هو تسع الطوم الكامل أي واحد على تسعة. وجاءت نسبة نشاز صوت ام كلثوم واحد على مئة من الطوم، وهو ما يعد نظافة صوت مطلقة بلا نشاز". ويمضي الناقد كمال النجمي في تشريح الصوت: "إن صوت ام كلثوم ينتمي الى القسمين الثاني والثالث من اقسام الاصوات النسائية الثلاثة السوبرانو والميتسو سوبرانو، والألتو وهي الكونتر ألتو والميتزو سوبرانو. ويسمي المجمع اللغوي هذين القسمين في مصطلحاته العربية: "الرنان" و"الندى الثاني". أما القسم الاول من الأصوات النسائية وهو "السوبرانو" واسمه المجمعي "الندى الاول"، فيرى نقاد الموسيقى أن أم كلثوم بلغته في العشرينات عندما كانت في مرحلة التدريب والتكوين. فلما اكتمل صوتها تدريباً وتكويناً، استقر على القسمين الثاني والثالث، وهما أغلظ نبرةً من القسم الاول... ويمكن تقسيم المقامات التسعة عشر التي يشملها صوت ام كلثوم الى عشرة مقامات من الألتو، وستة مقامات من الميتزو سوبرانو..." ويتوقف الناقد عند ما رواه له بعض الموسيقيين المخضرمين من أنه سمع أم كلثوم في العشرينات تؤدي جواب الجواب في نغمة السيكا. و"أداء جواب الجواب في هذه النغمة كان قبل اربعين عاما مثار مباريات دائمة بين المطربات. معنى ذلك أن صوت ام كلثوم كان يبلغ حينذاك سبعة عشر مقاماً سليماً، إذ لا بد له من اجتماع هذه المقامات لتأدية جواب الجواب في السيكا، أداءً صحيحاً ممتعاً ينتزع الآهات من أعماق الصدور. ثم استقر الصوت على ستة عشر مقاما بعد عهد المران، لدى بداياتها في القاهرة. وليس معنى ذلك ان الدرجات العليا لصوتها، استراحت نهائيا من العمل، فقد رأينا هذه الدرجات تعمل بكفاية عجيبة في مناسبات عدة. الا ان الميكروفون يقوم الان بما كان يقوم به ارتفاع الصوت في الماضي، وصوت ام كلثوم يصل بسهولة الى جواب الكردان 15 مقاما ورأينا لونا من الوان مقدرتها الجوابية عندما أدت في أيار مايو 1967 أغنية "سلوا قلبي" وادت الجواب في البيت المشهور: وما نيل المطالب بالتمني/ ولكن تؤخذ الدنيا غلابا. وتروي رتيبة الحفني أن "المعهد القومي للقياس والمعايرة" في مصر، أجرى عام 1971 تجربة فريدة ومثيرة استعان فيها بألفي أسطوانة سجل عليها المطربون والمطربات اغانيهم منذ نصف قرن بهدف وضع سلم للموسيقى العربية على أساس علمي. وجاء في نتائج هذه التجربة الفريدة والاولى من نوعها في مصر "أن صوت ام كلثوم هو أكثر الاصوات ضبطاً، لأن معادلته الرياضية تكاد تتطابق مع المعادلة الرياضية للسلم الموسيقي الطبيعي". واثبتت الاجهزة الالكترونية التي استخدمت في هذا البحث ، أن ترددات صوتها تبلغ 5،3996 ذبذبة في الثانية الواحدة. وكان الصوت الثاني بعد صوتها هو صوت المرحوم الشيخ محمد رفعت وتلاه المرحوم صالح عبد الحي. واعتبر البحث صوتها من انقى الاصوات العربية واعلاها، من حيث تطابق معدنها الصوتي مع المعادلات الرياضية للسلم الموسيقي. رحلة الكفاح الأولى ولدت أم كلثوم عام 1898 في بيت متواضع من بيوت قرية طماي الزهايرة التابعة لمركز السنبلاوين، مديرية الدقهلية تحولت محافظة في ما بعد. والدها الشيخ ابراهيم السيد البلتاجي الذي عرف بتلاوة القرآن الكريم، وكان مؤذناً في مسجد القرية، إضافة إلى إنشاده الديني في الموالد والافراح. واختار لابنته اسم "ام كلثوم" بسبب حلم راوده، أما أمها فتدعى فاطمة. ولأم كلثوم اخ شقيق هو خالد، وكان يساعد والده في إحياء الليالي والافراح بالقصائد والموشحات. دخلت ام كلثوم كتّاب القرية وهي في السابعة وحفظت اجزاء كثيرة من القرآن الكريم. بدأت الغناء وهي طفلة واشتهرت في القرية بعدما غنت في بيت شيخها، وظلت تغني في بيوت بعض الجيران في مقابل خمسة أو عشرة مليمات. وسمعها القاضي علي بك حسين وهي تغني قريبا من كتّاب القرية، وكان من محبي الغناء، فأعجب بها وزار والدها الشيخ ابراهيم ليدله إلى "الكنز المقيم" في بيته. وأقنعت الطفلة الصغيرة والدها بصوتها فاستعان بها في حفلة في منزل شيخ البلدة، ونظراً إلى صغرها اوقفوها على دكة حتى يتمكن المدعوون من رؤيتها جيّداً. وكان أن لقيت الاعجاب وحصلت على أجرها... طبقاً من المهلبية. وهكذا بدأ الوالد يصطحب ابنته معه في الحفلات. وكانت أولاها في بلدة السنبلاوين. أما الفرقة التي ضمّت الشيخ ابراهيم وخالد وام كلثوم وبعض العازفين... فكانت تطوف القرى سيراً لاحياء حفلاتها. ولما أخذ اسم ام كلثوم يلمع وتهافتت على طلبها العائلات الكبيرة، أصبحت الفرقة تستخدم القطار. في العام 1915 ارتفع اجر ام كلثوم حتى وصل الى 150 قرشاً، فاشترت الفرقة حماراً لحم المغنية التى كان يسير خلفها والدها وشقيقها. وزاد الدخل في العام التالي فاشترت الفرقة حمارين آخرين. وبعد رحلة الكفاح الاولى بين قرى الوجه البحري ومدنه، تلك التي تطرّقت اليها المطربة لاحقاً في مناسبات عدة، عرفت ام كلثوم القاهرة وبدأت تتردد عليها لتغني في حفلات الاغنياء. والتقت يوماً في محطة السنبلاوين، الشيخ ابو العلا محمد الذي كانت تعشق صوته على الاسطوانات، فجاء معها الى طماي الزهايرة نزولاً عند رغبتها، وغنى لها وغنت له فاعجب بصوتها وطلب من والدها أن يأذن بانتقالها الى القاهرة. وأمام الحاحها قبل الشيخ ابراهيم بعد تردد... الاسطوانة الاولى التي سجّلتها كانت عنوانها "مالي فتنت بلحظك الفتاك"، من الحان الدكتور أحمد صبري النجريدي. وراجت بسرعة بسبب الفضول الذي راحت تثيره لدى الجمهور، هذه المغنية الشابة القادمة من الريف. هكذا بدأ رصيدها يزداد لدى المستمعين الذين أخذوا يقارنون بينها وبين زعماء الطرب في عصرها. ودخلت "الآنسة أم كلثوم"، حسب اللقب الذي اشتهرت به ذلك الوقت، في منافسة حامية مع منيرة المهدية وفتحية أحمد. ويذكر أنه، حتى العام 1926، لم تكن هناك موسيقى تصاحبها في الغناء، بل كان يقف معها على المسرح اربعة منشدين في زي الشيخ منهم والدها وأخوها خالد. فجأة، قررت ام كلثوم التخلي عن الغناء مع التخت القديم، واستبدلت به الغناء على الآلات الموسيقية، فتحمس والدها لذلك. وغنت للمرة الاولى في تشرين الاول اكتوبر 1926 برفقة فرقة موسيقية من محمد العقاد وسامي الشوا ومحمد القصبجي. ونجحت التجربة. رامي والحب المستحيل بعد ذلك، يصعب رواية مسيرة أم كلثوم بطريقة خطيّة. فتجاربها تشعبت، وعلاقاتها تداخلت، وانجازاتها تزايدت، وشهدت المرحلة اللاحقة تشكّل الملامح النهائية لهذه المدرسة التي ستحتل مكانتها في موسقى القرن العشرين. وبين الروافد الاساسية التي لا بد من التوقف عندها في هذا السياق، لقاؤها الشاعر أحمد رامي الذي سرعان ما أصبح رفيق رحلتها، يشاركها في كتابة فصل مشوّق من فصول حياتها... فصل عنوانه "الحب المستحيل". قبل أن يسافر أحمد رامي سنة 1922، في بعثة علمية الى باريس لدراسة فن المكتبات، ترك الشاعر الشاب مواليد القاهرة 1892 قصيدة من تأليفه لصديقه الشيخ أبو العلا محمد. وكانت بعنوان "والحب تفضحه عيونه". ويروي الكاتب محمود عوض أن رامي عاد من باريس سنة 1924، ليجد أن قصيدته تحولت الى اغنية مشهورة لحّنها أبو العلا وتغنيها ام كلثوم. وفي 24 تموز يوليو من العام نفسه، اشترى رامي الموظف في "دار الكتب" تذكرة بخمسة قروش، ودخل صالة "سانتي" في حديقة الازبكية. وقال لأم كلثوم بخجل: "انا بقالي سنتين بعيد عن مصر، ونفسي اسمع قصيدتي"، وبسرعة بديهة ردت ضاحكة: "أهلاً سي رامي، حمدالله على السلامة... حاضر". وغنت وسحرت الشاعر الذي كتب بعدها مباشرة اولى قصائده في حبه لها والذي استمر حتى رحيلهما: "صوتك هاج الجوى في مسمعي"... ثم طلبت منه "اغاني تفهمها العامة"، فكان لها ما ارادت. وتؤكد الدكتورة نعمات احمد فؤاد أن رامي لم يفكر في نظم الاغاني الا بعد معرفته بأم كلثوم، معتبرة أن الادب افاد من تحول الشاعر الذي ارتفع بالذوق العام ونأى بالاغنية عن الكلام الهابط الذي كان سائداً ذلك الوقت. واشتهرت علاقة ام كلثوم برامي الذي كان يكبرها بستة أعوام، وبدأ هو يعلّمها ويقرأ لها ويستعير الكتب من "دار الكتب" حيث يعمل. وقرأت عن طريقه أمهات الكتب في الادب والشعر، كما خصصت له يوماً في الاسبوع، هو الاثنين، سمّته "يوم سي رامي"، وسمّاه هو "يوم ام كلثوم للقراءة وتداول الرأي". واعترفت هي، في أكثر من مناسبة، بفضله علىها في تعلقها بالشعر وتذوقه. وراح يكتب لها عنها، من دون توقّف. لم يكن يتقاضى بدلاً من كلماته، باستثناء حقوقه عن اغاني الافلام، وكان يدفعها منتجو الفيلم. وفي ما عدا ذلك، لم يكن للمال مكان في قلبه. ويُحكى أن رامي وضع في إصبعه خاتما يحمل حرفي O.K. ظل فيه حتى وفاته. وعلاقة الحب الخاصة هذه لم تتوج بالزواج، فأم كلثوم اعتبرت الشاعر مثل شقيقها. لكن بعض الذين شغلتهم القصة، توقف عند ذكائها في هذا الخيار. فلو تزوّجته لكان انتهى دورها كملهمة ليبدأ دور الزوجة، وتفقد بذلك أهم من كتب لها. وعاش الهائم بها، لا يجد من عزاء سوى الكتابة، ولا يجد مصدر وحي آخر سوى حركاتها وسكناتها. وتحكي الدكتورة نعمات أحمد فؤاد عن أول اختلاف بينهما: اختلف رامي مع أم كلثوم للمرة الاولى عام 1932 حين ألقى قصيدة في حفلة تكريمها في معهد الموسيقى الشرقية. واتهمته مجلة "روزاليوسف" بأنها القى القصيدة نفسها التي القاها تكريما لمحمد عبد الوهاب. ونشرت المجلة القصيدتين مع كاريكاتير ساخر. غضبت أم كلثوم وواجهت رامي قائلة: "أنا متأسفة اللي عرفتك". فأنفجر غيظاً واعتزل ثمانية شهور، رافضآ سعي الموفقين. حتى مرضت أم كلثوم وقرر الطبيب استئصال زائدتها الدودية، وكانت هذه الجراحة مخيفة في ذلك الزمان. فذهب رامي الى المستشفى، وعادت المياه الى مجاريها في العام 1933. بعدها سافرت ام كلثوم الى اوروبا، وعادت لتجد رامي وقد تزوج من احدى قريباته. ولما سألته عن خبر الزواج قال: "اصلها بنت يتيمة وهي قريبة لي... حاجة على قدنا". وكان رده اعترافاً ضمنياً بعجزه عن تحقيق أمانيه في الزواج من أم كلثوم. لكن الزواج لم يغيّر شيئاً، اذ ظل يعشق ملهمته ويتابع بكتابته يوميات هذا الحب بكل عناصره من هجر ووصال وكبرياء وكرامة وذل... كتب رامي 137 اغنية لام كلثوم، اي نصف ماغنت في حياتها الفنية الطويلة، ومعظمها أعمال ذاتية. كان الجمهور يجتهد في تفسير حال العاشق الدائم رامي من خلال أغنيات أم كلثوم. فاذا سافرت يكتب "انت فاكراني واللا ناسياني". وعندما تعطيه موعدا فقد "رقّ الحبيب"، وبعد جفوة يكون لسان حاله "غلبت أصالح في روحي". وفي لحظة كبرياء عابرة، وسط حبّ لا يعرف الكرامة، يكتب "هجرتك". وفي حالة عذاب "حَ سيبك للزمن". ومع صلح جديد "جددت حبك ليه". وهي الاغنية التي قيل إنها كانت سبباً في لجوء زوجة الشاعر الى طلب الطلاق. واذا سافرت الى السودان ظهرت "اخاف من نسمة الجنوب". ومع اشتداد الصراع والحيرة يكتب "دليلي احتار"... وهكذا ظل يؤرخ شعراً لحبّه المستحيل، ويكتب بأبياته محطات تلك العلاقة الصعبة، حتى كانت قصيدته في رثائه إياها: "ما جال في خاطري أني سأرثيها بعد الذي صغت من أشجى اغانيها... قد كنت أسمعها تشدو فتطربني واليوم أسمعني أبكي وأُبكيها صحبتها من ضحى عمري وعشت لها أوفّي شهد المعاني ثم أهديها..." الى أن يقول: "وبي من الشجو من تغريب ملهمتي ما قد نسيت به الدنيا وما فيها...". ويذكر الجمهور كيف كان رامي في الحفلة التي اقيمت لتأبين أم كلثوم عندما القى هذه القصيدة في 7 تموز يوليو 1975. إلا أن مصيره المأسوي كطرف في قصة الحب هذه، نال من أم كلثوم أيضاً. فهي لم تهنأ بعلاقة حب او زواج واضحة وسعيدة. ربطت الاشاعات بينها وبين كثيرين، لكنها تزوجت رسمياً مرتين لتتحول من آنسة الى سيدة: الاولى من الموسيقار محمود الشريف عام 1950، والثانية من طبيبها حسن الحفناوي عام 1954. وفي المرّتين لم تنجب أطفالاً، فحين تزوّجت للمرّة الأولى كان عمرها اثنين وخمسين عاماً، وعند زواجها الثاني كانت بلغت السادسة والخمسين. وهذا الجفاف الظاهري في حياتها العاطفية، ظهر غالباً في أغانيها التي أبكت وتبكي مستمعات ومستمعين. "لقاءات السحاب" إلتقت أم كلثوم أبرز رجال العصر، وكانت ببساطة واحدة منهم. فالشاعر أحمد شوقي عندما استمع الى صوتها، كتب على علبة سجائر: "سلوا كؤوس الطلا هل لامست فاها واستخبروا الراح هل مسّت ثناياها" فكانت القصيدة التي غنتها لاحقاً على ألحان رياض السنباطي. ثم ذاب القصبجي تماماً في صوتها وتختها الشرقي. أما زكريا أحمد، فلحن لها قصائد لبيرم التونسي. وبقي زكريا أحمد يعتبر أم كلثوم، على رغم الخلافات الشائكة التي شهدتها المحاكم بينه وبينها، صائغة من أمهر صائغات الغناء، وأقدر الناس على تذوق الفن الجميل. وكان لقاؤهما الاوّل الذي يعود الى العام 1931، في طقطوقة "اللي حبك يا هناه" من كلمات أحمد رامي، "لقاء سحاب بين قمتين". وأثمر لقاء زكريا أحمد وكوكب الشرق مجموعة أغنيات، معظمها من كلمات بيرم التونسي: "إيه اسمي الحب"، "انا وانت"، "كل الاحبة اثنين اثنين"، "اكتب لي كتير"، "انا في انتظارك"، "الآهات"، "حبيبي يسعد أوقاته"، "الأوّله في الغرام"، "أهل الهوى"، "الامل" و"حلم"... وآخر أغنية كتبها هذا الفنان لأم كلثوم، كانت "هوه صحيح الهوى غلاب". أمّا الخلاف الذي نشب بينهما أمام المحاكم، فيتعلّق بحق الاداء العلني الذي طالب به زكريا أحمد من أغانيه، وظل الخلاف أمام القضاء 12 عاماً، حتى قال لهما القاضي: "هذه فضيحة وباسم الشعب أطلب منكما الصلح". وجرى الصلح القضائي بالاتفاق على خمسة ألحان في مقابل خمسة آلاف جنيه، لم يتحقق منها غير "هوه صحيح الهوا غلاب"، وبعدها مات زكريا احمد. وهناك "لقاء سحاب" ثان بين أم كلثوم ورياض السنباطي الذي مهّد لبزوغ مرحلة جديدة في مسيرة "كوكب الشرق" هي المرحلة "السنباطية". وهذا اللون الغنائي يتحمس له انصاره إلى حد اسقاط مرحلة لاحقة هي "مرحلة عبد الوهاب"... التقى السنباطي أم كلثوم في محطة قطار الدلتا. كانت عائدة من حفلة بصحبة والدها، والسنباطي "بلبل المنصورة" عائد من حفلة بصحبة والده. ثم اتصل بها عندما استقر الاثنان في القاهرة بعد عام من اللقاء الاول. وكان اللحن الاول سنة 1936 "النوم يداعب عيون حبيبي" والكلمات لأحمد رامي، وغنته المطربة في تشرين الاول اكتوبر 1937 في قاعة ايوارت التذكارية في الجامعة الاميركية في القاهرة، وأذيعت الحفلة على الهواء مباشرة من خلال الراديو. وأصابت "النوم يداعب عيون حبيبي" نجاحاً. هكذا بدأت رحلة الثالوث أم كلثوم - رامي - السنباطي التي استمرّت اربعين عاماً، وأثمرت بعض أجمل أغنيات التراث الكلثومي: "كيف مرّت على هواك القلوب"، "أصون كرامتي"، "رباعيات الخيام"، "أغار من نسمة الجنوب"، "أقبل الليل" وغيرها. كما لحن لها السنباطي أجمل قصائد شوقي "عيد الدهر"، "أتعجل العمر"، "نهج البردة"، "سلوا قلبي"، "السودان"، "ولد الهدى"، "النيل"، "بأبي وروحي". ومن كلمات حافظ ابراهيم غنّت "مصر تتحدث عن نفسها"، ولعبد الله الفيصل "من اجل عينيك"... لكن الاغنية الاشهر لدى الناس من ألحان السنباطي تبقى "الاطلال" من كلمات ابراهيم ناجي طبيب وشاعر. تأثر السنباطي بالشيخ زكريا احمد وجدد في الموسيقى الشرقية واعتبر اهم من لحن القصائد. وكما اختلف زكريا مع ام كلثوم على حقوقه المادية، اختلف معها ايضا رياض السنباطي ولكن من دون ان تصل الخلافات الى المحاكم، وقال بعد رحيلها: "اين الطرب بعد ام كلثوم؟ ليتها على قيد الحياة، لاقدم لها كل ألحاني بلا مقابل". أما تسمية "لقاء السحاب"، فاستعملت للمرة الاولى للاشارة الى لقاء أم كلثوم والموسيقار محمد عبد الوهاب. وتتفق الروايات على أنه تم بناء على رغبة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر الذي أبدى استياءه من المجافاة بين الفنانين. فقد كان يعشق صوت ام كلثوم. وفي بداية الثورة منع المسؤول عن الاذاعة اغانيها باعتبارها من "رموز العصر البائد" غنّت للملك فؤاد، فغضب عبد الناصر والغى هذا المنع وعنّف المسؤول. ومنذ 1954 كانت ام كلثوم تغني في احتفالات اعياد الثورة سنوياً، وحصلت على وسام الاستحقاق من الدرجة الاولى في آذار مارس 1960، ومعها محمد عبد الوهاب. وُمنحت جواز سفر ديبلوماسياً عام 1968 راحت تتجول به في العالم العربي لدعم المجهود الحربي، ومنحت جائزة الدولة التقديرية عام 1968. ويُروى أن عبد الناصر، خلال احتفال بعيد الثورة في تموز يوليو 1963، قال لأم كلثوم وعبد الوهاب: "ألم يحن الوقت بعد لكي تقدما عملاً مشتركاً؟" ثم ارسلت ام كلثوم احمد الحفناوي الى عبد الوهاب يستطلعه ردّ فعله على رغبة الرئيس، وكانت أمامه أغنية "انت عمري" لأحمد شفيق كامل، فقدمها الى أم كلثوم التي غنتها في شباط فبراير 1964. وكان ل "أنت العمري" النجاح المعروف. وتجدر الاشارة الى أن الاغنية تشكّل مفترق طرق في المسيرة الكلثومية، اذ تمكن عبد الوهاب من ادخال آلات موسيقية كهربائية وغربية، مثل الاورغ والغيتار، على "ريبرتوار" أم كلثوم التي كانت حتّى ذلك الوقت ترفض هذه العناصر رفضاً قاطعاً. كما استعان بالاكورديون وقدم لها فيها ايقاعات راقصة جديدة تماماً. خميس عذب في الخميس الاول من كل شهر كان موعد العالم العربي مع اذاعة القاهرة التي تذيع على الهواء مباشرة الحفلة الساهرة الكبيرة ل "كوكب الشرق". وكانت أم كلثوم افتتحت بصوتها محطة الاذاعة المصرية سنة 1934، وتعاقدت معها على احياء حفلتين كل شهر من داخل الاستديوهات، في مقابل 25 جنيهاً عن كل حفلة، على أن تستغرق ساعة وتتكوّن من وصلتين. في العام 1936 توصلت الاذاعة الى اتفاق جديد معها ينص على ان تستغرق الوصلة 40 دقيقة مع رفع اجر الحفلة الى 40 جنيهاً. وكان جمهورها الوحيد اثناء هذه الحفلات هو الشاعر أحمد رامي الذي يجلس امامها في الاستوديو في صمت تام حتى سمى نفسه "سميع الغبرا". وفي كانون الثاني يناير 1937 قدمت اول حفلة نقلتها الاذاعة من دار الاوبرا. ثم بدأت تغني في حفلات عامة تنقلها الاذاعة على الهواء مباشرة. واعتبارا من 1954 انتظم الموسم الغنائي لام كلثوم فصارت تبدأ الموسم في الخميس الاول من كانون الاول ديسمبر وتنهيه في الخميس الاول من حزيران يونيو، وذلك على مسرح الازبكية الذي بقي اطاراً لهذا التقليد حتى العام 1962. بعدها انتقلت بموسمها الغنائي الى فضاء أرحب هو سينما قصر النيل التي تتسع ل 1421 مقعداً كانت 150 كرسياً تضاف إليها لمواجهة ضغط الجمهور. وظلت تغنّي في قصر النيل حتى حفلتها الأخيرة في كانون الثاني يناير سنة 1973. غنّت "ليلة حب" و"يا مسهرني"، وهنا بدأ التلفزيون يشارك الاذاعة في نقل الحفلة على الهواء، منذ افتتاحه رسمياً العام 1960. هكذا كان العرب يلتفّون حول المذياع، فيجمعهم صوتها بعدما فرّقهم كل شيء! وكتب أحد المعلّقين ذات يوم: "ان العرب فرّقتهم السياسة وجمعت بينهم ام كلثوم". كما قيل: "شيئان لا يتغيران في الشرق الاوسط ولا ينال منهما الزمن: ام كلثوم والأهرام". أما أعذب خميس فكان بلا شك ليلة الاول من شباط 1964... كانت ام كلثوم تغني "انت عمري" والكل في انتظار لقائها وعبد الوهاب. تعطل يومها المرور في شوارع القاهرة، وألغت اذاعة دمشق النشرة الاخبارية لتنقل الحفلة. ولكل من عاش عصر ام كلثوم قصة مع هذا الخميس الذي جعلت له وزناً آخر. الكاتب محمود عوض يشير الى "أن جمهور هذه الحفلات كان معروفاً سلفا، وكانت تتدخل الواسطة في تحديده. فعلى رغم ثمن البطاقة المتواضع، كان من الصعب الحصول عليها. حضرتُ لأم كلثوم حفلة في مدينة طنطا بعد حرب 1967 ورأيتُ كيف استقبلها الناس بجنون، وكيف يجلس العظماء تحت اقدامها...". ويرى عوض أن "أم كلثوم رمز من رموز الرومانسية في الفن العربي، جاءت في وقت كان المجتمع العربي كله من المحيط الى الخليج يعيش احلاماً رومانسية في كل شيء. في الادب والسياسة والصحافة والموسيقى والغناء. حضرتُ لأم كلثوم تسجيل آخر اغنياتها "حكم علينا الهوى" من ألحان بليغ حمدي، وذلك بناء على طلبها. وبعد انتهاء التسجيل في الاذاعة طلبت مني توصيلها الى المنزل. ونحن في السيارة على كوبري أبو العلا وجدت ام كلثوم مجهدة، فقلت لها: "اهتمي بصحتك". وبذكائها المعهود ردّت سائلة: "هل انت شايف اني أبطل الغناء... أنا يوم ما أبطل الغناء أموت". وبعد أشهر قليلة من هذا الحوار بدأت رحلتها مع المرض...".