توصلت لاتفاق مع أمريكا.. رئيسة المكسيك: تجميد رسوم ترمب لمدة شهر    السعودية توسّع الشراكات الصناعية واستقطاب الاستثمارات مع الهند    الرئيس السوري: الكفاءة هي المعيار في المناصب.. وأولوياتنا ضبط السلاح    المملكة تعالج قلوب أطفال جاكرتا بإندونيسيا    ولي العهد يهنئ بارت دي ويفر بمناسبة أدائه اليمين الدستورية رئيساً للوزراء في بلجيكا    أهلي آسيا غير    ليوناردو يحقق جائزة شهر يناير    السديري يستقبل رئيس واعضاء مجلس إدارة جمعية كافلين للأيتام بتيماء    مهرجان خادم الحرمين الشريفين للهجن "غداً" تنطلق الأشواط الختامية    60 فائزا في تحدي الإلقاء للأطفال    مفوض الإفتاء بمنطقة جازان"دور المرأة مهم في تقوية النسيج الوطني"    الرياض.. «سارية» الإعلام العربي تجمع «العمالقة» في «المنتدى السعودي للإعلام»    الاختبارات المركزية في منطقة مكة مع نهاية الفصل الثاني    حصر المباني الآيلة للسقوط في الفيصلية والربوة.. ودعوة ملاكها للمراجعة    رئيس إسرائيل وقادة المعارضة يطالبون نتنياهو بتنفيذ هدنة غزة    مقتل قيادي في «الدعم السريع» والجيش يسيطر على «المحيريبا»    تنامي ملحوظ في العلاقات الاقتصادية بين السعودية وألمانيا    الذكاء الاصطناعي... ثورة تُولد عوائد استثمارية كبيرة    الأردني التعمري يوقع عقدا مع رين الفرنسي حتى 2028    ⁧‫أمير الحدود الشمالية‬⁩ يطَّلع على مؤشرات أداء فرع هيئة الهلال الأحمر السعودي بالمنطقة    وصول الطائرة الإغاثية السعودية ال 56 لمساعدة سكان غزة    المستشار الألماني: الدفاع الأوروبي يحتاج إلى "مزيد من التصميم"    سوق الأسهم السعودية يتراجع لليوم الثاني ويخسر 32 نقطة    اكتمال مغادرة الدفعة الثالثة لضيوف برنامج خادم الحرمين الشريفين للعمرة والزيارة إلى بلدانهم    أمير القصيم يتسلم تقرير أعمال شركة الاتصالات السعودية لعام 2024    أمير القصيم يكرّم المشاركين في ملتقى اليوم السعودي العالمي للتطوع    روسيا تدرس السعودية والإمارات كموقع محتمل لقمة بين بوتين وترمب    محافظ الخرج يستقبل رئيس جامعة الأمير سطام بن عبدالعزيز    عبدالعزيز بن سعد: رالي حائل الدولي ..حقق مكاسب تنموية ورياضية واقتصادية تتماشى مع رؤيه الوطن 2030    أمانة القصيم تنفذ أكثر من 658 ألف جولة رقابية خلال عام 2024    نائب أمير الشرقية يستقبل قائد القوة الخاصة للأمن البيئي بالمنطقة    استئصال ورم سرطاني ضخم يزن 8 كغ من بطن مريضة بالقصيم    7 مليون فحص مخبري في مستشفى الرس خلال 2024    تفعّيل برنامج "جهود المملكة العربية السعودية في محاربة التطرف والإرهاب"    أمير الجوف يستقبل قائديّ حرس الحدود بالمنطقة السابق والمُعيَّن حديثًا    سلمان بن سلطان يدشن قاعة المؤتمرات الكبرى بغرفة المدينة    جولة مدير مستشفى عفيف العام التفقديه    تقييم صادم للنجم المصري عمر مرموش ومدرب «مان سيتي» يبرر !    "كشتة البديع" تجتذب المزيد من العائلات والأفراد ب 19 فعالية متنوعة    الدولار الكندي لأدنى مستوياته في 22 عاماً    الموارد البشرية: تعديل المدة المسموحة لرفع ملفات حماية الأجور في منصة "مدد" إلى 30 يومًا ابتداءً من 1 مارس 2025    5 مخاطر صحية تهدد العاملين بنظام المناوبات    عبدالله آل عصمان مُديراً لتعليم سراة عبيدة    العلاقات بين الذل والكرامة    محافظ جدة يطلع على خطط المرور والدفاع المدني    إن اردت السلام فتجنب هؤلاء    كلنا نعيش بستر الله    التعاقدات.. تعرف إيه عن المنطق؟    من أسرار الجريش    رصاص الاحتلال يقتل المسنين وعشرات يقتحمون الأقصى    «عاصفة الفئران» تجتاح 11 مدينة حول العالم    شرطة الرياض تقبض على مقيم لمخالفته نظام مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص    3 أهداف تتنافس على الأجمل في الجولة ال18 من مسابقة دوري روشن للمحترفين    على هوامش القول.. ومهرجان الدرعية للرواية    هيئة الترفيه.. فن صناعة الجمال    القيادة تُعزي رئيس ألمانيا في وفاة الرئيس السابق هورست كولر    القيادة تعزي أمير الكويت في وفاة الشيخ دعيج إبراهيم الصباح    الأسرة في القرآن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قمة مسقط : ملفات شائكة وسياسات متباينة
نشر في الحياة يوم 04 - 12 - 1995

لا يحتاج وزراء الخارجية في دول مجلس التعاون الخليجي الى جهد من اجل وضع جدول اعمال بالمواضيع السياسية التي يناقشها زعماء بلدانهم الستة في قمتهم المنعقدة في مسقط، فما يدور في المنطقة من أحداث وتطورات وما يجري حولها على مستوى الشرق الاوسط برمته من التسوية السلمية الى "التطبيع" مع اسرائيل وتصاعد المخاوف من نمو التطرف... لا يحتاج الى جدول اعمال. وحتى الموضوع الاقتصادي لن يكون ملفاً طارئاً وساخناً ما دام بند التعرفة الجمركية الواحدة في التداول من سنوات ولكن بلا حسم.
الجديد في القمة قبل أي شيء آخر ليس موضوع الحدود بين دول المجلس الذي ترك لمحادثات ثنائية، بين كل دولة وأخرى. الجديد موضوع تنظيمي، هو اختيار خلف للأمين العام لمجلس التعاون الشيخ فاهم القاسمي الذي انتهت ولايته ثلاث سنوات... لكن الاختيار موضوع سياسي شائك. هكذا بدا الوضع عشية القمة.
وقال ديبلوماسي خليجي ل "الوسط" إن دولة قطر كانت بعثت برسالة الى المجلس تذكّر فيها بأن ثمة تفاهماً سابقاً على ان تكون المناصب مداورة، وانتظرت نحو اسبوعين بعثت بعدهما برسالة ثانية تعلن فيها ترشيح سفيرها السابق في باريس السيد عبد الرحمن العطية لمنصب الأمين العام. في حين رشحت المملكة العربية السعودية، سفيرها السابق في باريس ايضاً، الشيخ جميل الحجيلان للمنصب نفسه.
وأوضح الديبلوماسي ان القاسمي ابلغ الدوائر المعنية في بلاده انه لا يرغب في التجديد له وأنه يود الانصراف الى اعماله الخاصة، لكن دولة الامارات العربية المتحدة لم تحسم الأمر اذ قد يجد الزعماء الخليجيون ان لا مفر من التجديد له تحاشياً لحساسيات، ذلك ان البحث عن شخص ثالث لن يكون بالتوجه الى الكويت التي شغل مواطنها السيد عبد الله بشارة المنصب لمدة طويلة وجدد له أكثر من مرة. ولن يكون الى البحرين التي تشغل منصب أمين عام مساعد للشؤون السياسية. مما يعني احتمال التوجه الى الكويت التي شغل مواطنها السيد عبد الله بشارة المنصب لمدة طويلة وجدد له اكثر من مرة. ولن يكون الى البحرين التي تشغل منصب أمين عام مساعد للشؤون السياسية. مما يعني احتمال التوجه الى سلطنة عمان، لكن مسقط لا تبدي اهتماماً بشغل هذا المنصب او غيره من المناصب، خصوصاً انها استاءت من "الطريقة" التي اختير بها أمين عام مساعد للشؤون السياسية بحريني خلفاً للعماني السيد سيف المسكري قبل ثلاث سنوات، في حين كان يمكن تمديد ولايته. لكنها في الوقت نفسه مستعدة لاختيار احد ديبلوماسييها او ادارييها اذا حصل مأزق ما ورفض مبدأ التمديد للأمين العام الحالي.
وأضاف المصدر نفسه ان عاصمة خليجية حاولت اقناع الدوحة بسحب مرشحها لكنها أصرت استناداً الى مبدأ المداورة، وإلا "عدت ذلك محاولة لإحراجها وتعليق عضويتها في المجلس او حتى انهائها". لكنه استبعد ان يصل الوضع الى هذا الحد، ورجّح التوصل الى تسوية كالتمديد للقاسمي في آخر المطاف.
الإمارات وإيران
القضايا السياسية المتداولة اقليمياً كلها ستكون موضع نقاش بين قادة مجلس التعاون، جماعياً وثنائياً، سواء وضع وزراء الخارجية جدول اعمال او لم يضعوا، وسواء اختلفت مواقف الدول الست على مدى اهمية قضية بعينها او اجمعت على اهميتها.
بين القضايا البارزة والحارة نتائج المحادثات التي استضافتها الدوحة بين وفدي خبراء من الامارات وايران في شأن الجزر الامارتية الثلاث المحتلة أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى. ويتوقع ان تصدر القمة موقفاً مختلفاً هذه المرة من قضية الجزر يثير حفيظة طهران اكثر مما كان يثيرها في السابق. فما تريده أبو ظبي من شقيقاتها موقفاً يدعم توجهها نحو اجراءات وخطوات جديدة لاستعادة سيادتها على الجزر الثلاث عبر رفع القضية الى محكمة العدل الدولية، خصوصاً انها استخلصت من نتائج اجتماع الدوحة ان هذه القضية عادت الى نقطة الصفر ولم تحقق الوساطة القطرية ولو خطوة الى أمام بسبب تصلب الجمهورية الاسلامية.
وأبلغ مصدر ديبلوماسي إماراتي "الوسط" فشل المحادثات الثنائية في الدوحة، لأن ايران اعادت الاوضاع الى نقطة الصفر، وأن بلاده أكدت، على رغم ذلك، حرصها على التوصل الى حل سلمي للنزاع على الجزر بما في ذلك احالة القضية على محكمة العدل الدولية. لكنه نبّه الى ان الإمارات حرصت طوال الفترة السابقة على عزل النزاع عن مجمل علاقاتها بالجمهورية الاسلامية، لذلك كانت تأمل منها تقديراً لموقفها هذا بدل التصلب وإغفال مطالبتها بالجزر.
ويمكن، في ضوء هذه التطورات ان ينحو النزاع منحى آخر ليس عسكرياً بالطبع. وستجد دول المجلس نفسها ملزمة الوقوف الى جانب الامارات في توجهاتها المقبلة لاستعادة سيادتها على الجزر، مما سيدفع ايران الى تصعيد خطابها السياسي حيال جاراتها العربية خصوصاً انها مقبلة على انتخابات رئاسية تستدعي من المرشحين تسخين عدد من القضايا الداخلية والخارجية. اي ان العلاقات بين ضفتي الخليج لن تشهد تحسناً بقدر ما قد تشهد تصعيداً ربما تضاعف بوصول رئيس طهران أكثر تشدداً من هاشمي رفسنجاني الذي لم يستطع، على رغم كل ما قيل عن براغماتيته واعتداله، ان يبني جسور الثقة والتفاهم مع جيرانه.
لماذا أخفقت المحادثات؟
وسألت "الوسط" مسؤولاً إماراتياً عن اسباب فشل المحادثات في الدوحة، فأجاب ان الوفد الايراني اقترح على نظيره الاماراتي البحث في ترتيبات ادارية لاجتماع وزيري الخارجية في البلدين من دون تحديد جدول اعمال للاجتماع، بدعوى عدم تقييدهما، رافضاً مقولة وجود نزاع على الجزر الثلاث، ومعتبراً ان هناك سوء فهم للاجراءات الادارية والامنية التي اتخذتها بلاده في جزيرة أبو موسى عام 1992. وجدد رفض البحث في سيادة الامارات على الجزر. في حين أبدى الوفد الاماراتي استعداداً لوضع جدول اعمال مشترك يتضمن موقفي الطرفين.
وتابع المسؤول ان وفد الامارات قدم اربع نقاط: الاولى انهاء الاحتلال العسكري الايراني لجزيرتي طنب الكبرى وطنب الصغرى. والثانية الغاء الاجراءات التي اتخذتها الجمهورية الاسلامية في جزيرة ابو موسى عام 1992 والتقيد بمذكرة التفاهم الموقعة بين الطرفين عام 1971. والثالثة حسم مسألة السيادة في أبو موسى. والرابعة إحالة النزاع على محكمة العدل الدولية إذا فشلت المفاوضات.
وأوضح المسؤول الاماراتي ان الوفد الايراني استند في موقفه الى مضمون رسالة كان الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رئيس دولة الامارات بعث بها الى الرئيس رفسنجاني في نيسان ابريل 1992 رداً على الاجراءات التي اتخذتها طهران في أبو موسى. واستند ايضاً الى بيان صدر على زيارة قام بها وزير الخارجية الايراني علي أكبر ولايتي لأبو ظبي في ايار مايو من السنة نفسها وإجرائه محادثات مع وزير الدولة الاماراتي للشؤون الخارجية الشيخ حمدان بن زايد.
ورد الوفد الاماراتي ان رسالة الشيخ زايد لم تكن شاملة كل جوانب النزاع بل كانت محددة بموضوع واحد هو جزء من القضية وفي ظرف معين، اي التطور الذي أدت اليه اجراءات طهران في جزيرة ابو موسى مخالفة مذكرة التفاهم مما أدى الى تهجير عدد من سكانها العرب. وأن رئيس الامارات اكد في مناسبات عدة موقف بلاده من النزاع برمته.
ورد ايضاً ان البيان الذي اصدرته ابو ظبي إثر محادثات حمدان - ولايتي كان صحافياً وليس له تالياً اي سند قانوني وليس ملزماً، علماً انه اشار الى رغبة الطرفين في البحث في "القضايا العالقة" بين البلدين في محادثات قادمة، وان الامارات تعتبر ان "القضايا العالقة" هي قضية الجزر، وهذا ما ورد في محضر الاجتماعات بين الوزيرين في حينه. وقال الوفد الاماراتي انه طلب من نظيره الايراني سؤال اي ايراني او اماراتي في اي مكان عن "القضية العالقة" بين بلديهما وانه مستعد تالياً لأخذ الجواب في الاعتبار، لأنه كان واثقاً تماماً بأن العالم بأسره يعرف انها قضية الجزر المحتلة.
وخلص المسؤول الى ان ايران لم تقدم شيئاً ما دام انها لا تعترف بوجود نزاع على الجزر. وتساءل: "لماذا حضر الوفد الايراني الى الدوحة اذا كان سيرفض سلفاً تحديد جدول اعمال اجتماع وزيري الخارجية، فيما الدعوة التي وجهتها دولة قطر الى الطرفين نصت على ان هدف المحادثات وضع هذا الجدول من اجل البحث في النزاع؟ هل وافقوا ثم تنصلوا؟".
العراق وموقف زايد
ولن تكون قضية الجزر النقطة الوحيدة التي تطاول ايران، اذ علمت "الوسط" ان وفداً خليجياً سيطرح في قمة مسقط البحث في خطورة التدخل الايراني المباشر في شمال العراق، فيما يكثر الحديث عن مشروع لفيديرالية بين ثلاث مناطق رئيسية في هذا البلد، تعتبره دول عربية مقدمة لمشروع تقسيم. وعلمت ايضاً ان دوائر ديبلوماسية خليجية نبهت الولايات المتحدة الى خطورة تدخل طهران في كردستان، بعد تدخل تركيا وغيرها مما يهدد فعلاً الوحدة العراقية.
وأكد وزير كويتي بارز ل "الوسط" ان الولايات المتحدة عارضت وتعارض علناً وسراً اي محاولة لتقسيم العراق، وتتصرف على اساس انها لا تجد بديلاً من الرئيس صدام حسين الذي قد يؤدي غيابه الى نشوب حرب اهلية تطاول شراراتها الجميع. وحرصت اثناء حرب تحرير الكويت، على ابقاء قوة لا بأس بها من الجيش العراقي استناداً الى معاير استراتيجية تفرض الحفاظ على نوع من التوازن العسكري في المنطقة بين طهران وبغداد. ولفت الى ان الحكومات الخليجية لا يمكنها ايضاً ان توافق على اي مشروع يهدد وحدة العراق، نظراً الى خطورة انعكاس ذلك على كل دول المنطقة.
في أي حال إن طرح قضية العراق في القمة سينتهي بقرار عادي شبيه بالقرارات السابقة، اي التمسك بوحدة هذا البلد والتعاطف مع معاناة شعبه ومطالبة نظامه بتطبيق القرارات الدولية والافراج عن الأسرى الكويتيين. وكشف مصدر خليجي ل "الوسط" ان الدعوة الاخيرة التي اطلقها الشيخ زايد في شأن العراق اقلقت الكويت ودوائر خليجية اخرى، لكن رئيس دولة الامارات بدد المخاوف، وأبلغ نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح الأحمد الصباح الذي زاره في ابو ظبي ثم وافاه الى المغرب، انه لا يزال عند موقفه المعارض لصدام والمطالب بغداد بتنفيذ القرارات الدولية. لكنه يعتقد بوجوب العمل على تخفيف مآسي العراقيين لئلا يتعمق الجرح بينهم وبين اشقائهم الآخرين.
وقال مسؤول اماراتي ل "الوسط" ان ابو ظبي قررت ان ترسل عبر الاردن شحنات من المواد الطبية وحليب الاطفال الى العراق حيث ستوزع بإشراف الهلال الأحمر الإماراتي. وقال ان مثل هذه الخطوات لا تساهم في التخفيف من آلام العراقيين فحسب بل تجعلهم يشعرون بأن جيرانهم لم يتخلوا عنهم مما يؤسس لمستقبل خال من الأحقاد، مثلما تدفع القيادة في بغداد الى تليين مواقفها في التعامل مع القرارات الدولية فتعجل في تفنيدها.
وذكر وزير قطري ان بلاده رحبت بموقف الشيخ زايد وأعلنت تأييدها اياه، لكنها اعربت عن اسفها لمحاولات تطويقه. وعبر عن تشاؤمه بالمستقبل اذا ظل الوضع على حاله.
وتساءل مسؤول عُماني عما يعوق الحريصين على العراق من تقديم الدعم الى شعبه، ليس بإعادة التمثيل الديبلوماسي مع بغداد فحسب بل بإرسال كل انواع المواد الغذائية والطبية عبر مياه الخليج او عبر طرق اخرى ما دام ان الحظر الدولي لا يشمل مثل هذه المواد... وما دام ان النظام في بغداد لا بديل منه الآن وموضوع التغيير ليس في أيدي الحكومات العربية، بقدر ما هو في يد واشنطن، وليس بالطبع في يد فصائل المعارضة العراقية المشتتة. وأضاف ان المشكلة هي ان النظام العراقي لا يسهل على أحد محاولات مساعدته في تنفيذ القرارات وإنهاء الحظر، وأن من العبث اقناعه بأن الحل ليس في يد فرنسا ولا الصين ولا روسيا، بل في يد الولايات المتحدة وحدها.
يبقى ان مثل هذه الدعوات يقلق المسؤولين الكويتيين، لأنه يظهر ان الموقف الخليجي العام من قضية العراق لم يعد واحداً كما كان إبان حرب تحرير الكويت وبعدها مباشرة. وعزا سياسي كويتي ذلك الى عدم وضوح الرؤية والمشاحنات السياسية في الساحة الداخلية الكويتية، مما يترك اثره في توجهات الحكومة في السياسة الخارجية، اذ يشعر المسؤولون الحكوميون بأن مجلس الامة والصحافة يؤديان احياناً كثيرة دوراً يؤثر في قراراتهم الخارجية ويقيدها في مواقع ومواقف عدة. وهذا ما يحصل على جبهة محاولة إعادة تطبيع العلاقات مع دول "الضد" التي وقفت مع العراق في غزوه الكويت. ورأى هذا السياسي ان هذه التعقيدات تضر بالكويت وأمنها الوطني.
التطبيع مع اسرائيل
والتطبيع مع اسرائيل سيكون مدخلاً للقادة الخليجيين للبحث في مسيرة التسوية السلمية في الشرق الاوسط. وقال مصدر خليجي ان قطر طلبت عدم مناقشة ملف اتصالاتها باسرائيل. وعندما سألت "الوسط" وزير الخارجية القطري الدكتور حمد بن عبد العزيز الكواري ألا يعتقد ان بلاده تستعجل الخطى نحو الدولة العبرية بما يضعف مواقع العرب الآخرين في المفاوضات، قال ان قطر لم يكن لها علاقة في فرط التضامن او التنسيق العربي حتى صارت كل دولة تبحث عن مصالحها وسبل تحقيق هذه المصالح. وتساءل ماذا فعل الحريصون على التضامن من اجل بنائه وترسيخه. وأضاف ان التاريخ سيحكم على صحة المواقف التي تتخذها الدوحة او غيرها من العواصم العربية. وشدد على ان كل ما يجري في ساحة التطبيع سينهار ولن يكون له اي معنى اذا لم تنجز التسوية الشاملة على كل المسارات.
وعندما سألت "الوسط" مسؤولين عمانيين السؤال نفسه، قال احدهم: من استشارنا عندما ذهبوا الى مدريد؟ ومن أطلعنا من العرب المفاوضين على سير المفاوضات؟ ومن طلب منا موقفاً يساعده في المفاوضات وتأخرنا في تقديم الدعم؟ وأضاف ان ما تقوم به مسقط على الصعيد الاسرائيلي لا يضر مطلقاً بأي طرف عربي، بل هو عامل يشجع الدولة العبرية على الخروج من تصلبها ويساعد في تبديد مخاوفها من العرب وفي التخفيف من حدة انقساماتها الداخلية التي ظهرت جلية باغتيال اسحق رابين.
ورأى مسؤول آخر ان السلطنة تؤمن بأن التسوية الشاملة آتية وأن الاتفاق على المسار السوري مسألة وقت ولا خلافات جوهرية. وأعرب عن اعتقاده بأن شمعون بيريز، رئيس الوزراء الاسرائيلي يهمه تحقيق انجاز حقيقي سريع في المفاوضات مع دمشق اكثر مما تهمه نتائج الانتخابات البرلمانية الاسرائيلية بعد سنة.
وتابع أن لا مشكلة بين دول مجلس التعاون حيال ما يتم من خطوات واتصالات مع اسرائيل وإن كان بعضهم يرى ان هذه الاتصالات تشكل احراجاً لدول خليجية اخرى. ونفى ان تكون ثمة ضغوط اميركية في هذا المجال.
إلا أن مسؤولاً كويتياً قال ل "الوسط" ان الاميركيين يلمحون احياناً في مناسبات متفرقة الى موضوع التطبيع، لكنهم لا يضغطون ويشددون او يلوحون، وهم يعرفون ان ثمة قوى نيابية وسياسية تعارض الاتصالات بالدولة العبرية وأن الحكومة لا يمكن ان تتجاوز هذه المواقف لئلا تتهم بالقفز على الديموقراطية وبتعميق الانقسامات الداخلية حيال عدد من القضايا الساخنة المحلية والخارجية.
وفي هذا الاطار أكد وزير الاعلام الكويتي الشيخ سعود ناصر الصباح ل "الوسط" ان لا ضغوط اميركية على بلاده التي لا تزال على موقفها وهو ان لا تطبيع مع اسرائيل قبل انجاز التسوية على المسارين السوري واللبناني.
في اي حال يتوقع ان تخرج القمة الخليجية بقرار يؤكد مثل هذا الموقف الكويتي، اي الحرص على مسيرة التسوية وتأكيد شمولها كل المسارات شرطاً لقيام السلام الشامل في المنطقة وعلاقات طبيعية بين كل دولها.
التطرف
وسيكون لموضوع التطرف الديني والحادث الارهابي الذي وقع في الرياض اخيراً مكان بارز في مناقشات قادة دول مجلس التعاون الخليجي، على رغم ان مسؤولاً خليجياً استبعد اضفاء مثل هذه الاهمية على الحادث، معتبراً ان اعمال المتطرفين باتت أمراً متوقعاً في العالم العربي والاسلامي والغربي. وتوقع انحسار هذه الموجة مع نهاية القرن.
وأبلغ مسؤول كويتي "الوسط" ان حادث الرياض يجب ألا يمر من دون بحث، بل يجب التنبيه الى ما تركه من مخاوف على مستوى منطقة الخليج بأسرها وبالتالي تعميق أساليب التعاون بين دول المنطقة لئلا تتحول ميداناً للإرهاب كما في بعض الساحات العربية. وأكد ان الكويت باتت اكثر قدرة على التحكم بحركة تحويل اموال من جمعيات اهلية محلية الى حركات اصولية متطرفة في الخارج، وانها اوقفت حتى الآن نحو خمسين في المئة من نشاط هذه الحركة.
وأكد ديبلوماسي خليجي، لاحظ ان احدى الدول الخليجية لم تدن حادث الرياض علناً، ان التعاون الأمني في خصوص شبكات المتطرفين في المنطقة على أحسن ما يرام من تبادل معلومات وغيرها بين عدد من دول الخليج. لكنه شكا من ان دولاً اخرى لا تبدي تعاوناً كافياً في هذا المجال.
ولم يستبعد توجه بعض حكومات المنطقة الى إنشاء جمعيات خيرية اهلية تكون لها فروع في كل المناطق والمدن تتولى العمل على المستوى الشعبي تحت رقابة الدولة التي يصبح في استطاعتها التحكم بحركة التبرعات والأموال التي يقدمها المواطنون من اجل دعم مشاريع انسانية خيرية لخدمة جمهور المسلمين وليس لخدمة حركات التطرف والارهاب، ذلك ان متبرعين كثيرين حالياً لجمعيات خيرية لا يعرفون من يستفيد من تقديماتهم.
ورأى ان هذا ليس حلاً كافياً لقطع الطريق على حركات التطرف، بل يجب قيام تعاون اقليمي ودولي واسع من اجل القضاء على التطرف وما يؤدي اليه من ارهاب. فضلاً عن تعزيز دور الاعلام واعطائه مزيداً من الحرية في المواجهة. وأشار مراقب كويتي الى الدور الكبير الذي قامت به صحافة بلاده في مواجهة محاولات قوننة بعض مظاهر التشدد في المجتمع الكويتي واسقاطها. مثلما اشار مسؤول قطري الى الغاء الرقابة على المطبوعات في بلاده وفتح وسائل الاعلام الرسمية فيها امام مناقشات ومواقف، في قضايا ومواضيع سياسية وغير سياسية، لا تتناسب احياناً والسياسة الرسمية للحكومة.
الحدود
وعلى رغم ان موضوع الحدود متروك لمحادثات ثنائية بين الدول الخليجية المعنية، إلا ان اللقاءات الجانبية لقادة مجلس التعاون ستثيره بطريقة او بأخرى خصوصاً ان لجاناً فنية في غير بلد تلتقي وتعقد اجتماعات متوالية لتسوية الخلافات الحدودية. ولاحظ مسؤول خليجي ان الاجواء الحالية تشجع كل دول المنطقة على انهاء هذه الخلافات، وأن اللجان الفنية لا تحتاج الى اكثر من قرار سياسي... هو في ايدي قادة المجلس وحدهم دون سواهم.
لا شيء يدعو الى القلق على مستقبل مجلس التعاون وإن تعددت التحديات وكثرت التباينات السياسية بين دوله وحكوماته. انها أمر طبيعي، كما قال مسؤول خليجي مشيراً الى المسيرة الطويلة والمعقدة لبناء وحدة اوروبا من نحو نصف قرن والتي لم تستقر بعد. وعلق بأن ما يجمع بين دول المجلس اكثر بكثير مما يفرق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.