أبرز ما اتسمت به زيارة رئيس وزراء اليونان اندرياس باباندريو للأردن وسورية الحفاوة الكبيرة به ما شكل مؤشراً الى حرارة العلاقة التقليدية بين اليونان والعالم العربي. كما تميزت الزيارة بلقاء مهم بين باباندريو والرئيس حافظ الأسد، خصوصاً ان الزعيمين يرتبطان بصداقة منذ الثمانينات، وهي الفترة التي وضعت خلالها سورية على لائحة الدول التي تتهمها واشنطن بدعم الارهاب الدولي. ولطالما كانت العلاقة الوطيدة بين دمشقوأثينا سبباً لانتقاد أميركي متكرر لليونان. غير أن عالم التسعينات ليس كعالم الثمانينات. فباباندريو يسعى حالياً الى اطلاق حملة ديبلوماسية لتنشيط العلاقات مع الشرق الأوسط من خلال اعادة تقويم هذه العلاقات مع البلدان العربية المشاركة في عملية السلام. واعتبر المراقبون اليونانيون ان مسعى أثينا في حض دمشق على تجاوز الخلافات مع تل أبيب، بهدف ابرام معاهدة تضمن سلاماً دائماً وعادلاً، تمثل بادرة صداقة حيال سورية، ودليلاً في الوقت نفسه على رغبة أثينا في اسداء خدمة لاسرائيل. ولوحظ ان زيارة باباندريو تمت إثر تنسيق مسبق مع واشنطن والاتحاد الأوروبي. وأخطر رئيس الحكومة اليونانية اسرائيل قبل وقت كاف بأنه تلقى دعوتين، سورية وأردنية، لزيارة عاصمتي البلدين. ومنذ تشرين الأول اكتوبر الماضي، عندما أبلغ باباندريو تل أبيب بزيارتيه، شهدت العلاقات الاسرائيلية - اليونانية انتعاشاً ملحوظاً، بلغ ذروته بتنفيذ مناورات بحرية مشتركة بين قوات يونانية واسرائيلية وقبرصية في البحر الأبيض المتوسط. وتم التوصل الى قرار تنفيذ هذه المناورات خلال زيارة قام بها لتل أبيب في كانون الأول ديسمبر الماضي غيراسيموس أرسينيس وزير الدفاع اليوناني. ولم يكن خافياً ان باباندريو يضع في حسبانه التنافس التقليدي بين بلاده وجارتها تركيا، خصوصاً امكان الافادة من تقلب العلاقات أحياناً بين تركيا وسورية.