أكدت مصادر سياسية اماراتية ان موقف دولة الامارات من قضية الجزر التي احتلتها ايران عام 1971 موحد وثابت ويعتمد الطرق السلمية لاستعادة السيادة الكاملة على جزرها الثلاث. وقالت المصادر ان التصريحات التي أدلى بها الفريق أول الشيخ محمد بن راشد ولي عهد دبي وزير دفاع دولة الامارات في أول مؤتمر صحافي بعد توليه ولاية العهد وشملت قضية الجزر "تؤكد وحدة الموقف الاماراتي من هذه القضية". فقد أكد الشيخ محمد استمرارية العلاقات مع ايران على رغم مشكلة الجزر والتأكيد على حلّها سلميا، مشيراً الى ان القضية يجب أن لا تكون عائقاً في طريق العلاقات مع ايران "فقدرنا ان نتعايش على طرفي الخليج ونترك القضية تأخذ مجراها". واعتبرت المصادر ان تشديد الشيخ محمد على حل الخلاف مع ايران سلمياً يؤكد التوجه السلمي لدولة الامارات على جميع الأصعدة وفي كل المواقع. وأوضحت ان توجه الامارات لاحالة النزاع الى محكمة العدل الدولية يشكل جزءاً من الاستراتيجية السلمية التي اعتمدتها الامارات بعد أن استنفدت امكانات الحوار المباشر للوصول الى حل سلمي للأزمة، منذ تفجر الأزمة عام 1992 عندما اتخذت ايران اجراءات من جانب واحد في جزيرة أبو موسى لاستكمال احتلالها للجزيرة. واستضافت أبو ظبي في أيلول سبتمبر 1992 وفداً ايرانياً برئاسة مساعد وزير الخارجية للبحث عن حل سلمي لمشكلة الجزر، لكن المحاولة انهارت بسبب اصرار ايران على عدم بحث احتلالها لجزيرتي طنب الكبرى وطنب الصغرى. وواصلت الامارات تحركها السلمي وبحثت عن قنوات اتصال جديدة مع ايران، فالتقى الشيخ حمدان بن زايد وزير الدولة للشؤون الخارجية في الامارات وزير الخارجية الايراني علي أكبر ولايتي على هامش مؤتمر وزراء خارجية دول عدم الانحياز في اسلام آباد في أوائل عام 1993 ووجه اليه دعوة لزيارة الامارات. وبالفعل زار دكتور ولايتي أبو ظبي في أيار مايو 1993 بحثاً عن حل سلمي أيضاً. وكان في نية الشيخ حمدان زيارة طهران في ايلول سبتمبر من العام نفسه لاستكمال البحث عن الحل السلمي لقضية الجزر. غير أن هذه الزيارة الغيت أمام اصرار ايران مرة اخرى على افراغ الزيارة من هدفها الحقيقي، واشارتها الى تسوية "سوء الفهم" بين البلدين. متجنبة الحديث عن ازالة الاحتلال عن الجزر الثلاث، بل انها صعدت الخلاف من جانبها بالحديث عن "عدم التنازل عن أراضيها والدفاع عنها بالدم"، وبدأت بتغيير المعالم في الجزر ببناء المطارات والموانئ والمنشآت العسكرية والمحاكم وغيرها، في اشارة الى الاصرار على احتلال الجزر. وفي مقابل ذلك أعلنت الامارات في كانون الأول ديسمبر 1993 مبادرة الشيخ زايد المشهورة بدعوة ايران لاحالة الخلاف الى محكمة العدل الدولية. لكن على رغم ذلك تشير أرقام التجارة بين البلدين الى ان قضية الجزر لم تترك أية تأثيرات على حركة التعاون الاقتصادي والتجاري بينهما التي تشهد تطورا ملموسا. ويأتي تأكيد الشيخ محمد بن راشد ضرورة استمرار العلاقات مع ايران على رغم مشكلة الجزر تعبيراً عن واقع منذ بداية الأزمة وحتى الآن. فالعلاقات مع ايران مستمرة ولم تتأثر بالأزمة، فيما القضية تأخذ مجراها السياسي والديبلوماسي بحثاً عن حل سلمي لها. ويقول الشيخ محمد في هذا الصدد ان "عندنا مشكلة مع ايران ولم تحل حتى الآن والمرجو ان تحل سلمياً مثلما قال رئيسنا، لأن ايران جارة وهذا قدرنا كخليجيين ان نتعايش في هذا الخليج ولا بد ان نتعايش عليه. ولا يمنع ان تتعامل دولة الامارات مع ايران وتترك هذه القضية لتأخذ مجراها. ولكن علاقاتنا مع ايران مثمرة وان شاء الله يأتي الحل سلميا ونتمنى أن يكون قريباً لأن هذه التوترات المصطنعة ستزول أسبابها". وتقول مصادر سياسية ان الامارات أدركت منذ البداية ان اثارة ايران للأزمة، اضافة الى كونها تشكل تأكيداً لاستمرار احتلال الجزر الثلاث، تخدم أهدافاً داخلية في لعبة التوازنات على الساحة الايرانية. وان زوال هذه اللعبة ينهي التوترات ويفسح المجال مجدداً للوصول الى حل سلمي للأزمة اذا راجعت طهران سياستها واثبتت حسن نياتها حيال جيرانها في الخليج. ومن هنا أيضاً كان بحث الامارات عن حل سلمي خطاً استراتيجياً أكده الشيخ زايد، ويلتزمه الجميع في الامارات مع المحافظة على العلاقات مع ايران كدولة جارة مسلمة.