لا يخفي المصريون قلقهم من احتمال توقف المساعدات الاميركية الى بلدهم يوماً ما، وتتساءل الاوساط الاقتصادية المصرية اذا كانت هذه المساعدات ستستمر بمعدلاتها السابقة ام ستتأثر في السنوات المقبلة. وفي حين اكد الدكتور يوسف بطرس غالي وزير الدولة للتعاون الدولي ل "الوسط" ان المساعدات ستستمر بمعدلاتها حتى العام 1995، مشيراً الى ان تلك المساعدات تلعب دوراً ايجابياً في مجالات الاصلاح الاقتصادي المصري، الا انه يشدد على ان هناك قناعة لدى الادارة الاميركية وقيادات الكونغرس باستمرار تلك المساعدات نظراً الى الدور الرئيسي الذي تقوم به مصر لاستقرار السلام في المنطقة، اضافة الى ما احرزته مصر في مجال الاصلاح الاقتصادي. ويتوقع ان يبلغ حجم المساعدات الاميركية لمصر في العام 1995 حوالى 1،2 مليار دولار منها 2،1 مليار دولار مساعدات عسكرية اضافة الى 200 مليون دولار تخصص للاستيراد السلعي للقطاع الخاص لتنفيذ مشاريعه و415 مليون دولار لمشاريع التنمية. وكانت مصر تحصل من برنامج فائض الحاصلات الزراعية الاميركية على 150 مليون دولار لشراء القمح، ومنذ العام 1992 لم تستخدم هذه الميزة، لتوافر العملات الحرة لديها للشراء من السوق العالمية، حيث بلغ رصيد العملات الحرة لدى البنك المركزي المصري حوالى 16 بليون دولار. وقالت مصادر في السفارة الاميركية في القاهرة ل "الوسط" ان الادارة الاميركية تولي اهتماماً كبيراً ببرنامج المعونة لمصر الذي يعد من اكبر البرامج وذلك لأهمية مصر ودورها في منطقة الشرق الأوسط. وأشارت المصادر الى البيان المشترك الذي صدر عن محادثات الرئيس حسني مبارك ونائب الرئيس الاميركي البرت غور في القاهرة تحت عنوان "المشاركة من اجل النمو الاقتصادي والتنمية" فاعتبرت انه يعكس مدى اهتمام الولاياتالمتحدة بمصر. وبدا ان التعاون الاقتصادي بين الجانبين في طريقه لتدعيم اكثر، فالجانبان اتفقا اخيراً على انشاء لجنة جديدة مشتركة للنمو الاقتصادي تدعم الحوار الاقتصادي على اعلى مستوى بين الحكومتين، وتشجع وتسهل الاتصالات بين القطاع الخاص وكذلك التدفق التجاري وتقوي التعاون في مجال العلوم والتكنولوجيا وتفتح حواراً حول السياسات الاقتصادية بدعم النمو والتنمية، كما انها ستسعى لتعزيز التنمية التكنولوجية للشركات المصرية وتقوية المناخ لتنمية القطاع الخاص المصري وتزيد من التأثير الايجابي للمساعدات الاميركية الحالية على النمو الاقتصادي المصري. وستشكل هذه اللجنة رسمياً خلال اجتماع يعقد الشهر المقبل حيث تركز هذه اللجنة على المبادرات التي تحفز على نمو وتنمية القطاع الخاص ما يعني خلق وظائف جديدة. وليكمل عمل هذه اللجنة هيئة مستقلة من كبار المديرين التنفيذيين من رجال الأعمال المصريين والاميركيين تقدم النصح للمسؤولين في البلدين بخصوص الفرص الاقتصادية والتجارية وتفادي العقبات كما تشرف على المفاوضات المصرية - الاميركية لاتفاقية العلوم والتكنولوجيا المصممة لمساعدة مصر في تطبيق التكنولوجيا بحيث تطور القطاع الخاص المصري على نحو كاف. ويؤكد مسؤولون مصريون وأميركيون انه لا ربط بين المساعدات الاميركية والتوقيع على وثيقة الأممالمتحدة في شأن السكان والتنمية، حيث اكد الدكتور فتحي سرور رئيس مجلس الشعب المصري لپ"الوسط" ان هذا الأمر غير صحيح وان قبول اي مساعدات لا يعني التنازل عن السيادة وان برلمانات الدول يمكنها ان ترفض اية اتفاقيات خاصة بمنح او مساعدات اذا رأت فيها مساساً بسيادة الدولة. وقالت مصادر وكالة التنمية الاميركية في القاهرة ان الولاياتالمتحدة تبني معوناتها للدول في ظل اعتبارات اقتصادية تنموية وليس على اي اعتبار آخر، وان مؤتمر السكان ليس مؤتمراً اميركياً ولكنه مؤتمر دولي تنظمه الأممالمتحدة. وترجع مصادر في هيئة المعونة الأميركية استمرار المعونات لمصر خلال السنوات المقبلة "لأهمية مصر في منطقة الشرق الأوسط وكونها شريكاً اساسياً في عملية السلام في الشرق الأوسط، على رغم خفض حجم المساعدات الاميركية لكل دول العالم"، وتشير الى ان مصر واسرائيل والأردن يحصل على 35 في المئة من اجمالي حجم المعونة الاميركية للعالم وان الدول العشر الأولى التي حصلت على النصيب الأكبر من المعونة الاميركية ليس بينها دولة افريقية واحدة باستثناء مصر. وأكدت مصادر الهيئة ان التحويلات النقدية التي تحصل عليها مصر والتي تصل الى حوالي 200 مليون دولار ستظل موجودة الا انه سيطرأ بعض التغيير في استخدامها حيث كانت تخصص في الأعوام الماضية لعلاج عجز الموازنة، الا انه بعد عملية الاصلاح الاقتصادي ونجاح الجزء الخاص بالاصلاح المالي سيكون التوجه الجديد لحل مشكلة البطالة وإتاحة فرص عمل جديدة، وبالتالي سيتم تخصيص التحويلات النقدية لبرامج تزيد من الانتاجية وتوفر فرص عمل جديدة في مصر. وذكرت المصادر ان برنامج المعونة الاميركية لمصر سيشهد زيادة في حجم المساعدات لمشاريع البيئة ودعم الاجهزة الديموقراطية وتطوير أدائها ومدها بالتكنولوجيا مثل مجلس الشعب، فضلاً عن الاهتمام بالصناعات الصغيرة في المحافظات. وأوضحت ان القانون الجديد للمساعدات الذي سيحل بدلاً من القانون المعمول به منذ 1961 يحدد 6 أهداف لتركيز أموال المساعدات الاميركية في 6 نقاط محددة يمكن متابعتها وهي حل مشكلات السكان ومعالجة الزيادة المضطردة فيها والبرامج الصحية للحد من وفيات الاطفال وحل مشكلات البيئة ووضع برامج للحد من التلوث في المياه والهواء ودعم الاقتصاديات بما يسمح بتحقيق التنمية المتواصلة ودعم الديموقراطية في العالم والمساعدة الانسانية في الكوارث.