تتابع تويوتا اليابانية استكمال بناء مصنعها الجديد في تركيا على رغم الهبوط الذي سجلته سوق السيارات هناك، اذ اضطرت شركات مثل توفاس، وهي الفرع التركي لفيات الايطالية، الى تقليص حجم العمالة لديها لمواجهة التراجع في التوزيع بنسبة تجاوزت 50 في المئة في النصف الاول من العام الجاري، بالمقارنة مع ما كانت عليه العام الماضي، كما اضطرت شركات تركية اخرى تصنع سيارات بيجو الفرنسية وفورد الاميركية الى إبطاء دوراتها للحد من تراكم المخزون. الاّ أن تويوتا التي تسيطر على 45 في المئة من سوق السيارات في اليابان، ليست الشركة اليابانية الوحيدة في الشرق الاوسط. فثمة شركة يابانية اخرى، هي سوزوكي، باشرت التصنيع في مصر منذ سنوات، وتخطط حالياً لزيادة طاقتها الانتاجية الى ما يزيد على 10 آلاف سيارة سنوياً، يمكن ان تتضاعف في خلال السنوات القليلة المقبلة. ومع ان سوزوكي معروفة في غير قطاع سيارات الركوب، إلاّ أنها اختارت لمصنعها في مصر ان يتخصص في انتاج هذه الفئة من السيارات، في ظل اشارات الى مباشرتها، ولو بكميات محدودة، في الدول المجاورة. الى ذلك، من المقدر ان تباشر نيسان، وهي شركة يابانية تحتل المركز الثاني في السوق اليابانية، انتاج بعض طرازاتها في مصر، لتوزيعها في السوق المحلية ولاحقاً في الاسواق المجاورة. ومع ان السوق المصرية كبيرة نسبياً، وكذلك السوق التركية، إلاّ أن ثمة قاسماً مشتركاً بين خطط الشركات اليابانية الثلاث، سواء في تركيا ام في مصر، هو ان صناعة السيارات اليابانية بدأت تتكيف مع واقع الين القوي، وحاجتها الى الاقتراب من الاسواق الرئيسية للاستهلاك، بما يمكن ان يساعدها على تجاوز هذه المشكلة من جهة، والمحافظة على حصتها في الخارج في ظل المنافسة المتزايدة التي بدأت تشكلها صناعة السيارات الاوروبية الاميركية، وهي صناعة نجحت في السنوات الخمس الاخيرة في زيادة كفاءتها التنافسية، سعراً ونوعاً. ويعتبر خروج الشركات اليابانية الى أسواق الاستهلاك في الخارج، الفرصة الوحيدة لاستيعاب استمرار الين ناشطاً، بعدما أظهرت نتائج المبيعات التي تحققت في النصف الاول من العام الجاري تراجعاً تجاوز معدله العام 15 في المئة، خصوصاً في أسواق الشرق الاوسط، بما فيها الخليج العربي. ولم يقتصر التراجع، وفقاً للتقديرات التي أعدتها مؤسسة التجارة الخارجية في طوكيو، على صادرات السيارات، بقدر ما شمل غالبية الصادرات الاخرى، خصوصاً الالكترونيات التي تجاوز هبوطها في بعض الاسواق 22 في المئة. يشار هنا الى أن إنتاج السيارات اليابانية في الدول الآسيوية المحيطة باليابان، وهي الصين وتايلاند وتايوان والفيليبين وماليزيا وسنغافورة ارتفع في العام 1992 الى خمسة ملايين سيارة، ما يمثل 35.7 من اجمالي انتاج السيارات للشركات في اليابان نفسها. اما اذا اضيفت ارقام الانتاج في الاسواق الاميركية والاوروبية، فإن النسبة ترتفع الى مستوى 52 في المئة، حتى ان بعض الشركات بدأ يعتمد على إنتاج مصانعه في اوروبا والولاياتالمتحدة لإعادة تصديره الى اليابان نفسها. وكانت شركة هوندا التي تملك مصنعاً في بريطانيا بدأت تنفيذ خطط لزيادة طاقته الانتاجية من 100 الى 150 ألف سيارة، اضافة الى استيراد رقم مماثل من مصانعها في الولاياتالمتحدة لتغطية حصتها، ليس فقط في السوق الاوروبية، وانما التصدير ايضاً الى الشرق الاوسط. كما ان التحالف القائم بين مازدا وفورد سيسمح للشركة اليابانية الافادة من المصنع الذي تملكه الشركة الاميركية في اسرائيل لتعزيز قدرتها التنافسية في الشرق الاوسط. هل تستفيد الدول العربية من حاجة الشركات اليابانية الى تركيز انتاجها في الخارج؟ ثمة منافسة غير معلنة حتى الآن بين مصر وتركيا، وان كان من المتوقع ان تكون اسرائيل طرفاً ثالثاً في حال توقف المقاطعة العربية لأسواقها. الاّ أن بلداناً عربية أخرى يمكن ان تكون منافساً متكافئاً مع البلدان الثلاثة، بشرط ان توفر التسهيلات الكافية بجدوى الاستثمار فيها، الى الحوافز التي تحتاجها استثمارات كبيرة من هذا النوع. فإلى توافر البنية الاساسية من الخدمات الصناعية المكملة مثل صناعات الالكترونيات، والاثاث الداخلي، والكهرباء والصلب. وقد تكون الاهمية الاساسية لاجتذاب مثل هذه الاستثمارات الضخمة، ليس فقط في انها فرص عمل جديدة، بل في انها توفر الفرص لخلق صناعات مكملة تجتذب المزيد من التوظيفات، وهذا هو الحد الادنى المطلوب.