لپ"الارهابي" ملايين المتفرجين، ولأمثال "الارهابي" اسواق الكاسيت وأحاديث النجوم، وشائعات الزواج والطلاق والصفحات الملونة. اما السينمائي - المؤلف، ذاك الذي لم يكن احد ليجرؤ على المراهنة عليه قبل سنوات قليلة، انه اليوم الانتصار البطيء، بطيء بالتأكيد لكنه انتصار مؤكد. في الماضي كان سينمائي كيوسف شاهين أو محمد لخضر حامينا يحمل فيلمه "الملعون"، ويدور به من مهرجان الى آخر لعل أحداً يلتفت اليه، ولو بأبوية غير مثمرة في نهاية الأمر. وفي الماضي كان فيلم من توقيع برهان علوية او نوري بوزيد أو مرزاق علواش، لا يجد من يلتفت اليه، الا وسط نخبة النخبة من الناس، غالباً لأسباب لا علاقة لها بالابداع السينمائي نفسه. وفي الماضي كان محمد خان وخيري بشارة وأحمد راشدي يضطرون لإمساك العصا من وسطها قبل ان تخرج افلامهم من حلقات المعجبين - المناضلين الضيقة. هذا الواقع بدأ يخضع في السنوات الاخيرة لبعض التغيير. وقد يقول البعض: لتغيير جذري. حسبنا للتأكد من هذا الامر، ان نتأمل بعض الظواهر الذي لم يتبلور الا في الآونة الأخيرة: حدث مهرجان القاهرة الأخير، دار حول فيلمين عربيين ينتميان الى ما نطلق عليه اسم السينما العربية الجديدة: "كومبارس" نبيل المالح و"حتى اشعار آخر" لرشيد مشهراوي. مهرجان خريبكة المغربي احتل فيه موقع الصدارة كل منپ"سلطان المدينة" للناصر خمير و"مرسيدس" يسري نصرالله. في مهرجان كان الأخير برزت ثلاثة أفلام عربية دفعة واحدة، تحمل تواقيع مشهراوي ومرزاق علواش ومفيدة التلاتلي. في مهرجان السينما العربية في باريس، بدا فيلم نادر جلال "الارهابي" دخيلاً في عالم تزينه اسماء يسري نصرالله ومارون بغدادي ونبيل المالح والمنصف ذويب ومحمد عبدالرحمن التازي... والاخير حقق فيلمه الأخير في المغرب نجاحاً جماهيرياً فاق نجاح "جوراسيك بارك". كما أن النجاح نفسه كان من نصيب معظم الافلام المحلية في تونس خلال الفترة الأخيرة. وقد يكون "مرسيدس" يسري نصرالله عجز عن اختراق حاجز الارث الثقيل للسينما التجارية في مصر، لكن نجاحه المعنوي وسمعته في الخارج يؤهلان صاحبه خوض مغامرة اخرى لن تكون خاسرة لمن سيتدافعون على تمويلها بالتأكيد. وسط هذا المناخ كله، المناخ الواعد رغم صعوبة تجسّده بشكل ملموس في الوقت الحاضر، على المتفرجين العرب العاديين الذين ما زالوا ينتظرون في الطوابير لحضور "الارهابي" وشركاه حتى كم من الوقت يا ترى؟. لكن المخرج - المؤلف العربي بات يحتل موقعاً أساسياً، فيتسابق كبار النجوم للعمل معه من يسرا الى جميل راتب ومن لوسي الى أحمد زكي وناديا سمير ومحمود حميدة، ويرغم حتى المنتجين على الاعتراف به حكاية المنتج عادل حسني مع المخرج محمد القليوبي. صحيح ان في الصورة ظلالاً سوداء أو رمادية عديدة. ولكن... مزيداً من الجهد يا رفاقنا، مزيداً من المغامرة، مزيداً من الجرأة، ولنربح معاً الرهان... ولو أن الطريق ما تزال طويلة وشاقة.