يأتي حزيران يونيو من جديد ليضع الفلسطينيين امام تحديات ستصوغ مستقبلهم بعد 27 سنة على احتلال اسرائيل لقطاع غزة والضفة الغربية. فها هي القيادة الفلسطينية تستعد للدخول الى اريحا وقطاع غزة لتسلم الحكم الذاتي، بعد ان شردت حرب الأيام الستة قسماً كبيراً منه. وبالنسبة الى اسرائيل لا يمكن قياس أهمية حزيران يونيو 1967 بأهمية حزيران 1994. فحتى الآن كان صدى انسحاب أو اعادة انتشار القوات الاسرائيلية في قطاع غزة ومنطقة أريحا ودخول قوات الشرطة الفلسطينية هامشياً على الأكثر. ومع طرح حق الفلسطينيين في العودة وفي المقابل شرعية ومستقبل المستوطنات، يتضح مدى تغيير اسرائيل لسياستها وقلب "مبدئها" في المفاوضات على القضايا التي كانت تعتبر بديهة بعد حزيران 1967. فقد أيّدت حكومة ليفي اشكول بعد حرب الأيام الستة الانسحاب من الأراضي المحتلة في مقابل اتفاقات سلام مع الدول العربية لكن الموقف العربي الرافض حينها وزيادة الدعم الاميركي لاسرائيل دفع الدولة العبرية الى تغيير أولوياتها. والمفارقة الحالية هي تقسيم الخريطة السياسية الى معتدلين ومتطرفين على الجانبين الاسرائيلي والفلسطيني: حماس والمستوطنون من جهة، ورابين وعرفات من جهة اخرى، في حين ان مواقفهم تعكس تقسيماً مغايراً. ففي حين يتفق المستوطنون واليمين الاسرائيلي مع "المعتدلين" الفلسطينيين على ان الاتفاق سيؤدي الى دولة فلسطينية، تتفق حماس مع "المتطرفين" الفلسطينيين و"المعتدلين" الاسرائيليين على ان الاتفاق لن يؤدي الى قيام دولة فلسطينية مستقلة.