بعد لحظات على انتخابه رئيساً لجمهورية القرم التي تشكل جزءاً من اوكرانيا، قال يوري ميشكوف "ان القرم يجب ان تصبح جسراً بين روسياوأوكرانيا". لكنه حاول ان ينفي عن نفسه تهمة العمل على انفصال البلاد فأضاف موضحاً ان برنامجه "ليس انفصالاً ولا انتزاعاً للقرم من اوكرانيا" كما يحاول خصومه السياسيون تصوير الأمر، بل "النهوض بمستوى معيشة سكان القرم... لكن هذا لا يمكن تحقيقه من دون اتحاد مع روسيا". وكان ميشكوف أعلن قبل انتخابه ان هدفه "العودة الى احضان روسيا". وشكلت القرم قبل 1918 جزءاً من الامبراطورية الروسية. ومن 1918 وحتى 1954 ضمن روسيا السوفياتية، ثم اهداها نيكيتا خروشوف الى أوكرانيا، باعتبار ان كل شيء كان مشتركاً في الاتحاد السوفياتي فلم تكن هناك حدود ولا شعوب بل بلاد واحدة وشعب واحد. الا ان الوضع تغير بعد تفكك الاتحاد السوفياتي في نهاية 1991. فنشأت علاقات متوترة بين روسياوأوكرانيا وصلت الى حد النزاع على تقاسم الاملاك الموروثة من الاتحاد السوفياتي أو على الديون الخارجية. وبدا واضحاً ان أوكرانيا تطمح الى امتلاك السلاح النووي الموجود لديها وأسطول البحر الاسود... وأخيراً القرم. وأصبحت "وثيقة اهداء" القرم السبب الرئيسي للنزاع الروسي - الاوكراني، الا ان الأمر لم يصل الى حد اندلاع حرب، غير ان 20 باخرة حربية تابعة لأسطول البحر الاسود خرجت من قواعدها قبيل الجولة الثانية من الانتخابات لاجراء "مناورات روتينية". واتهمت القوات المسلحة الاوكرانية قيادة اسطول البحر الاسود بانتهاك الاتفاقية المعقودة بين اوكرانيا والقرم التي تنص على ضرورة الاتفاق مسبقاً على ترتيبات كل تحرك لعناصر وأسلحة اسطول البحر الأسود. ويرى المراقبون ان انتخاب يوري ميشكوف رئيساً لجمهورية القرم طرح بقوة مسألة ما اذا كانت القرم ستكون تابعة لأوكرانيا او "ستعود الى احضان روسيا". واذا كانت تبعية القرم التاريخية لروسيا لا جدال فيها إلا أن ضمها، فيما بعد، الى اوكرانيا يظل واقعاً قائماً. وفي رأي المراقبين ان مستقبل القرم يجب ان يأخذ في الاعتبار هاتين الحقيقتين التاريخيتين. ولا شك في ان المطالبة بانفصال القرم عن اوكرانيا وعودتها الى جمهورية روسيا في الظروف الحالية يزيد من تدهور العلاقات الروسية - الاوكرانية. واذا أضفت الى هذا مشاكل اسطول البحر الاسود فان الوضع قد يصبح متفجراً، خصوصاً أن المطالبة بعودة القرم الى روسيا ستجعل مواقف القوى القومية في أوكرانيا نفسها راديكالية وستساعد على زيادة العداء للقرم وروسيا. وفي رأي المراقبين ان هذا التطور للاحداث ليس لمصلحة موسكو وكييف حالياً اللتين تحاولان اقامة علاقات اقتصادية تبدأ بتوحيد الانظمة النقدية. اضافة الى ان هناك اتفاقية معقودة بين روسياوأوكرانيا والولايات المتحدة لتصفية السلاح النووي في أوكرانيا تضمن فيها موسكو وواشنطن وحدة اراضي اوكرانيا في مقابل موافقتها على تصفية الرؤوس النووية في أراضيها. ولعل افضل طريقة لحل هذه المشاكل، كما يقول مطلعون، هو اتحاد تكاملي جديد بين الدولتين الفيديراليتين اوكرانياوروسيا.