تعتبر بياتريس دال حالياً إحدى أبرز نجمات السينما الفرنسية. وقد لمع اسمها قبل حوالى عشر سنوات في فيلم "37.2 درجة في الصباح" للسينمائي جان جاك بنيكس ثم استمرت في مشوارها مع النجومية المبنية على اسلوبها "الوقح" في الكلام والتصرف في الحياة وفوق الشاشة والمعاكس لأبسط قواعد النجاح عامة. "الوسط" التقت بياتريس عقب عودتها من مهرجان البندقية فينيسيا حيث عُرض "الى حد الجنون" وحاورتها حول مشوارها الفني. كونت بياتريس دال لنفسها صورة محددة فور ظهورها فوق الشاشة في اول افلامها "37.2 درجة في الصباح" وهي صورة الفتاة الوقحة التي لا تخفي مشاعرها ابداً ولا تتردد عن التعبير بصراحة جريئة جداً عما في قلبها مهما كانت الظروف. هكذا كانت في الفيلم وهكذا تصرفت في الحياة مع الصحافيين والمعجبين وفي برامج التلفزيون التي استضافتها. مثلت بياتريس شخصيات مماثلة في افلام كثيرة وحاولت بعد فترة ان تنوع في ادوارها ونجحت، اذ بقيت تؤدي شخصيات قوية ليست مبنية فقط على وقاحتها. وبين اهم افلامها "اوهام" و "الساحرة" و "الحكاية الحلوة" وطبعاً فيلمها مع مارون بغدادي و "لا اشعر بالنعاس" الحديث العهد. وكانت بياتريس في 1994 في مهرجاني "كان" والبندقية، لذا كنت بداية اللقاء من هذه النقطة. * عدت منذ ايام من البندقية حيث تم عرض فيلمك "الى حد الجنون" ومن قبله قدمت "لا اشعر بالنعاس" في "كان". انه عام المهرجانات بالنسبة اليك. ما رأيك؟ - صحيح انني اشتركت في فيلمين هذا العام، وشاء الحظ ان يقدم كل منهما في مهرجان مهم. انني سعيدة لكوني حضرت "كان" وفينيسيا لكنني لا اعتقد ان نجاح اي فيلم يرتبط بمثل هذه التفاصيل. فالجمهور لا يتردد الى السينما لأن الفيلم المعروض كان في مهرجان ما بل لأنه يتميز بجاذبية معينة سواء في حبكته او في ابطاله. ولا تصدق غير ذلك مهما قيل من حكايات حول اهمية المهرجانات. * هل لاحظت ان كلا الفيلمين أخرجتهما إمرأة وما شعورك تجاه هذه النقطة؟ - لاحظت تضحك وأشكر السماء على كوني لاحظت وإلا غضبت كل من كلير دينيه وديان كوريس لو اعتقدت انهما من جنس الذكور. افهم ما تقصده. ان العمل مع المخرجات يختلف في رأي بعض الممثلات عن مثيله مع المخرجين، وأنت تسألني عن وجهة نظري في الحكاية. انا في الواقع احب ان امارس مهنتي بأحسن طريقة ممكنة ولا أبالي بجنس المخرج بقدر ما أبالي بكفاءته. ولو سألتني عن كفاءة كلير وديان لقلت انهما هائلتان. وأنا عملت في الماضي مع امرأة جيدة كمخرجة ايضاً هي كلير ديفيد في فيلم كان عنوانه "اوهام". ومن ناحية ثانية عملت مع رجال ممتازين حال كلود لولوش وبغدادي وبنيكس، وأؤكد ما قلته حول قلة اهمية الجنس في الكفاءة المهنية. انها شائعات لا علاقة لها بالواقع ابداً. * هل انت راضية عن صورتك كممثلة وقحة في طريقة كلامها وتصرفاتها في افلامها وفي الحياة؟ - لا لست راضية ولم أكن راضية منذ اول يوم، لكنني لم أفلت من مصيري سواء رضيت عنه او لم ارض. انا لا افهم حكاية الوقاحة هذه. انا امرأة صريحة في كلامي مع الناس وهذا كل ما في الامر. لا اخذ في الاعتبار نجوميتي او اي شيء آخر ولا ابالي بحماية المظاهر فالمهم عندي الحقيقة ولا شيء سواها. اما فوق الشاشة فالأمر يختلف لأني أؤدي الأدوار المكتوبة من اجلي، ولو كنت أؤديها بشكل جيد لا يعني ذلك انني اشبهها في الحياة اليومية. * كيف تحاولين التخلص من صورتك هذه؟ - في السينما عن طريق محاولة التنويع في ادواري بقدر الإمكان، وفي الحياة بواسطة التصرف بشكل طبيعي من دون اي مبالغة. لكن كل ذلك لا يكفي فالصورة لا تزال لاصقة فيّ. هل تجدني وقحة الآن في كلامي معك؟ * لا، لكنك عامة في البرامج التلفزيونية لا تترددين عن مهاجمة اهل الصحافة، والكل يتذكر كيف أخجلت احد نجوم نشرة الاخبار على القناة الفرنسية الاولى منذ عامين او ثلاثة تقريباً. أليس كذلك؟ - هناك خلط بين الامور. انا ارد على الصحافيين من دون اي مجاملة وأقول رأيي في المواضيع بصراحة. ولا بد من ان يتحمل كل شخص مسؤولياته. فإذا اعتقد الصحافي ان مهنته تسمح له بكل شيء وان الفنانة سوف تسكت حتى لا تثير فضيحة في برنامج عام، عليه اذن قبول نتائج المجازفة التي يخوضها. ولو سكتت فنانة لن تسكت الثانية. ومن سوء حظ البعض انني انتمي الى الفئة الثانية هذه بالتحديد. وبشأن الصحافي في القناة الاولى ومهما كانت درجة نجوميته، كان عليه ان يراعي خصوصيتي وألا يسألني عن اشياء لا تخص غير نفسي وبخاصة انه كان دعاني للكلام عن فيلمي الجديد حينذاك. انه أراد ان يحرجني وبالتالي ان يزيد من شعبيته. رفضت ان أخدم أهدافه ولعبت لعبته نفسها بمعنى انني سألته على الهواء عن سبب ارساله اكثر من مكتوب غرامي لي على رغم عدم ردي عليه ابداً. وهذه هي الحقيقة. فقيل عني اني وقحة. لست وقحة وكل ما فعلته كان اتباع القاعدة نفسها الخارجة عن حدود الأدب والتي فرضها عليّ اساساً. دافعت عن نفسي ولم اسمح له باكتساب شعبية على حسابي. وبطبيعة الحال غضب الرجل لأنه فشل في لعبته. انه جازف وتلقى رد الفعل الطبيعي لتصرفه وهذا كل ما في الأمر. انا لا ارى اي وقاحة من ناحيتي في هذه الحكاية بل من جانب الصحافي بكل تأكيد. * يقال ان جمالك في حد ذاته يتميز بوقاحة ما. ما رأيك؟ - كيف أرد على مثل هذا الكلام؟ انا اولاً لا اعتبر نفسي جميلة، فلو كان الغير يرى الوقاحة في مظهري لا أقدر على تغيير اي شيء... سوف اتحمل كل مساوئ مهنتي لأنها مهنة عامة لا تسمح بتفادي بعض السلبيات واحاول الاحتفاظ في نفسي بما هو ايجابي وحسب. * هل أنت مقتنعة فعلاً بأنك لست جميلة؟ - نعم وعلى العموم لا اتمتع بدرجة الوقاحة الكافية التي تسمح لي باعتبار نفسي امرأة جميلة وجذابة. انا عادية. * كيف تفسرين نجوميتك الفورية اذن عقب فيلمك الاول، فلو كنت عادية كما تقولين لما لاحظك الناس سواء في حقل المهنة او الجمهور؟ - الكاميرا قادرة على اعطاء بريق هائل الى اشخاص عاديين جداً. والميزة فيّ هي انني اتميز بملامح تلتقط الضوء بشكل جيد وتبدو حلوة امام عدسة الكاميرا. هناك من هن اجمل مني في الطبيعة وأقل بريقاً فوق الشاشة. انها طبيعتي ولا أبذل اي مجهود من هذه الناحية. والفضل في نجوميتي يعود ايضاً وأولاً الى نجاح فيلمي الاول "37.2 درجة في الصباح". ولولا ابداع مخرجه جان جاك بنيكس لما حققت نجاحي ولما كنت في مكانتي اليوم. انها الحقيقة. * كيف اكتشفك بنيكس في الاساس؟ - كنت اظهر فوق غلاف مجلة متخصصة في الموضة ولفت وجهي انتباه بنيكس فطلب مقابلتي وصار ما صار. اما حكاية غلاف المجلة فهي اكثر غرابة اذ كنت أسير في يوم ما في وسط حي "لي هال" في باريس وفجأة اقترب مني رجل وتحدث اليّ قائلاً انه يعمل مصوراً للموضة وان وجهي يناسب تماماً ما يبحث عنه لغلاف مجلة مشهورة. وهنا ايضاً صار ما صار ووجدت نفسي من فتاة لا تعمل قد تحولت الى وجه يزين غلاف احدى اشهر المجلات النسائية. ان حكايتي خيالية ولذا أتقبل مساوئ النجومية بصدر رحب، فالشكوى ليست من حقي في الحقيقة.