سعود بن طلال يطلق عددا من الكائنات الفطرية في متنزه الأحساء الوطني    أمانة الشرقية تستثمر في الائتمان الكربوني دعما لسلامة المناخ    رينارد يتحدث عن موقف الثنائي من لقاء اندونيسيا    «الإحصاء»: السمنة بين سكان المملكة 15 سنة فأكثر 23.1%    أمير الشرقية يطلق هوية مشروع برج المياه بالخبر    وزير الدفاع يستعرض مع حاكم ولاية إنديانا الأمريكية علاقات الصداقة والتعاون بين البلدين    مستشفيات دله تحصد جائزة تقديم خدمات الرعاية الصحية المتكاملة في السعودية 2024    قسطرة قلبية نادرة تنقذ طفلًا يمنيًا بمركز الأمير سلطان بالقصيم    مستشفى الأسياح ينقذ حياة رضيعة عمرها 27 يوماً    «التعليم»: إلغاء ربط العلاوة بالرخصة المهنية    القبض على باكستاني لترويجه 6.6 كلجم من الشبو بمنطقة الرياض    9300 مستفيد من صندوق النفقة خلال 2024    الكتابة على الجدران.. ظاهرة سلبية يدعو المختصون للبحث عن أسبابها وعلاجها    مهرجان وادي السلف يختتم فعالياته بأكثر من 150 ألف زائر    الملتقى البحري السعودي الدولي الثالث ينطلق غدًا    النسخة الصينية من موسوعة "سعوديبيديا" في بكين    قمة مجموعة العشرين تنطلق نحو تدشين تحالف عالمي لمكافحة الفقر والجوع    القيادة تهنئ ملك المغرب بذكرى استقلال بلاده    سماء غائمة جزئيا تتخللها سحب رعدية بعدد من المناطق    "سلمان للإغاثة" يوزع 1.600 سلة غذائية في إقليم شاري باقرمي بجمهورية تشاد    المملكة تجدد إدانتها استهداف إسرائيل ل«الأونروا»    «السلطنة» في يومها الوطني.. مسيرة بناء تؤطرها «رؤية 2040»    القصبي يفتتح مؤتمر الجودة في عصر التقنيات المتقدمة    وزير الحرس الوطني يستقبل وزير الدفاع البريطاني    محافظ جدة يستقبل قنصل كازاخستان    المملكة ونصرة فلسطين ولبنان    الإجازة ونهايتها بالنسبة للطلاب    إحباط 3 محاولات لتهريب 645 ألف حبة محظورة وكميات من «الشبو»    قتل 4 من أسرته وهرب.. الأسباب مجهولة !    عدوان الاحتلال يواصل حصد الأرواح الفلسطينية    حسابات ال «ثريد»    كل الحب    البوابة السحرية لتكنولوجيا المستقبل    استقبال 127 مشاركة من 41 دولة.. إغلاق التسجيل في ملتقى" الفيديو آرت" الدولي    كونان أوبراين.. يقدم حفل الأوسكار لأول مرة في 2025    صبي في ال 14 متهم بإحراق غابات نيوجيرسي    يا ليتني لم أقل لها أفٍ أبداً    موافقة خادم الحرمين على استضافة 1000 معتمر من 66 دولة    أمير الرياض يفتتح اليوم منتدى الرياض الاقتصادي    «حزم».. نظام سعودي جديد للتعامل مع التهديدات الجوية والسطحية    الأخضر يكثف تحضيراته للقاء إندونيسيا في تصفيات المونديال    وزير الإعلام اختتم زيارته لبكين.. السعودية والصين.. شراكة راسخة وتعاون مثمر    قلق في بريطانيا: إرهاق.. صداع.. وإسهال.. أعراض فايروس جديد    مكالمة السيتي    الخليج يتغلب على أهلي سداب العماني ويتصدّر مجموعته في "آسيوية اليد"    أوربارينا يجهز «سكري القصيم» «محلياً وقارياً»    أعاصير تضرب المركب الألماني    «القمة غير العادية».. المسار الوضيء    المكتشفات الحديثة ما بين التصريح الإعلامي والبحث العلمي    الدرعية.. عاصمة الماضي ومدينة المستقبل !    لغز البيتكوين!    الله عليه أخضر عنيد    وزير الدفاع يلتقي سفير جمهورية الصين الشعبية لدى المملكة    نائب أمير منطقة مكة يستقبل المندوب الدائم لجمهورية تركيا    محافظ الطائف يلتقي مديرة الحماية الأسرية    اللجنة المشتركة تشيد بتقدم «فيلا الحجر» والشراكة مع جامعة «بانتيون سوربون»    بيني وبين زوجي قاب قوسين أو أدنى    دخول مكة المكرمة محطة الوحدة الكبرى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جولة كلينتون : الفصل الأخير . انجاز قمة دمشق : علاقات سلام عادية في مقابل انسحاب تام

انضمت جولة الرئيس بيل كلينتون في الشرق الأوسط سريعاً الى قائمة الاحداث الكبرى التي عاشتها هذه المنطقة في العقدين الاخيرين. فقد كانت الجولة حافلة بالمواعيد والمعاني والرموز وبالرسائل أيضاً. ولعل أبرز ما أراد الرئيس الاميركي ان يؤكده هو ان الفصل الأخير من عملية انهاء النزاع العربي - الاسرائيلي بدأ فعلاً.
يصعب عقد مقارنة بين جولة كلينتون والجولة التي قام بها قبل عقدين الرئيس الاميركي الراحل ريتشارد نيكسون وشملت مصر والمملكة العربية السعودية وسورية والأردن واسرائيل. فهذه المرة الاطلالة الاميركية على الشرق الاوسط مختلفة تماماً لأنها تمت في عالم تغير وشملت منطقة تتغير.
في السابق كان الرئيس الأميركي يأتي الى الشرق الأوسط وعينه على موسكو. ولطالما حرص الزعيم السوفياتي الراحل ليونيد بريجنيف على تذكير زعماء البيت الأبيض بأن الشرق الأوسط أقرب الى الأراضي السوفياتية منه الى الأراضي الاميركية. في تلك الأيام كانت لموسكو مواقع في المنطقة ومعاهدات مع بعض دولها وكانت تسارع الى تطويق أي تحرك أميركي ميدانياً من جهة وعبر مجلس الأمن من جهة اخرى.
ولم يكن وجود الاتحاد السوفياتي نقطة الضعف الوحيدة في التحرك الاميركي في الشرق الأوسط، فنقطة الضعف الثانية كانت افتقار واشنطن الى القدرة على التعامل مع جوهر النزاع العربي - الاسرائيلي أي القضية الفلسطينية. وليس ثمة شك في أن العامل الثاني هو الذي زاد من ثقل العامل الأول.
حين جاء كلينتون الى الشرق الأوسط كانت الصورة مختلفة تماماً. لم يعد الاتحاد السوفياتي موجوداً، ورغبة روسيا في تمييز موقفها لا تصل الى حدود التناقض مع سياسة واشنطن أو الى عرقلة هذه السياسة فعلياً. يضاف الى ذلك الرصيد الذي بنته الولايات المتحدة لنفسها في الاعوام الاخيرة، أولاً عبر ارغام القوات العراقية على الجلاء عن الكويت، وثانياً عبر اطلاق عملية مدريد للسلام في الشرق الأوسط قبل ثلاثة أعوام. انها صورة مغايرة لتلك التي كانت قائمة قبل حفنة من الاعوام. فالرئيس ياسر عرفات لم يعد مقيماً في تونس وبات له مقر على أرض فلسطينية، وهو جاء من غزة الى القاهرة للقاء الرئيس الاميركي. ولم يأت كلينتون لتشجيع الأردن واسرائيل على التقدم نحو السلام بل ليشهد توقيع معاهدة سلام بين البلدين جاءت بعد خمسة عشر عاماً من معاهدة السلام المصرية - الاسرائيلية. ثم ان كلينتون جاء وسط اشارات الى تغير في مناخ المفاوضات السورية - الاسرائيلية سيتبعه بالضرورة تغير مواز على المسار اللبناني - الاسرائيلي.
في ظل هذه المتغيرات ومعها التحرك الاميركي السريع أخيراً لاحتواء الحشود العراقية جاءت جولة كلينتون على مصر والأردن وسورية واسرائيل والكويت والسعودية.
مصدر ديبلوماسي عربي قال رداً على سؤال "الوسط" ان جولة كلينتون تتميز بالآتي: "جاء كلينتون ليوفر مظلة لما تم التوقيع عليه وليقدم ضمانات الى من تسعى الولايات المتحدة الى اقناعهم بالتوقيع. وحرصه على ادراج دمشق في برنامج رحلته يشكل اعترافاً اميركياً جديداً باستحالة الحديث عن سلام شامل ودائم ما لم تكن سورية ركناً اساسياً فيه".
وأضاف: "أكد كلينتون ان جولته هي اكثر من احتفال وشدد على أن الولايات المتحدة تقف بقوة الى جانب معسكر السلام. وعشية جولته كان وزير خارجيته وارن كريستوفر واضحاً لجهة حديثه عن ضرورة حرمان معارضي السلام، اي حركة "حماس" و"حزب الله" وغيرهما، من القدرة على الحصول على الأموال والأسلحة والملجأ الآمن. وبهذا المعنى فإن احتواء معارضي السلام ومنعهم من تهديده كان من بين الأهداف الرئيسية لجولة كلينتون".
وختم المصدر قائلاً: "انها جولة دعم وتطمين وتشجيع وتحذير".
مصر : الدفاع عن السلام
القاهرة التي شكلت محطته الأولى خصص لها كلينتون تسع ساعات بدأها بزيارة ضريح الرئيس أنور السادات، في لفتة حملت اكثر من مغزى. وإذا كانت عملية السلام بحد ذاتها شكلت هدفاً أساسياً للجولة الرئاسية الاميركية، فان "الدفاع" عن السلام شكّل هو أيضاً الوجه الآخر من الهدف، ففي مقابل دفع العملية تعهد كلينتون بالتصدي لمن اسماهم "اعداء السلام"، وقصد بذلك حركة "حماس" والمجموعات الأخرى المتطرفة والرافضة لمجمل العملية السلمية.
وعقد كلينتون محادثات مع الرئيس حسني مبارك شارك في جزء منها الرئيس ياسر عرفات. ولم يتطرق الى موضوع القدس والخلاف الأردني - الفلسطيني في شأنه، بينما كان عرفات شدد قبل اللقاء على انه سيبحث هذا الموضوع مع كلينتون. لكن الرئيس الاميركي ابدى ارتياحه الى الاجراءات التي اتخذها عرفات أو وعد باتخاذها للحيلولة دون تنفيذ التهديدات التي تؤثر على عملية السلام.
وأشاد كلينتون بدور مصر ورئيسها في صنع السلام وقال ان "المجتمع الدولي يدين لقادة مصر بالتقدير الكبير". وأضاف: "نحن نحتاج للشجاعة لمحاربة أعداء السلام، والولايات المتحدة تقف مع أصدقاء السلام في العالم".
وأكد الرئيس حسني مبارك ان "الرئيس عرفات يسعى للحفاظ على السلام وقام بالقبض على عدد من قيادات حماس بعد وقوع الأحداث الأخيرة".
الاردن : لن يكون السلام حبراً على ورق
في وادي عربة بدأ الاحتفال بتوقيع معاهدة السلام الأردنية - الاسرائيلية بالآية "يا ايها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان انه لكم عدو مبين".
وفي جو حار ورياح شديدة في منطقة وادي عربة التي افتتحت بها أول نقطة عبور بين الأردن واسرائيل على بعد 13 كيلومتراً شمال العقبة وإيلات، قال الملك حسين في حفل التوقيع، وتعهد بألا يكون السلام حبراً على ورق.
في هذا "الوادي العظيم الذي سيصبح وادي السلام" كما وصفه العاهل الأردني استقبل الملك حسين الرئيس بيل كلينتون في أول زيارة يقوم بها رئيس أميركي للأردن منذ عام 1974 عندما زار الأردن الرئيس الراحل ريتشارد نيكسون.
وبعد عزف النشيدين الوطنيين الأردني والاسرائيلي عزفت الفرقتان الأردنية والاسرائيلية معاً في أول تعاون مشترك بينهما النشيد الجمهوري الاميركي، وأطلقت المدفعية الأردنية والاسرائيلية كذلك في أول جهد مشترك 21 طلقة تحية للقادة.
اما النموذج الثالث من التعاون فكان وقوف الجميع دقيقة صمت على الذين سقطوا من الجانبين طوال السنوات الماضية "والذين جاء وقت هذا الاحتفال متأخراً بالنسبة اليهم".
على المنصة الرئيسية للاحتفال جلس رئيسا وزراء الأردن واسرائيل وبينهما الرئيس الأميركي كلينتون الذين وقعوا على المعاهدة وملاحقها الخمسة المتعلقة بالحدود الدولية، والمياه، والجريمة والمخدرات، والبيئة، واجراءات العبور الموقتة. فيما وقف الى جانب المنصة الملك حسين والرئيس الاسرائيلي وايزمان والأمير حسن وشمعون بيريز ووارن كريستوفر وأندريه كوزيريف.
وقال اسحق رابين قبيل التوقيع انه ينظر حوله في هذا المكان فلا يجد "سوى الصحراء، لا ماء ولا حياة، فقط حقول الغام... هكذا كانت علاقاتنا طوال 47 عاماً".
ودعا رابين ابناء الشعبين الأردني والاسرائيلي لتعبيد طريق السلام الذي جرى فتحه. وتوجه الى الامهات والأطفال في الأردن واسرائيل بقوله انه لا حزن بعد اليوم.
اما الرئيس كلينتون فاعتبر ان الملك عبدالله بن الحسين جد العاهل الأردني هو الذي علمه البحث عن السلام. وخاطب الملك حسين بقوله "لقد أهديت وردة هذا الصباح الى من علمني ان أبحث عن السلام وهو جدكم الملك عبدالله الذي استشهد أمام باب المسجد الأقصى قبل 40 عاماً ومنحكم حملاً وحلماً كبيرين".
كما توجه الى اسحق رابين بقوله: "لقد انتصرت كجنرال اذ قضيت حياتك جندياً تقاتل من اجل اقامة دولتكم وانتصرت في معارك كبيرة أما اليوم فانك تقود بشجاعة جيوش السلام".
لكن الرئيس الأميركي خاطب جمهوراً لم يكن موجوداً في مكان الاحتفال الذي حضره اكثر من خمسة آلاف شخص بينهم ضيوف رسميون وممثلون لدول عربية وأجنبية. فقد قال انه لن يسمح لأعداء السلام بالنجاح، وإن الولايات المتحدة منذ عهد ترومان تقف مع السلام في المنطقة اذ اعترفت آنذاك بقيام دولة اسرائيل.
ويبدو ان كلينتون قصد توجيه هذه الرسالة بالرغم من الغالبية التي يستند اليها كل من الملك حسين ورابين حيث صوّتت الكنيست الاسرائيلية بغالبية ساحقة وينتظر ان يصادق البرلمان الأردني عليها بغالبية الثلثين على الأقل.
وعشية وصول كلينتون الى الأردن عقد حزب "جبهة العمل الاسلامي" مهرجاناً حاشداً وسط العاصمة الأردنية أعلن فيها موقفه الرافض لمعاهدة السلام وانها لن تكون سوى "حبر على ورق".
وأصدرت الأحزاب الأردنية الثمانية المعارضة لمسيرة السلام بياناً أعلنت فيه رفضها الكامل للمعاهدة وما يترتب عليها، كما وجهت رسالة مفتوحة الى الرئيس كلينتون.
سورية: كلام واضح
وكانت الانظار متجهة الى دمشق لمعرفة ماذا كانت القمة دمشق بين الرئيسين بيل كلينتون وحافظ الأسد مظلة كافية لدينامية جديدة في الفصل الأخير من عملية السلام؟ هذا هو السؤال الكبير الذي شغل عواصم المنطقة والعواصم المعنية حين غادرت طائرة كلينتون العاصمة السورية في طريقها الى اسرائيل مع تسليم الجميع بأن هذا الفصل سيكون الأكثر صعوبة ودقة وان النجاح فيه يستلزم قدراً أكبر من الرجوع الى روح مدريد. وأظهر المؤتمر الصحافي الذي عقده الرئيسان في ختام محادثاتهما ان قمة دمشق يمكن أن تشكل منعطفاً مهماً في مسار العلاقات السورية - الاميركية وفي عملية انجاز السلام الشامل.
حمل المؤتمر الصحافي جملة من المواقف والدلالات. فقد اعترف كلينتون، على نحو صريح، باستحالة تحقيق السلام الشامل من دون سورية التي أشار ايضاً الى أهمية دورها الاقليمي. وارتدى هذا الاعتراف أهمية استثنائية كونه جاء غداة مشاركة كلينتون في حفل التوقيع على المعاهدة الأردنية - الاسرائيلية وتضمن تشديداً على ضرورة استناد السلام الى الشرعية الدولية ومبدأ الأرض في مقابل السلام. وعبّر كلينتون عن رغبته في رؤية تحسن في العلاقات الثنائية مع سورية ملمحاً في الوقت نفسه الى وجود رابط بين تحقيق السلام وترسيخ العلاقات الثنائية.
وأكد ان تقدماً تحقق في دمشق وان العمل من اجل سلام الشجعان مستمر، رافضاً الخوض في التفاصيل ومشدداً على الاتفاق مع الأسد على دفع عملية السلام الى الأمام. وأشاد الرئيس الاميركي بالتزام الرئيس السوري السلام وتحدث عن عزيمة مشتركة على تحقيق السلام العاجل في أقرب وقت ممكن معتبراً أن السلام يجب أن يضمن الأمن للطرفين وأن يؤدي الى وقف اعمال الارهاب والعنف.
في المقابل جدد الرئيس الأسد التزام سورية بالسلام كخيار استراتيجي يكفل الحقوق العربية وينهي الاحتلال الاسرائيلي للأراضي العربية وفقاً لقرارات مجلس الأمن 242 و338 و425. وقال: "كما أكدت للرئيس كلينتون انطلاقاً من مبدأ الانسحاب الكامل في مقابل السلام الكامل استعداد سورية للالتزام بمقتضيات السلام باقامة علاقات سلام عادية مع اسرائيل في مقابل انسحاب اسرائيل التام من الجولان الى خط الرابع من حزيران 1967 ومن جنوب لبنان". وتحدث الأسد عن سلام يعم أرجاء المنطقة و"يمكن العرب والاسرائيليين من العيش في أمن واستقرار ورخاء".
وتوقف المراقبون عند قول الرئيس الأسد "حققنا أموراً ولم نحقق أموراً أخرى وسنستمر بالسعي في نفس الطريقة أو بطريقة أخرى أكثر فاعلية، ان عثرنا عليها، لتحقيق عملية السلام بشكل أفضل".
ورأى المراقبون ان الاشارة الى "طريقة أخرى اكثر فاعلية ان عثرنا عليها" يعتبر من بين أبرز نتائج قمة دمشق، خصوصاً اذا اظهر رابين تجاوباً مع ما حمله كلينتون. وأضاف هؤلاء ان الكرة عادت مجدداً الى الملعب الاسرائيلي فاذا تعهد رابين تنفيذ انسحاب كامل فان واشنطن ستسعى الى طرق أكثر دينامية في التفاوض، وربما الى رفع مستواها.
واذا كان الموقف السوري الذي أعلن في ختام قمة دمشق استند في جوهره الى الموقف السوري الذي اعلن في ختام قمة جنيف فان كلينتون حرص على التنويه باشارات أعقبت لقاء جنيف وبينها كلمة الأسد امام مجلس الشعب وحديث وزير الخارجية السوري فاروق الشرع للتلفزيون الاسرائيلي وكلمة الأسد في ختام قمة دمشق.
وإذا كان كلينتون نقل عن الأسد ان استهداف الأبرياء خطأ فإن الرئيس السوري شدد على العلاقة بين تهمة الارهاب واستمرار الصراع مع اسرائيل، مؤكداً ان موضوع الارهاب لم يكن بنداً مستقلاً في جدول أعمال القمة.
استغرقت أعمال القمة نحو أربع ساعات تخللتها خلوة بين الرئيسين. ولوحظ ان وسائل الاعلام السورية غطت مباشرة وصول الرئيس الاميركي ومغادرته والقمة والمؤتمر الصحافي مع مقابلات وتعليقات شددت على أهمية دور سورية واعتبار الاعتراف الاميركي بهذا الدور نجاحاً للسياسة التي تنتهجها دمشق وللأسلوب الذي ادارت به المفاوضات منذ انطلاق عملية مدريد.
واختصر ديبلوماسي أجنبي في دمشق أهمية الزيارة بقوله: "انتهى زمن اختبارات القوة وزمن البحث عن عاصمة ثالثة للاجتماع. ومع هذه الانطلاقة للعلاقات الاميركية - السورية يمكن الحديث جدياً عن انطلاق الفصل الأخير من عملية السلام في الشرق الأوسط". هكذا اختصر احد الديبلوماسيين في دمشق اهمية زيارة الرئيس بيل كلينتون لها والتي جاءت بعد عشرين عاماً من زيارة الرئيس الراحل ريتشارد نيكسون للعاصمة السورية.
ويضيف الديبلوماسي: "كان من الصعب على الرئيس كلينتون ان يقوم بجولة تاريخية في الشرق الأوسط اذا غابت سورية عن برنامجه. فقد كان من شأن استثناء دمشق ان يظهر مشاركته في حفل التوقيع على المعاهدة الأردنية - الاسرائيلية وكأنها محاولة تطويق لها. وأظهرت التجارب ان سورية لا تبدي مرونة حين تتعرض للضغوط".
ولا يحتاج زائر دمشق الى كبير جهد لإدراك حجم العلاقة بين تحسن العلاقات الاميركية - السورية وخيار السلام الذي جددت سورية التزامها به كخيار استراتيجي. فعشية زيارة كلينتون ومع ارتفاع العلم الاميركي الى جانب العلم السوري في الطرق المؤدية من مطار دمشق الى "قصر الشعب" حيث عقدت القمة بين الرئيس بيل كلينتون وحافظ الأسد تقدم التركيز على العلاقات الثنائية على ما عداه. لا بل ان افتتاحيات الصحف السورية أكدت وجود فرصة فعلية لقيام علاقات جديدة بين واشنطن ودمشق، وكأن هذه العلاقات معبر إلزامي وضروري لإستكمال شروط السلام.
ورأى مراقبون في دمشق ان اعطاء الأولوية لبناء علاقات ثنائية واضحة هو استمرار للموقف السوري الذي ظهر في قمة كلينتون - الأسد في جنيف قبل عشرة أشهر "لأن هذه العلاقة هي الضمانة لاعادة مفاوضات السلام الى القواعد التي انطلقت منها عملية مدريد، وهي قواعد الشرعية الدولية". ويسمع زائر دمشق كلاماً أشد وضوحاً مفاده ان سورية "ليست في وارد ارتكاب اخطاء الآخرين" و"ليست في وارد الوصول الى واشنطن عبر البوابة الاسرائيلية، لكنها مستعدة لعبور البوابة الأميركية وصولاً الى السلام العادل".
في الحلقات والنقاشات التي رافقت القمة الاميركية - السورية الجديدة بدا واضحاً ان زيارة كلينتون تشكل تتويجاً لمرحلة من الاعتراف المتبادل بحجم الادوار. بكّرت دمشق في قراءة معاني الانهيار السوفياتي واتجاه العالم نحو وحدانية الزعامة الأميركية فرسخت خيار الاعتدال عربياً ودولياً، وكان اللقاء بين الرئيس الأسد والرئيس الأميركي السابق جورج بوش في جنيف 1990 أحد المحطات البارزة في هذا السياق. وجاءت المشاركة السورية في مدريد دليلاً على القراءة الجديدة للوضعين الدولي والاقليمي.
وتواكب الاعتراف السوري بدور الولايات المتحدة، التي باتت القوة العظمى الوحيدة، كشريك نزيه وكامل في عملية السلام، مع اعتراف اميركي متزايد الوضوح بدور سورية المركزي في السلام الشامل وباعتبار دمشق معبراً الزامياً لأي سلام يطمح الى صفة السلام الشامل والعادل.
في الحلقات والنقاشات التي رافقت القمة الاميركية - السورية الجديدة بدا واضحا ان زيارة كلينون تشكل تتويجا لمرحلة من الاعتراف المتبادل بحجم الادوار. بكرت دمشق في قراءة معاني الانهيار السوفياتي واتجاه العالم نحو وحدانية الزعامة الأميركية فرسخت خيار الاعتدال عربيا ودولياً. وكان اللقاء بين الرئيس الأسد والرئيس الأميركي السابق جورج بوش في جنيف 1990 أحد المحطات البارزة في هذا السياق. وجاءت المشاركة السورية في مدريد دليلا على القراءة الجديدة للوضعين الدولي والاقليمي.
وتواكب الاعتراف السوري بدور الولايات المتحدة ، التي باتت القوة العظمى الوحيدة. كشريك نزيه وكامل في عملية السلام، مع اعتراف اميركي متزايد الوضوح بدور سورية المركزي في السلام الشامل وباعتبار دمشق معبرا الزاميا لأي سلام يطمح الى صفة السلام الشامل والعادل والدائم.
ويرى المراقبون ان الاختراقات التي تحققت على المسار الفلسطيني - الاسرائيلي ثم على المسار الأردني - الاسرائيلي لم تضعف قيمة الاوراق التي يملكها المفاوض السوري، بل أكدت استحالة استكمال السلام أو حماية ما سجل من اختراقات من دون التوصل الى سلام سوري - اسرائيلي. وهكذا دارت المبارزة الديبلوماسية: اسرائيل تسعى الى مفاوضات يكون دور الوسيط الاميركي فيها محدوداً، وسورية تطالب الولايات المتحدة بدور نزيه في دعم السلام الشامل لتقريب المفاوضات مع روح مدريد.
وكان قرار الرئيس كلينتون بزيارة دمشق حاسماً في هذا السياق، وهو ما جعل القمة الاخيرة تفوق في اهميتها القمم الاميركية - السورية السابقة، بدءاً بزيارة نيكسون ومروراً بقمة الأسد وكارتر، ثم قمة الأسد وبوش في جنيف. فمجرد الزيارة كان يعني عملياً اسقاط الاتهامات التي وجهت الى سورية، خصوصاً في شأن دعم الارهاب، كما ان الاعتراف بمركزية دورها في عملية السلام يشكل اعترافاً بدورها الاقليمي والذي لا يمكن حصره تماماً في حدود علاقتها مع لبنان.
في موازاة ملامح التحسن الكبير في العلاقات السورية - الاميركية وما يمكن ان يوفره من قواعد لمستقبل هذه العلاقات ودور سورية في المرحلة المقبلة يرى المراقبون ان تسريع عملية السلام بات ممكناً ولكن من دون خطوات دراماتيكية وعلى قاعدة الانسحاب الاسرائيلي الكامل من كل شبر سوري محتل والذي سترد سورية عليه بما يستجيب ل "متطلبات السلام".
ويعتقد المراقبون انه بعد مرحلة الاشارات المتبادلة في العلاقات الاميركية - السورية وعلى مسار المفاوضات السورية - الاسرائيلية تفتح زيارة كلينتون الباب لمرحلة الضمانات الواضحة والتصورات الدقيقة للتسوية والبحث النشط عن نجاح في الفصل الأخير.
الكويت: أمن المنطقة
الكويت التي رحبت بزيارة الرئيس الأميركي واعتبرتها ترجمة لحرص الولايات المتحدة على أمن المنطقة والحفاظ على سيادة الكويت واستقلالها رأت فيها كذلك دعماً واضحاً لقرارات المجتمع الدولي وتماسكه.
وقال مستشار وزير الخارجية الكويتي، الأمين العام السابق لمجلس التعاون الخليجي السيد عبدالله بشارة ل "الوسط" ان الزيارة تبين "صلابة الموقف الاميركي ضد أية نيات عراقية أو تهديدات"، كما تبين "جدية في التعامل مع النزعة العدوانية للنظام العراقي" وأضاف ان الزيارة "رسالة واضحة الى العراق مفادها ان العالم لا يستطيع ان يتسامح مع القوى التي تقوض السلام وتخلق الاضطرابات وتبيد شعوبها".
واعتبر مراقب كويتي ان المطلوب من كلينتون رؤية استراتيجية للمنطقة من ثلاثة محاور:
محور عربي - اسرائيلي، اذ "على الرئيس الاميركي ان يقنع الاسرائيليين بأن الهامش الذي يفرقهم عن المسالمين العرب يجب أن يتقدموا نحوه بشيء من التنازلات، وإلا فإن الهامش سيشغله المتطرفون".
محور النظام العراقي، "لأن استنزاف الخليج معنوياً ومادياً سيأتي بأضراره على العرب جميعاً".
المحور الأخير هو "تغيير التعامل الأميركي مع الشؤون الداخلية للدول الصديقة، اذ هناك تفاعلات مجتمعية وثقافية تبتها هذه المجتمعات وعاشت معها، والاخلال بها لتطبيق تصور سياسي مثالي هو دفع قسري نحو تفاعلات قد لا تكون صحية".
السعودية : تأكيد العلاقات المميزة
جاءت زيارة الرئيس بيل كلينتون للسعودية لتزيل الشكوك التي أثارها البعض في واشنطن حول وجود فتور في العلاقات بين البلدين، ولتؤكد ان هذه العلاقات لا تتأثر بتغير الادارة الاميركية، أو بمحاولات التشكيك التي تقوم بها جهات سياسية محسوبة على اللوبي الصهيوني لا تريد أن يكون للسعودية اصدقاء في الادارة الاميركية.
واعتبرت مصادر سياسية في الخليج ان الزيارة تؤكد حرص الولايات المتحدة على علاقاتها مع المملكة، وهي علاقات قائمة على المصالح المشتركة، فإذا كان لواشنطن مصالح استراتيجية واقتصادية مهمة مع السعودية، فإن للرياض مصالح سياسية مهمة أيضاً مع واشنطن، خصوصاً ما يتعلق بالأمن في منطقة الخليج وعملية السلام. وتقدر السعودية الدور الذي تقوم به الولايات المتحدة للمحافظة على الأمن في منطقة الخليج ضد أية تهديدات اقليمية، عراقية كانت أم ايرانية. وترى الولايات المتحدة ان تعزيز القدرات العسكرية والتسليحية لجيوش دول المنطقة، خصوصاً الجيش السعودي، له دور مهم في حماية أمن المنطقة. وفي هذا الاطار يعتقد مراقبون بأن الملك فهد والرئيس كلينتون تطرقا الى موضوع السلاح، حيث كانت السعودية اتفقت مع الولايات المتحدة على برنامج تسليحي متطور مدته عشر سنوات ويشمل طائرات مقاتلة ودبابات ثقيلة. وكانت معلومات ذكرت ان الرياض طلبت اعادة النظر في الفترة الزمنية لهذا البرنامج بسبب بعض الصعوبات المالية الناجمة عن انخفاض اسعار النفط، ما يجعلها غير قادرة على اقتطاع نسب كبيرة من وارداتها المالية لانفاقها على التسلح، من دون ان تأخذ في الاعتبار استمرار خطط التنمية التي تنفذها. وكان وزير الخزانة الاميركي لويد بنتسن أشاد خلال زيارته الاخيرة للسعودية ببرنامج الحد من النفقات الذي تتبعه المملكة.
وبالنسبة الى تطورات عملية السلام أكدت الزيارة ان الولايات المتحدة ما زالت تعتبر ان للرياض دوراً مهماً في دفع هذه العملية من خلال المشاركة مع الدول العربية المعنية بالمفاوضات مع اسرائيل في تطبيع الأوضاع في المنطقة. وترى المملكة ان تحقيق السلام الشامل وفقاً لمبادئ مؤتمر مدريد سيزيل أية حواجز لتعاون اقليمي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.