مع ازدياد اهتمام الناس بمعوضات الفيتامينات وإقبالهم عليها، ومع إزدهار صناعتها وتجارتها وكثرة استهلاكها، قامت شركات الادوية ومصانع المنتجات الصحية والغذائية بتسويق العديد من المستحضرات والمعوضات الجديدة التي تشمل الفيتامينات والمعادن الزهيدة المجمعة والمعبأة داخل علب وأوعية مختلفة، والمصنعة على شكل أقراض وكبسولات، بحيث تحوي الكبسولة أو الحبة الواحدة مجموعة كبيرة من المعادن والفيتامينات يمكن تناولها في جرعة واحدة يومياً. والسبب في جمع المعادن والفيتامينات معاً يعود الى حقيقة ان الفيتامينات لا يمكنها ان تقوم بدورها داخل الجسم ولا يمكن للجسم امتصاصها أو استهلاكها أو الاستفادة منها إلا بوجود المعادن وبمساعدتها. وبما ان وجود وجبات طعام مثالية تشمل كافة احتياجاتنا من الفيتامينات والمعادن أمر شبه مستحيل، نظراً للتلوث البيئي الذي نعيشه وللأساليب الزراعية الحديثة التي يكثر فيها استخدام المواد الكيماوية وغيرها من المواد التي تؤثر على التربة ومزروعاتها وما تحتويه من أملاح معدنية مهمة لا غنى لصحتنا عنها، فإن من الضروري تعويض تلك النواقص بما هو متوفر في الأسواق من مكملات فيتامينية ومعدنية، باعتدال ودون مبالغة حتى تتم الفائدة المرجوة بعيداً عن أية مضاعفات أو أعراض جانبية. ما هي هذه المعادن؟ وما هي فوائدها؟ ومن هم أكثر الناس حاجة لها؟ وما هي مصادرها الطبيعية؟ تندرج المعادن وأملاحها تحت لائحة المواد الغير العضوية التي لا يمكن لأجسامنا ان تنتجها، بل تحصل عليها من المنتجات الزراعية والحيوانية، كالخضار الطازجة واللحوم، لأن مصدرها الاساسي هو تربة الأرض. وتنقسم هذه المعادن التي تتحول الى أملاح معدنية داخل اجسامنا الى قسمين. قسم موجود في كافة الأنسجة والخلايا، مثل الصوديوم والبوتاسيون والكالسيوم والمغنيسيوم، وقسم موجود في أماكن معينة من الجسم والخلايا، ويشكل جزءاً مهماً من عملية أساسية محددة مثل الحديد واليود والنحاس والزنك والسيلينيوم والكوبالت والفوسفور والمنغنيز والفلورين والكروميوم والبورون والفناديوم والكبريت والمولبدينوم والكلور. أما أهمية هذه المعادن فيمكن إدراكها من خلال السرد التالي لوظائفها ومهامها داخل الجسم. الكالسيوم: وهو أكثر المعادن انتشاراً في الجسم ويلعب دوراً اساسياً في بناء العظام والأسنان بالتعاون مع الفوسفور. وهو مهم جداً لصحة وسلامة جهاز القلب والأوعية الدموية ويتعاون مع المغنيسيوم لضبط نبضات القلب وضمان حسن انتظامها كما انه يخفف من مشكلة الأرق ويساعد في عملية بناء واستقلاب الحديد داخل الجسم. أهم مصادره الطبيعية: مشتقات الحليب من ألبان وأجبان، الأسماك: كالسردين والسلمون، المكسرات: كالفستق السوداني والبندق، الخضار ذات الجذور: كالفاصوليا الجافة وفاصوليا الصويا. الكلور: ينظم التوازن الحمضي - القلوي للدم، ويعمل مع الصوديوم والبوتاسيوم بشكل مركب، ويساعد في عملية الهضم وتنظيف الجسم من الفضلات من خلال إعانته للكبد. أهم مصادره الطبيعية: ملح الطعام والزيتون. الكروم: يعمل مع الانسولين على استقلاب السكر، وهو مهم في عملية التحكم بمستوى السكر في الدم وفي ردع مرض السكري. ويساعد هذا المعدن في عملية النمو وفي تخفيض ضغط الدم المرتفع والوقاية منه. أهم مصادره الطبيعية: الخميرة، الكبد، الصدف البحري، الدجاج، زيت الذرة، عصير الفاكهة والأجبان. الكوبالت: يشكل جزءاً من فيتامين ب12 B12، وهو مهم جداً لكريات الدم الحمراء، ويساعد في درء أخطر مرض فقر الدم. أهم مصادره الطبيعية: الكبد، اللحوم، الكلى، الحليب والمحار. النحاس: يشكل جزءاً مهماً للعديد من الانزيمات أو الخمائر، بما فيها تلك التي تقاوم الاخماج وتزيل ضررها السام. وهو ضروري لتحويل حديد الجسم الى هيموغلوبين، ولتكوين كريات الدم الحمراء. كما انه يلعب دوراً أساسياً في استقلاب فيتامين ث C. وفي امتصاص الحديد بفعالية تضمن الحفاظ على مستوى عالٍ من الطاقة في الجسم. أهم مصادره الطبيعية: الفاصوليا المجففة، الكبد، المأكولات البحرية أو السمكية، البندق والزيتون. الفلورين: وهو جزء من المركب الاصطناعي المعروف بفلورين الصوديوم الذي يضاف الى مياه الشرب، ويمتاز بقدرته على تقوية العظام وتخفيف حالات تسوس الاسنان. إلا ان الاكثار منه يؤدي الى تغيير لون الانسان. أهم مصادره الطبيعية: مياه الشرب، المأكولات البحرية، الجيلاتين. اليود: يتواجد ثلثا مخزون الجسم من اليود في الغدد الدرقية التي تضبط عملية البناء والاستقلاب داخل الجسم. ويؤثر هذا المعدن على وظائف هذه الغدد الهرمونية وإفرازاتها، فيؤدي أي نقص فيه الى تباطؤ في التجاوب الفكري وزيادة الوزن والى انخفاض في طاقة الجسم وقدراته. ويساعد اليود في حرق الشحوم الزائدة، وفي النمو الصحيح والسليم للجسم، وفي إعطاء وتوفير المزيد من الطاقة عند الحاجة اليها، وفي تحسين الوضع والدقة الفكرية. كما يساهم في المحافظة على سلامة وصحة الشعر والجلد والأظافر والاسنان. أهم مصادره الطبيعية: الخضار المزروعة في تربة غنية باليود، ملح الطعام المقوى والمدعم باليود، البصل، كافة المأكولات البحرية. الحديد: وهو من المعادن الضرورية والمهمة في حياة الانسان. اذ انه يلعب دوراً اساسياً في تكوين الهيموغلوبين، وفي نقل الاوكسجين الى كريات الدم الحمراء، وتكوين الميوغلوبين، وإعطاء اللون الأحمر للعضلات. ويساعد الحديد في عملية النمو ومقاومة الأمراض ومنع الارهاق، وفي اعطاء الجلد نضارته. وفوق كل شيء فإن الحديد يساعد على منع حدوث فقر الدم ذي العوز الحديدي، ويساهم في علاج المصابين به. وتعاني الغالبية العظمى من النساء من نقص في الحديد والكالسيوم نتيجة العادة الشهرية والحمل والرضاعة وحبوب منع الحمل وتناول الأسبرين، أو نتيجة نقص فيتامين ث C أو فيتامين د D. كما يعاني الاشخاص الذين يشربون القهوة والشاي بكثرة من نقص في الحديد لأن هذه المواد تمنع امتصاصه داخل الجسم. أهم مصادره الطبيعية: اللحوم الحمراء، الكبد والقلب والكلى، الخميرة، الفاكهة المجففة، البندق واللوز والجوز والفستق، طحين الشوفان، الفول، المحار، صفار البيض، الهليون، الدبس. المغنيسيوم: من المعادن الضرورية لعملية استقلاب الكالسيوم والصوديوم والبوتاسيوم والفوسفور وفيتامين ث. وهو اساسي لوظائف العضلات والاعصاب ولضمان فعاليتها. كما انه مهم في تحويل السكر في الدم الى طاقة داخل الجسم. ويمتاز هذا المعدن بقدرته على مقاومة الاجهاد والكآبة، وفي المحافظة على صحة جهاز الطلب والأوعية الدموية والحماية من أمراض القلب. ويحرص على سلامة الانسان وعلى منع ترسب الكالسيوم في الكلى والمرارة، ويساهم في تخفيف عسر الهضم. ويعاني مدمنو المشروبات الروحية والكحولية ومتعاطو حبوب منع الحمل من نقص في المغنيسيوم. أهم مصادره الطبيعية، العدس، التين، الاسماك، الحبوب، الليمون، الذرة، اللوز، الفستق، التفاح. المنغنيز: ضروري لتمكين الجسم من الاستفادة من فيتنامين ب B وفيتامين ث C، ولضمان التركيب الطبيعي للعظام ولتكوين اهم الهورمونات التي تفرزها الغدد الدرقية. وهو من المعادن المهمة لعملية التوالد والتكاثر ولضمان أداء الجهاز العصبي لوظائفه. كما انه يساعد على هضم الطعام، ويمتاز بقدرته على إزالة التعب وتخفيف إضطراب الاعصاب وتحسين قدرة الذاكرة. أهم مصادره الطبيعية: الفستق، الخضار، الشمندر، صفار البيض، الفاصوليا، حبوب القمح. الزنك: واحد من اهم المعادن الزهيدة، فهو ينظم ويشرف على حسن سير العديد من الوظائف داخل الجسم، ويقوم بصيانة الانزيمات والخلايا. وهو مهم ايضاً لبناء واستقلاب البروتينات والسكاكر والشحوم والطاقة. ويساعد الزنك في تركيب الانسولين وفي المحافظة على التوازن الحمضي - القلوي داخل الجسم. كما انه يلعب دوراً مهماً في نمو الاعضاء التناسلية، وفي تقوية جهاز المناعة لمواجهة كافة الامراض. ويقوي الزنك الأغشية الداخلية للأوعية الدموية، ويمنع ترسب الشحوم أو تراكمها داخل هذه الاوعية ما يساعد على تخفيض امكانية الاصابة بأمراض القلب وارتفاع ضغط الدم. وهو معدن مهم للعيون وحاسة النظر ولمساعدة العظام على النمو. ويمتاز الزنك بقدرة كبيرة على الاسراع في شفاء الجروح الداخلية والخارجية للجسم، وفي إزالة البقع البيضاء من على الأظافر، وفي إعادة حاسة التذوق لمن يفقدها. كما يساعد الزنك في علاج حالات العقم ومشاكل البروستات، وفي تخفيض ترسب الكوليسترول داخل الأوعية الدموية، وفي تطوير نمو اليقظة الفكرية والعقلية. وتجدر الاشارة الى ان الرجال الذين يمارسون الجنس بكثرة يعانون غالباً من نقص في الزنك لأن هذا المعدن يركز وجوده داخل البروستات وفي مني الرجال. ويعتقد العلماء بأن نقص الزنك عند النساء الحوامل قد يؤدي الى مشاكل لاحقة عند الأطفال بعد ولادتهم، كالنمو البطيء والإعاقة في تعلم الأشياء، وعدم نضوج الاعضاء التناسلية عند الأولاد. وقد يعود سبب هذا النقص الى المبالغة في وصف معوضات الحديد للنساء أثناء الحمل، فالمعروف ان وجود الحديد بكثرة يؤثر على مستوى الزنك في الجسم. ويحتاج النباتيون الى معوضات للزنك لأنهم لا يحصلون عليه بسبب امتناعهم عن أكل اللحوم. كما يحتاجه كبار السن والحوامل وكل من يعاني من مشاكل في البروستات، أو اضطراب في العادة الشهرية ويستحسن تناوله مع فيتنامين A. أهم مصادره الطبيعية: اللحوم الحمراء، الخميرة، البيض، بذور اليقطين، القمح، الحليب المجفف الخالي الدسم. السيلينيوم: يعمل هذا المعدن مع فيتامين إي E ضد عمليات التأكسد الضارة داخل الجسم فيمنع أو يؤخر هرم الانسجة وتصلبها نتيجة للتأكسد، ويحافظ على مرونتها وشبابها. ويخفف السيلينيوم من فوران الدم واحمرار الجلد عند اللواتي يعانين من ضائقة سن اليأس، كما يساعد على معالجة قشرة الرأس، ولذلك فإنه يضاف الى العديد من أنواع الشامبو الطبية. وهنالك اعتقاد طبي بأن هذا المعدن يساهم في تحييد المولدات السرطانية وفي الحماية من بعض أمراض السرطان. ويحتاجه الرجال للمحافظة على قدراتهم الجنسية للاستمرار في عملية التكاثر والتوالد، ولمقاومة الأمراض والاخماج، علماً بأن السيلينيوم يركز وجوده في الخصيتين والمني. أهم مصادره الطبيعية: الثوم، البصل، سمك الطون، الطماطم، النخالة. الفوسفور: موجود في كل خلية من خلايا الجسم ويشارك في كافة التفاعلات الكيماوية - الفيسيولوجية. وهو ضروري للتركيب الطبيعي والسليم للانسان والعظام، ومهم لانتظام وظائف القلب والكلى ولنقل الاشارات العصبية. كما يساعد في عمليات النمو والاصلاح داخل الجسم في تزويده بالطاقة والقوة من خلال دوره في عملية استقلاب الشحوم والمعجنات. ويساهم الفوسفور ايضاً في تخفيف آلام التهاب المفاصل وفي الحفاظ على صحة اللثة والاسنان. أهم مصادره الطبيعية: الدواجن، الأسماك، اللحوم، القمح، البيض، الفستق، البذور. البوتاسيوم: يقوم بتنظيم الحركات والانشطة الكهربائية داخل الجسم ويحافظ على توازن مستوى الماء وانتظام نبضات القلب بالتعاون مع الصوديوم. ويؤدي البوتاسيوم وظائفه داخل خلايا الجسم بينما يقوم الصوديوم بتأدية وظائفه خارجها. ويساعد في إيصال الاوكسيجين الى الدماغ فينقي الفكر، كما انه يساهم في تخليص الجسم من الفضلات وفي تخفيض ضغط الدم ومعالجة امراض الحساسية. وتعتبر القهوة والكحول والسكر والادوية المدّرة للبول، من المواد المعادية للبوتاسيوم لانها تسبب فقدانه من الجسم. لذا فإن من المستحسن ان يأخذ الاشخاص الذين يتناولون هذه المواد ويشعرون بالارهاق والتعب معوضيات البوتاسيوم لرفع مستواه المتدني. أهم مصادره الطبيعية، الحمضيات، الخس، الخضار، النعناع، الموز، البطاطس، بذور عباد الشمس. الصوديوم: وهو من الأملاح المعدنية الضرورية للنمو الطبيعي للانسان، ويتحد مع الكلور لتكوين ملح الطعام. ويؤدي الإكثار منه الى خفض نسبة البوتاسيوم والى ارتفاع ضغط الدم. كما يساعد الصوديوم في المحافظة على ذوبان العديد من المعادن داخل مجرى الدم، وفي الوقاية من ضربات الشمس وضمان فاعلية الاعصاب والعضلات. أهم مصادره الطبيعية: الملح، الجزر، الشمندر، الأرضي شوكي، اللحوم المجففة، النخاع، الكلى. الكبريت: من المعادن الاساسية لصحة وسلامة الشعر والجلد والأظافر. وهو يساعد في المحافظة على توازن مستوى الاوكسجين الضروري لعمل الدماغ، وفي مقاومة الاخماج الجرثومية. ويشكل هذا المعدن جزءاً من الاحماض الامينية الضرورية لبناء الانسجة. كما انه يساعد الكبد على إفراز سائل الصفراء ويساهم مع فيتامين ب B في عمليات البناء والاستقلاب الاساسية في الجسم. أهم مصادره الطبيعية لحم البقر، الأسماك، البيض، الفاصوليا المجففة، الملفوف. الفناديوم: يمنع هذا المعدن الكوليسترول من التواجد أو التراكم داخل الأوعية الدموية ويساهم بذلك في الوقاية من النوبات القلبية. أهم مصادره الطبيعية: الأسماك. البورون: من المعادن الزهيدة جداً التي زاد اهتمام الباحثين بها مؤخراً والتي يعتقد انها تساهم في المحافظة على المستوى الطبيعي للافرازات الهورمونية وعلى سلامة وصحة الأنسجة. النيكل: يقوم هذا المعدن بتنشيط هورمون الانسولين ويساهم في الاستهلاك الفعّال للسكر مما يساعد على الوقاية من مرض السكري ومضاعفاته التي تؤثر على الدورة الدموية. أهم مصادره الطبيعية: الذرة، الحنطة، الشعير، الفاكهة المجففة، الشوكولاته، الثوم، البصل. الليثيوم: يستخدم هذا المعدن في علاج حالات الكآبة، وفي الحفاظ على المزاج الصحي والسليم للانسان بعيداً عن نوبات الاضطراب والهياج. ويركز الليثيوم نشاطه وفعاليته على الجزء الأعلى من الدماغ، لذلك يحرص أطباء الأعصاب والاطباء النفسيون على دقة استخدامه. أهم مصادره الطبيعية: مياه البحر والنبات الحبي الذرة والشعير والحنطة. الألومينيوم: يمتاز بقدرته على وقف نزيف الدم وعلاج حالاته المختلفة. ويمتد تأثيره الى الدماغ حيث يخفف من حالات الإثارة العصبية. السيليسيوم: يساهم في حماية الأغشية الداخلية للأوعية الدموية ويخفف من ارتفاع مستوى حامض اليوريك، ويساعد الغدد على إفراز العديد من الهورمونات وعلى تأخير مظاهر الشيخوخة والاسراع في شفاء الجروح. أهم مصادره الطبيعية: البقول، الملفوف. إن اهمية المعادن الزهيدة وأملاحها لا تقل عن أهمية الفيتامينات، اذ لا يمكن لأي منهما ان يؤدي مهامه كاملة دون الاستعانة بالآخر. وبما أننا لا نستطيع الحصول على الكميات الضرورية من هذه المعادن في وجبات الطعام التي نتناولها، فإنه من الحكمة تناولها كمعوضات صحية على شكل أقراص أو كبسولات أو سوائل، لكي نسلح اجسادنا بها لمواجهة اخطار التلوث البيئي ومقاومة الأمراض والمضاعفات الناتجة عن سوء التغذية في عصرنا هذا. ولنتذكر ان الاطفال وكبار السن والحوامل والمرضى والرياضيين بحاجة الى هذه المعوضات للاستمرار بحياتهم اليومية بكل نشاط وحيوية.