مع دخول الصومال عامه الثالث من الحرب الأهلية، لا تزال صورة وضعه قاتمة. ففيما تركز "العملية الثانية للأمم المتحدة" يونصوم - 2 جهودها لانشاء حكومة مركزية انتقالية في مقديشو، خطت السلطات في "جمهورية أرض الصومال"، خطوة جديدة نحو تأكيد استقلال الشمال عن الجنوب، فعينت قائداً للجيش وآخر لجهاز الشرطة. وفيما لا يزال الجنرال عيديد في العاصمة الكينية نيروبي منذ فشل محادثات أديس أبابا، يسعى خصمه علي مهدي لتشكيل "المجلس الوطني الانتقالي" حكومة انتقالية في مقديشو بمساعدة "يونوصوم - 2". ولا يبدو ان زعيم "التحالف" سيشارك في هذا المجلس، على رغم دعوة علي مهدي له لتسمية ممثليه في هذه الحكومة. وتدخل الرئيس الكيني دانيال آراب موي مباشرة، للمرة الاولى، في محاولة لتسوية النزاع بين عيديد وعلي مهدي. فأجرى اتصالات أدت الى جمع ممثلين عنهما في نيروبي. لكن لم يصدر أي شيء عن هذه الاجتماعات، وأصر عيديد على عدم المشاركة في المجلس الوطني الانتقالي قبل إلغاء التعيينات التي جرت في معظم الاقاليم الصومالية لعضوية المجلس. وإزاء هذا الاصرار أكد زعيم "الجبهة الديموقراطية لانقاذ الصومال" أحد الفصائل ال 12 اللواء محمد ابشر موسى ان هذه الفصائل ماضية في تأليف الحكومة في وجود عديد أو في غيابه. ما يعني استمرار الأزمة كما كانت منذ بدايتها قبل ثلاث سنوات. ويزيد من تمزق هذا البلد ما أكده مصدر رسمي في "أرض الصومال" ل "الوسط" في أديس أبابا أخيراً عن تعيين قائد للجيش الوطني هو السيد حسين علي اوكور، وتأسيس جهاز للشرطة بقيادة الجنرال عبدي محمد ديبو. وقال ان قيادة الجيش باشرت تجميع الدفعة الأولى من المسلحين، وعددهم نحو سبعة آلاف، في معسكر مانديرا لتأهيلهم. وان مركز الجمارك في منطقة كلابيد قرب الحدود مع اثيوبيا وميناء بربرا أصبحا تحت سيطرة الحكومة التي بدأت استيفاء رسوم جمركية في كل مرافئ "أرض الصومال" والمراكز الحدودية في المنطقة. والمعروف ان "الحركة الوطنية الصومالية" التي تنتمي غالبية أنصارها الى قبيلة الاسحاق في شمال الصومال كانت أعلنت الاقاليم الشمالية الخمسة دولة مستقلة مطلقة عليها اسم "جمهورية أرض الصومال"، ولم تعترف أي جهة دولية بهذه "الجمهورية" حتى الآن. وعلمت "الوسط" ان الحكومة الانتقالية في اثيوبيا التي يرأسها ملس زيناوي، اتفقت أخيراً مع حكومة "أرض الصومال" التي يرأسها السيد محمد حاجي ابراهيم عقال، على استخدام الاثيوبيين ميناء بربرا الاستراتيجي المطلّ على خليج عدن في شمال الصومال. وان الحكومة الاثيوبية عرضت تزويد "أرض الصومال" بالطاقة الكهربائية. وقال عقال ل "الوسط ان المؤسسات السياسية الجديدة ل "الجمهورية" اكتملت أخيراً على الشكل الآتي: - السيد محمد حاجي ابراهيم عقال، رئيساً للجمهورية ورئيساً للحكومة التي تضم 12 وزيراً وسبعة نواب وزراء. - السيد أحمد عبدي جابسدي رئيساً للمجلس التشريعي البرلمان الذي يضم 75 عضواً. - الشيخ ابراهيم مطر رئيساً لمجلس الشيوخ الذي يضم 75 عضواً. يذكر ان عقال هو ثاني رئيس ل "جمهورية أرض الصومال" وحكومتها. وكان رئيس "الحركة الوطنية الصومالية" السيد عبدالرحمن أحمد علي الملقب ب "تور" أول رئيس لهذه الجمهورية. كذلك فان البرلمان الحالي الموقت هوالثاني منذ اعلان شمال الصومال دولة مستقلة، ويجري اختيار أعضائه بالتعيين لفترة عامين. واضاف عقال ان هذا الهيكل السياسي ل "الجمهورية" سيعمل بصفة موقتة خلال الفترة الانتقالية التي تنتهي في أيار مايو 1995. وان المهمة الأساسية للحكومة خلال هذه الفترة، هي التحضير لاعلان استقلال "الجمهورية" رسمياً عبر استفتاء شعبي تقرر اجراؤه في ايلول سبتمبر المقبل. وقال "ان أي كلام عن عودة الروابط بين جمهوريتنا وجنوب الصومال لا يمكننا البحث فيه أو مناقشته. فاستقلالنا عن الجنوب دائم وغير قابل للتفاوض، وشعبنا استعاد حريته أخيراً ومصمم على الاحتفاظ بها. لكن ذلك لا يعني العداء لاخوتنا في الجنوب، فلديهم نظامهم السياسي الذي لا يتلاءم مع رغبات شعبنا. ويمكن أن نتعاون ونتكامل معهم في المستقبل عندما ينهون مشاكلهم ويستقرون في نظام سياسي جديد". ولا يبدو ان هناك حداً أدنى من التفاهم على نظام سياسي جديد في مقديشو حتى الآن.