بعد مضي سنة على اغتيال محمد بوضياف رئيس المجلس الاعلى للدولة، ما زال التحقيق القضائي يراوح مكانه، متوقفاً عند باب "زنزانة" الملازم مبارك بومعرافي "مرتكب الفعل المادي" حسب لغة العدالة. وتسود قناعة عامة في الجزائر بأن الذي اغتال الرئيس بوضياف في 29 حزيران يونيو 1992 في عنابة لم يرتكب جريمته بمفرده ولحساب قضيته، كما يزعم، بل كان "منظماًَ للقيام بفعلته"، حسب التقرير النهائي للجنة التحقيق التي تشكلت اثر الاغتيال برئاسة احمد ابو شعيب، احد رفاق بوضياف الذين شاركوا في تفجير ثورة التحرير في العاصمة الجزائرية. ولكن من "نظم" بومعرافي لاغتيال بوضياف؟ تجيب لجنة التحقيق في خلاصة تقريرها الذي نشر في 12 كانون الاول يناير الماضي، انها "لا تستطيع ان تتهم احداً من دون ادلة كافية وبراهين ثابتة. ومن ثم يتعين على العدالة ان تواصل التحري في هذه القضية الخطيرة". ولكن مع ذلك اشار التقرير بوضوح الى "الشركاء المحتملين" للجاني بومعرافي. ولم تتحرج اللجنة التي تتألف من سياسيين ورجال قانون، من طرح السؤال التقليدي: "من المستفيد من الجريمة؟". وفي محاولة الاجابة عن هذا السؤال اشارت لجنة التحقيق في تقريرها الى جهتين: الاولى "جبهة الانقاذ الاسلامية" التي ورد ذكرها صراحة في رسالة ضبطت مع الجاني تحمل تاريخ 27 حزيران يونيو 1992. وكانت الجبهة حكمت في احد مناشيرها بالاعدام على اعضاء المجلس الاعلى للدولة وفي مقدمهم الرئيس بوضياف. وفي شريط فيديو، عرض على الصحافة المحلية والدولية في مقر التلفزيون الجزائري، برر بومعرافي عمله اثناء استنطاقه باقدام بوضياف وحكمه على "اضطهاد الوطنيين والاسلاميين ومحاربتهم". وأمام الحاح المحقق على "الاسلاميين" وحدهم، احتج الجاني وأصر على اضافة "الوطنيين". وذكر في المناسبة اسم عبدالحميد مهري الامين العام لجبهة التحرير الوطني، ممثلاً لهذه الاسرة السياسية! الثانية "الاقطاعيات السياسية والمالية التي لا تستطيع العدول عن السلطة ... وهي التي جمعت ثروات طائلة بتحويل الجزائر الى شحاذ دولي"! واستناداً الى مصادر موثوق بها فان الرئيس بوضياف كان ينوي فعلاً التخلص من ابرز رموز المرحلة الشاذلية، امثال بلقايد وبلخير وغزالي وغيرهم... ... الذكرى الاولى لاغتيال بوضياف تمر "مرور الكرام" ذلك ان اللجنة المكلفة احياءها تشكو من قلة الامكانات!