من غير المتوقع ان تسجل العائدات النفطية لدولة الامارات العربية المتحدة تحسناً في العام الجاري، اذ تجمع تقديرات متطابقة على أن أقصى ما يمكن لهذه الدولة ان تحققه هو المحافظة على حجم عائدات العام الماضي، وهي بحدود 14 مليار دولار، بسبب تخفيض الحصة التي أعطتها "أوبيك" للامارات من 2.290 الى 2 مليون برميل يومياً، وعدم بلوغ الأسعار مستوى 21 دولاراً للبرميل، وهو المستوى الذي كانت حددته المنظمة ك "سعر عادل" للمنتجين والمستهلكين في آن. إلا ان عدم تحسن العائدات النفطية لا يعني ان الانتعاش الاقتصادي مرشح للتراجع. وطبقاً لتقديرات متطابقة، فإن اقتصاد الامارات سيواصل نموه في العام الجاري، بمعدل قد لا يقل عن 2 في المئة للناتج المحلي الاجمالي، فيما من المقدر ان تحقق القطاعات الانتاجية غير النفطية نمواً يصل الى 4 في المئة. وتستند هذه التقديرات المتفائلة الى مجموعة من الاعتبارات، من بينها استمرار التحسن في أداء قطاعات اقتصادية رئيسية ارتفعت حصتها من الناتج المحلي الى 58 في المئة، في مقابل 42 في المئة حصة القطاع النفطي. وبحسب أرقام ومؤشرات رسمية، فقد زادت مساهمة القطاع الصناعي الى 7.8 في المئة، من الناتج المحلي الاجمالي، وقد حقق هذا القطاع نمواً بلغ العام الماضي 2.1 في المئة، فيما يتوقع ان ترتفع النسبة الى 2.5 - 2.7 في المئة في نهاية العام الجاري، وقد تصل الى 3 في المئة، اذا ما تواصل تدفق الاستثمار الصناعي. من جهته، حقق قطاع البناء نمواً واسعاً تجاوز مستوى 5.8 في المئة. ومن المتوقع ان تزيد نسبة النمو في هذا القطاع في نهاية العام الجاري على 6 في المئة. ويعكس تحسن الطلب على الاسمنت استمرار الانتعاش في قطاع البناء، اضافة الى استمرار الارتفاع في أسعار العقارات، الأمر الذي يعني ان مرحلة جديدة من النمو بدأت في العامين الماضيين، ومن المقدر أنها ستستمر سنوات عدة. وبحسب مصادر مصرفية في أبو ظبي، فإن قطاعي الصناعة والبناء الرئيسيين يستفيدان بشكل مباشر من استمرار معدلات الفوائد على الدرهم والدولار عند مستوياتها المتدنية حالياً، وهي معدلات لا زالت تقل عن 3 في المئة سنوياً، الأمر الذي يشجع المستثمرين على التركيز على قطاعات انتاجية لاستثمار رساميلهم فيها. وفي قطاع التجارة، حقق النمو رقماً كبيراً بلغ 6.1 في المئة العام الماضي، ومن المتوقع ان يستمر النمو على وتيرة مرتفعة. وتكاد عائدات التصدير، بما فيها اعادة التصدير، تحقق رقماً بات قريباً جداً من رقم العائدات النفطية، في اشارة واضحة الى الأهمية المتزايدة لدولة الامارات، خصوصاً امارة دبي، كمركز تجاري أول في منطقة الخليج. وعلى رغم تراجع تجارة اعادة التصدير الى الكويت، بسبب عودة المرافئ الكويتية الى العمل، فقد واصلت الامارات أهميتها كأكبر مركز لاعادة التصدير الى ايران والسعودية وقطر. ومن غير المتوقع ان تتراجع هذه الأهمية بسبب استمرار جاذبية التسهيلات التي توفرها الامارات، خصوصاً إمارة دبي، للمستوردين والتجار الى مرافئها. وتركز الخطط الحكومية في الامارات على زيادة مساهمة القطاع الخاص في الدورة الاقتصادية، إلا أن الدولة ما زالت تضع موازنات ضخمة لانفاقها على تطوير قطاعات الخدمات، وتحسين أداء القطاع النفطي، ويقدر حجم الانفاق في هذا القطاع بحوالي 5 مليارات دولار حتى نهاية العام 1995 لزيادة الطاقة الانتاجية التي تبلغ حالياً 2.45 مليون برميل يومياً الى 2.9 مليون برميل في نهاية العام 1995. ومع ان معظم الزيادة في الانتاج النفطي ستحققه امارة أبو ظبي، إلا أن امارتين أخريين هما دبي والشارقة، تسعيان ايضاً الى تحسين قدراتهما النفطية والغازية. وباشرت الامارات تنفيذ خطة طموحة لتحسين كفاءة شبكات المياه والكهرباء، وزيادة مصادر الطاقة في البلاد. ومن المقدر ان كلفة المشاريع التي بدأ تنفيذها العام الماضي، وبعضها في العام 1991، ستصل الى 2.5 مليار دولار، يتم توفير معظمها من الموازنات الخاصة بكل امارة على حدة، الى جانب حصتها من الموازنة الاتحادية. وفي اشارة الى التفاؤل الذي يبديه المسؤولون في أبو ظبي، فقد رفضت الحكومة اللجوء الى أدوات معروفة، مثل اصدار سندات الخزينة، أو الاقتراض من الخارج، لتمويل عجز الموازنة الاتحادية. كما رفضت الحكومة اللجوء الى فرض رسوم جديدة على الخدمات التي تقدمها، أو على السلع المستوردة، اذ من المقرر ان تواصل الحكومة الاقتراض من المصارف للحصول على حوالي 1.4 مليار درهم حوالي 384 مليون دولار. يقول كبار المسؤولين في الامارات ان بلادهم مع دخولها العام 1993، تكون تجاوزت أخطر مشكلتين ماليتين واجهتهما في السنوات الثلاث الماضية، فقد بلغ ملف مصرف "الاعتماد والتجارة الدولي" مرحلة الاقفال النهائي، فيما انتهت الآثار السلبية التي خلفتها حرب الخليج والمساهمة التي قررتها أبو ظبي وبلغت 35 مليار درهم 9.60 مليار دولار لتمويل عملية تحرير الكويت. كما ان الاقتصاد الاماراتي، على رغم استمرار أهمية القطاع النفطي الذي لا زال يشكل العمود الرئيسي له، أصبح أكثر تنوعاً، وبالتالي فهو أكثر حصانة ضد التقلبات الخارجية.