يبرز اسم الرباع الاولمبي محمد خير طربلسي 43 عاماً بين المحطات المضيئة القليلة في الرياضة اللبنانية. وعلى الرغم من تقدمه في السن ودخوله فئة المخضرمين او "الماسترز" فما زال يتعامل مع الحديد بمرونة فائقة فيطوعه محققاً الارقام والانجازات لبلده. ورث محمد خير طرابلسي التفوق الرياضي بكل جدارة عن العائلة، فوالده خير بطل لبنان السابق في رفع الاثقال، وخاله زكريا شهاب حقق للبنان اول القابه الاولمبية حين فاز بالميدالية الفضية في المصارعة الرومانية في دورة هلسنكي 1952... وبعد 20 عاماً احرز محمد خير الفضية الثانية حين حقق مجموعة 472.5 كلغ في الوزن المتوسط في دورة ميونيخ 1952، وراء البلغاري بيكوف 485 كلغ وأمام الايطالي سيلفينو 470كلغ. علماً ان السجل الرياضي اللبناني الاولمبي يحوي حتى الآن اربع ميداليات هما فضيتان وبرونزيتان. واذا كان محمد خير ورث "النجومية الرياضية" عن الوالد والخال، فالاشقاء الاربعة نجوم ايضاً في رفع الاثقال، حقق الدكتور عدنان البطولات المحلية والاقليمية قبل ان يصبح نائباً في الانتخابات الاخيرة، وزهير وجمال نسجا على منوال عدنان ومحمد. اما احمد فقد برز في ميدان كرة القدم واصبح حارس المرمى الاول في صفوف المنتخب الكويتي. ودافع عن الوانه في نهائيات كأس العالم في اسبانيا 1982 وتطول القائمة لو اردنا ان نعدد جميع انجازاته. الاسلوب المميز ألف محمد خير طرابلسي باكراً معنى "القيّمات" و"الرفعات" والاوزان، فتألق في البداية في نادي الشبيبة ثم التحق بنادي الصحة والقوة ولا يزال واشتهر باسلوبه المميز في رفعة الخطف، الذي ما زال يحتفظ بسحره حتى الآن على الرغم من الاصابة في الركبة التي "عرقلت" نشاطه لفترة، وقدم افضل برهان على رفعة مستواه في بطولة لبنان 1993 حين فاز وبفارق كبير، في وزن 91 كلغ. وكان قد شارك لتوه في البطولة العربية في القاهرة واعتلى منصة التتويج مجدداً. وسيشارك محمد خير في دورة العاب المتوسط في لانغدوك روسيون - فرنسا قبل ان يتوجه هذا الصيف الى الولاياتالمتحدة للدفاع عن لقبه في بطولة الماسترز، علماً انه لم ينقطع عن احراز الميداليات في دورات المتوسط منذ مشاركته الاولى في دورة ازمير 1971 حل أولاً في ثلاث دورات وثانياً في اللاذقية 1987. اما سجل الاتحاد الدولي للارقام القياسية فيتضمن اسم محمد خير طرابلسي بأحرف نافرة، لا سيما انه سجل 20 رقماً عالمياً لمختلف الفئات. وغالبيتها في فترة قصيرة. وكلما همّ الاتحاد الدولي بارسال شهادة التصديق الى الاتحاد اللبناني كان يتبلغ عن تحطيم "الرباع الذهبي" رقماً جديداً! البطل الكبير ويتحدث محمد خير، النقيب في جهاز اطفاء بيروت، عن مستواه الحالي ومشاركته المقبلة ونظرته الى لعبة رفع الاثقال، فيقول: "في بطولة العرب الاخيرة في بور سعيد، شاركت في وزن خفيف الثقيل فرفعت 135 كلغ خطفاً و160 كلغ نتراً وحطمت المجموعة اللبنانية ومجموعة الماسترز، علماً انني لم أكن انوي المشاركة في المسابقة الا اذا كنت سأحقق ميدالية. وأحرزت ثلاث ميداليات فضية، اذ احتل المركز الاول رباع مصري 142.5 خطفاً و182.5 كلغ نتراً، قال لي بعد انتهاء المسابقة انه يتشرف في الوقوف الى جانبي على منصة التتويج، ويفخر بمصافحتي كوني بطلاً اولمبيا". يذكر ان ارقام طرابلسي السابقة هي 160 كلغ خطفاً و195 كلغ نتراً والسبب في تراجع ارقامه الاصابة في الركبة وخضوعه لعملية جراحية في الوتر ونصحه الطبيب على اثرها بالتخفيف من الاثقال التي يرفعها. لكن محمد خير يحب اللعبة ويندفع باستمرار لرفع اسم لبنان في البطولات الاقليمية والدولية، لذا تابع تمارينه بوتيرة اقل من السابق حتى لا تتأثر ركبته، لأنه في حال انقطع وتر الركبة، يصبح من الصعب عليه استخدام رجله بالشكل الطبيعي. ويقول محمد طرابلسي: "فأنا الآن في الثالثة والاربعين، وكانت مشاركتي الرسمية الاولى في مسابقات رفع الاثقال العام 1965 في بطولة كأس مليح عليوان في سينما سميراميس وكنت وقعت على كشوف نادي الشبيبة الذي كان يرئسه عبدالرؤوف القيسي، امين السر العام حالياً في اتحاد المصارعة واللجنة الاولمبية اللبنانية". ويضيف طرابلسي قائلاً: "سأتحدى الزمن وسأبذل جهدي من خلال التمارين لتحسين ارقامي، علماً انني لم اسجل 135 كلغ منذ نحو عامين، حتى تمكنت من ذلك في بور سعيد وأسعى لاحقق اكثر من 145 كلغ في دورة المتوسط في فرنسا. لكنني لن اتمكن من المشاركة في رفعة النتر تجنباً لاصابة جديدة". تحضير يومي ويتابع البطل الاولمبي تدريباته اليومية الجدية في نادي الصحة والقوة باشراف المدرب الوطني سهيل القيسي على امل تحقيق مفاجأة في لانغدوك روسيون وتبقى المناسبة الاهم العودة من اتلانتا بذهبيات الماسترز الثلاث التي سبق واحرزها في اكسفورد العام الماضي. والى جانب مشاركة طرابلسي في البطولات بصفة رباع، فهو يملك خبرة واسعة في مجال التحكيم الذي قد يكون مهنته الجديدة بعد اعتزاله النهائي ليستمر في خدمة اللعبة التي احبها وبرع في فنونها، هذا اضافة الى تعمقه في مجال التدريب، اذ سبق واشرف على إعداد شقيقيه زهير وجمال. اما دخول اللجنة الادارية في اتحاد اللعبة فأمر ضروري في نظره، لادخال دم جديد على "هذه العائلة" ولزيادة العطاء. ويقول طرابلسي: "اعضاء الاتحاد الحاليون سبعة، مضى على وجودهم اكثر من 25 عاماً، وهم متفانون في عملهم، واتحادنا من انجح الاتحادات اللبنانية. ولا يضر الاتحاد او اللعبة ضم اعضاء جدد، بعد الاتفاق على زيادة العدد. وسبق لنا ان عرضنا هذا الامر على رئيس الاتحاد مليح عليوان الذي تفهم الوضع ووعد خيراً في المستقبل القريب. وبالمناسبة اعتبر اعادة انتخابه رئيساً للاتحاد العربي إضافة الى انتخاب الاستاذ محمد القيسي عضواً فيه تأكيداً على مدى خبرة اللبنانيين في هذا الحقل، وهو في الوقت ذاته انتصار للبنان". المستوى العام جيد ويقوّم طرابلسي المستوى اللبناني الحالي فيعتبره اكثر من جيد بعد أعوام الحرب القاسية "نظراً الى امكاناتنا المتواضعة واعتمادنا على الطاقات الفردية. فالمنتخب الفردي للعبة كان في معسكر خارجي ويستعد منذ مدة طويلة لدورة المتوسط، ويوجد في مصر حالياً اكثر من خمسة آلاف رباع وهناك ابطال جيدون في الجزائر التي تمثلت في البطولة العربية الاخيرة بأربعة رباعين، حل ثلاثة منهم في المركز الاول، وحل الرابع في المركز الثاني، وابرزهم اليحياوي الذي سيحرز المركز الاول في وزنه خلال دورة المتوسط، ويشرف على تحضيراته مدرب بلغاري. وهكذا تهتم الدول العربية عموماً برباعيها وتستقدم الخبرات الخارجية لتدريبهم خصوصاً من روسيا وبلغاريا على خلاف الوضع في لبنان، باستثناء اعضاء الاتحاد الذين يبذلون قصارى جهدهم ويعتمدون على انفسهم وبعض المبادرات الفردية لاعداد الابطال. الوجه الآخر: فنان وبعد هذه الانجازات و"كميات الميداليات" المحلية والعربية والقارية، العالمية منها والاولمبية، يستمر محمد خير طرابلسي، خير مثال للرياضي اللبناني، في التمارين وهدفه استعادة ارقامه لا سيما ان التحضيرات للعبة الحديد شاقة مضنية رأسمالها الارادة الصلبة، ويطلب من المسؤولين دعم مسيرة الاتحاد وابطاله "لنشعر جميعاً بوجود من يؤازرنا بالفعل لا بالقول فقط، وليزيد عدد الرباعيين حتى يستمر لبنان في جمع اكبر قدر من الميداليات في المستقبل". اما الوجه الآخر لطرابلسي فهو الفنان الذي يحفر الآيات القرآنية على لوحات زجاجية، ويتذكر دائماً تكريمه حين احرز الميدالية الاولمبية في ميونيخ فقد استقبله رئيس مجلس الوزراء آنذاك صائب سلام ومنحه مبلغ خمسة آلاف ليرة ويعلق على ذلك قائلاً "لقد كانت بالفعل أيام خير وبركة عسى أن تعود".