«سلمان للإغاثة» يوزع 1100 سلة غذائية و1100 حقيبة صحية لمتضرري الزلزال بمحافظة الرقة السورية    جامعة أم القرى تحصد جائزة أفضل تجربة تعليمية على مستوى المملكة    وزير الخارجية يلتقي وزير خارجية فرنسا    فريق قوة عطاء التطوعي ينظم مبادرة "خليك صحي" للتوعية بمرض السكري بالشراكة مع فريق الوعي الصحي    فلكية جدة : "القمر العملاق" يزين سماء المملكة اليوم    الذهب يواجه أسوأ أسبوع في 3 سنوات وسط رهانات على تباطؤ تخفيف "الفائدة"    النفط يتجه لتكبد خسارة أسبوعية مع استمرار ضعف الطلب الصيني    جامعة أمّ القرى تحصل على جائزة تجربة العميل التعليمية السعودية    ميقاتي: أولوية حكومة لبنان هي تنفيذ قرار مجلس الأمن 1701    خطيب المسجد الحرام: من ملك لسانه فقد ملك أمرَه وأحكمَه وضبَطَه    خطيب المسجد النبوي : سنة الله في الخلق أنه لا يغير حال قوم إلا بسبب من أنفسهم    موقف ريال مدريد من ضم ثنائي منتخب ألمانيا    "الخبر" تستضيف خبراء لحماية الأطفال من العنف.. الأحد    الاعلان عن شكل كأس العالم للأندية الجديد    بيهيتش: تجربة النصر كانت رائعة    القيادة تهنئ ملك مملكة بلجيكا بذكرى يوم الملك لبلاده    الفرصة لاتزال مهيأة لهطول الأمطار على جازان وعسير والباحة ومكة    ليس الدماغ فقط.. حتى البنكرياس يتذكر !    البثور.. قد تكون قاتلة    قتل أسرة وحرق منزلها    أمريكا.. اكتشاف حالات جديدة مصابة بعدوى الإشريكية القولونية    وزير الحرس الوطني يستقبل وزير الدفاع البريطاني    أمين الأمم المتحدة يؤكد في (كوب 29) أهمية الوصول إلى صافي انبعاثات صفرية    إصابات بالاختناق خلال اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي بلدة الخضر جنوب بيت لحم    هيئتا "السوق المالية" و"العقار " توقعان مذكرة تفاهم لتنظيم المساهمات العقارية    الحكم سلب فرحتنا    «قمة الرياض».. إرادة عربية إسلامية لتغيير المشهد الدولي    الرياض تستضيف النسخة الرابعة لمنتدى مبادرة السعودية الخضراء    جرائم بلا دماء !    الخرائط الذهنية    احتفال أسرتي الصباح والحجاب بزواج خالد    عبدالله بن بندر يبحث الاهتمامات المشتركة مع وزير الدفاع البريطاني    علاقات حسن الجوار    الشؤون الإسلامية في منطقة جازان تقيم مبادرة توعوية تثقيفية لبيان خطر الفساد وأهمية حماية النزاهة    في أي مرتبة أنتم؟    الشؤون الإسلامية بجازان تواصل تنظيم دروسها العلمية بثلاث مُحافظات بالمنطقة    باندورا وعلبة الأمل    «السوق المالية»: تمكين مؤسسات السوق من فتح «الحسابات المجمعة» لعملائها    6 ساعات من المنافسات على حلبة كورنيش جدة    مدارسنا بين سندان التمكين ومطرقة التميز    عاد هيرفي رينارد    لماذا فاز ترمب؟    خالد بن سلمان يستقبل وزير الدفاع البريطاني    أمير تبوك يطمئن على صحة مدني العلي    مركز صحي الحرجة يُنظّم فعالية "اليوم العالمي للسكري"    انطلاق فعاليات المؤتمر السعودي 16 لطب التخدير    أمير المدينة يلتقي الأهالي ويتفقد حرس الحدود ويدشن مشروعات طبية بينبع    انطلاق المؤتمر الوزاري العالمي الرابع حول مقاومة مضادات الميكروبات "الوباء الصامت".. في جدة    البصيلي يلتقي منسوبي مراكز وادارات الدفاع المدني بمنطقة عسير"    ذلك «الغروي» بملامحه العتيقة رأى الناس بعين قلبه    استعادة التنوع الأحيائي    وصول الطائرة الإغاثية السعودية ال 23 إلى لبنان    بحضور الأمير سعود بن جلوي وأمراء.. النفيعي والماجد يحتفلان بزواج سلطان    أفراح النوب والجش    استعراض جهود المملكة لاستقرار وإعمار اليمن    مقياس سميث للحسد    كم أنتِ عظيمة يا السعوديّة!    إضطهاد المرأة في اليمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثلاثة مسؤولين أميركيين سابقين يردون على كتاب جورج شولتز "الاضطراب والانتصار"
نشر في الحياة يوم 14 - 12 - 1997


روبرت ماكفرلين: 1200 صفحة من الثرثرة
كاسبار واينبرغر: لن أشتريه ولن أقرأه
فرانك كارلوتشي: للمقاومة حق قتل المحتل
هاجم ثلاثة مسؤولين اميركيين بارزين، في حوارات مع "الوسط"، جورج شولتز وزير الخارجية الاميركي في عهد الرئيس ريغان، وانتقد اثنان منهم بشدة ما ورد في مذكراته التي أصدرها اخيراً بعنوان "الاضطراب والانتصار".
والثلاثة الذين اتصلت بهم "الوسط" طالبة تعليقهم على كتاب شولتز الذي انتقدهم هم: روبرت ماكفرلين مستشار ريغان لشؤون الامن القومي و "بطل" فضيحة ايران غيت، وكاسبار واينبرغر وزير الدفاع في عهد ريغان، وفرانك كارلوتشي نائب واينبرغر ثم وزير الدفاع ومستشار الأمن القومي في عهد ريغان.
بدأنا الحوار مع ماكفرلين، فطرحنا عليه السؤال الآتي:
* يقول شولتز في مذكراته، نقلاً عن الأميرال بويندكستر الذي حل مكانك كمستشار للرئيس ريغان لشؤون الامن القومي، انك انت "المسؤول الاساسي" عن "كارثة ايران غيت" اي عن فضيحة الاتصالات السرية الاميركية - الايرانية التي جرت عامي 1985 و1986 واستهدفت الافراج عن الرهائن الاميركيين في لبنان في مقابل تزويد ايران بالسلاح. ما تعليقك؟
- اعتقد ان علي ان اتحمل جزءاً من اللوم على ما ثبت انه عملية فاشلة. اذ ان فكرة المبادرة الايرانية كانت محاولة تقرير ما اذا كان هناك سبب واقعي وعملي للاعتقاد بأن في طهران فعلاً اناساً لديهم الاستعداد والقدرة على اطاحة الحكومة الايرانية.
وأنا لا أظن ان هذه المسألة سخيفة. ولكن اذا كانت كذلك فانني اتحمل مسؤولية اثارتها. فقد اظهرت جهودنا من تموز يوليو حتى كانون الاول ديسمبر 1985 انه اذا كان هناك اناس واقعيون في طهران فانهم ليسوا على تلك الدرجة من القوة التي تمكنهم من التصرف، ولهذا قدمت استقالتي الى الرئيس ريغان وأوصيت بانهاء المشروع ووقف الاتصالات مع ايران. اما اذا كان جورج شولتز يعتقد ان المشروع بأكمله لم يكن يستحق القيام به فإن هذه وجهة نظر يمكن الاعراب عنها بسهولة. ففي ذلك الوقت رأيت ان من المعقول جداً ان نختبر الجو لكي نرى اذا كان في طهران أناس عمليون وواقعيون لديهم استعداد بعد خمس سنوات من الحرب لتغيير السياسة وتغيير الحكومة. وكنت اعتقد انه من المحتمل وجود اولئك الناس. لكنني كنت مخطئاً، ولذا اظن ان من واجبي القول انني مذنب لأنني أخطأت. وفي ذلك الوقت لم اكن اعرف شيئاً عن العلاقة بين جهودنا ومساعدة المتمردين في نيكاراغوا الكونترا. والواقع انني خدعت مع الايرانيين بالنسبة الى هذه النقطة. وعندما انكشف أمر ذلك، اوصيت الرئيس ريغان مرة اخرى بوقف العملية، وقلت ان الاشخاص الذين نتعامل معهم لا يستطيعون تغيير السياسة الايرانية. لكن شولتز يتعامل مع هذه القضية بسطحية لأنه يتجاهل النقطة الاساسية وهي ان المبادرة الايرانية ربما لم تكن سخيفة اصلاً.
* هل توافق على ما قالته لجنة تاوار في تحقيقها عن دور ال "سي. آي. ايه" ودور مجلس الامن القومي حين كنت رئيساً له في المبادرة الايرانية؟
- اعتقد ان لجنة تاوار كانت ترفض بصفة اساسية اشتراك مجلس الامن القومي في العمليات السرية، وهو ما أوافق عليه. اذ ان موظفي البيت الابيض ليسوا على تلك الدرجة الكافية من الاهلية لادارة اية عمليات. لكنني اختلف مع اللجنة على دور السي. اي. ايه. فعمليات من هذا النوع يجب ان تقوم بها السي. اي. ايه. لأنها تنطوي على زعزعة استقرار حكومة اجنبية. لكن كايسي مدير المخابرات المركزية الاميركية كان يرى ان الوكالة غير مناسبة للقيام بها، ولهذا اوصى ان يقوم بالعمليات مجلس الأمن القومي. وأنا شخصياً لم أكن اعرف في ذلك الوقت طبيعة الدور الذي قام به كايسي.
* يقول شولتز ان كايسي ونائب الرئيس جورج بوش حاولا بموافقة من الرئيس ريغان نفسه تجديد مبادرة الاتصال بالايرانيين واستئنافها بعد ان انفضح أمرها في وسائل الاعلام. فما هو رأيك انت؟
- لا اعرف شيئاً عن ذلك. ولو عرفت لعارضتهما بالتأكيد.
* وجهة نظر شولتز في كتابه هي باختصار: ان اي صفقة لتبادل الاسلحة بالرهائن ستؤدي الى احتجاز حزب الله المزيد من الرهائن من اجل الحصول بالتالي على المزيد من الاسلحة. فهل توافق؟
- بكل تأكيد.
* لكنك كنت على استعداد لتقديم الاسلحة الى ايران خلال زيارتك لطهران؟
- في ايران كان من المفترض ان تذهب الاسلحة الى أناس في الجيش كانوا سيحلّون مكان الحكومة الايرانية. والانقلاب ليس ارهاباً. اذ ان الولايات المتحدة طالما أيدت القوى الموثوقة بها التي لها قدرة على تغيير الحكومات في الشرق الاوسط.
الدولة الفلسطينية
* بالنسبة الى فلسطين، صدر قرار من الأمم المتحدة عام 1948 بتقسيم فلسطين الى دولة يهودية وأخرى عربية. لكن شولتز يعارض في مختلف اجزاء كتابه الدولة العربية في فلسطين من دون ان يشرح اطلاقاً سبب معارضته، باستثناء قوله ان اسرائيل تعارضها. ألا تعتقد ان هذا موقف ساذج من وزير خارجية؟
- نعم. فهو موقف يعكس مدى عدم فهم جورج شولتز للثقافتين العربية والاسرائيلية. ومن الطبيعي ان الاسرائيليين اتخذوا موقفاً ايديولوجياً من الصراع العربي - الاسرائيلي. إلا انه كان من الحماقة ان تنتهج الولايات المتحدة هذا النهج. والشيء الصحيح هو ان التغيير في الصراع العربي - الاسرائيلي لا يحدث إلا بصورة مضطردة. ولهذا يجب علينا ألا نتبنى أبداً موقفاً متطرفاً، كأن نقول انه لا يمكن ان تكون هناك دولة فلسطينية. فمثل هذا الموقف ربما يرضي اسرائيل ولكنه يعود بنتائج عكسية جداً. من الممكن، بموجب صيغة كامب ديفيد، التحرك نحو احترام قرار الأمم المتحدة لعام 1948 الذي دعا الى تقسيم فلسطين وقيام اسرائيل ودولة عربية كذلك. صحيح انه لن تتحقق سوى مكاسب متواضعة في كل مرة، ولكن على اسرائيل ان تقبل حقيقة وهي انه يجب ان يكون هناك في نهاية الامر سيادة فلسطينية على جميع الشؤون الفلسطينية. وربما يبدأ ذلك باتحاد فيديرالي او كونفيديرالي مع الاردن. وهذا مثال واحد على ما أدى الى المبادرة الايرانية. اذ ان الرئيس ريغان رأى ان جهود وزارة الخارجية لإحلال سلام فعلي في الشرق الاوسط أظهرت، مرة تلو الاخرى، عدم وجود استعداد او كفاءة.
خذ مثلاً الحرب اللبنانية، فقد اصرت وزارة الخارجية على ان ننهمك طوال تسعة اشهر في الديبلوماسية العقيمة. وكان في وسع اي شخص عاقل ان يدرك ذلك آنذاك. فكيف يمكن لأحد ان يتصور ان في وسع أمين الجميل او لبنان تنفيذ اتفاقية مع اسرائيل؟ انها مسألة غير واردة وغير ممكنة. فلماذا نهدر طاقتنا ورأسمالنا السياسي على ذلك بدلاً من تركيز جهودنا على اخراج سورية واسرائيل من لبنان؟ لقد كان ذلك في منتهى الغباء. الا اننا لم نستطع اقناع شولتز بأن خطته التي أدت الى توقيع اتفاق 17 ايار مايو 1983 بين لبنان واسرائيل، لن تنجح. وقد فشلت خطته هذه وسقط اتفاق 17 ايار مايو 1983، ولهذا السبب لم يكن هناك احترام لوزارة الخارجية الاميركية في البيت الابيض.
* يقول شولتز في كتابه انه كان يعارض انشاء المستوطنات الاسرائيلية في الاراضي المحتلة. ولكنه كان في الوقت نفسه يعارض فرض الأمم المتحدة اية عقوبات على اسرائيل بسبب تلك المستوطنات. فهل هناك اي منطق في هذا التناقض؟
- هناك منطق واحد فقط، وهو ان هذا الموقف يقع في اطار عشرين عاماً من السياسة الاميركية نحو اسرائيل، حيث كانت الولايات المتحدة تنظر الى الامور بالنظرة التي علمتنا اياها اسرائيل.
اسرائيل والسلام
* يقول شولتز في كتابه ان ياسر عرفات لم يقبل قرار مجلس الامن الدولي الرقم 242، ولم يعترف باسرائيل حتى توقيعه الرسالة المؤرخة في السابع من كانون الاول ديسمبر 1988 التي نشرها في كتابه. ولكن ألا ترى ان عرفات اعترف باسرائيل وقبل القرار الرقم 242، وجميع قرارات الأمم المتحدة الخاصة بالقضية الفلسطينية في شهر آب اغسطس 1985؟ ثم ألا تعتقد ان شولتز طلب شيئاً إضافياً، حين أصر على ان تنبذ المنظمة مقاومة الاحتلال التي سماها شولتز "الارهاب"؟
- أوافق معك. ولكن للانصاف، علينا ان نعترف بأن عرفات كان مخطئاً لأنه لم يوضح بالضبط ما الذي ألزمت المنظمة نفسها به. وبالطبع لو كان لدينا الصبر الكافي آنذاك لاستطعنا تحديد النقاط معه من دون صعوبة تذكر.
* ألا تظن ان اتحاداً فيديرالياً بين الاردن وفلسطين على غرار الاتحاد القائم بين انكلترا وايرلندا لن تكون امامه فرص كبيرة للنجاح؟
- ربما. ولكننا نتحدث عن عملية اساسية بالنسبة الى النتيجة النهائية وليس عن النتيجة نفسها. وفي نهاية المطاف سنجد ان ما سيحدث هو نوع او وضع من الابهام والغموض، محمية او ضمانات من دولة عظمى بسيادة الكيان الفلسطيني الذي لن يسمى في البداية دولة فلسطينية. وربما تمر عشر سنوات قبل ان تقبل اسرائيل حقيقة، وهي ان الدولة الفلسطينية أمر محتوم.
* أليس هناك عنجهية او حتى حماقة في السماح لطرف في المفاوضات، اي اسرائيل، بتقرير تشكيلة وفد الطرف الآخر، اي وفد الفلسطينيين؟
- بالطبع. فقد كان هذا جزءاً من الفن اللازم لاقناع اسرائيل بالتفاوض مع اي طرف. فالاسرائيليون لا يكفون عن الطلب. وقد كلّفت نفسي عناء دراسة الفي عام من التاريخ اليهودي لكي احاول فهم سبب عدم ثقة اليهود في الآخرين. وكلما زاد التعاطف الذي يظهره المرء مع عنادهم كلما ازدادوا مرونة وبالتدريج. وقد ادى هذا الى عقد مفاوضات واشنطن والى "قبول" اسرائيل مشاركة فيصل الحسيني. ولكنهم ما كانوا ليفعلوا ذلك قبل عام. فهل سبق لك ان حاولت اقناع طفل بأكل شيء لم يسبق له ان شاهده من قبل؟
* أثناء عملك في الادارة الاميركية هل تكوّن لديك اي انطباع في اي وقت بأن اسرائيل مستعدة فعلاً لمبادلة الارض بالسلام، باستثناء اتفاقها مع مصر؟
- كلا. على النقيض من ذلك نجد ان ارييل شارون اراد توسيع حدود اسرائيل في الاراضي المحتلة والاردن وسورية ولبنان، كما انه نجح في جر مناحيم بيغن. وربما لم تكن "اسرائيل الكبرى" هدف بيغن الاصلي، ولكنه سمح لشارون بأن يطغى عليه ويقنعه بذلك. وهكذا جاءت الحرب اللبنانية بمثابة الغلطة الجسيمة التي كشفته. لهذا فأنت مصيب تماماً في ما تقوله. اذ لم يكن هناك اطلاقاً اي دليل على انهم سيتنازلون عن شبر واحد.
* يهاجم شولتز في كتابه جميع رؤساء مجلس الامن القومي الذين تعامل معهم: كلارك، ماكفرلين، بويندكستر وكارلوتشي، باستثناء الجنرال كولن باول. فماذا تقول؟
- ان ما يبعث على خيبة الامل في كتاب شولتز هو انه لا يعكس حقيقة مهمة وهي ان العلاقة بينه وبيني كانت ممتازة جداً. وحين تركت منصبي منحني اعلى وسام في وزارة الخارجية لمنجزاتي في مجال السياسة الخارجية، وهو وسام لم يمنحه لأي شخص آخر باستثناء نائب وزير الخارجية كينث دام. وقد كنت من المؤيدين لمواقفه. اذ اصطحبني معه الى موسكو والى فيينا والى جنوب افريقيا. فقد كان بحاجة الى مساندة البيت الابيض. وكثيراً ما كان يتركني لأقوم بالتفاوض وحدي. لكن المشكلة هي ان كتابه تعبير عن المنفعة الذاتية وهو محور. اذ كانت علاقتنا ممتازة. وقد استضفت انا وزوجتي شولتز وزوجته في بيتنا الريفي في مناسبتين. وأؤكد لك اننا ما كنا لنقضي عطلتين اسبوعيتين معاً لو كانت علاقتنا فاترة.
ثرثرة شولتز
* يصور شولتز الرئيس ريغان بأنه عجوز محبب الى القلب يتخذ من حين لآخر موقفاً تجاه شيء ما، ولكنه لا يعرف شيئاً عما يجري في اميركا والعالم. فهل كان كذلك؟
- أظن مرة اخرى ان جورج شولتز يوزع التهم بهدف اظهار انه هو الذي كان دماغ الحكومة. دعني اتركك مع هذه الفكرة: لو ان شخصاً سأل رجل الشارع العادي ما هو اهم تغيير حدث في العالم خلال سنوات ريغان، والاتحاد السوفياتي وامبراطوريته. الم يكن للسياسة الاميركية اي اثر في تلك النتيجة؟ فحتى الروس يوافقون اليوم على ان السياسة الاميركية كان لها أثر. ويقول البعض ان استراتيجيتنا عجلت الانهيار فحدث قبل الوقت بخمسة اعوام. وقد تم اعداد هذه الاستراتيجية في البيت الابيض. لقد اراد شولتز ان يقول للناس، من خلال ما ورد في كتابه، بأن الادارة الاميركية في عهد ريغان لم تكن لديها استراتيجية شاملة، وانه هو الذي لعب الدور الرئيسي في سياسة ريغان الخارجية. وهذا ليس صحيحاً. لقد كانت للادارة الاميركية آنذاك استراتيجية شاملة، لكن شولتز لم يكن جزءاً من هذه الاستراتيجية. فقد كان يعارض مبادرة الدفاع الاستراتيجية حرب النجوم وكان يعارض الاستراتيجية الاميركية للضغط على السوفيات لكي يتغيروا بصفة جذرية. لقد كتب جورج شولتز 1200 صفحة من الثرثرة البيروقراطية من دون ان يكون حاضر البديهة او بعيد النظر كفاية لفهم أمر او اثنين اساسيين كان لهما ابعد الاثر، بل وغيرا وجه التاريخ.
واينبرغر وشولتز
ما هو رأي كاسبار واينبرغر في كتاب شولتز؟ الواقع ان واينبرغر، وزير الدفاع في عهد ريغان، كان على خلاف مستمر مع شولتز حول عدد من القضايا المهمة، سواء ما يتعلق منها بالشرق الاوسط او مناطق اخرى في العالم. وقد هاجم شولتز واينبرغر وانتقده في كتابه هذا.
ويروي الجنرال كولن باول الذي كان آخر مستشار للأمن القومي في عهد ريغان كيف كان يجمع واينبرغر وشولتز كل صباح قبل التوجه الى الرئيس ريغان من اجل الاتفاق على ما يجب ابلاغه للرئيس عن ازمة ذلك اليوم، بدلاً من ان يقدم كل من الوزيرين روايته المختلفة الى ريغان. وحين سألت "الوسط" واينبرغر عن رأيه في كتاب شولتز قال: "إنني لم أقرأ الكتاب ولا أنوي قراءته. كما انني لا اعتزم شراءه لكي ازيد من ثروة شولتز". ولدى سؤاله عما اذا كان سيرد على نقاط معينة في الكتاب اذا ما سردناها عليه قال ضاحكاً: "كان بودي ان اتعاون معكم، ولكنني آسف، فأنا لن افعل ذلك، فعندما اريد رواية خيالية عن التاريخ فإنني سأضعها بنفسي". ويبدو واضحاً من هذا الرد ان واينبرغر ينتقد شولتز ويسخر من كتابه ويعتبره "رواية خيالية".
رد كارلوتشي
اما فرانك كارلوتشي فقد كان اضافة الى انه نائب واينبرغر في وزارة الدفاع ثم خلفاً له في المنصب، اوثق اصدقاء واينبرغر في الميدان السياسي. وحين سألته "الوسط" عما اذا كان وجد ان كتاب شولتز موضوعاً "بروح من اللؤم" قال: "بروح من اللؤم. ربما كان في هذا الوصف فظاظة. لكن الحقيقة هي ان الكثيرين من الناس حول شولتز دهشوا من سوء طبع جورج. وانا بصراحة لا اتفق معه في وصفه لعلاقته مع مجلس الامن القومي حين كنت انا رئيساً له".
* كيف كان ينبغي ان تكون عليه السياسة الاميركية تجاه لبنان عام 1982، اذ انك كنت آنذاك نائباً لوزير الدفاع واينبرغر؟
- كنت اشعر بقوة آنذاك انه ينبغي علينا ان نفعل كل شيء ممكن لكي نحول دون حدوث الغزو الاسرائيلي. كما شعرت بقوة شديدة انه ينبغي علينا ان نلجأ الى كل ضغط ممكن لاخراجهم من لبنان. ولكن بعد ان خضع بيغن لشارون، فانني لا ادري اذا كان في وسعنا انتهاج سياسة مختلفة كثيراً عن تلك التي انتهجناها.
* ألا تعتقد انه كان ينبغي على الولايات المتحدة ان تبدأ التفاوض مع ياسر عرفات قبل فترة طويلة من الوقت الذي بدأت فيه؟
- ليس سراً انني كنت اؤيد اعطاء عرفات تأشيرة دخول الى الامم المتحدة، وفعلاً اقول نعم، كان يجب على الولايات المتحدة ان تبدأ المفاوضات مع عرفات قبل وقت طويل. لكن جورج شولتز عارض منح التأشيرة لعرفات عام 1988، وأجبر الامم المتحدة على الانتقال الى جنيف مما جعل الولايات المتحدة ان تبدأ المفاوضات مع عرفات قبل وقت طويل. لكن جورج شولتز عارض منح التأشيرة لعرفات عام 1988، واجبر الامم المتحدة على الانتقال الى جنيف مما جعل الولايات المتحدة تبدو غبية في اعين العالم. ويبرر شولتز هذا في كتابه بقوله ان هذه الخطوة أجبرت منظمة التحرير الفلسطينية على قبول جميع الشروط الاميركية للبدء في حوار معها. لكنني اعتقد اننا تصرفنا بروح من اللؤم بالنسبة الى التأشيرة.
* كان شولتز طوال فترة توليه منصب وزير الخارجية يعارض اقامة دولة فلسطينية. فهل كان هذا الموقف عملياً، او سياسة يمكن الدفاع عنها؟
- الواقع انه بمجرد بدء المفاوضات فان جميع الخيارات تصبح واردة. او على الاقل هذا هو موقفي الذي انتهجته دائماً. واذا كان تقرير المصير سيعني اي شيء فانه يفتح المجال، اي الحتمية، امام قيام دولة فلسطينية او اتحاد فيديرالي او كونفيديرالي مع الاردن، او اي شيء يريده الفلسطينيون. واظن ان جورج شولتز قبل ذلك ايضاً. اذ اننا اردنا ان يتفاوض الفلسطينيون والاسرائيليون. ولكي نحضر الاسرائيليين الى طاولة المفاوضات لم نستطع ان نشرح بالتحديد الى اين ستقوم هذه المفاوضات.
* ألا تعتقد ان الولايات المتحدة تعمدت زيادة طلباتها من المنظمة واضافة طلبات جديدة باستمرار؟
- لا اظن ذلك. لا اظن اننا فعلنا هذا خلال عهد ريغان على الاقل.
* ما الذي تعنيه كلمة "ارهابي"؟ وهل يعني "الارهاب" جميع اشكال المقاومة المسلحة ضد الاحتلال؟
- ليس في مفهومي. فمن الطبيعي ان قوات المقاومة لها الحق في قتل المحتلين. وفهمي للارهاب اضيق كثيراً من ذلك.
تشدد مع اسرائيل
* شولتز يعارض المستوطنات الاسرائيلية، ولكنه مع ذلك يعارض فرض عقوبات من الأمم المتحدة على اسرائيل لمعاقبتها على الاستيطان. فهل توافق على ذلك؟
- حين استرجع الامور الآن، اعتقد انه كان من الاحكم لنا ان ننتهج خطاً اكثر تشدداً مع اسرائيل، لكن المشكلة هي ان بعض تلك القرارات كانت قرارات من الرئيس ريغان. فقد كان على الرئيس ان يواجه الواقع الاميركي الداخلي، اي ضغونط اللوبي الاسرائيلي.
* هل من المنطق السماح لاسرائيل بفرض اعضاء الوفد الفلسطيني الذين تتفاوض معهم؟
- المشكلة هي ان الاسرائيليين كانوا يقولون اننا لن نتفاوض مع هذا الشخص او ذاك. ولهذا كانت تلك هي الطريقة الوحيدة التي يمكننا بها ان نحضرهم الى طاولة المفاوضات. وهذا امر ليس غير مألوف في المفاوضات. كذلك لم نكن نحن غير وسطاء.
* يقول ماكفرلين انه لا يستطيع ان يتذكر مرة واحدة كانت اسرائيل مستعدة فيها لمبادلة الارض بالسلام. فهل هذا هو انطباعك؟
- نعم. كان هذا هو انطباعي ايضاً. ولذا يمكن القول من ناحية اننا كنا نضيع وقتنا. لكنني اعتقد ان الامر مختلف الآن.
* كان شولتز قاسياً في حكمه على جميع مستشاري شؤون الامن القومي، باستثناء كولن باول. فهل كانت تلك الحرب بين وزارة الخارجية ومجلس الامن القومي امراً لا مفر منه؟
- الواقع انني فوجئت الى حد ما بوصفه لبعض المناقشات التي جرت بيننا، لأنه يقول انني اوضحت له بجلاء ان مجلس الامن القومي سيواصل التصرف في نطاق العمليات، مثلما حدث اثناء ايران غيت. لكن هذا الكلام غير صحيح. وقد سجلت في تعليماتي ومذكراتي الى جميع الموظفين وقلت فيها ان دورنا هو التوصية وصياغة السياسات، لكن تنفيذها ليس من شأننا ابداً. ومع ان جورج شولتز يصف مناقشاته معي بأنها كانت فاشلة فانني لم اعتبرها كذلك. صحيح انه كان يعتقد انه ينبغي عليّ الا اجتمع الى السفراء الزائرين ووزراء الدول الاجنبية. لكنني كنت اصر على ذلك لأنه من حقي. ومع ذلك كنت اطلعه على كل تلك الاجتماعات ونتائج المحادثات التي تجري، كما انني ابلغته بكل وضوح انني سأواصل ذلك، وقلت له انني لن اوافق على تقزيم مجلس الامن القومي ليصبح دوره مجرد دور السكرتارية التنفيذية. والمهم هو ان الرئيس وافقني على ذلك.
* ما هو رأيك في وصف شولتز لريغان بأنه عجوز احمق محبب الى النفس، ولديه بعض الآراء القوية؟
- اظن ان جورج كان محبباً الى ريغان. وقد كان لريغان مبادئ معينة يؤمن بها بقوة. وكان اداؤه ممتازاً في بعض الاحيان، بينما كان سيئاً في احيان اخرى. لكنني اظن ان التاريخ سيحكم ان ريغان كان رئيساً جيداً، ليس لأنه كان يفهم تفاصيل معظم الامور وانما لأنه كانت لديه مبادئ ثابتة وقوية وصفات قيادة وبعد نظر في تعامله مع العالم، كما انه كان على استعداد للحوار مع السوفيات وتحقيق سلام عالمي على رغم معارضة الجناح اليميني في حزبه. صحيح انه لم يكن استاذاً في السياسة، ولكنه كان استاذاً في الرئاسة. اما الآن فكما ترى لدينا رئيس استاذ في السياسة ولكنه ليس استاذاً في الرئاسة: اذ ان الرئاسة تنزلق من بين يدي بيل كلينتون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.
مواضيع ذات صلة