بعد النكسة التي مُني بها منتخب فرنسا في كأس الامم الاوروبية الصيف الماضي في السويد، مع انه كان من أوفر المرشحين حظاً لاحراز الكأس، تشهد فرنسا حالياً اعراساً كروية لم تشهدها من قبل سواء على صعيد الاندية ام على صعيد المنتخب الوطني، والانجازات التي تحققت حتى الآن - وهي انجازات لا يستهان بها - تبشر بمستقبل مشرف للكرة الفرنسية لانها لم تكن وليدة عزف منفرد، بل كانت نتيجة عمل جماعي بدأ يؤتي ثماره، ومن الظلم ان نعزو الانتصارات الباهرة التي حققتها الاندية الفرنسية في كأس الاتحاد وفي كأس الابطال الى عامل المصادفة فقط. يوم أوقعت القرعة فريقي باري سان جيرمان وريال مدريد لخوض المباراة ربع النهائية في كأس الاتحاد، لم يشعر النادي الباريسي بالارتياح، فريال مدريد نادٍ اسطوري عريق تخشى الاندية الكبرى مواجهته وهو واحد من ثلاثة اندية تتنافس على بطولة الدوري الاسباني، ولذا كانت مهمة باري سان جيرمان صعبة ومعقدة كيلا نقول مستحيلة اذ عليه ان يصرع التنين بسيف من خشب. جرت مباراة الذهاب بين الفريقين على ملعب سانتياغو برنابه في مدريد وكانت خطة باري سان جيرمان تقضي بالحد من الخسائر ما أمكن لانهاء المباراة بفارق ضئيل من الاهداف يمكن تعويضه في مباراة الاياب… وأمام ستين الف متفرج احتشدوا في مدرجات الملعب نجح الفريق الباريسي رغم الضغط المتواصل على مرماه في ابقاء شباكه نظيفة حتى الدقيقة الحادية والثلاثين عندما سجل بوتراغوانو، بتمريرة من ميشال، الهدف الاول لريال مدريد. وقبل ان يصحو الفرنسيون من الصدمة سجّل التشيلي زامورانو الهدف الثاني في الدقيقة الخامسة والثلاثين. وفي الشوط الثاني حاول الفرنسيون جاهدين تعديل النتيجة ولم يطل انتظارهم فقد تمكنوا من اختراق الدفاع الاسباني وسجّل جينولا هدفاً رائعاً برأسه في الدقيقة التاسعة والاربعين. ويبدو ان هذا الهدف قد أعاد الثقة الى لاعبي باري سان جيرمان فشنوا هجمات متلاحقة على مرمى ريال مدريد بغية تحقيق التعادل، فدانت لهم السيطرة على الملعب فترة طويلة وجانبهم التهديف، وقبيل نهاية المباراة ضغط لاعبو ريال مدريد علهم يفلحون في زيادة غلتهم من الاهداف، وفي الدقيقة الاخيرة من المباراة التي خُيل للجميع انها ستنتهي بهدفين مقابل هدف واحد احتسب الحكم ضربة جزاء للاسبان نفذها ميشال ونجح لاما في صدها لكن ميشال تابعها وأودعها المرمى مسجلاً هدف الاسبان الثالث. وفي مباراة الاياب امام 46 الف متفرج احتشدوا في ملعب البارك دي برنس حقق لاعبو باري سان جيرمان انجازاً يلامس المعجزة فألحقوا بريال مدريد هزيمة تاريخية وتأهلوا للمباراة نصف النهائية. اعتمد الفرنسيون خطة الهجوم الانتحاري بكل ما يستتبعها من مخاطر وحاولوا تسجيل هدف مبكر يرفع من معنوياتهم ويقلص فارق الاهداف التي استقبلها مرماهم في مباراة الذهاب. وقد افتتح اللاعب ويا مهرجان الاهداف في الدقيقة الخامسة والثلاثين، وحاول لاعبو ريال مدريد الرد سريعاً على هذا الهدف فأطلق ميشال في الدقيقة الثامنة والثلاثين صاروخاً نجح لاما في تعطيله. واشتعلت المباراة لأن الفرنسيين استماتوا في الهجوم لتسجيل هدف ثانٍ يتيح لهم ان يتنفسوا الصعداء بينما استمات الاسبان في الدفاع حفاظاًَ على فارق الهدف الذي يفتح امامهم باب المباراة نصف النهائية على مصراعيه. وأضاع الفرنسيون فرصاً عدة بعدما عاندهم الحظ فاحترقت اعصابهم لان المباراة شارفت الانتهاء دون ان يترجموا سيطرتهم على الملعب اهدافاً. وأخيراً لاحت بارقة امل في الدقيقة الثانية والثمانين فسجل جينولا هدفاً ولا أحلى، هدف التأهل لباري سان جيرمان، وكرت السبحة فسجل فالدو الهدف الثالث في الدقيقة التاسعة والثمانين معززاً موقف فريقه، الا ان فرحة الفرنسيين لم تدم طويلاً اذ سجل زامورانو هدفاً لريال مدريد في الدقيقة الرابعة والتسعين من الوقت الضائع. وفيما كان الفرىقان يستعدان للعب وقت اضافي حسم كومبواري النتيجة لصالح باري سان جيرمان بهدف في الدقيقة السادسة والتسعين أشعل المدرجات معلناً سقوط اسطورة ريال مدريد. وسيخوض النادي الباريسي المباراة نصف النهائية امام فريق جوفنتوس الايطالي. أوكسير - أجاكس أما المواجهة الثانية فكانت بين فريق أوكسير الفرنسي وفريق أجاكس الهولندي حامل اللقب الذي لم يذق طعم الهزيمة في مباريات كأس الاتحاد الاوروبي منذ سنتين، وكانت كل التوقعات تصب لصالح الفريق الهولندي الا ان أوكسير الذي استضاف أجاكس في مرحلة الذهاب خاض مباراة العمر وتألق لاعبوه دفاعاً وهجوماً ونجحوا في ترويض حامل اللقب وإذلاله. افتتح باترسون لاعب أجاكس التسجيل بهدف مبكر في الدقيقة الثالثة وقد أحدث هذا الهدف ارتباكاً في صفوف الفرنسيين سرعان ما عملوا على احتوائه عندما سجل لهم ميرلان في الدقيقة السابعة عشرة هدف التعادل، وبعد صراع مرير للسيطرة على الكرة وبعدما تبادل الفريقان الهجمات والهجمات المرتدة سجل مارتينيز هدفاً جديداً لأوكسير في الدقيقة الثالثة والاربعين لكن فينك سجل في الدقيقة الخامسة والاربعين هدف التعادل لأجاكس. وشهد الشوط الثاني عرضاً كروياً امتع المشاهدين وأثبت فيه أوكسير نديته وقدرته على الصمود امام قوة أجاكس الضاربة، وقد تسنى له في الدقائق الاخيرة ان يتوج صموده بهدفين كان لهما وقع الزلزال. سجل فاهيروا الهدف الثالث في الدقيقة الثانية والثمانين وأتبعه ديتوال بهدف رابع في الدقيقة التسعين. وهكذا فجّر أوكسير مفاجأة صاعقة اذ خرج من مباراة الذهاب فائزاً على حامل اللقب بفارق هدفين. وفي مباراة الاياب على ملعب أجاكس حاول الأسد ان يثأر لكرامته الجريحة ولكن أوكسير لم يكن فريسة سهلة فتحطمت جميع الهجمات التي استهدفت مرماه على صخرة المدافعين وانتهى الشوط الاول بالتعادل السلبي. وفي بداية الشوط الثاني ضاعف الهولنديون هجماتهم تحت وطأة العد العكسي فنجح بوير بتسديدة من رأسه في تسجيل هدف رائع لأجاكس فتنفست المدارج الصعداء وضغط الهولنديون على امل تسجيل هدف ثانٍ يضمن لهم الفوز والتأهل للدور النهائي بفارق الاهداف، لكن الفرنسيين فوتوا عليهم هذه الفرصة واطاحوا آمالهم عندما اطلق الحكم صفارة النهاية والنتيجة 1/ صفر لصالح أجاكس… فتأهل أوكسير الذي سيلتقي في المباراة نصف النهائية فريق بوروشيا دورتموند الألماني. مارسيليا - سيسكا المواجهة الثالثة بين نادي مرسيليا الفرنسي ونادي سيسكا الروسي لا ترقى الى مستوى اللقائين السابقين ولكنها خطوة هامة في مسيرة مرسيليا على طريق التأهل لخوض المباراة النهائية في كأس الابطال. جرت مباراة الذهاب على ملعب برلين وكانت في مجملها مباراة مملة كثرت فيها الاخطاء وندرت اللحظات الممتعة، وقد انتهت بهدف لكل منهما. سجل بيليه هدف مرسيليا في الدقيقة الثامنة والعشرين اما هدف سيسكا فقد سجله فيزولين في الدقيقة السادسة والخمسين وهذا التعادل يعتبر هزيمة لنادي مرسيليا. أما مباراة الاياب على ملعب مرسيليا فقد كانت مهرجاناً للأهداف انتهى بمجزرة كروية اذ اتخم لاعبو مارسيليا مرمى سيسكا بستة أهداف نظيفة وهكذا عوّض هذا اللقاء تقنين الاهداف الذي تميزت به مباراة الذهاب. وفي اللقاء المقبل بين الرينجرز ومارسيليا يحتاج هذا الاخير الى التعادل فقط لكي يضمن تأهله للمباراة النهائية امام فريق ميلانو الايطالي. واضافة الى الانجازات التي حققتها الكرة الفرنسية على صعيد الاندية، حقق المنتخب الوطني الفرنسي فوزاً على النمسا بهدف مقابل لا شيء سجله جان بيار بابان فتصدر ترتيب المجموعة السادسة وخطا خطوة واسعة على طريق التأهل لنهائيات كأس العالم في الولاياتالمتحدة سنة 1994.