سلمان بن سلطان يرعى أعمال «منتدى المدينة للاستثمار»    استعراض أعمال «جوازات تبوك»    أمير نجران يدشن مركز القبول الموحد    المملكة تستضيف اجتماع وزراء الأمن السيبراني العرب.. اليوم    تباطؤ النمو الصيني يثقل كاهل توقعات الطلب العالمي على النفط    البنوك السعودية تحذر من عمليات احتيال بانتحال صفات مؤسسات وشخصيات    توجه أميركي لتقليص الأصول الصينية    إسرائيل تتعمد قتل المرضى والطواقم الطبية في غزة    الجيش الأميركي يقصف أهدافاً حوثيةً في اليمن    المملكة تؤكد حرصها على أمن واستقرار السودان    أمير الشرقية يرعى ورشة «تنامي» الرقمية    كأس العالم ورسم ملامح المستقبل    رئيس جامعة الباحة يتفقد التنمية الرقمية    متعب بن مشعل يطلق ملتقى «لجان المسؤولية الاجتماعية»    وزير العدل: نمر بنقلة تاريخية تشريعية وقانونية يقودها ولي العهد    اختتام معرض الأولمبياد الوطني للإبداع العلمي    دروب المملكة.. إحياء العلاقة بين الإنسان والبيئة    ضيوف الملك من أوروبا يزورون معالم المدينة    جمعية النواب العموم: دعم سيادة القانون وحقوق الإنسان ومواجهة الإرهاب    «سلمان للإغاثة»: تقديم العلاج ل 10,815 لاجئاً سورياً في عرسال    القتل لاثنين خانا الوطن وتسترا على عناصر إرهابية    العلوي والغساني يحصدان جائزة أفضل لاعب    مدرب الأخضر "رينارد": بداية سيئة لنا والأمر صعب في حال غياب سالم وفراس    ماغي بوغصن.. أفضل ممثلة في «الموريكس دور»    متحف طارق عبدالحكيم يحتفل بذكرى تأسيسه.. هل كان عامه الأول مقنعاً ؟    الجاسر: حلول مبتكرة لمواكبة تطورات الرقمنة في وزارة النقل    الاسكتلندي هيندري بديلاً للبرازيلي فيتينهو في الاتفاق    أجسام طائرة تحير الأمريكيين    ليست المرة الأولى التي يخرج الجيش السوري من الخدمة!    مشيدًا بدعم القيادة لترسيخ العدالة.. د. الصمعاني: المملكة حققت نقلة تشريعية وقانونية تاريخية يقودها سمو ولي العهد    مترو الرياض    الجوازات تنهي إجراءات مغادرة أول رحلة دولية لسفينة سياحية سعودية    "القاسم" يستقبل زملاءه في الإدارة العامة للإعلام والعلاقات والاتصال المؤسسي بإمارة منطقة جازان    قمر التربيع الأخير يزين السماء .. اليوم    ولادة المها العربي الخامس عشر في محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية    إن لم تكن معي    أداة من إنستغرام للفيديو بالذكاء الإصطناعي    شكرًا ولي العهد الأمير محمد بن سلمان رجل الرؤية والإنجاز    لا أحب الرمادي لكنها الحياة    الإعلام بين الماضي والحاضر    استعادة القيمة الذاتية من فخ الإنتاجية السامة    منادي المعرفة والثقافة «حيّ على الكتاب»!    ضمن موسم الرياض… أوسيك يتوج بلقب الوزن الثقيل في نزال «المملكة أرينا»    الطفلة اعتزاز حفظها الله    أكياس الشاي من البوليمرات غير صحية    سعود بن نهار يستأنف جولاته للمراكز الإدارية التابعة لمحافظة الطائف    ضيوف الملك يشيدون بجهود القيادة في تطوير المعالم التاريخية بالمدينة    قائد القوات المشتركة يستقبل عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني    المشاهير وجمع التبرعات بين استغلال الثقة وتعزيز الشفافية    نائب أمير منطقة تبوك يستقبل مدير جوازات المنطقة    نائب أمير منطقة مكة يستقبل سفير جمهورية الصين لدى المملكة    الصحة تحيل 5 ممارسين صحيين للجهات المختصة بسبب مخالفات مهنية    "سعود الطبية": استئصال ورم يزن خمسة كيلوغرامات من المعدة والقولون لأربعيني    اختتام أعمال المؤتمر العلمي السنوي العاشر "المستجدات في أمراض الروماتيزم" في جدة    «مالك الحزين».. زائر شتوي يزين محمية الملك سلمان بتنوعها البيئي    5 حقائق حول فيتامين «D» والاكتئاب    لمحات من حروب الإسلام    وفاة مراهقة بالشيخوخة المبكرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عروض الازياء الجاهزة لشتاء 1994 في باريس يغير خارطة الاناقة . سيدة الشتاء المقبل : فستانها أسود "يمسح الارض" وسروالها واسع ... وجلابيتها بيضاء
نشر في الحياة يوم 12 - 04 - 1993

كان شتاء 1994 ينتظر هادئاً وضاحكاً في أروقة متحف اللوفر، ضمن خيام كبيرة محروسة بعناية. كان يشرق بالشمس والحرارة على غير العادة، ويستعد لاستقبال الجمهور الكثيف القادم من كل صوب ويعرض لهم آخر ابتكارات المشغولين بأناقته قبل ان يحل غضب رعوده وبرد ثلوجه بأشهر عديدة. كان الاحتفال هذه المرة لعبقرية المصممين والمصممات الذين بذلوا جهودهم في ابتكار موضة جميلة على الرغم من الاجواء النفسية الكئيبة والصعوبات المالية الكثيرة. وهي موضة الازياء الجاهزة المختلفة عن موضة الازياء الراقية، وان كان البعض يحاول ان يرتفع بهما الى مستوى واحد تقريباً.
الاجواء داخل الخيام تعج بالحركة، كما ان الخارج يضيق بمن ينتظر دوره للعثور على موضع قدم بعد ان بدأ العرض. آلات التصوير بالمئات والاضواء باهرة والموسيقى ايقاعية مختارة بمعرفة لكل عرض. والعارضات النحيلات جداً يتهادين على الخشبة بأجمل الابتكارات للشتاء المقبل. كانت هناك رغبة مشتركة في دفع الانيقات الى الاقبال من جديد على شراء الموضة. ولن يحصل هذا الا بالتغيير الجذري وتحويل العرض الى استعراض خارق. كانت همسات كثيرة تدور اثناء العروض. من بينها ان اليابانيين في حقل الموضة الباريسية يولولون من الكارثة، انها نهاية العالم. سخرية في الموضة الانكليزية، اناقة الرقص وهبوط ابتكاري. ولم يسلم من ذلك حتى فيفيان ويستوود وكاترين هامنت وجون غاليانو. وقد حاول بعض شبيبة موضة الازياء الجاهزة من المبتكرين والمبتكرات، ايجاد الوسيلة التي تلفت الانظار للتصاميم الجديدة: مارتان مارجييلا، جان كولونا، اتيين برونل، كورين كوبسون.
لوحظ اثناء العروض الخاصة والعامة لابتكارات الازياء الجاهزة الشتوية 1994، التي استمرت عشرة ايام، ارتفاع اسهم البعض وهبوط اسهم البعض الآخر. فقد تقدم ايساي ميكاي الى المرتبة الاولى، ولحق به بالتدريج: دومولومستر وياماماتو وهلموت لانغ ومونتانا وكريستيان لاكروا ومارجييلا وكوم دي غارسون وكولونا ومارتين سيتبون ودولس كابانا ورفعت اوزبك وروميو جيكلي وجون غاليانو وتييري موغلر وعزالدين علايا وفيفيان ويستوود وكارل لاغرفلد.
قيل ايضاً ان هناك خطراً على الاناقة مع ان العروض تضمنت اربعاً وسبعين مجموعة ازياء. وكان اللهاث كبيراً في التنقل بين اماكن عرضها. فصحيح ان معظم العروض جرت في متحف اللوفر غير ان البعض اختار اماكن اخرى لعرض مجموعة مبتكراته. فقد عرض كل من مارتين سيتبون وجان كولونا في قاعة "الاليزيه مونمارتر"، وكاستلباجاك في متحف كلوني، وإيف سان لوران في مدرسة الفنون الجميلة، ومونتانا في قاعة فاغرام، وميشال ليجيه في دارته الخاصة في ساحة فوبور سانت هونوريه. ولفتت الانظار موديلاته المستوحاة من قفطان وجلابية الصحراء.
اقبل بعض العارضين على "العارضات الجميلات الشهيرات" من اجل اظهار الموديلات الجديدة على وجهها الابتكاري الصحيح. وتقاسم كبار المصممين العارضات: كلوديا شيفر وسيندي كراوفورد وليندا ايفاغيليستا وناومي كامبل، وهن من الاشهر في لياقتهن وجمالهن وأجورهن المرتفعة. والى جانبهن ياسمين غورب الكندية السمراء التي تقف على عتبة الثانية والعشرين من عمرها والتي اكتشفها انجلو تارلازي. وتبلغ اجرة الواحدة من هؤلاء على كل عرض، بين ستين الف ومئة الف فرنك فرنسي، مع سيارة نقل فارهة توضع تحت تصرفهن للتنقل بين اماكن العروض.
ستة آلاف تصميم
ستة آلاف تصميم من الازياء الجاهزة المبتكرة تنقلت على قامات العارضات. وليست من امرأة تهتم بأناقتها العصرية الا وتجد بينها ما يناسبها كي تعيد تجديد مظهرها، وبالتالي نفسيتها. لأن التغيير الذي فرضته هذه الازياء لا بد منه للشتاء المقبل. فالابتكار الح على "الزي الفضفاض" والطويل. وعلى ذكر الطويل، قالت احدى ناقدات الموضة: "في سنة 1929 كنا لا نرى الا الثوب الطويل وها هو العام 1994 يطل على جمالية تغلف المرأة من العنق حتى اخمص القدمين باتساع وكرم في القماش لا في التطريز والمجوهرات". والواقع ان مبتكري "الازياء الجاهزة" اجمعوا على الطويل المبالغ فيه، فجأة. غير ان محاولات ظهرت للتوفيق بين النوعين في الموضة. كما فعل "شيروتي" الذي نقل موضة الرجل الى المرأة خطوطاً وألواناً. الاسود والابيض بالدرجة الاولى في جاكيت فوق بنطلون بمربعات ومع معطف طويل متسع بلون بيج. والثوب طويل يصل حتى الرسغ دون أن يعيق حركة الجسم.
باختصار، لم تظهر خصوصية المرأة في الاناقة مرة بقدر ما برزت هذه المرة عبر المقصات والانامل الماهرة في الخياطة. الاثواب والتنانير هبطت دون توقف حتى امشاط الاقدام احياناً. غير ان الجديد هو هذا الاتساع الكبير فيها، خصوصاً من الخصر حتى الاسفل. "مارسيل مارونجيو" لعب هذه اللعبة وجاء بثوب الاميرة. "يوجي ياماموتو" ترك المجال للتنورة كي تتسع كثيراً مع جيب كبير وخصر ضيق. وطرح "دولس كابانا" "الاثواب - الكومبينيزون" كما يطلق عليها، بقوة. وهي التي تهبط على القامة من الكتفين حتى القدمين بشكل مستقيم دون تمهل على الخصر ولا استخدام لثنية او زنار. بل تبدأ بالاتساع من تحت الصدر قليلاً ثم تتهادى بغنج بلا عائق. ومن منطلق هذه الاثواب ابتكر كل من آن دومولمستر وهيلموت لانغ وإيساي ميكاي اثواباً "مجردة" بالمعنى الفلسفي للكلمة، ولنقل "ايكرية" بالمعنى غير المادي لها. ورافقها لمسات ابتكارات رجالية في المعاطف والجاكيتات الطويلة والمتسعة ايضاً.
بين "اللمسات الرجالية" في الابتكار الجديد وبين الاصرار على "خصوصية المرأة" الكاملة، فرضت الحيوية ذاتها من اجل انيقة في العمل وفي الحياة اليومية. نظرة جدية في الموضة مع قميص ابيض وربطة عنق سوداء تحت جاكيت بأزرار نحاسية كثيرة وبارزة. او مع قميص ياقته مستوحاة مما كان يرتديه "دانتون" وقبضة كمه تحمل بعض الكشاكش على طريقة الفارس الملكي الموسكوتير، وقد الحت مارتين سيتبون على استخدام هذا القميص. اما المعاطف فجميعها طويلة وأحجامها كبيرة، ما عدا بعض الاستثناءات. الألوان الغامقة قليلة في الشتاء المقبل، مع ان كريستيان لاكروا تجرأ عليها بمزيج من البرتقالي والاخضر. الاسود حاضر في الموضة الشتوية المقبلة، بل مسيطر. مشتقاته عديدة في الرمادي الغامق والكحلي والخمري المكثف والبني. ويأتي الابيض او الاحمر ليواكبا هذه المشتقات ويضفيا عليها بعض الألق. ويبقى كلام عن الجزمة شبه العسكرية بكعبها العريض العالي، لأنها رافقت جميع الموديلات المذكورة وستكون موضة السنة المقبلة بفارسيتها وقسوة مظهرها، الانيق مع ذلك.
تغيير وتبديل
حصلت بعض التغيرات ايضاً في بعض دور موضة الازياء الجاهزة في ما يتعلق باستخدام المواهب الشابة في الابتكار. دانيال هيشتر سلم مقصه الى ابنته الجميلة كارين. عمرها ثمانية وعشرون عاماً، وقد عينها والدها مديرة للموضة النسائية. في سنة 1962، كان عمر دانيال هيشتر سبعة وعشرين عاماً، وكان بدأ خطواته في عالم الموضة. وها هي ابنته تحل في جزء من اعماله، مكانه، وفي العمر ذاته تقريباً. وقد حققت كارين موديلات 1994 الشتوية النسائية جميعها، باسم هيشتر طبعاً. وقال عنها ابوها انها افضل منه في هذا الميدان.
في دار شيرر تغيير ايضاً في مجال الازياء الجاهزة. فقد تسلم المصمم الشاب ايمانويل شوساد، وهو في الحادية والثلاثين من عمره، مسؤولية الابتكار في الحقل المذكور قبل اشهر فقط. وعلى اعتبار انه تلميذ مخلص اشد الاخلاص لشيرر، ومعجب به الى ابعد حد، حقق شوساد موضة شتوية تعتمد على الاناقة والبساطة. تنانير وجاكيتات فيها بعض اللمسات الرجالية. خفف من حجم الاكتاف وأضاف الواناً رمادية رقيقة على الاسود. البنطلون واسع للنهار مع كثير من المحبوكات للمساء. قال ايمانويل "لقد علمني جان لوي شيرر الكثير. لمسة القماش واختيار الكريب منه للبنطلون مثلاً. وعلمني هندسة الجاكيت وذهنية وضع الازرار في مكانها".
قدم كريستيان ديور تسعين تصميماً للأزياء الجاهزة. المصمم هو ذاته جيان فرانكو فيري الذي بدأ يبتكر منذ سنة 1989 الموضة الانيقة للدار العريقة. وكان فرانكو فيري خلف مارك بوهان في امبراطورية كريستيان ديور كمدير لقسم الموضة. ولم يصدق احد حينئذٍ أن هذا الايطالي الضخم القامة، بوجهه العريض ولحيته الخفىفة، يمكنه ان يدير امبراطورية ديور للأزياء في جادة مونتينيه الشهيرة. غير ان القلم والمقص اثبتا وجودهما. وها هو في ميدان الازياء الجاهزة للسنة المقبلة يأتي بالجمال وبهبوط الاسعار بنسبة خمسة وعشرين في المئة. والعمود الفقري لموضة ديور الجاهزة يقوم على التايور - البنطلون. والاخير ضيق قليلاً من الاعلى ويتسع كثيراً في نهايته التي تقف اعلى من الرسغ بقليل. اما الجاكيت فطويلة متسعة ومخصورة. واللون الاسود طاغٍ.
كارل لاغرفيلد احب ان يدهش كعادته، فمزج بين الموسلين والجوخ. لم يكن من محل عنده للانسجام في الطقم. جاكيت طويلة متسعة وبنطلون موسلين. كثير من الازرار وطبقات عدة فوق بعضها، من الجاكيت الى المعطف الى المشلح. الموسلين هو للأمسيات على الاطلاق. والأسود كثير. هذا على خلاف ما جاء عند باكو رابان الذي فاجأ الجمهور بمظاهر "الازمة الاقتصادية" على القامات المتهادية على انغام موسيقى تجبر على الانتباه. ولولا هذه الاخيرة، وبعض المعدنيات المعتادة التي تدخل في صميم موديلاته لما كان هناك الكثير مما يغير اناقة الشتاء المقبلة. اثنان وأربعون موديلاً فقط، والأثواب - المعاطف كانت سيدتها.
لوليتا لامبيكا اختارت الموديلات "الهيبية"، فأدخلت الفرح على عيون العدسات التي تنافست على اللقطات. اثواب طويلة تنسدل على بنطلونات واسعة تحتها. كنزات محبوكة وقمصان من الحرير المجعد، وطبقات عدة من الثياب فوق بعضها واسعة ومتهدلة لا تضيق "القباقيب" الكبيرة التي انتعلتها العارضات المبتهجات "بهيبية" مختلفة. وشابهت شانتال توماس زميلتها لومبيكا في تقديم الجمالية والغرابة في آن. وكان استعداد شانتال كبيراً لعرض مجموعتها من الازياء الجاهزة التي سيطر عليها اللونان الاسود والرمادي في قماش من المحبوكات المسترخية كثيراً. الواسع من تحت الخصر، والطويل حتى الرسغ، والثوب المستقيم من الكتف حتى القدم، والتنورة الواسعة مع تناغم في الألوان الرمادية والسوداء والرملية. كذلك اكثر انجلو تارلازي من المحبوكات، وكانت الألوان الرصينة سيدة في جميع موديلاته الرشيقة. الكنزات الطويلة بحبكاتها الظاهرة فوق تنانير "جرسيه" تتسع قليلاً من الاسفل بشكل متموج، وقد نالت الكثير من التصفيق. وبرز فن المقص عند انجيلو في الاثواب المسائية السوداء الطويلة والمستقيمة، ولا زينة لها غير ما يشبه اجنحة العصافير المتطايرة على شكل اوراق معلقة الى اذنابها الرفيعة على الخصر والصدر. والألوان بيضاء او كحلية. وهي جميلة على الاسود كثيراً.
لم يقدم برنار بيريس عرض ازيائه الجاهزة هذه المرة، كسواه. فهذا يكلف غالياً والموازنة لا تسمح. في داره تجمع بعض نقاد الموضة وبعض الجمهور القليل من النخبة، وكان هذا كافياً لأخذ فكرة عن جدىده الشتائي المقبل. جاكيتات مضاعفة وصدريات تحتها. معاطف بلا اكمام فوق بنطلونات وجاكيتات من التويد. بعض الفراء، والطول ساد عند بيريس، فهو لم يخالف القاعدة، فشتاء 1994 مثل "جلابية" ميشال ليجيه، البيضاء الصوفية التي تغلف القامة من الرأس حتى اخمص القدمين، دافئ جداً وأنيق جداً.
عرض كريستيان لاكروا مئة وسبعة وثلاثين تصميماً. وعاد بها الى اجواء السبعينات الغنية. يبدو انه بذل جهداً كبيراً كي يخرج موضة استثنائية بأزيائها وتزاوج الوانها. وداعاً للحزن عنده، وقضاء على الازمة عبر فرقعة الشمس والطبيعة في كل زي تضاءت فيه التربيعات وانسجمت في آن . تويد وجاكيتات صغيرة مطرزة وفخامة في الطول والاتساع والطبقات المستلقية على بعضها بجمال يثير الاعجاب. البنطلون حلّ محل التنورة. الاسود للسهرات في اثواب قصيرة نوعاً ما ومشغولة بالدانتيل فوق بنطلون ايضاً. موضة عصرية فيها فن خياطة كثير. اما دار كلويه فاقتربت من كريستيان لاكروا فتركزت على الدانتيل، وجمع لاغرفيلد في تصاميمه لها ما حوته ثقافته عن حكايات القصور خلال قرن ونصف من الزمن. وكان ابتكاره شكلاً من احياء لكونتيسة قديمة اثناء قيامها بزياراتها وهي ترتدي التافتا بثنياتها العديدة في اسفل الموديل. وأحيا لاغرفيلد جزمة سنة 1900 كأكسسوار لا بد منه لتلك الموضة الفاخرة. وكي يكون العرض على مستوى القصور القديمة، جاء لاغرفيلد بأشهر عارضتي ازياء اليوم وهما كلوديا شيفر وليندا ايفانجيليستا. اثواب سوداء تصل الى الرسغ وريدا نجوت يليق بكل واحد منها. تنانير فلاحية على عصرية وكنزات مزينة بالريش ومحبوكات من كل نوع.
فرضت سونيا ريكييل "الاناقة السوداء"، في الطويل بصورة عامة، تنانير "تمسح الأرض" حسب التعبير الدارج. بنطلونات واسعة موروبة، معاطف تفتح من الوراء من اعلاها الى اسفلها. كنزات من الدانتيل. وكان جديد سونيا الكلي هو في عدم تناسق الطول في أي من ازيائها. الثوب قصير بوربة من جهة، وهو بهذا التخطيط اطول من الجهة الاخرى. كثير من الجرسيه والاسود والبني الغامق، خصوصاً للسهرات. وعلى خلاف ريكييل حاول "كنزو" ان يجعل الكيمونو الياباني اوروبياً. ومعظم ازيائه ذهب في هذا السياق. الثوب كما المعطف باللونين الاسود والكاكي. كثير من الكشمير والحرير والصوف والمقلم والمزهّر. امرأة مغلفة بالازهار مرسومة يدوياً. قميص من التافتا للسهرات يحمل باقات من الورد، او ثلاث ازهار في قدح ماء. تنورة من الدانتيل وما شابه، وهو ما يظهر رغبة كنزو في جعل هذا النوع من الرومانسية يحل محل التطريز.
تييري موغلر وجونكو شيمادا أعادا عهد الأربعينات باستعمالهما كل انواع التويد، ما عدا بعض الاثواب الصينية عند شيمادا، في تنانير واسعة وجاكيتات قصيرة تحصر الخصر. اكد موغلر على القصات الدقيقة في التايور - البنطلون. والاخير جاء واسعاً. وجديده كان في الدانتيل والمحبوكات. في حين برزت التنورة بطبقات عند جونكو وفوقها "بلوزات" تلفها زنانير عريضة على الخصور. ولم تشبه "بوبي مورني" سواها في العودة كثيراً الى الوراء. وفي التنانير الطويلة وفوقها جاكيتات مماثلة في الطول وفي استخدامها قماش الجرسيه بوفرة. وكل ذلك في ألوان الاسود والرملي والكستنائي والمزهّر الوحشي، مع الريش والموزاييك الجلدي.
دوروتي بيس قالت مرحباً ايها الحزن، وبقوة على طريقة فرانسواز ساغان. لم تأت بما يفرح العين في موضتها، لا في التسريحة ولا في الزينة. تويد ومحبوكات مع موسلين في رادنجكوت ومعاطف منسدلة وكنزات قصيرة فوق تنانير واسعة. وورد بعض التشابه بهذا الخصوص في عرض "كوم دي غارسون" بتوقيع ري كواكيبو. حيث ايضاً لا انسجام بين ثوب يشبه قميص النوم بلون زهري وبين جاكيت تحصره حتى ثلاثة أرباعه ومع جزمة شبه رجالية بقياس كبير. انها موضة "الكلوشار" او موضة "المتشردين" بترجمتها الحقيقية. اثواب سوداء كأنها الظلال في شفافيتها لا في موديلاتها الخارجة عن كل قاعدة الا عن قاعدة ذهنية المصمم. كأن هناك ارادة بلغت الانظار الى موضة اللاموضة والقيام بضربة اعلامية ما.
شيء من اليابانية ولون اسود على رمادي عند "ميشال كلان". وريدانجوت جميل يداخله المخمل فوق بنطلون بقي يلتصق بالجسم الى حد ما، ومع جاكيت أسيوية. وقدم هيلموت لانغ موضة بالاسود والابيض فقط. بنطلون مخمل بتقليمات متعددة وفوقه ريدانجوت او كابان طويل. ثياب مجعدة وهي الزي الوحيد لثوب بسيط او لكنزة واسعة. وبرز اوليفيه غيومان، تلميذ باكو رابان، بأثوابه المطاطية السوداء وظهورها المعدنية البلاستيكية وبالصدرية من وريقات مطاطة كأنها "العلكة". وكانت موديلاته من الموسلين تحمل قطعاً معدنية ترسل شرارات لامعة اثناء التهادي بها على خشبة العرض.
كان القرن التاسع عشر حاضراً برومانسيته في عرض ازياء مونتانا الجاهزة الشتائية المقبلة. فقد مزج هذا الشاعري التاريخ والاساطير والعصر الحديث في الباسه المرأة كالرجل. استعاد ثياب الفارس الجميل بجزمته الطويلة وسترته العسكرية المخصورة وقلّدها للمرأة. اسود في البنطلون تحت الجزمة المرتفعة الى ما فوق الركبة وهندسة في الجاكيت المنحرفة من الخصر مع هبوط في الطول. معاطف كبيرة غير مبطنة بلون اسود مزينة بالازرق والاصفر. قامة انيقة جداً تعيد عهد الصالونات الفخمة التي كانت النساء فيها يتباهين اناقة وهنّ يصغين الى موسيقى شوبان ونصوص شاتوبريان.
بعد مجموعتين من الازياء لم تكونا على المستوى المطلوب، عاد لانفان الى الواجهة عبر المصمم دومينيك مورلوتي الذي قدّم عرض لانفان بعنوان: "المرأة مستقبل الرجل والرجل مستقبل البيت". معاطف طويلة جدا ورادنجكوت مخصور، ثم ازياء عملية في البنطلون والجاكيت مما يناسب العصر وذهنية المرأة الحديثة. وظهرت الألوان الضاحكة في اثواب سهرات من الساتان. غير ان الحضور اندهش من افكار الياباني كوجي تاتسونو الذي اعتمد مبدأ المدافعين عن الطبيعة في تصميم ازيائه. كأن العارضات خرجن من الغابة في بنطلونات من دون ثنيات في اسفلها وفي معاطف من الكاوتشوك وأثواب من خيوط الصوف العريضة. وجاءت ازياء "جين آب" كثيرة النعومة والاسترخاء والطول في الطقم - البيجاما ومعاطف الجرسيه، بلون اسود سيطر بشكل مطلق.
الكبار يقلبون الموضة
جاء دور الكبار من المصممين المعروفين بابتكارات الازياء الراقية في اليومين الاخيرين من ايام العروض. جيفنتشي وغي لاروش وهيرمس وفالنتينو وشانيل وبالانسياغا وجاك فان وأونغارو وإيف سان لوران وروشاس. وكما ان كل واحد من هؤلاء له خصوصيته في انجاز الموديلات الجاهزة التي تقرب على كل حال من الازياء الراقية، الا ان هناك جامعاً بينهم وهو الفخامة والغنى في الطويل والواسع والمخصور. خليط من الخطوط، بساطة واسترخاء في التصاميم، تقليد بشكل ما للأناقة وأرستقراطية ملفتة للنظر في كل موديل. هوبير جيفنتشي جاء بكثير من "الايكوسيه" والمخمل وبمعاطف طويلة وقمصان مطبوعة بجلد النمر. وفعل مثله غي لاروش عبر الايكوسيه ايضاً والألوان الشمسية في جاكيتات مخصورة بزنانير وفي رادنجوت عسكري كالذي كان لكاترين الكبيرة الامبراطورة الروسية. والامر ذاته عند هيرمس الذي ابتكر معطف الخيالة الانكليز لقامة نسائية فارعة الطول. وألحق به كل مشتقات الفروسية في لباس كلاسيكي من البنطلون حتى الجاكيت. وابتكر فالنتينو الجاكيتات فوق صدريات حريرية ساتانية وتنورة واسعة. المعطف طويل وأثواب السهرة مختارة من الثلاثينات. شانيل حافظت على التايور المعهود بأزراره النحاسية الجميلة، وغيرت في قصاته عبر مقص لاغرفيلد الذي حافظ على كلاسيكية في المعطف والقماش الصوفي، دفع القميص الرجالي الى الواجهة وفوقه تتدلى السلسلة المعدنية الطويلة عند شانيل، شارع كامبون. كل موديل جميل على كلاسيكية، وكل شيء انيق الى ابعد حد، وللشارع اليومي والمسائي الى ابعد حد ايضاً. جمهور حاشد في اللوفر، وطلبت بطاقة الهوية عند مدخل القاعة. كانت نجمة العارضات هذه المرة استيل هوليداي. خطيبة جوني هوليداي الاخيرة.
كانت أناقة بالانسياغا بسيطة الى حد كبير وأنيقة في الوقت ذاته. الطويل فقط وجاكيت نحيلة وأسود على الاطلاق. وقد تطلبت هذه الاناقة الكثير من الحنكة والمعرفة حتى تخرج بالبساطة هذه. وبعكسه ذهب كوريج في اللون الابيض وبالكنزات والبنطلونات الضيقة على خلاف جميع الآخرين. المعاطف المطرية عنده كأنها من ورق والمعاطف العادية واسعة وضخمة. واعتمد جاك فات البنطلون كقدم الفيل والجاكيتات من اصواف خراف مونغوليا وتايورات من التويد فوقها مشالح بمربعات. وكانت دار بالمان حذرة في ازيائها عبر مصممها الاميركي الشهير أوسكار دي لارنتا فقد لعب هذا ورقة الحكمة والتعقل من اجل ان ينال رضى انيقات الدار. استعاد اوسكار موضة الاربعينات في المعاطف الطويلة والتايورات التويد بتنانيرها الواسعة الساقطة حتى قرب الرسغ. الجاكيت قصيرة والمساء يسهر في المخمل والموسلين، وعرض ايمانويل اونغارو في داره، وتتابعت اناقته كالعادة في موديلات كثيرة جدا مما يترك مجال الاختيار من بينها. تويد وموسلين، احمر وخمري، فولكلور فرح في تايورات بجاكيت قصيرة مخصورة بزنار وتنورة طويلة. وذهب اونغارو بالانيقة الى البندقية في عهد النهضة حيث المشالح مخملية طويلة فوق اثواب من اللون الاحمر. وللسهرات ظهرت الاناقة بالاسود والمطرز والساتان. ايف سان لوران شدد على التايور والبنطلون الواسع وكذلك الامر في المعطف.
موسم جديد للأناقة الجديدة لشتاء 1994 اطل فيه الربيع من اجل الاستعداد له على مهل. كل الموديلات بشرت بقلب صفحة في عالم الموضة وبالتالي في الذهنية على كل صعيد. الطويل والواسع والأسود ثلاث ركائز للرصانة في الاناقة، وللحكمة في التفكير. جمالية مختلفة في ازياء جاهزة تدفع الى العملية اكثر والى تحريك عجلة اقتصادية هامة عبر مقصات المصممين في الاقمشة الكثيرة التي صارت تتطلبها الموضة الواسعة والطويلة جداً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.