شهدت العام 1993 احداثاً ثقافية مهمة، وأخرى أقل أهمية، على مستوى الحياة الثقافية السعودية. كما استمر بعض "الثوابت" كالمهرجانات وانشطة الاندية الادبية والمعارض التشكيلية، في تناميه وتأكيد حضوره. وفازت جدة بلقب "مدينة الفن التشكيلي"، نظراً لطغيان هذا النشاط الثقافي فيها على المجالات الابداعية الاخرى، وتسجيله قدراً من التفرد والخصوصية على مستويي الكم والكيف. وشهدت المدن السعودية الاخرى مجموعة من النشاطات التي تسمح لنا باعتبار العام المنصرم، عام ازدهار الحركة الثقافية السعودية. من بين الاحداث اللافتة، نتوقف اولاً عند المرافق والنشاطات العامة اذ تم في الرياض اعلان الفائزين بجائزة الملك فيصل العالمية. حيث فاز علي عزت بيكوفيتش رئيس جمهورية البوسنة والهرسك بجائزة خدمة الاسلام، والبروفسور حسن الساعاتي بجائزة الدراسات الاسلامية. فيما حجبت جائزة الادب العربي، وكانت جائزة الطب من نصيب فريق علمي فرنسي مكون من الدكتور لوك مونتانييه والدكتور شيرمان جين كلود والدكتورة فرانسواز باري سنوسي. اما جائزة العلوم فحصل عليها كل من الدكتور هربرت والتر الماني والدكتور ستيفن شو اميركي. وشهد العام ايضاً استمرار العمل في مشروع الموسوعة العربية الدولية الذي تبناه الامير سلطان بن عبدالعزيز، سعياً لتزويد الثقافة العربي ومكتبتها بمرجع علمي عالمي، يسهم في التنمية الثقافية والحضارية العربية وينتظر ان تصدر الطبعة الأولى من الموسوع العربية في ايلول سبتمبر من العام الجديد. الجنادرية: اهتمام بالتراث واستمر "المهرجان الوطني للتراث والثقافة - الجنادرية"، في توسيع الحيز الثقافي السنوي الذي يكرسه للثقافة والابداع بكل مظاهرهما، مشرعاً ابوابه للضيوف العرب. ومن المعروف ان الجنادرية لقاء ثقافي له خصوصيته، ويكرس برنامجه للتراث ولاقامة الامسيات والندوات التي تستضيف - الى جانب المثقفين السعوديين - عدداً كبيراً من رموز الثقافة العربية وتستمر وقائع المهرجان عادة عشرة ايام، تكون حافلة بالمواعيد واللقاءات والعروض. والمهرجان احتفل هذا العام بعامه الثامن. وبعد المهرجان بأشهر قامت مجموعة توثيق التراث التابعة له، بجمع ما تيسر من المعلومات والوثائق السمعية - البصرية عن المباني التراثية والعادات والتقاليد والحرف في منطقة الباحة. وكانت المجموعة انجزت في السابق عملاً لا يقل جدية وعمقاً وشمولية، يتعلق بمنطقتي الاحساء والطائف. على صعيد آخر، أطلقت "الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون" برنامجها الثقافي في لندن. بدأ البرنامج في 24 آب اغسطس الماضي، ويستمر عاماً كاملاً تقدم خلاله ندوات ومحاضرات وأمسيات ثقافية وفنية ومعارض للكتاب والخط والتشكيل. كما بدأت اعمال البحث الاثري في منطقة تيماء شمال غرب السعودية على مسافة 264 كيلومتراً من مدينة تبوك، حيث "البجيدي" وهو الموقع الاسلامي الوحيد في المنطقة، ويعود تاريخه الى العصرين الاموي والعباسي. بينما اتجه فريق اثري آخر الي واحة "بيرين" جنوب غرب منطقة الاحساء شرقي السعودية حيث تم اكتشاف معالم اثرية في الواحة ترجع الى 3500 سنة خلت. وتوجه فريق ثالث الى منطقة العقير في الاحساء لاجراء مسح وتسجيل لآثارها. ملتقى القصة السعودية من الاحداث العامة ايضاً، انطلاق برنامج التنشيط السياحي في عسير لمدة 5 أسابيع، واشتمل على 30 نشاطاً، ساهمت فيها "جمعية الثقافة والفنون" في أبها، و"النادي الأدبي"، والرئاسة العامة لرعاية الشباب، والجمعيات النسائية والاندية الرياضية. بعدها اقام "نادي ابها الادبي" الملتقى الاول للقصة السعودية، فشارك فيه اكثر من 35 مبدعاً وناقداً من مختلف ارجاء السعودية. وتلا ذلك اقامة ملتقى ابها الثقافي الذي بدأ بافتتاح معرض الكتاب، ثم اعلان الفائزين بجائزة ابها الثقافية، فاقامة الامسيات الشعرية المختلفة. وشهد العام الثقافي السعودي تأسيس ثلاثة اندية ادبية جديدة في تبوك وحائل والباحة، دعماً للحركة الادبية والثقافية والتراثية فيها، وبذلك يرتفع عدد النوادي الادبية الى 12 نادياً في مختلف الناطق السعودية. ومن جهة اخرى، نظمت "مكتبة الملك عبدالعزيز" في الرياض ندوة كبرى عنوانها "الاندلس قرون من التقلبات والعطاءات"، وذلك في مناسبة مرور خمسة قرون على خروج المسلمين من الاندلس. واختلفت موضوعات البحث وتنوعت مادتها العلمية، لتصب المداخلات في اطار واحد هو تاريخ الاندلس، والدور الذي لعبته في تاريخ الحضارة الانسانية. وشارك في الندوة عدد كبير من الباحثين. وجوه غابت وشهد العام المنصرم، غياب شيخ الادباء السعوديين محمد حسين زيدان الذي قدم الكثير للمكتبة السعودية والعربية، وكذلك رحيل الكاتب الاسلامي أحمد محمد جمال أحد الكتاب البارزين، ورحيل عثمان عبدالقادر حافظ احد ابرز رواد "صناعة" الصحافة السعودية. كما فجعت الاوساط الثقافية واوساط النشر، برحيل محمد حسين اصفهاني صاحب اقدم مطابع في السعودية ساهمت على مدى 40 عاماً في نشر الثقافة وطباعة الصحف المحلية والكتب التعليمية. اما على المستوى الاحداث الثقافية والفينة فشهدت مدينة جدة افتتاح بيت التشكيليين الذي يرأسه الفنان طه صبان، وافتتاح بيت الفوتوغرافيين الذي يرأسه الفنان عيسى عنقاوي. ويقع البيتان في حارتي اليمن والشام - على التوالي - وهما من الحارات "التراثية" في جدة القديمة. وكان لافتتاحهما الاثر الملموس، في هيمنة الحركة التشكيلية، والفنية على الواقع الثقافي في المدينة الكبيرة التي شهدت سلسلة من المعارض، من اهمها: المعرض الذي يحمل الرقم 72 من سلسلة معارض التشكيلي عبدالحليم رضوي وقدم فيه - لأول مرة - تجربة مائية مختلفة. في حين استضافت المدينة اعمال التشكيلي والحرفي المصري عبدالوهاب عبدالمحسن، والمعرض الشخصي الأول للفوتوغرافي عيسى عنقاوي. وافتتحت فيها الجولة التاسعة لمعرض فناني المدينةالمنورة، في صالة المركز السعودي في جدة. ضم المعرض 80 لوحة للفنانين فؤاد مغربل، محمد سيام، منصور كردي، مريم شيخ، ونبيل نجدي. كما اقام الفوتوغرافي ابراهيم حسين سراج، معرضه الشخصي الثاني في "صالة رونان". وافتتح المعرض الجماعي الاول للفوتوغرافيين، في صالة المركز السعودي، بينما استضافت "قاعة رضى" المعرض الشخصي الرابع للتشكيلية السعودية اعتدال عطيوي. وأقيم معرض فوتوغرافي لافت لأعمال سعود الحركان في "صالة المركز السعودي"، فكان ان نال الاعجاب وحقق الاقبال. كما افتتح في الاحساء المعرض الشخصي الخامس للتشكيلي احمد المغلوث الذي استخدام خامة سعف النخيل لأول مرة في اعماله، والمعرض الثنائي لعلي الصغار ومنير الحجي في القطيف شرقي السعودية. فيما شهد العام مشاركات تشكيلية سعودية خارجية، حيث اقام "اصدقاء الفن التشكيلي الخليجي" معرضهم السابع عشر في "مركز اتاتورك الثقافي" في اسطنبول. وعلى مستوى الحركة الادبية والثقافية بشكل عام، شهد الموسم صدور عدد لافت من المجموعات القصصية والشعرية والكتب التراثية والاعلامية. ومن اهم هذه الاصدارات رواية "ريح الكادي"، ومجموع عبدالعزيز مشري القصصية "أحوال الديار"، ومجموعة انحدار لمحمد الشقحاء، وديوان "جلال الأشجار" لعلي بافقيه، ومجموعة "يوقد الليل اصواتهم ويملأ اشعارهم بالتعب" للقاص عبدالعزيز الصقعبي، وكتاب "لوحات على الشفق لعبدالله الجفري، ومجموعة "بيان الرواة في موت ديما" للقاص محمود تراوري، وديوان زيتها وسهر القناديل" للشاعر حسن السبع، وديوان "بوابة للجسد" للشاعر على الحازمي، وكتاب "المسرح السعودي" للدكتور نذير العظمة، وكتاب "عنصر اللون في شعر المتنبي" لعبدالله باقازي، وكتاب "صفحات من تاريخ جمهورية البوسنك والهرسك" للدكتور نذير العظمة، وكتاب "عنصر اللون في شعر المتنبي" لعبدالله باقازي، وكتاب "صفحات من تاريخ جمهورية البوسنك والهرسم" للدكتور عبدالله الطرازي، وكتات "الاعلام السعودي: النشأة والتطور" عن وزارة الاعلام، وكتاب "علم الاتصال المعاصر" للدكتور عبدالله الطويرقي. كما صدر عن "مكتبة الملك فهد الوطنية" "الكشاف التحليلي لمجلات جامعة الملك عبدالعزيز 1393 - 1404ه" إعداد الدكتور هشام بن عبدالله عباس.