أعربت منظمة العفو الدولية "أمنستي انترناشيونال" من مقرها في لندن عن قلقها بعد أن اعتقلت السلطات الاثيوبية ثلاثة أعضاء في "ائتلاف القوى الديموقراطية" لدى وصولهم الى مطار أديس أبابا مساء 18 الشهر الجاري للمشاركة في المؤتمر الوطني للسلام والمصالحة. ولفت الانتباه ان الشرطة الاثيوبية كانت في انتظار الوفد الذي ينتمي الى حزب "مدهين" بزعامة غوشو ويلدي وزير خارجية العقيد منغستو هيلا مريام. وأصدرت الحكومة الاثيوبية بياناً توضيحياً مقتضباً حاولت فيه تبرير اعتقال المعارضين الثلاثة بالقول انهم "أعضاء في منظمة أعلنت الحرب على الدولة، ما يعني الخيانة". وأبرز المعتقلين الثلاثة ابيدا يماني آب، أمين العلاقات الخارجية في الائتلاف المعارض، وهو عضو سابق في حزب الشعب الثوري الاثيوبي الذي تحالف مع الحزب الشيوعي عشية الانقلاب الذي قاده هيلا مريام في العام 1974 ضد الامبراطور هيلاسيلاسي. والآخران هما: غانا غيرما، الناطقة باسم الائتلاف المعارض في أوروبا، وغنينيو اسيفا وبيهون زنبي من حزب "مدهين". وكانت السلطات الاثيوبية شنّت حملة اعتقالات في 15 الشهر الجاري وألقت القبض على ايبيسا غوتيما، أحد أبرز قادة جبهة تحرير ارومو لدى وصوله الى أديس أبابا للمشاركة ايضاً في المؤتمر الوطني للسلام والمصالحة. ولفت النظر ان التهمة الموجهة الى ايبيسا غوتيما وهي المشاركة في الحرب ضد الدولة، مشابهة للتهم الموجهة الى اعضاء الوفد الثلاثي. ومن المعروف ان جبهة تحرير ارومو من أكبر التنظيمات السياسية الموجودة في أثيوبيا، وسبق لها ان تحالفت مع ملس زيناوي، رئيس الوزراء وزعيم جبهة تحرير تيغراي، لاطاحة نظام هيلا مريام تحت مظلة سياسية واسعة سميت الجبهة الثورية الديموقراطية لشعوب اثيوبيا. ولم تعط أديس أبابا تفسيرات اضافية لاعتقال قائد جبهة تحرير ارومو التي كانت أعلنت وقف اطلاق النار من جانبها لانجاح "المؤتمر الوطني للسلام والمصالحة". وانعكست حملة الاعتقالات على المؤتمر فتوقف في القاهرة 17 سياسياً معارضاً كانوا في طريقهم الى أديس أبابا، بانتظار جلاء الأمور وصدور قرار عن اللجنة التحضيرية للمؤتمر بصدد الاعتقالات. وكانت سبع منظمات اثيوبية تمثّل مختلف القوى السياسية المعارضة اجتمعت في باريس في 19 آذار مارس الماضي واتفقت على عقد مؤتمر للمطالبة بديموقراطية الحوار السلمي. وغالبية المنظمات تحالفت في السابق مع زيناوي لاطاحة النظام الماركسي الذي سقط في ايار مايو 1991. غير ان جبهة تحرير تيغراي بقيادة زيناوي استأثرت بالحكم وسقطت في فخ الاستبداد الفردي. وينفي زيناوي اتهامات خصومه السياسيين ويقول: "لسنا ضد أي شخص أو حزب يريد المشاركة في مؤتمر المصالحة الوطنية، فهذا من صلب حقوق المواطنة. لكن سيتم التعامل مع أي شخص له سجل اجرامي سابق". وفي جدة قال ناطق باسم ائتلاف القوى الديموقراطية الاثيوبية: "ان لجوء السلطات الاثيوبية الى اعتقال قيادات سياسية وطنية حضرت للمشاركة في مؤتمر المصالحة سيزيد من حدة التوتر ويوسع الهوة بين السلطة والمعارضة". وقال مراقبون ان حملة الاعتقالات قد تكون خطوة وقائية لجأت اليها السلطات في أديس أبابا لعرقلة أعمال المؤتمر ومنعه من اتخاذ قرارات تطالب بحق الأحزاب والتنظيمات الأخرى في المشاركة في الحكم ومنع جبهة تحرير تيغراي من الاستئثار بالسلطة. ولفت النظر ان السفارة الأميركية في أديس أبابا تابعت بدقة حملة الاعتقالات وتداعياتها في صفوف المعارضة. ولم يستبعد المراقبون صدور بيان عن الخارجية الأميركية إذا لم تفرج السلطة عن المعتقلين، كون هذه التصرفات تسيء الى سمعة أثيوبيا التي بدأت تلعب دوراً اقليمياً مؤثراً منذ عهدت اليها الادارة الأميركية تولي ملف الصومال، الى جانب كونها عضواً فاعلاً في "ايفاد"، المنظمة الحكومية لمكافحة الجفاف والتصحر، التي تضم كلاً من أوغندا وكينيا واريتريا، وكلفتها واشنطن معالجة ملف السودان باشراف الرئيس الكيني دانيال آراب موي.