الذهب يتحرك في نطاق ضيق    الأمم المتحدة تدعو إلى تحرك دولي لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتحقيق العدالة للشعب الفلسطيني    الشتاء يحل أرصادياً بعد 3 أيام    عامان للتجربة.. 8 شروط للتعيين في وظائف «معلم ممارس» و«مساعد معلم»    أمير تبوك: نقلة حضارية تشهدها المنطقة من خلال مشاريع رؤية 2030    وصول الطائرة الإغاثية ال24 إلى بيروت    التعاون والخالدية.. «صراع صدارة»    الملك يتلقى دعوة أمير الكويت لحضور القمة الخليجية    الهلال يتعادل إيجابياً مع السد ويتأهل لثمن نهائي "نخبة آسيا"    في دوري يلو .. تعادل نيوم والباطن سلبياً    الفالح: المستثمرون الأجانب يتوافدون إلى «نيوم»    السعودية وروسيا والعراق يناقشون الحفاظ على استقرار سوق البترول    أمير الرياض يطلع على جهود "العناية بالمكتبات الخاصة"    خادم الحرمين الشريفين يدعو إلى إقامة صلاة الاستسقاء    «التعليم»: 7 % من الطلاب حققوا أداء عالياً في الاختبارات الوطنية    أربعة آلاف مستفيد من حملة «شريط الأمل»    «فقرة الساحر» تجمع الأصدقاء بينهم أسماء جلال    7 مفاتيح لعافيتك موجودة في فيتامين D.. استغلها    الزلفي في مواجهة أبها.. وأحد يلتقي العين.. والبكيرية أمام العربي    اكتشاف كوكب عملاق خارج النظام الشمسي    «شتاء المدينة».. رحلات ميدانية وتجارب ثقافية    مشاعر فياضة لقاصدي البيت العتيق    أنشيلوتي: الإصابات تمثل فرصة لنصبح أفضل    سيتي سكيب.. ميلاد هوية عمرانية    كيف تتعاملين مع مخاوف طفلك من المدرسة؟    حدث تاريخي للمرة الأولى في المملكة…. جدة تستضيف مزاد الدوري الهندي للكريكيت    أكد أهمية الحل الدائم للأزمة السودانية.. وزير الخارجية: ضرورة تجسيد الدولة الفلسطينية واحترام سيادة لبنان    بايدن: إسرائيل ولبنان وافقتا على اتفاق وقف النار    شركة ترفض تعيين موظفين بسبب أبراجهم الفلكية    «هاتف» للتخلص من إدمان مواقع التواصل    الدفاع المدني: استمرار هطول الأمطار الرعدية على معظم مناطق المملكة    كثفوا توعية المواطن بمميزاته وفرصه    حوادث الطائرات    المملكة وتعزيز أمنها البحري    مبدعون.. مبتكرون    ملتقى الميزانية.. الدروس المستفادة للمواطن والمسؤول !    معاطف من حُب    الدكتور عصام خوقير.. العبارة الساخرة والنقد الممتع    جذوة من نار    لا فاز الأهلي أنتشي..!    هنآ رئيس الأوروغواي الشرقية.. خادم الحرمين الشريفين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية    هؤلاء هم المرجفون    الرياض الجميلة الصديقة    اكتشاف علاج جديد للسمنة    السعودية رائدة فصل التوائم عالمياً    خادم الحرمين الشريفين يدعو إلى إقامة صلاة الاستسقاء الخميس المقبل    مناقشة معوقات مشروع الصرف الصحي وخطر الأودية في صبيا    «السلمان» يستقبل قائد العمليات المشتركة بدولة الإمارات    أهمية الدور المناط بالمحافظين في نقل الصورة التي يشعر بها المواطن    المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة يناقش تحديات إعادة ترميم الأعضاء وتغطية الجروح    مركز صحي سهل تنومة يُقيم فعالية "الأسبوع الخليجي للسكري"    "سلمان للإغاثة" يوقع مذكرة تفاهم مع مؤسسة الأمير محمد بن فهد للتنمية الإنسانية    حقوق المرأة في المملكة تؤكدها الشريعة الإسلامية ويحفظها النظام    استمرار انخفاض درجات الحرارة في 4 مناطق    الكرامة الوطنية.. استراتيجيات الرد على الإساءات    محمد بن راشد الخثلان ورسالته الأخيرة    زاروا المسجد النبوي ووصلوا إلى مكة المكرمة.. ضيوف برنامج خادم الحرمين يشكرون القيادة    نوافذ للحياة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سفير اسرائيلي يتذكر "7 سنوات في أرض المصريين" . موشي ساسون : هدفي بعد القاهرة ... دمشق
نشر في الحياة يوم 22 - 11 - 1993

كان المستشرف اليهودي موشي ساسون، السوري الاصل، مرشحاً لتسلم منصب اول سفير لاسرائيل في القاهرة، بعد توقيع معاهدة كامب دافيد، نظراً الى خبرته الديبلوماسية الواسعة واتقانه العربية واطلاعه على الثقافة العربية، الا ان رئيس الوزراء آنذاك مناحيم بيغن فضل اختيار رئيس مكتبه الياهو بن اليسار لهذا المنصب، كي يتمكن من الاشراف مباشرة على ادارة اول سفارة اسرائيلية في بلد عربي.
لكن بن اليسار لم يكمل عاماً واحداً في مصر بسبب العزلة الديبلوماسية والاجتماعية التي واجهها هناك، فاستقال مطلع 1981 بحجة ترشيح نفسه لعضوية الكنيست. وعندها لم يعارض بيغن تعيين ساسون خلفاً له فكان السفير الثاني لاسرائيل في القاهرة طوال سبع سنوات شهدت خلالها العلاقات الثنائية ازمات عصيبة. وألف ساسون اخيراً كتاباً عنوانه "سبع سنوات شهدت خلالها العلاقات الثنائية ازمات عصيبة. وألف ساسون اخيراً كتاباً عنوانه "سبع سنوات في ارض المصريين" روى فيه ذكرياته في مصر. ولكن على رغم تعمده تركيزه غالبية فصول الكتاب على الجوانب الاجتماعية والثقافية، الا ان الفصول الخاصة بالجانب السياسي تضمنت تفاصيل مهمة عن العلاقات المصرية - الاسرائيلية في الثمانينات. لذلك اخترنا من الكتاب اربعة فصول: تفجير المفاعل النووي العراقي، مبارك والسلام، المقاطعة المصرية لاسرائيل وحرب لبنان.
وهنا رواية ساسون بتصرف:
وصلت الى القاهرة لأتسلم مهمتي، سفير اسرائيل الثاني في مصر، في 18 ايار مايو 1981، وتقرر ان اقدم اوراق اعتمادي الى الرئيس انور السادات صبيحة يوم 21 من الشهر نفسه قبل بضع ساعات من لقاء مقرر بين السادات ووزير الزراعة الاسرائيلي ارييل شارون الذي كان في زيارة رسمية لمصر. وتقرر ايضاً ان اشارك في هذا الاجتماع.
بعد تقديم اوراق اعتمادي دعاني السادات الى جلسة تعارف، كما هو متبع في مثل هذه المناسبة، تحدثنا خلالها عن مبادرته التاريخية في زيارة القدس. وخلال الجلسة دخل رئيس البروتوكول مرتين الى مكتب السادات لاعلامه بأن شارون ينتظر خارج المكتب، الا ان السادات امره بأن يطلب منه التحلي بالصبر حتى نهاية الجلسة. وقال لي: "اعلم سيدي السفير، كنت مستعداً لتنفيذ مبادرتي والذهاب الى اسرائيل في عهد ثلاثة زعماء فقط، هم: دافيد بن غوريون والعجوزة غولدا مائير ومناحيم بيغن، لأنني اتعامل مع القادة الاقوياء فقط، كونهم يستطيعون اتخاذ القرارات وتطبيقها. لم يكن من السهل التفاوض مع مناحيم والتوصل معه الى اتفاق لكنني ايقنت اني اذا توصلت معه الى اتفاق، فإنه سيطبقه بكامله". وردد السادات هذه العبارة على مسامع شارون بعد نصف ساعة.
الاحتفال بالسلام
وارتأيت ان اتحدث عن الاتفاق السلمي بين مصر واسرائيل، فتوجهت الى السادات متسائلاً: "بعد 10 اشهر من الآن سنتمسك بوعدنا وسنحترم توقيعنا على اتفاق السلام ونعيد اليكم ما بقي من سيناء بموجب اتفاق السلام. هل تنوي سيدي الرئيس تنظيم اي احتفال في ذلك اليوم؟" فقاطعني قائلاً: "احتفال سيدي السفير! بل احتفالات. سلسلة من الاحتفالات على شرف نهاية الاحتلال، وليس ليوم واحدوانما لاسبوع كامل...". وعندما انهى كالمه طلبت بأدب ابداء ملاحظة وقلت: "سيدي الرئيس، ارجو ان تكون حريصاً على الا يتحول يوم الفرح في مصر الى يوم حزن في اسرائيل. هيا نحتفل معاً في ذلك اليوم، ليس بمناسبة التحرير ونهاية الاحتلال، وانما بمناسبة السلام الذي تم بفضله اخلاء سيناء". عندها صمت السادات لحظات، وبدا كأنه غارق في التفكير وهو يدخن غليونه الشهير بهدوء، ولكن بنهم شديد. ومن دون اية مقمات توجه الى نائب رئيس الحكومة وزير الخارجية آنذاك كمال حسن علي، والى وزير الاعلام وشؤون الرئاسة منصور حسن اللذين حضرا حفلة تقديم اوراق اعتمادي، وقال: "والله ان السفير صادق وعلى حق. لا شك في ذلك. تشاوروا معه، وخططوا معاً للاحتفال بالسلام".
وفي حديثي عن المبادرة التاريخية طرحت على السادات السؤال الآتي: "عندما اتخذت سيدي الرئيس قرارك بزيارة القدس، سافرت الى دمشق ووجهت دعوة الى الرئيس حافظ الاسد للانضمام اليك في هذه الزيارة، لكنه رفض دعوتك وقال انه سيدين هذه الزيارة في حال تنفيذها. لماذا قررت اطلاع الاسد على سر الزيارة؟" فأجاب السادات: "عندما قررت زيارة القدس كان واضحاً لي ان من الضروري ابعاد السوريين عن مشروع الزيارة من اجل ضمان نجاحها، اذ ان مشاركتهم فيها تعني الحكم عليها سلفاً بالفشل. ورأيت ان افضل وسيلة تضمن لي امتناع الاسد عن المشاركة في هذه المبادرة هي توجيه دعوة اليه لزيارة القدس. لقد دعوته بالفعل ورفض دعوتي كما توقعت".
ضرب مفاعل تموز
لم تمض بضعة ايام على بدء مهمتي في القاهرة حتى نفذ سلاح الجو الاسرائيلي يوم 7 حزيران يونيو 1981 عملية تفجير مفاعل "تموز" النووي العراقي. وعلمت بنبأ العملية خلال مشاركتي في عشاء نظمه المستشار التجاري في السفارة عوزي نتنيئيل ودعا اليه عدداً من المسؤولين المصريين. فقد اقترب منى فجأة مدير دائرة الاعلام في السفارة ايلي لنيادو وقال لي بانفعال، انه سمع من اذاعة "صوت اسرائيل" نبأ تفجير المفاعل العراقي. فطلبت منه العودة الى منزله ومواصلة الاستماع الى "صوت اسرائيل" والاذاعات المصرية والسورية، والاكتفاء بالرد على اية تساؤلات يطرحها الصحافيون المصريون عن هذه العملية بالقول: "في المرحلة الحالية لا نملك اية معلومات رسمية. لا يمكننا نفي او تأكيد النبأ".
في طريق عودتي الى المنزل دارت في ذهني تساؤلات عن الموقف الذي سيتخذه السادات من هذه العملية، خصوصاً انها وقعت بعد مرور ثلاثة ايام فقط على اجتماع القمة الذي عقده مع بيغن في شرم الشيخ. وامضيت ذلك المساء في الاستماع الى اذاعات اسرائيل ومصر وسورية والعراق، والتشاور مع الموظفين الكبار في السفارة. وارتأيت ان من الانسب ان يبعث بيغن فوراً برسالة شخصية خاصة الى السادات، اتولى بنقلها اليه بصفة شخصية، للمساهمة في احتواء النتائج غير الايجابية التي قد تنجم عن هذه العملية.
استقبلني السادات في قصر المعمورة في الاسكندرية يوم 10 حزيران في الحادية عشرة قبل الظهر بناء على طلبي لتسليمه بطاقة شخصية من بيغن، وفور دخولي مكتبه، سلمته البطاقة فطلب مني ان ننتقل الى حديقة القصر المطل على البحر المتوسط، وهناك بدأ بقراءة البطاقة بتمعن وبطء شديدين. وعندما انتهى غرق في التفكير وهو يدخن غليونه بسرعة، ثم نهض من مقعده فنهضت انا أدباً. الا انه اشار الي بيده لأجلس، قلت له انني ان لن اجلس ما دام هو واقفاً، عندئذ امرني بالجلوس، وقال: "اذا اردت معرفة رأيي في العملية الاسرائيلية ضد المفاعل النووي العراقي، فإن في وسعي تلخيصه بنقاط محددة". وسرد هذه النقاط بعصبية وانفعال. وبدا لي بوضوح انه كان شديد الانفعال والغضب، على رغم محاولته التحلي بالهدوء. وراح يتكلم احياناً مع نفسه بصوت عال، موجهاً كلامه احياناً اخرى الى بيغن كأنه حاضر بيننا. وتوقف امامي مرات عدة ووجه كلامه الي مباشرة كأنه يحاول تفسير موقفه وأزمته.
وكنت اتابع حركاته وتعابيره، وسجلت بضع كلمات بين فينة واخرى. لقد كان اجتماعاً مثيراً ساده توتر شديد، حتى انني لم اشهد مثيلاً له طوال حياتي الديبلوماسية. بدأ السادات حديثه وهو يخطو امامي ذهاباً واياباً بقوله ان المهم بالنسبة اليه هو المسيرة السلمية في المنطقة. وفي هذا السياق فان الهجوم الاسرائيلي على المفاعل العراقي اعاد التاريخ الى الوراء، الى النظرة التي سادت العالم العربي "قبل بدء مسيرته السلمية". فقد عادت نظرة العالم العربي الى اسرائيل الى طابعها السلبي السابق الذي استطاع السادات ازاته وتدميره، اذ تبدو اسرائيل مجدداً في العالم العربي "قوة لا يمكن الانتصار عليها ... اسرائيل ذات الذراع الطويلة القادرة على الوصول الى اي مكان ... واسرائيل التي تتجاهل كلياً ما يجري في العالم العربي، وكيف يفكر العالم العربي.
وعندما لاحظ السادات دهشتي من اقواله بادر بالقول انه على رغم علمه بأن صورة اسرائيل في العالم العربي لم تتغير كثيراً، الا ان هذه العملية لم تؤد الى تدمير المفاعل العراقي فحسب، وانما ايضاً الى تدمير كل ما بدأ ببنائه عن الصورة الجديدة لاسرائيل في العالم العربي، واضاف: هذا في ما يتعلق بالاضرار التي نتجت من العملية، اما في ما يخص سياسة مصر، فأرجو ان تخبر مناحيم انني سأواصل التمسك بمسيرة السلام وما بقي منها. واذا سألتني بمسيرة السلام وما بقي منها. واذا سألتني لماذا؟ اجيبك بكل بساطة: لانني مقتنع تماماً يجب عدم المس بقضية السلام. يجب عدم اعادة التاريخ الى الوراء".
السادات: بيغن آلمني
في تلك اللحظة التي حاولت فيها السيطرة على مشاعر الارتياح التي اجتاحتني، توقف السادات فجأة وبدا وكأنه يتحدث مباشرة الى بيغن وقال: "الله يسامحك يا مناحيم". وكرر هذه العبارة مراراً وهو يحرك رأسه شمالاً ويميناً.
بعد صمت قصير اكمل السادات حديثه: "كيف يقدم مناحيم ورقة على بياض الى السوفيات وسورية، اذ انه بعمله هذا ساعدهم على التقدم نحو هدفهم، اي اعادة الامة العربية الى الوضع النفسي الذي كان سائداً من قبل".
ثم توقف امامي وتحدث الي مباشرة كأنه يريد ان يفسر لي موقفه ويقنعني بصحته. وقال: "دائماً كنت اقول لبيغن: مناحيم حافظ على صداقة مصر. الشعب المصري سيقف الى يمينك اذا حافظت على صداقته. واهم دليل على صحة اقوالي ان شعرة واحدة لم تسقط من جهاز العلاقات بين مصر واسرائيل على رغم المقاطعة العربية المفروضة على مصر. دائماً ومراراً كنت اقول لبيغن: اذا نلت صداقة الشعب المصري فإنك مع مرور الوقت ستنال تفهم العالم العربي. ان الشعب المصري اصيل وطيب، وعندما يمنح شخصاً ما صداقته، لا يتراجع عنها الا اذا وقع حدث هائل".
واضاف: "النقطة الأخيرة التي سأذكرها ليست سوى ملاحظة شخصية. كيف ينفذ بيغن هذه العملية بعد مضي يومين او ثلاثة ايام على اجتماعي معه في شرم الشيخ؟ ان بيغن لم يذكر امامي اي تفاصيل عن هذه العملية. ان شعبي هنا في مصر سيصدق انني لم اطلع على العملية ولم اعلم بها سلفاً، ولكن في الخارج، في العالم العربي، فإن الموقف سيختلف. اذ ان السوفيات والآخرين يتربصون بي. انهم يريدون القبض على مصر واقناعها بوقف علاقاتها مع اسرائيل والعودة الى الوراء، ولا ينتظرون الا الفرص، مثل هذه العملية، لمحاولة تنفيذ مؤامرتهم. ان العملية التي نفذتها اسرائيل تعتبر هزة قاسية ومن الصعب الدفاع عنها او تبريرها. وعلى الصعيد الشخصي شاهدني الجميع مع بيغن في شرم الشيخ. ارجو ان تخبر مناحيم ان هذه العملية سببت لي ألماً كبيراً من الناحية الشخصية، اضافة الى موقفي السياسي. فليعلم مناحيم انها آلمتني اكثر مما آلمني العرب".
بعد سنوات على هذا الاجتماع التقيت السيدة جيهان السادات، وحدثتني كيف مارست ضغوطاً على زوجها لاقناعه بعدم تلبية دعوة بيغن الى عقد اجتماع في شرم الشيخ قبل موعد الانتخابات النيابية في اسرائيل، لان بيغن كان يرغب في استخدام هذا الاجتماع لمصلحة حملته الانتخابية. واضافت انها قالت لزوجها "اذا اردت تقديم مساعدة الى شخص ما في اسرائيل، فمن الافضل ان يكون هذا الشخص شمعون بيريز وليس بيغن". عندئذ سألتها عن رد فعل السادات، فأجابت: "اجابني انور بأن لا اظن انه ساذج. لقد كان يعلم جيداً ان بيغن يرغب في عقد اجتماع قمة في شرم الشيخ لدعم حملته الانتخابية. وهذا هو السبب الذي جعل السادات ايضاً يوافق على تلبية دعوته، لانه كان يعتبر بيغن رئيس حكومة قوياً ويستطيع اتخاذ القرارات وتنفيذها في الجهاز الديموقراطي الاسرائيلي".
مبارك واتفاق السلام
منذ وصولي الى القاهرة اقلقني التساؤل الآتي: ماذا سيحل بالسلام اذا اختفى السادات فجأة؟ ودار هذا التساؤل في مخيلتي يوم 6 تشرين الاول اكتوبر 1981، عقب مرور اكثر من خمسة اشهر على وصولي الى القاهرة، عندما اغتيل السادات في العرض العسكري لمناسبة ذكرى حرب اكتوبر. وكنت دعيت الى حضور العرض وجلست على بعد عشرات الامتار فقط من الرئيس السادات. لقد شكلت "حادثة المنصة"، كما يطلق عليها في مصر، اول امتحان للسلام بين مصر واسرائيل. وخلال ايام حصلت على اجابة عن التساؤل الذي اقلقني، عبر اول خطاب القاه الرئيس حسني مبارك يوم 14 تشرين الاول اكتوبر في مجلس الشعب، وقال فيه ان مصر ستحترم كل الاتفاقات والتعهدات الدولية التي وقعت عليها.
واثر تسلم مبارك مقاليد الرئاسة ارتفعت اصوات في اسوائيل تطالب بوقف الانسحاب من سيناء والانتظار حتى تتوضح نيات الرئيس المصري الجديد. لكنني لم اشك مطلقاً في ان مبارك سيواصل نهج طريق السلام، خصوصا انه كان نائباً للرئيس السادات طوال ست سنوات، وشارك في اتخاذ كل القرارات التاريخية. وفي منتصف كانون الاول ديسمبر سافرت براً من القاهرة الى القدس لعقد اجتماع مع بيغن. وخلال الاجتماع الذي عقدناه على انفراد، حدثته عن جو انعدام الثقة السائد في مصر حيال نيات اسرائيل، وقلت له ان من الانسب اذا كان ينوي وقف او حتى تأجيل الانسحاب، ان يستمع قبل اتخاذ قراره النهائي الى تقديري لخلفيات هذه الخطوة. اما اذا كان يوي مواصلة الانسحاب بموجب اتفاق السلام فمن الافضل اطلاع القيادة المصرية على ذلك عندها قال بيغن "انا اعلم انك تستخدم العربية للتخاطب مع المسؤولين المصريين، وانا اقدر قدرتك في هذا المجال، ولكن اود ان تذكر امامهم هذه المرة عشر كلمات بالانكليزية هي Israel will Withdraw on the date and to the dot" اسرائيل ستنسحب في الموعد المحدد والى المكان المحدد. وفي 17 كانون الاول عدت الى القاهرة ونقلت رسالة بيغن الى كمال حسن علي، وشعرت بارتياحه الى مضمونها وعرفت انه اتصل بالرئيس مبارك واطلعه عليها.
لقد شكلت مسألة اعادة الاراضي بالنسبة الى المصريين هدفاً رئيسياً، بينما شكل السلام وسيلة لتحقيق هذا الهدف. غير ان المصريين تعلموا بسرعة تقدير هذه الوسيلة والحفاظ عليها.
عزلة ومقاطعة
لقد واجهت طوال سنوات عملي في مصر عزلة شعبية في اوساط فريق كبير من الطبقة المثقفة. اذ على رغم التوقيع على اتفاق السلام رفضت اكثرية الاتحادات المهنية المصرية الاعتراف به، وقررت مقاطعة اسرائيل ومندوبيها. وكان اتحاد المحامين المصريين اكثر هذه الاتحادات نشاطاً ضد اتفاق السلام، فهو لم يكتف بالطلب الى اعضائه الامتناع عن تقديم اية مساعدة قضائية الى الاسرائيليين في مصر، بل تعاون ايضاً مع جهات اخرى عارضت اتفاق السلام، داخل مصر وخارجها، لتنظيم مؤتمرات واجتماعات عامة مناهضة لاتفاق السلام، احرق خلالها علم اسرائيل. ولم تحاول السلطات المصرية منع عقد هذه المؤتمرات والاجتماعات او تفريقها، وركزت اهتمامها على الجانب الامني، اي تعزيز الحماية للسفارة الاسرائيلية.
وفي صورة مماثلة فرض اتحاد الصحافيين حظراً على اسرائيل، وطلب من اعضائه الامتناع عن تغطية احداث اسرائيلية في القاهرة، او السفر الى اسرائيل، وفي 1983 رافق ابراهيم نافع رئيس تحرير "الاهرام" ورئيس نقابة الصحافيين آنذاك رئيس الحكومة كمال حسن علي في زيارة ل"معرض الكتاب الدولي" في القاهرة، لكنه توقف على مقربة من الجناح الاسرائيلي، وامتنع عن دخوله برفقة حسن علي الذي تحمل عبء دخول الجناح لتهنئتي. وبسبب موقف نقابة الصحافيين لم يتمكن اي صحافي مصري من زيارة اسرائيل من دون الحصول على اذن من جهة رسمية عليا. ولم يتمكن كبار الصحافيين المصريين من زيارة اسرائيل الا بعد حصولهم على موافقة الرئيس المصري، او هو كان يرسلهم. كما تعرضوا اثر عودتهم من اسرائيل لصعوبات شتى، منها عدم نشر التحقيقات والمقالات التي اعدوها، الا في حالات نادرة، وبعد مرور فترة زمنية معينة، مع اجراء "تحسينات" عليها.
ومع اندلاع حرب لبنان عام 1982 ازدادت حدة موقف الاعلام المصري من اسرائيل. فقد رفضت مؤسسات الصحافة والاذاعة والتلفزيون نشر تصريح رسمي صادر عن السفارة. وكنت اعتدت، عقب محادثاتي مع وزير الخارجية، على مواجهة مجموعة من الصحافيين المصريين خارج مبنى وزارة الخارجية والادلاء امامهم بتصريحات يسجلون كل كلمة منها. الا ان صحفهم كانت تمتنع عن نشرها، وتستبدل بها تصريحات اعدتها وزارة الخارجية المصرية. وعندما كنت ارى ان من واجبي اطلاع الرأي العام المصري على موقفي، كنت اتصل هاتفياً من القاهرة، باذاعة "صوت اسرائيل" التي تبث برامجها العربية من القدس، والادلاء عبرها بتصريحات موجهة الى المصريين. لقد شعرت بانزعاج كبير من المقالات المناهضة لاسرائيل التي نشرت في صحف القاهرة طوال فترة عملي هناك. وتحولت هذه المقالات احدى النقاط التي كنت اطرحها في صورة شبه دائمة خلال محادثاتي مع رئيس الحكومة ووزير الخارجية ووزير الاعلام، وحتى مع الرئيس مبارك.
وقرر اتحاد الاطباء المصريين بدوره مقاطعة اسرائيل. وعندما بدأت عملي في القاهرة لم يوافق اي مستشفى مصري على عقد اتفاق ثابت مع السفارة الاسرائيلية لتقديم العلاج الى موظفيها. وخلال احد اجتماعاتي مع كمال حسن علي حدثته عن الصعوبات التي تواجهني في هذا المجال، وعبرت امامه عن قلقي الشديد، فطلب مني مواصلة جهودي، واستطرد: "اذا لم تتمكن من العثور على حل، سأصدر اوامري الى المستشفى العسكري في المعادي لاستقبال موظفي السفارة". ولكن من حيث المبدأ رأيت ان من واجبي التوصل بنفسي، من دون مساعدة حسن علي، الى اتفاق مع مستشفى حديث. وهكذا زرت مستشفى "السلام" القريب من مكان سكننا، وتوصلت الى اتفاق مع مديره ربما لأن هذا المستشفى تملكه شركة اميركية.
حرب لبنان
مرت علاقات مصر واسرئيل بأزمات عدة دأت في عهد السادات، اثر تفجير المفاعل النووي العراقي واصدار قانون ضم الجولان وقانون ضم القدس الشرقية، وتواصلت هذه الازمات خلال عهد مبارك. فقد نشبت خلافات حادة خلال المفاوضات الخاصة بتحديد مصير منطقة طابا، ادت الى امتناع المسؤولين المصريين عن الاتصال بالمسؤولين الاسرائيليين، واقدام الحكومة المصرية على قطع الاتصالات بين الشعبين المصري والاسرائيلي. واكثرت الصحف المصرية من نشر مقالات ورسوم تهاجم الزعماء الاسرائيليين بصفة شخصية. يضاف الى ذلك الاتهامات التي وجهتها مصر الى اسرائيل باغتيال الزعيم الفلسطيني "ابو جهاد" في تونس، والتي زادت حدة الخلاف بين البلدين.
لكن الازمة الاطول والاخطر التي ضربت مسيرة العلاقات المصرية - الاسرائيلية وقعت بعد مرور ستة اسابيع على اخلاء سيناء، عندما اجتاحت قوات الجيش الاسرائيلي لبنان في اطار عملية "سلام الجليل". ولا ازال اذكر جيدا ذلك اللقاء المهم يوم 10 حزيران 1982 مع نائب رئيس الحكومة المصرية وزير الخارجية كمال حسن علي . فقد بدأ حسن علي كلامه بقوله: "ان الوضع صعب جداً. لقد حازت اسرائيل ثقة ما في مصر، وفي العالم العربي ايضاً، قبل دخولكم لبنان، وبعد ما نفذتم تعهداتكم اخلاء سيناء في الموعد المحدد، بموجب الاتفاق الموقع بيننا. لقد سرنا تلك الايام برأس مرفوع وقلنا للعالم العربي: ها هي اسرائيل التي وقعنا اتفاق سلام معها، انها تحترم تعهداتها، فتفاوضوا معها، واعقدوا اتفاق سلام معها، واذا بكم فجأة تهاجمون وتغزون. ان لبنان دولة عربية، وعلى رغم انتقاداتنا لهذه الدولة وللفلسطينيين الموجودين فيها، الا انه لا يسعنا تجاهل حقيقة هجومكم على دولة عربية وغزوها، في الوقت الذي نرتبط معكم بعلاقات سلام. ان حجم القوات التي تشارك في الغزو والمساحة التي اجتاحتها بتجاوزان اي تصور ممكن من الناحيتين العسكرية والسياسية. كما ان قواتكم تتقدم بسرعة نحو بيروت. اذا دخلتم عاصمة عربية فانكم ستقترفون خطأ تاريخياً بالغ الخطورة".
لمست ارتجافاً في صوت حسن علي، اذ بدا لي كأنه في حيرة حقيقية وتذكرت ملاحظة كنت ذكرتها امام شارون قبل فترة قصيرة من دخول قواته لبنان، وهي ان اية عملية عسكرية واسعة في لبنان من شأنها ان تشكل انجازاً تكتيكياً في الشمال، ولكن من شأنها ايضاً ان تشكل خطراً على المصالح الاستراتيجية والحيوية الاسرائيلية في الجنوب الاسرائيلي.
واثر اندلاع حرب لبنان ابلغني السفير عبدالحميد الشافعي المسؤول عن دائرة العلاقات مع اسراذيل في وزارة الخارجية المصرية ان بلاده قررت تأجيل تنفيذ خمسة لقاءات ومبادرات كانت مقررة في اطار تعزيز العلاقات بين البلدين. ولكن عندما طال هذا التأجيل، وبدا يتضح لي اننا نواجه خطر صدور قرار بتجميد كل النشاطات المتبادلة بيننا، توجهت الى مكتب الشافعي محاولاً وقف التدهور التي اصاب علاقاتنا، وقلت له انني توصلت الى اقتناع بأنكم قررتم في واقع الامر فرض مقاطعة ضد اسرائيل، نظراً الى تجميد ما يزيد على 30 نشاطاً، ما يعني انكم قررتم خرق اتفاقات خطية بيننا في شأن جانب من هذه النشاطات. لكنه اكتفى بالرد ان لا قرارات من هذا القبيل، "وانما تأجيل احداث فترة قصيرة".
صدمة كبيرة
ومع استمرار الحرب اتضحت صورة الموقف المصري منها. فقد اصيب كبار المسؤولين الذين يملكون صلاحية اتخاذ القرارات السياسية في مصر بصدمة كبيرة نتيجة القدرات الهائلة التي ابداها الجيش الاسرائيلي في لبنان. كما فوجئوا بقدرة اسرائيل على دفع الولايات المتحدة الى تقديم دعم اليها وتأييد الاهداف الاستراتيجية التي تنوي تحقيقها من وراء هذه الحرب. ولم يتجاهل المصريون حقيقة قدرة اسرائيل على تقدير ضعف حلفاء الاتحاد السوفياتي من الدول العربية في المنطقة.
في 30 حزيران 1982 بعث وزير الخارجية الاسرائيلي اسحق شامير رسالة الى نظيره المصري كمال حسن علي تفسر اهداف الحرب للقيادة المصرية. وفي 18 تموز يوليو بعث حسن على برد مفصل تضمن نقاط الخلاف بين مصر واسرائيل، وأشار الى ان الاهتمام الرئيسي لبلاده ينصب على فرص السلام في المنطقة، وان السلام الحقيقي يعني احترام السيادة الاقليمية للدول الاخرى وعدم التدخل في شؤونها الداخلية. واضاف: "بوسعك ان تستنتج في ضوء ذلك ان جهودنا المبذولة لتوسيع اطار السلام اصيبت بضربة قاسية. لقد توصلنا من جانبنا الى نتيجة مفادها ان ليس بوسعنا قبول الغزو الاسرائيلي للبنان كعملية دفاعية". واستعمل تعابير حادة وصارمة لدى وصفه العملية العسكرية. وفي 21 ايلول سبتمبر 1982، اثر دخول القوات الاسرائيلية بيروت ووقوع كارثة صبرا وشاتيلا، قررت مصر سحب سفيرها سعد مرتضى من تل ابيب.
الهدف دمشق
لقد اتخذت قرار انهاء عملي سفيراً لاسرائيل في مصر لاسباب شخصية وسياسية. فمن الناحية الشخصية توفي ابني روبي في تشرين الاول 1987، وتوفيت زوجتي طوفا في كانون الثاني يناير 1988. ولم يبق لي غير ابنتي أورنا وزوجها ايغال وطفليهما الذين اردت العيش معهم فترة اطول. ومن الناحية السياسية عين سفير مصري جديد في تل ابيب، ووافقت مصر واسرائيل على احالة خلافهما على منطقة طابا على لجنة تحكيم دولية، ما يعني ان هذا الخلاف انتهى رسمياً وعملياً، بينما تواصل الخلاف الآخر على مسألة تطبيع العلاقات.
وفي 12 تموز 1988 اجتمعت مع الرئيس مبارك لوداعه قبل مغادرتي القاهرة. وبدأ حديثه بقوله انه راغب في تأكيد امر اعرفه جيداً، وهو "ان السلام بيننا قائم ويرتكز على اساس صلب، ولكن علينا وعليكم السير الى الامام نحو سلام شامل في المنطقة". وخلال حديثي اشرت الى ان "السلام الاستراتيجي"، اي "لا حروب بعد الآن" لايزال يربط بيننا على رغم مرور 11 عاماً على مبادرة السادات التاريخية. ثم اعربت عن خيبة املي وأمل الاسرائيليين من جفاف "السلام اليومي" بسبب سياسة الحكومة المصرية القاضية بحظر السياحة المصرية الى اسرائيل وحظر التبادل التجاري والثقافي بيننا. وذكرت ان هذه السياسة ادت الى تقليص ايمان رجل الشارع المصري بهدا السلام.
وتطرقت خلال حديثي الى مسألة اخرى كنت طرحتها مراراً في اجتماعاتي مع وزير الخارجية ووزير الاعلام، وتخص صورة اسرائيل المشوهة في وسائل الاعلام المصرية التي بلغت حد بث معلومات معادية لاسرائيل واليهود في شبكات التلفزيون ومحطات الاذاعة. وقلت اني اود اليوم اطلاعه على امثله لم اطرحها في السابق بسبب حساسيتها، وهي ان التلفزيون الرسمي يبث اسبوعياً، وبالتحديد خلال خطبة صلاة الجمعة، دعاية مناهضة لليهود والدين اليهودي.
عندها قاطعني الرئيس مبارك قائلاً: "انت على حق بخصوص هذه المسألة، سأصدر تعليمات على الفور الى وزير الاعلام صفوت الشريف بالامتناع عن مس القضايا الاسلامية واليهودية في الراديو او التلفزيون". واضاف: "بما انك طرحت المسألة الدينية فقد ذكرتني بقضية اريدكم ان تنتبهوا اليها كثيرا، وهي بالغة الحساسية في العالم الاسلامي، وعليكم النظر اليها باهتمام شديد وهي وضع مدينة القدس. لقد نشرت معلومات ان انفاق تحفرونها قرب المسجد الاقصى. ارجو ان تكونوا حساسين تجاه هذه القضية. ومن جانبي فانني ادرس موضوع ارسال وفد الى المسجدالاقصى للاطلاع على وضعه. ومن جانبي فانني ادرس موضوع ارسال وفد الى المسجد الاقصى للاطلاع على وضعه. واذا تطلب الامر اجراء ترميمات عليه فسأقدم المساعدة اللازمة". واستمر اجتماعنا وقتاً طويلاً تحدثنا خلاله ايضا عن سورية والعراق والانتفاضة.
وفي الثامنة من صباح يوم 19 تموز 1988، يوم مغادرتي القاهرة، اتصلت بي جيهان السادات ثم كمال حسن علي، واقترح كلاهما ان اعرج على منزله لوداعه في طريقي الى مطار القاهرة. وخلال زيارتي لجيهان كلفتني نقل تحياتها الى بيغن والطلب اليه ان يكتب اليها، واضافت "لن انسى ذلك اليوم الذي جاء فيه مناحيم لتعزيتي والمشاركة في تشييع السادات. ولن انسى كيف قال لابني جمال، بحضورك، انه يريد منه ان يعتبره منذ ذلك اليوم مكان والده".
واستقبلني كمال حسن علي في منزله المتواضع في حي الضباط، قرب القاهرة، وقال لي: "كنت جنرالاً في الجيش، ثم خدمت رئيساً لجهاز الاستخبارات ووزيراً للدفاع ونائباً لرئيس الحكومة، ووزيراً للخارجية، وعملت في النهاية رئيساً للحكومة، الا ان مرتبى كاد ان يكفي لسد نفقات معيشتي. بينما الآن اعمل مدير بنك، اعمل ساعات قليلة قبل الظهر واتقاضى اضعاف ما تتطلبه نفقات معيشتي. اسمع نصيحتي: من حقك ان تصبح مدير بنك اثر عملك الشاق في مصر. افتح بنك مصر - اسرائيل في اسرائيل وتسلم ادارته". لكنني اجبته: "لا، اود كثيراً ان اصبح سفير اسرائيل الاول في دمشق".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.