الجيش اللبناني يتهم إسرائيل ب"خرق" اتفاق وقف إطلاق النار "مرات عدة"    العروبة يستعيد انتصاراته بالفوز على الفيحاء    أول امرأة تؤلّف كتاباً عن السبح.. تمزج التراث بالابتكار في معرض "بَنان"    بوتين لا يستبعد استهداف «مراكز صنع القرار» في كييف    فرع ⁧‫هيئة الصحفيين السعوديين‬⁩ في ⁧‫جازان‬⁩ يختتم برامجه التدريبية بورشة عمل "أهمية الإعلام السياحي    السفير الأميركي: سعيد بمشاركة بلادي في "بلاك هات"    برشلونة يعول على عودة جمال لتصحيح مساره في الدوري    التعاونية توقِّع شراكة جديدة مع شركة اليسر للإجارة والتمويل (اليسر) لصالح قطاع التأمين على الحياة    إعادة انتخاب المملكة لعضوية المجلس التنفيذي لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية    مفتي عام المملكة ونائبه يستقبلان مدير فرع الإفتاء في منطقة جازان    تكلفة علاج السرطان بالإشعاع في المملكة تصل ل 600 مليون ريال سنويًا    أمير تبوك يستقبل المواطن مطير الضيوفي الذي تنازل عن قاتل ابنه    طلاب مدارس مكتب التعليم ببيش يؤدون صلاة الاستسقاء في خشوع وسط معلميهم    برعاية أمير جازان.. الأمير محمد بن عبدالعزيز يفتتح المعرض التقني والمهني بالمنطقة    وزير الداخلية يلتقي رئيس الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية    برنامج مفتوح لضيوف خادم الحرمين الشريفين للعمرة والزيارة "بتلفريك الهدا"    أمير تبوك يستقبل رئيس وأعضاء مجلس إدارة جمعية التوحد بالمنطقة    بناءً على توجيه ولي العهد .. عبدالعزيز بن سعود يلتقي رئيس الجزائر    الرياض تستضيف غدًا نهائيات دوري المقاتلين المحترفين للمرة الأولى في المملكة    أمير تبوك يوجه بتوزيع معونة الشتاء في القرى والهجر والمحافظات    وزير البلديات يقف على مشروع "الحي" بالمدينة    تأهيل عنيزة يستضيف مؤتمر جودة حياة الأشخاص ذوي الإعاقة الدولي الشهر القادم    الأمير عبدالعزيز الفيصل يتحدث عن نمو السياحة الرياضية    محافظ الطوال يؤدي صلاة الاستسقاء بجامع الوزارة بالمحافظة    وزير الخارجية يصل الكويت للمشاركة في الدورة ال 162 للمجلس الوزاري التحضيري للمجلس الأعلى الخليجي    القيادة تهنئ رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية بذكرى استقلال بلاده    اليونسكو: 62% من صناع المحتوى الرقمي لا يقومون بالتحقق الدقيق والمنهجي من المعلومات قبل مشاركتها    انخفاض أسعار النفط وسط زيادة مفاجئة في المخزونات الأميركية وترقب لاجتماع أوبك+    بالتضرع والإيمان: المسلمون يؤدون صلاة الاستسقاء طلبًا للغيث والرحمة بالمسجد النبوي    الدكتور عبدالله الوصالي يكشف سر فوزه ب قرص الدواء    محافظ صبيا يؤدي صلاة الإستسقاء بجامع الراجحي    «الدرعية لفنون المستقبل» أول مركز للوسائط الجديدة في الشرق الأوسط وأفريقيا    الداود يبدأ مع الأخضر من «خليجي 26»    27 سفيرا يعززون شراكات دولهم مع الشورى    السعودية ترأس اجتماع المجلس التنفيذي ل«الأرابوساي»    «مساندة الطفل» ل «عكاظ»: الإناث الأعلى في «التنمر اللفظي» ب 26 %    1500 طائرة تزيّن سماء الرياض بلوحات مضيئة    وزير الصحة الصومالي: جلسات مؤتمر التوائم مبهرة    السياحة تساهم ب %10 من الاقتصاد.. و%52 من الناتج المحلي «غير نفطي»    سلوكياتنا.. مرآة مسؤوليتنا!    الكشافة يؤكدون على أهمية الطريقة الكشفية في نجاح البرنامج الكشفي    شخصنة المواقف    إنسانية عبدالعزيز بن سلمان    الشائعات ضد المملكة    بحث مستجدات التنفس الصناعي للكبار    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالريان يُعيد البسمة لأربعينية بالإنجاب بعد تعرضها ل«15» إجهاضاً متكرراً للحمل    «واتساب» تختبر ميزة لحظر الرسائل المزعجة    التويجري: السعودية تُنفّذ إصلاحات نوعية عززت مبادئها الراسخة في إقامة العدل والمساواة    الزميل العويضي يحتفل بزواج إبنه مبارك    محمد بن عبدالرحمن يشرّف حفل سفارة عُمان    المملكة ضيف شرف في معرض "أرتيجانو" الإيطالي    أمير حائل يعقد لقاءً مع قافلة شباب الغد    تقليص انبعاثات غاز الميثان الناتج عن الأبقار    اكتشاف الحمض المرتبط بأمراض الشيخوخة    رئيس مجلس الشيوخ في باكستان يصل المدينة المنورة    أمير تبوك يقف على المراحل النهائية لمشروع مبنى مجلس المنطقة    هيئة تطوير محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية ترصد ممارسات صيد جائر بالمحمية    هنآ رئيس الأوروغواي الشرقية.. خادم الحرمين الشريفين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الوسط" تلتقي أمين معلوف الفائز بجائزة "غونكور" الادبية . "قتل الأب وإزالة العالم القديم ؟ حسناً ، لكن ما هو البديل؟ ..."
نشر في الحياة يوم 15 - 11 - 1993

أنا ابن كل التناقضات اللبنانية وأرفض أي انتماء ضيق
أشعر بحنين الى المجتمع الريفي القديم، فما جاء بعده كان اسوأ بكثير...
قبل ترشيحه لنيل الپ"غونكور" اشهر الجوائز الادبية الفرنسية، كان الكاتب اللبناني امين معلوف ذاق طعم النجاح الفعلي الذي يسعى اليه كل اديب. فروايته "ليون الافريقي" حققت ارقاماً قياسية في المبيع، وقدمته الى الجمهور العريض... وجاءت روايته "سمرقند" لترسخ شهرته ورواجه. محور ادب معلوف الذي يكتب بالفرنسية هو التسامح والتعايش والانفتاح على الآخر وتلاقح الثقافات والحضارات. وحجر الأساس في عمارته الروائية هو المزج بين السرد والتاريخ... فلماذا يهرب الكاتب باستمرار الى ازمنة اخرى؟ وما الذي عاد به في روايته الاخيرة "صخرة طانيوس" الى اجواء القرية اللبنانية؟ "الوسط" التقت امين معلوف وحاولت تسليط الضوء على بعض وجوه تجربته الادبية.
بجائزة "الغونكور" أو من دونها، يسجل امين معلوف، منذ عشر سنوات، نجاحات كبيرة في فرنسا، وفي العديد من البلدان التي تترجم كتبه تباعاً الى لغاتها. عبر ستة كتب صدرت له حتى اليوم، تمكن هذا الكاتب اللبناني في مسيرة قادته من الصحافة الى التاريخ، الى رواية التاريخ، الى الرواية بالمعنى الحرفي للكلمة، تمكن من ان يجد لنفسه مكاناً في الحركة الادبية الفرنسية. وربما كان كتابه الأول "الحروب الصليبية كما ينظر اليها العرب" مر دون ضجة كبيرة اول الامر، ولكن ما ان صدرت روايته التاريخية الأولى "ليون الافريقي" في العام 1986 حتى جاء اقبال القرّاء كبيراً ومدهشاً، وهو اقبال واكبه اعجاب النقاد وثناؤهم على كتاب وجدوا فيه دعوة لابدال الصدام بين الشرق والغرب، بنوع من التلاقح الحضاري. منذ روايته الأولى تلك، عرف امين معلوف كيف يدخل قلوب قرّائه، واحتل الكتاب موقع الصدارة في قائمة الكتب الاكثر مبيعاً في فرنسا، ثم بدأ يترجم الى العديد من اللغات.
وبعدها بعامين فاجأ امين معلوف قرّاءه الذين راحوا يزدادون عدداً، برواية تاريخية ثانية هي "سمرقند". كان النجاح حليفها منذ نزولها المكتبات. الرواية تعيد الى الاذهان عوالم كان الغرب نسيها: من العصور الذهبية الاسلامية، الى المناخات التي ظهرت فيها اشعار عمر الخيام، الى جذور ما يسمى بالارهاب. بعد نجاح "سمرقند" واعادة اكتشاف كتابه الأول عن "الحروب الصليبية"، صار أمين معلوف علما من اعلام الرواية التاريخية، ساعده على ذلك اسلوب كتابة بسيط وجذاب يذكر بأساليب الحكواتية العرب القدامى، ومواضيع عرف كيف يختارها بعناية. وساعده كذلك تجدد الاهتمام في اوروبا خلال السنوات الاخيرة بالاسئلة المتعلقة بصراع الغرب والشرق، فبدا معلوف للمهتمين، مرجعاً في تحري العلاقة بين الحيزين الجغرافيين والحضاريين.
في كتابه الرابع "حدائق النور"، توغل امين معلوف بعيداً في الزمن، انما دائماً ضمن اطار اهتمامه برسم ملامح الصدمة الناتجة عن احتكاك زمنين وعالمين، وذلك عبر قصة "ماني" مؤسس مذهب المانوية في بلاد ما بين النهرين، وقصة جحود المجتمع، ومعارضة السلطات الحاكمة كما يحلو لها، في قيام من يؤلب الناس على الخير والمعرفة. مرة اخرى كانت رسالة امين معلوف واضحة وحاسمة. وهذا ما جعل المتحدثين عن رواياته يتحرون فيها الرسالة الاجتماعية والبعد الايديولوجي اكثر مما يبحثون عن الجانب الفني. وهو سوء تفاهم عززته رواية امين معلوف التالية "القرن الأول بعد بياتريس" التي جاءت اشبه برواية تنتمي الى عوالم الخيال العلمي، وتتحدث عن مستقبل غير منظور، وتنطلق من حيرة الشرق ازاء قضية المرأة، ومن حيرة المرأة ازاء شرقها القاهر.
صحيح أن "حدائق النور" و"القرن الأول بعد بياتريس" واصلا خط امين معلوف في المزج بين الشاعري والفكري، وبين مساءلة الحاضر ورسم ما هو خارجه تاريخياً او مستقبلياً، لكنهما لم تنالا النجاح الذي كان "ليون الافريقي" و"سمرقند" حققاه، لا من ناحية الاقبال الجماهيري، ولا من ناحية رد الفعل النقدي. لكن كتاب أمين معلوف الاخير "صخرة طانيوس" جاء ليعدل الميزان، ويربط هذا المؤلف بنجاحاته الأولى. فهذه الرواية الشيقة، التي تدور احداثها في قرية في اعالي الجبل اللبناني، احتلت منذ صدورها مكانة متقدمة في لوائح الكتب الاكثر مبيعاً في فرنسا، ونشرت مقالات مميزة عنها في كافة الصحف والمجلات الكبرى، ورشحت من فورها لجائزتين ادبيتين كبيرتين في فرنسا: جائزة "غونكور" العربي الوحيد الذي نالها حتى الآن هو الكاتب المغربي الطاهر بن جلون، وجائزة "انتر آليه".
في "صخرة طانيوس" يلجأ امين معلوف الى اسلوبه في تضافر الازمان، وتقديم الاحداث عبر وجهة نظر سلسلة من الرواة. وهو هذه المرة ايضاً يغرف من التاريخ، ويصل الى تاريخ لبنان بعد ان جال في كتبه الأولى على تواريخ عوالم الشرق والغرب القديمة، فرافق "ليون" من غرناطة الى روما مروراً بمصر وأفريقيا كلها، وتجول في اواسط آسيا مع عمر الخيام و"الحشاشين" ونظام الملك، وتوغل في ادغال العصور القديمة وحضارة ما بين النهرين في "حدائق النور"، وطار الى المستقبل البعيد مع "بياتريس". كل هذه الجولة قادته في نهاية الامر الى قرية صغيرة في الجبل اللبناني... لكنها قادته ايضاً الى عمله الاكثر روائية.
فرواية معلوف الجديدة تذكر بملامح من عالم الالباني اسماعيل كاداري وأسلوبه في تضافر الاحداث. انها تنتمي مباشرة الى تلك الروايات الشرقية والاميركية اللاتينية التي ازدهرت في الآونة الاخيرة وجعلت الانسان وتاريخه محوراً لها، في وقت بدا فيه الادب الاوروبي قد فقد روحه وشيأ كل شيء في العقود الاخيرة. من خلال وصف بسيط هادئ، عرف امين معلوف كيف يرسم سلسلة من الاحداث المتعاقبة، وكيف يرسم ملامح ووجوه ابطال تلك الاحداث، على خلفية ولادة لبنان قبل قرن ونصف القرن من الزمن، يوم كان هذا البلد الصغير يعيش في افق الحكم العثماني ويحاول المصريون استيعابه، وسط صراعات الانكليز والفرنسيين والروس على ارضه. على هذه الخلفية، يفصل امين معلوف مصائر شخصياته القروية ذات السمات الساذجة والطيبة، من الشيخ فرنسيس، الاقطاعي/الأب/الطاغية، الى بولس الى جريس الى جبرائيل، وخاصة الى لميا، تلك الجميلة التي تلد صغيرها طانيوس دون ان يعرف احد ما اذا كان الابن الشرعي لجريس، او الابن غير الشرعي للاقطاعي الشيخ فرنسيس. والحال ان ولادة طانيوس نفسها هي التي سوف تشعل المآسي المتعاقبة، المتمفصلة مع مآسي لبنان الذي وجد نفسه فجأة ومن دون اي استعداد، يعيش دوامة الصراعات الكبرى.
في نهاية روايته، يجعل امين معلوف بطله طانيوس يختفي هكذا دون ان يعرف احد الى اين ذهب، وتبقى منه حكايته التي يتناقلها اهل الضيعة، ولكن تبقى منه صخرة تحمل اسمه حتى اليوم. صخرة جلس امين معلوف عليها ذات يوم يتأمل البحر الواسع، وقرر ان يكتب رواية جديدة، هو الذي اعتاد منذ نحو عشرة اعوام على اصدار رواية جديدة كل عامين.
واليوم حين تجلس الى امين معلوف لتحدثه عن عمله، يصعب عليك انتزاعه من الهموم السياسية والحضارية التي تشغل باله، واستدراجه الى الحديث عن روايته كعمل فني. فأمين معلوف يرى، على الارجح، ان الاطار الفني ليس في نهاية الامر الا وسيلة لايصال الرسالة. انها رسالة التعايش والتسامح، اللذين يفتقر اليهما شرقنا، وربما العالم اجمع. كما بينت الاحداث الاخيرة، حاورنا أمين معلوف وكان أول سؤال حول المصدر الأساسي الذي املى عليه الرغبة في كتابه "صخرة طانيوس":
من أين اتت هذه الرواية؟ اعتقد من رغبتي في كتابة شيء عن لبنان، عن جو لبنان، وهي رغبة تساورني منذ زمن بعيد. بعد خمسة كتب لم اتعرض في اي منها مباشرة للمادة اللبنانية، اتصور ان رغبة حارة تملكتني، بشكل او بآخر. الحقيقة انني ترددت كثيراً قبل ان اختار المرحلة التي سأتحدث عنها، والشخصيات التي ستملأ الرواية. وفي نهاية الامر وجدت نفسي اعود الى مناخ القرية، المناخ الذي حدثت عنه كثيراً، من قبل اشخاص عديدين. وحسمت امري اخيراً فاتخذت كنقطة انطلاق، حادثة حقيقية وقعت في محيط عائلتنا...
في عائلتك نفسها؟
- تقريباً في عائلتنا. انها عبارة عن جريمة قتل حدثت اوائل القرن التاسع عشر، وفي قريتنا نفسها. طبعاً لست بحاجة لأن اقول لك ان اسم الضيعة الذي استخدمه في الرواية مستعار. فليس هناك في لبنان قرية اسمها كفربيدا. في الحقيقة ان المكان الذي تم فيه الاغتيال، تاريخياً، يقع بين كفرعقاب والمشرعة في منطقة المتن، قرب بسكنتا - صنين. وهو مكان اعرفه جيداً يقع بعد وادي الجماجم. المهم انه بين الحكاية كما حدثت في الواقع التاريخي، والشكل الروائي الذي اتخذته، هناك فارق كبير. الحادثة كانت بالنسبة لي مجرد نقطة انطلاق لا اكثر. فلا بطريرك الرواية هو البطريرك التاريخي، ولا القاتل هو القاتل الحقيقي.
حكاية هذه الجريمة، كما وصلتك هي اذاً ما حركك لكتابة الرواية؟
- ما حركني في الأساس هو حنين يتملكني لتاريخ لبناني معين. لمناخ معين. للبنان جبلي معين يتمتع بقدر معين من البساطة والسذاجة والطيبة. وأعتقد ان هذا الحنين هو العامل الأساسي الذي دفعني الى كتابة هذه الرواية.
انطلقت من حنين معين، وكانت هناك حكاية تاريخية وجدتها امامك، فامتزج حنينك بالحكاية. حسناً، هل يمكنك ان تحدد لنا بالضبط، اللحظة التي صار فيها هذا الحنين، لديك، رغبة ثم مشروع رواية؟
- الواقع انني منذ زمن بعيد بدأت افكر بكتابة شيء عن لبنان. لذلك رحت اراجع كتب التاريخ والدراسات، وأبحث بدقة ودأب. اما القرار النهائي الذي كتبت على اثره موجزاً اولياً لروايتي هذه، بما في ذلك حكاية لمياء، فاتخذته قبل عامين ونصف. طبعاً تغيرت امور كثيرة بعد ذلك. لكن الرؤيا العامة بقيت نفسها وتطورت التفاصيل بشكل منطقي متسلسل.
الحنين وتضافر الازمنة
يخيل لي انطلاقاً من هذا، ان رغبتك في كتابة "صخرة طانيوس" ولدت لديك مع التطورات التي احاطت بلبنان خلال وبعد مؤتمر الطائف، والاحلام التي رافقته في قيام لبنان جديد...
- لست ادري تماماً. ربما كان هذا صحيحاً، لكن لا اذكر اذا كانت ثمة علاقة بين تلك الظروف السياسية المباشرة، وظهور رغبتي في الكتابة عن لبنان.
ربما كان الرابط موجوداً في وعيك الباطني، لكن هذه حكاية اخرى. نأتي الى الرواية نفسها. فهي تقوم على ثلاثة ازمنة مختلفة: زمن الحادثة نفسها، وزمن الراوي الذي يقصها علينا، ثم زمن الكاتب الذي ينقل عن الراوي في عصرنا الحديث. هل لنا ان نعرف كيف اشتغلت تقنياً على الربط بين هذه الازمنة الثلاثة؟
- هناك ازمنة اخرى في الرواية...
صحيح، لكني اتحدث عن المحاور الرئيسية.
- لقد اتى الترابط بين هذه الأزمنة تلقائياً وعفوياً. وأرجو ان تلاحظ هنا ان الحادثة نفسها لم تقع في التاريخ الذي اعنيه في الرواية، بل قبل ذلك بسنوات عديدة. الحادثة الجريمة وقعت سنة 1812. لكنها في الرواية تقع في العام 1838. هناك ربع قرن يفرق بينهما. اتصور ان الفارق في الازمنة يعود الى اني اخترت زمن الرواية لأسباب تتعلق برغبتي في موضعة قصتي في اطار الجو العام الذي ساد لبنان والمنطقة في أربعينات القرن الفائت وحولها... وذلك للوصول الى معانٍ معينة تتعلق بتاريخ البلد. ففي ذلك الزمن بدأت الصراعات الكبرى المتعلقة بلبنان. وكنت راغباً في ان اتحدث عن تلك الصراعات وعما قبلها.
ماذا عن الفارق بين زمن الراوي وزمن الكاتب؟
- شعرت ان عليّ تفادي سرد الاحداث بشكل مباشر. فحتى الضيعة التي تخيلت فيها الاحداث جعلتها مزيجاً من ضيع عدة، فلم تعد هي هي ضيعتي نفسها. صحيح ان كل ما في الرواية مستوحى من امور حقيقية، ولكن ليس هناك اي شيء وصفته كما هو: الاشخاص، الاحداث. في الرواية احداث عديدة حصلت، ولكن في ازمنة اخرى ومع اشخاص آخرين، لكنني استعنت بها. خذ مثلاً حكاية الاضراب عن الطعام. هذه الحادثة حصلت حقاً ضمن عائلتنا وعاشها أبي نفسه وهو الذي نقلها الي. والحكاية تتعلق بقريب له قال له ابوه ان عليه ان يفعل شيئاً يطعمه خبزاً بدلاً من الذهاب الى المدرسة، فقال الفتى انه لا يريد ان يأكل خبزاً، وأضرب عن الطعام. هذه الحكاية التي عاشها ابي بنفسه ورواها لي اثرت فيّ كثيراً، وارتأيت ان ادمجها في احداث الرواية.
لقد اعطيتك هذه الحكاية مثلاً لأصل من خلالها الى مسألة الترابط الزمني بين زمن الراوي وزمن الكاتب. هذا الترابط الذي يتكون لدي من ستار رفيع وضعته بين الزمنين.
الأب رمز المجتمع التقليدي
في رواية "صخرة طانيوس" التي رأى فيها العديد من النقاد استعادة لحكاية دخول لبنان العصر الحديث، يقدم لنا معلوف عرضاً للوضع السياسي المحيط بلبنان، بدءاً من القرية وحاكمها المطلق الشيخ فرنسيس، وصولاً الى الباب العالي وصراعات الدول العظمى... وتبدأ الرواية بوصف دقيق ومدهش للشيخ فرنسيس، شيخ الضيعة، اذ يصوره بملامح الأب، الحنون والقاسي في آن، الذي يستغل رعاياه/ابناءه ويحميهم، يذلهم ويدافع عن كرامتهم. ونستعيد هنا دراسة المفكر هشام شرابي للبنية البطريركية في المجتمع العربي. وهذه الصورة للأب التي تستغرق صفحات من "صخرة طانيوس"، دفعتنا الى الخوض مع الكاتب في رؤيته لدور الأب وموقعه في مجتمعنا خاصة انه كمؤرخ وكصحافي يعتبر مراقباً دقيقاً للحياة الاجتماعية في لبنان والعالم العربي.
صورة الأب التي ترسمها بهذه الدقة في الرواية، هل تعتقدها صورة منتمية الى الماضي، ام انها لا تزال تشكل جزءاً من واقعنا... هذا الأب الذي يجمع الطغيان والطيبة في آن؟
- بالنسبة اليّ، صورة الأب هذه التي تتحدث عنها، هي صورة الماضي. وفي هذه النقطة بالذات يهمني ان اعبر عن امر مهم: هذه الصورة ترتبط بحنيني الى الماضي، الحنين الممتزج ببعض التحفظ. لدي حنين معين للماضي على علاّته. وربما لو كان عليّ ان اوجز ما يعنيه هذا الشيخ/الأب بالنسبة اليّ، سأقول انه يرمز الى علل الماضي. انه "كاريكاتور" المجتمع التقليدي، حسنات وسيئات المجتمع التقليدي في آن . هذا المجتمع الذي يدخل عليه العالم الحديث بشكل مباغت. فينتج عن هذا ان المجتمع يدخل في دوامة فيها صراعات ودم، ولا يعرف كيف سيخرج منها. على اي حال، اقول لك انني لم اضع شخصية الشيخ وصورته بقرار. بل جاء في الرواية من تلقائه، كنتاج لتركيبة المجتمع التي صنعته. لم اخطط له، بل ظهر كرمز للمجتمع القديم الذي لم ارغب - اصلاً - في تصويره وسط هالة من الصفات الحسنة. ففي كل الزمن لم تكن الامور كلها جميلة ومريحة. ولكني في الوقت نفسه اشعر انني احن اليه لمجرد ان ما جاء بعده كان اسوأ منه بكثير. وأصارحك هنا بأن هذه الشخصية سارت من تلقائها في قلب الرواية، وعندما راحت اهميتها تتزايد في النص، فهمت ما الذي جعلني اوجدها على هذه الصورة.
هل نفهم ان الأب/الشيخ كما صورته نابع عن حاجة عضوية، وان حضوره يستجيب لضرورة معينة، في الماضي كما في الحاضر؟
- لو شئت ان تتوغل في تفسير هذا الامر، ربما سأصارحك بأن شعوري الخاص في هذا الصدد هو ان المجتمع الذي يقف هذا "الأب" على رأسه، ينبغي ان يحل محله شيء آخر. ولكن ليس الشيء الذي حلّ محله عندنا بالفعل. لقد محونا شيئاً معيناً من تاريخنا كانت له حسناته وسيئاته، متذرعين بأطيب النوايا، لنحل محله، نموذجاً ينسجم تماماً مع ما هو مطلوب. ولئن كان في روايتي، بهذا المعنى، رسالة معينة، فلا اعتقد ان هذه الرسالة تتلخص في اعادة ذلك الاب بحسناته وسيئاته، ولكن بالتفكير الدقيق في ما حلّ بعده. انه لأمر مشروع بالطبع ان تكون هناك رغبة في ازاحة العالم القديم. وأنا شخصياً - ضمن اطار اتجاهي الطبيعي - احب ان اغير العالم القديم، ولكن، في الوقت نفسه، اشعر بالحاجة الى معرفة مسبقة لما سوف يحل مكان العالم القديم. ليس من المعقول ان نعذب وندمر ثلاثة او اربعة اجيال، ثم نكتشف في نهاية الامر، ان ما جعلناه محل القديم، لم يكن احسن منه بأي حال من الاحوال.
بعد كل ما حدث في لبنان. وبعد كل ما حدث في العالم، صار يخامرني الشعور بأننا ربما كنا دائماً بحاجة لازالة العالم القديم، ولكن شرط ان نضع مكانه ما هو افضل فالمهم ان نتقدم الى الامام، لا ان نحطم ما هو قائم وحسب.
الانا والتاريخ
منذ كتابه الأول "الحروب الصليبية كما ينظر اليها العرب"، حاول أمين معلوف وبنجاح ان يزاوج بين التاريخ والشكل السردي. فهو في "ليون الافريقي" يرسم لنا لوحة روائية لشخصية تاريخية عاشت بالفعل. في "سمرقند" ينسج علاقات متخيلة بين شخصيات عدة ليس من الضروري لها ان تكون التقت بالفعل تاريخياً عمر الخيام، الحسن البصري ونظام الملك. وفي "حدائق النور" يرسم صورة ساحرة لحياة وآلام "ماني" احد آلهة عصر ما قبل الاديان، في بلاد ما بين النهرين. بعد ذلك نجده يقفز مرة واحدة الى زمن مستقبلي غير محدد تماماً في روايته ما قبل الاخيرة "القرن الأول بعد بياتريس" ليقدم مرافعة فنية شفافة من اجل حرية المرأة. وهنا في روايته الجديدة "صخرة طانيوس" يعود قرابة القرن ونصف القرن الى الوراء لكي يقدم لنا صورة عن حياة الجبل اللبناني وتقلباته في ذلك العهد. عن هذا التوجه خضنا مع الكاتب:
في اربعة من كتبك، اشتغلت على احداث تنتمي الى الماضي. وتطرقت في رواية اخرى الى المستقبل اللامنظور مستعيضاً به عن الزمن الحاضر. لأنك تتفادى الراهن وتهرب للتعبير عنه الى أطر زمنية اخرى، مستعيراً عناصره الموازية. فهل انت انسان يعيش في ازمنة اخرى، لا في الزمن الحاضر؟
- الحقيقة انني اشعر دائماً باستحالة الكلام عن الزمن الذي اعيش فيه، بشكل مباشر. بل انني اقترب منه بشكل افضل وأهدأ حين اضع بيني وبينه مسافة. لكنني حين اكتب، كما لا يخفى عليك، ينتصب امامي شبح الزمن الراهن وتطغى الاوضاع القائمة على كل اهتماماتي. ولهذا تجدني لا اغضب كثيراً حيال ما يقوم به النقاد من اسباغ طابع تفسيري على رواياتي وعلى كتبي الاخرى، وهو ما قد تراه انت انتقاصاً من القيمة الروائية والفنية للعمل. فالحقيقة ان اهتماماتي الرئيسية تنصب بشكل دائم على سؤال يؤرقني وهو: اين نحن؟ والى اين ترانا ذاهبين؟ في اغلب الاحيان اروي وأنا استمد مواضيعي والحبكات من الماضي. مرة واحدة - قد اكررها فيما بعد - لجأت الى احتمالات وتصورات المستقبل. وانني لأشعر ان الاسلوب واحد في المرتين. فأنا حتى حين حكيت عن المستقبل وضعت شخصاً يروي الماضي، والماضي بالنسبة اليه هو المستقبل بالنسبة الينا.
يقودني هذا الى سؤال اود ان اطرحه عليك منذ زمن بعيد: أنت أين ومن في اعمالك؟ لا اتحدث هنا عن الراوي المباشر الذي يطالعنا في اغلب الاعمال، بل اتحدث عنك شخصياً، من الذي ينطق باسمك في نصوصك؟ في الرواية الاخيرة هل انت طانيوس، ام انت لمياء، ام انك البطريرك او الشيخ الأب؟
- أعتقد ان الروائي في مرحلة من عمله، يجب ان تكون له حصة في كل شخصية يرسمها، دون ان يكون هناك بالضرورة شخص واحد يتكلم باسمه. ليس لي مندوب شخصي في الرواية. اتصور ان كل الشخصيات التي ذكرتها تمثل بضعاً من امور اعيشها وأفكر فيها، فأنا، في نهاية الامر، انسان خلقت في لبنان وعشت المحنة اللبنانية، عشت صعوبة ان تكون لدي انتماءات مختلفة وأتصور انني في مرحلة معينة من حياتي كنت امام اختيار واضح، اختيار داخلي: اما ان انتمي الى فئة، او ان ارفض اي انتماء وأقول انني انتمي الى كل ما تربطني به علاقة عضوية، طائفياً كان ام غير طائفي. المهم ان انتمي الىها جميعاً، لأنها صنعت تاريخ لبنان وتاريخي الخاص. هناك مجموعة كبيرة من العوامل الحضارية والثقافية والدينية كونت هذا المجتمع. اشعر دائماً انني انتمي اليها جميعاً، حتى ولو جازفت بأن اكون ممزقاً بين شرق وغرب وشمال وجنوب. انا، على اي حال، في تكويني انتمي الى كل هذه العناصر، لذلك ارفض اي انتماء ضيق. وهذا امر اساسي لدي. الا ترى معي ان الانتماءات الضيقة قد كلفت العالم كثيراً وتكلفه اليوم اكثر؟ ترى الم يحن الوقت لكي يفهم المرء ان عليه ان يخرج من عقلية التقوقع والانتماء الضيق. انني اشعر ان كل فرد منا، كل انسان بالمطلق، هو نقطة التقاء بين لغات مختلفة وحضارات مختلفة وتواريخ مختلفة وأديان مختلفة، وان الفرد كلما تنوعت وتعددت انتماءاته كلما كان اكثر غنى وأكثر قدرة على العطاء. هذا هو اساس كل تفكيري وأساس كل كتاباتي. ويمكن لقارئي ان يجده موزعاً في صفحات كتبي وفي افكار شخصياتها.
اهتمامات مرحلية
هل يمكن ان نعود مرة اخرى الى مسألة التفسير السائد حالياً لروايتك، "صخرة طانيوس". فهناك من يرى ان الرواية تؤشر وربما بشكل مباشر الى مسألة ولادة لبنان من تاريخه في الماضي، وانك تربطها بولادته الجديدة اليوم. ترى ألا يزعجك ان نطاق اهتمامك، اي انتمائك قد ضاق مع مرور الوقت. ففي "الحروب الصليبية" كان اهتمامك مشرقياً - عربياً بصورة عامة. ثم في "سمرقند" اعطيت الكلام للمثقف الرافض للنظام القائم. اما في "بياتريس"، فتعلن انتماءك الى المرأة كفئة ضعيفة في المجتمع. هذه المرة يبدو انتماؤك محصوراً في ضيعة بالجبل اللبناني، انت الذي تتحدث عن الانتماء المفتوح. فكيف تفسر هذا التضاؤل؟ هل له علاقة بعامل السن، ام بتفاؤل ما بولادة لبنان جديد؟ ام ماذا؟
- ابداً. انا لا اتعامل مع هذا الموضوع من منطلق حجم المكان الذي يتم فيه الانتماء. ليس من الضروري ان يكون الحديث عن ضيعة اشارة الى ضيق الانتماء. فالمرء يمكنه ان يحكي عن اشياء محصورة ويعبر عن العالم كله. بين رواية وأخرى كنت اتنقل من قضية الى قضية حسب اهتماماتي المرحلية. ولكن من الواضح في نهاية الامر، انني في هذه المرحلة لديّ هاجس العودة بعض الشيء الى لبنان لكي اتحدث عن مناخاته. ولدي شعور بأن لبنان سيخرج اخيراً من ازمته. فتجربة لبنان، على الرغم من الازمة التي كبلته، هي تجربة رائعة ورائدة. الأساس في لبنان هو التعايش. نحن، صحيح، نعيش في عالم يتراجع فيه التعايش ومع ذلك ليس هناك بديل منه، وبالتالي اتصور انني ولو حكيت عن مجتمع قرية في لبنان، فان فكرة التعايش هي واحدة من اوسع وأنبل الافكار التي يمكن التعامل معها اليوم. وأنا عندي ايمان كبير بأن ثمة جديداً يولد في لبنان، وفي المنطقة حول لبنان. وهذا امر اساسي بالنسبة اليّ. وأساسي بالنسبة الى العالم. ففي اعتقادي ان دور منطقتنا في العالم دور اساسي جداً. ولا اقول هذا لأنني ابن المنطقة. بل لأن موقعها بين الشرق والغرب، مادياً ومعنوياً، موقع اساسي ومحوري. واذا كانت هناك منطقة في العالم بامكانها ان تجد حلولاً للصراعات المتفجرة، فان هذه المنطقة هي منطقتنا بالتحديد. وبامكانك القول انني كتبت الرواية الاخيرة من هذا المنطلق، معتمداً على احساسي بهذا الواقع قبل سنتين، وهو احساس زاد لدي في الآونة الاخيرة.
بين معلوف واسماعيل كاداري
في "صخرة طانيوس" يخامرنا الشعور، اكثر من اي وقت مضى، اننا امام عمل روائي حقيقي. فالروائي هنا له الحصة الكبرى، وهي تغلب على لمسات المؤرخ التي عهدناها في السابق...
- هذا هو شعوري ايضاً.
من هم الروائيون الذين تربطك بهم وشائج قربى؟ سبب طرح السؤال هو ملاحظتنا انك تقترب في الرواية الاخيرة من عوالم الالباني اسماعيل كاداري.
- لست أدري. أكيد هناك علاقة بأجواء كاداري. على اي حال لقد حدث لي ان التقيت به مصادفة، في اطار عمل مشترك، في اليوم نفسه، الذي اوصلت فيه مخطوطة "صخرة طانيوس" الى دار النشر، فسألني عما افعل حالياً، فأخبرته عن الرواية وموضوعها بشيء من التفصيل. فعلق على ذلك قائلاً اننا، في نهاية الامر ننتمي معاً الى العالم نفسه: العالم العثماني، وانه ربما كان لدينا معاً حنين معيّن لزمن مضى. هناك قرابة بيننا بالتأكيد. ولكن من الصعب بالنسبة اليّ ان اقول رأيي في هذا. ربما كان القارئ او الناقد اكثر قدرة مني على تلمس وشائج القربى اذا كانت هناك وشائج من هذا النوع. كاداري نفسه قال لي ان عوالم اليوغوسلافي اليفو اندريتش تنتمي ايضاً الى عالمنا المشترك.
اين اختفى طانيوس؟
"صخرة طانيوس" تنتهي بشكل مفاجئ، ولكن بشكل قطعي ومن دون نهاية واضحة، تماماً كما كان حكواتية المقاهي ينهون حكاياتهم، على امل استئنافها في اليوم التالي. كيف تفسر هذا القطع وهذه النهاية التي تطرح الاسئلة دون ان تقدم اية اجابة؟
- الفكرة الأساسية في الرواية، بالنسبة الي، هي حكاية هذا الشاب الذي يتابع الاحداث ويجد نفسه عاجزاً عن الاندماج في عالم الضيعة. فيجد نفسه مضطراً للخروج. وعندما يتخذ قراره بالهجرة لا يعود من المهم في نظري ان تعرف ما الذي سوف يؤول اليه مصيره. لا يهمنا الى اين ذهب وكيف ذهب. يهمنا قراره كرد على ما يحدث. النهاية هي خروجه من عالم الرواية، اختفاؤه. هذه هي فكرة الكتاب. حكاية الهجرة ما قبل الهجرة. فاذا كان عليّ ان اواصل سيكون من الضروري ان احكي قصة اخرى لا علاقة لها بالأولى...
معنى هذا ان الصفحة الاخيرة من الرواية على الاقل تحمل عنصراً ذاتياً...
- الصفحة الاخيرة... اجل، بالتأكيد.
مثلاً، هناك جواب على سؤالك الذاتي، انت امين معلوف، حول مصيرك وتركك للبلد ذات يوم؟
- اجل. في الصفحة الاخيرة حين يعتلي الراوي الصخرة التي ما كان له ان يعتليها وينظر امامه فيجد البحر كطريق متاح له. انها حال ذاتية في نهاية الامر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.