في خلال السنتين المقبلتين تدخل ثلاثة مصانع جديدة للادوية في السعودية مرحلة الانتاج الفعلي، لتنضم الى مجموعة من المصانع العاملة حالياً في سوق تقدر بحوالي 3 مليارات ريال سعودي 800 مليون دولار في الوقت الحاضر، ومرشحة للارتفاع الى ما يزيد عن 2،4 مليار ريال 120،1 مليار دولار في نهاية العقد الحالي. والمصانع الثلاثة التي بوشر انشاؤها، او هي قيد التأسيس يعود الأول منها الى مؤسسة الترجي على ان يبدأ الانتاج اعتباراً من العام المقبل بكلفة استثمارية قد تصل الى 150 مليون دولار، هي قيمة البناء والمنشآت المدنية في مدينة جدة، الى جانب التجهيزات التي سيتم استيرادها من الخارج. اما المصنع الثاني فيعود الى "شركة التنمية الصناعية" صدق بكلفة تبلغ 24 مليون ريال 4،6 مليون دولار، في حين ان المصنع الثالث، وقد يكون الاضخم في منطقة الخليج، هو المصنع الذي اتفقت "شركة التوريدات الصناعية السعودية مع شركة "غلاكسو" البريطانية العملاقة على اقامته، في اطار مشاريع التوازن الاقتصادي بين السعودية وبريطانيا برنامج اليمامة. اكتفاء وطني وطبقاً لتقديرات متطابقة، فان دخول المصانع الثلاثة الجديدة مرحلة الانتاج، الى جانب المصانع العاملة حالياً، من شأنه ان يساعد على زيادة الاكتفاء الوطني على صعيد صناعة الدواء، من خلال الانتاج المحلي للمزيد من الاصناف التي تحتاجها السوق، ويقدر ان يصل معدل الاكتفاء الوطني في خلال السنوات الثلاث المقبلة الى 50 في المئة، في مقابل 15 الى 30 في المئة في الوقت الحاضر. ومن المعروف ان المصانع السعودية، شأنها شأن معظم المصانع في الشرق الاوسط، تقوم بالانتاج وفقاً لصيغتين: الأولى الحصول على امتياز تعبئة وتوزيع اصناف معينة من قبل الشركة الاساس في الخارج، او السماح لها بانتاج بعض الادوية، على ان تتولى الشركة الاجنبية اعمال المراقبة الفنية بحيث تكون الادوية التي تطرح في السوق تحت اشرافها، وتتحمل مسؤولية توزيعها للمستهلكين. وطبقاً لتقديرات مختلفة، فان حجم الاستثمارات السعودية في قطاع الادوية يصل حالياً الى حوالي 750 مليون ريال 200 مليون دولار الا ان من المقدر ان يتضاعف في خلال سنتين، مع المباشرة بتنفيذ المشاريع الجديدة المقررة وينظر الى هذه الاستثمارات على انها تستهدف تلبية السوق المحلية من جهة، اضافة الى فرص التوسع المتوافرة في اسواق دول الخليج الاخرى، وفي الشرق الاوسط وأفريقيا بحيث تكون قادرة فعلاً على دخول مستويات الانتاج بمعدلات متوسطة وكبيرة من شأنها ان تخفض من الكلفة، وتزيد من القدرة على المنافسة. مواصفات عالية وتتميز الصناعات السعودية بشكل عام، وصناعة الادوية بشكل خاص، بالمواصفات العالية التي تفرضها الحكومة كشرط للسماح بتداولها في السوق المحلية، الامر الذي يساعد على اكسابها مزيداً من الاحترام في الاسواق الخارجية. وبالفعل باشرت الشركات العاملة حالياً فتح فروع لها في معظم دول الخليج العربي، كما توصل معظمها الى عقود مع شركات توزيع في دول اخرى، مثل الاردن ولبنان والسودان، لبيع الاصناف التي تنتجها. ويسود اعتقاد قوي بأن قطاع صناعة الادوية في السعودية مرشح لتحقيق توسع ملحوظ في الاسواق الخارجية نظراً الى امكاناته الانتاجية الواسعة وامتيازات الانتاج والتوزيع التي يحصل عليها من الشركات في الأساس. ويقول السعوديون ان تطوير قدراتهم التصنيعية في مجال صناعة الدواء يجب الا يعني ان السوق السعودية ستقفل في وجه الشركات او المصانع الاجنبية، اذ من غير المقدر ان يتم انتاج كامل الاصناف محلياً، اضافة الى حاجة السوق السعودية للاصناف التي يتم اكتشافها بصورة مستمرة من قبل الشركات العاملة في مجال الابحاث الدوائية. ومن المعروف ان معظم الشركات العالمية الكبرى تخصص اعتمادات سنوية ضخمة لاغراض البحث والتطوير، خصوصاً بالنسبة الى الامراض الصعبة، الامر الذي يدفع الى استمرار ضرورة التعامل معها لاعتبارات طبية وانسانية، وحتى تجارية اذ تتميز السوق السعودية بضعف الاتجاه الى فرض قيود على الواردات والصادرات، وباستثناء القيود المفروضة لاعتبارات فنية تتعلق بالمواصفات المطلوبة، خصوصاً لناحية الشروط الفنية اللازمة. ويجمع عاملون في صناعة الادوية السعودية على ان هذه الصناعة لا زالت في مراحلها التطويرية وهي تعتمد بصورة رئيسية على العقود وامتيازات الانتاج التي تحصل عليها من الخارج، اضافة الى استمرار حاجتها الى التعامل مع المصانع العالمية التي تنتج الخامات الدوائية لتوفير المواد الاولية. ومن المعروف ان معظم شركات الادوية في الشرق الاوسط لا زالت تعتمد على الخامات المستوردة من الخارج نظراً الى الدقة والخبرة في تصنيعها، الى جانب التجارب والتحاليل التي تقوم بها المصانع العالمية. الشركات العالمية والاكتشافات ويقول الدكتور عبدالله عبدالعزيز العبد القادر، مدير عام شركة "الدوائية" السعودية المتخصصة في انتاج مجموعات من الادوية منذ العام 1986، ان القطاع الدوائي السعودي يسعى الى تحقيق التكامل والاكتفاء الذاتي، الا ان ذلك يجب ان يعني ان "الباب سيظل مفتوحاً" امام الشركات العالمية لتغطية الادوية والاصناف المكتشفة حديثاً والتي احتاجت الى انفاق ملايين الدولارات، وربما الى عشرات السنوات للتوصل الى انتاجها واجراء الاختبارات اللازمة عليها. ويعتبر المستثمرون في الصناعة الدوائية السعودية ان الامكانات المتوافرة لديهم ستؤهلهم لدخول كامل اسواق الشرق الاوسط، نظراً الى الامكانات التقنية والمالية والتسهيلات التي يحصل عليها الصانع السعودي. وطبقاً لتقديرات متطابقة، فان حجم سوق الادوية في الدول العربية تصل حالياً الى 3،3 مليار دولار، اي ما يمثل 8،1 في المئة فقط من مجمل الاستهلاك العالمي. الا ان هذه السوق مرشحة للارتفاع الى 1،9 مليار دولار في نهاية العقد الحالي، الامر الذي يعني ان ثمة حاجة واسعة لاقامة المزيد من المصانع المتطورة لتلبية الاحتياجات الوطنية، بحدها الادنى. وتقول احصاءات اعدتها منظمة الصحة العالمية، ان تغطية 50 في المئة من احتياجات العالم العربي من الدواء في العام 2000 يفترض اقامة 107 مصانع جديدة للأدوية، من بينها 20 مصنعاً لانتاج الخامات الدوائية ومستحضرات التعبئة والتغليف على ان يتوزع العدد الباقي على انتاج الاصناف الدوائية بأشكالها المختلفة.