على رغم الدراسات المكثفة التي تجرى حالياً لتجربة أكثر من عشرين نوعاً من اللقاحات المهندسة وراثياً ضد فيروس الايدز، وعلى رغم النتائج المشجعة التي حققتها تجارب الدكتور ديفيد شوارتز وفريقه في مركز أبحاث المناعة التابع لجامعة جون هوبكنز في مدينة بالتيمور الأميركية، ونجاح لقاح "GP-120" المكوّن من أحد البروتينات الموجودة في غلاف فيروس الايدز الخارجي بانتاج أجسام مضادة قادرة على قتل الخلايا الفيروسية، ومنعها من التكاثر داخل جسم الانسان والحيوان، فإن ايجاد لقاح فعّال يوفر الحصانة التامة ضد هذا الوباء القاتل ما زال أمراً بعيد المنال قد لا يتحقق خلال العقد الزمني الحالي. ونظراً الى أن معظم الأدوية المتوافرة حالياً لعلاج مرضى الايدز، وفي طليعتها دواء "AZT"، هي أدوية كيماوية محدودة الفاعلية تسبب أعراضاً ومضاعفات صحية جانبية تضر مرضى الايدز على المدى البعيد، يقوم العلماء بالبحث عن مصادر دوائية وعلاجية طبيعية تقاوم فيروس الايدز وتوقف تكاثره وتمنعه من القضاء على الخلايا المناعية للانسان، دون أن تسبب مشاكل ومضاعفات صحية غير مرغوب فيها. نبتة استرالية من بين سبعة آلاف وقد نجح باحثون أميركيون من المعهد القومي للسرطان في تبيسدا بولاية مريلاند في إيقاف توالد فيروس الايدز وفي منعه من قتل بعض الخلايا المناعية البشرية داخل أنابيب الاختبار، مستخدمين مادة كيماوية قلوانية طبيعية تدعى "Naphthoquinone" استخرجوها من نبتة خشبية استرالية تابعة لفصيلة "Conospermum"، وهي من النباتات المنتشرة غرب استراليا. وتقدم المعهد القومي للسرطان بطلب لتسجيل براءة هذا الاكتشاف تحت اسم "كونوكيورفون" "Conocurvone". ولا يعرف العلماء حتى الآن الطريقة التي تعمل بها هذه المادة إلا أنهم يعتقدون بأنها تعمل بأسلوب يختلف عن دواء "AZT" المستخدم حالياً في علاج مرضى الايدز. ولا يخفي الدكتور دوايت كوفمان، المدير المساعد لقسم معالجة السرطان في المعهد القومي، سعادته واعجابه بمادة كونوكيورفون التي يعتبرها من الاكتشافات العظيمة الاثارة في حقل العلاج الطبيعي لمرض الايدز. وتجدر الاشارة الى أن نبتة "Conospermum" هي الرابعة التي تنجح ضد فيروس الايدز من أصل 7000 نوع من النباتات تم فحصها وتجربتها في المعهد القومي للسرطان حتى الآن. ونبتة من الكاميرون من جهة أخرى يخشى الباحثون والمسؤولون في الولاياتالمتحدةواستراليا من أن تؤدي التقارير الواردة عن نجاح هذه النبتة في وقف توالد فيروس الايدز، داخل أنابيب الاختبار، الى اندفاع مرضى الايدز اليائسين وأصحاب المصلحة المادية الى قطع تلك النباتات واستخدامها، قبل أن تتمكن الجهات العلمية المختصة من تجربتها ودراسة فعاليتها ضد فيروس الايدز عند الحيوانات والبشر. وما يزيد قلق المسؤولين هو ان المادة الكيماوية التي تم اكتشافها داخل تلك النباتات شديدة السمومة للانسان. وكان باحثون من المعهد القومي للسرطان تمكنوا سابقاً من عزل مادة كيماوية قلوانية طبيعية أخرى أسموها "Michellamine B" من أوراق كروم خشبية نادرة من فصيلة "Ancistrocladus" الموجودة في الكاميرون ونجحوا في استخدامها لمنع فيروس الايدز "HIV" من قتل الخلايا المناعية البشرية داخل أنابيب الاختبار. وتجرى بعض التجارب حالياً لدراسة فاعلية هذه النباتات على الكلاب والفئران، وإذا نجح المركب الكيماوي الذي تحويه في اجتياز امتحان عدم التسميم، وتم تحديد الجرعة المناسبة فإن المعهد القومي للسرطان سيقوم بتجربته على الانسان خلال سنتين. وتختلف هذه النباتات عن تلك الموجودة في استراليا في أنها نادرة ولا يوجد منها الكثير، على عكس النبتة الاسترالية الواسعة الانتشار. وشجرة ماليزية من النباتات الأخرى التي اكتشفها الباحثون في المعهد القومي أيضاً، والتي نجحت في مقاومة فيروس الايدز، شجرة تنمو في مقاطعة ساراواك في ماليزيا، وشجيرات شديدة الخضار تنمو في بلاد الساموا. ويأمل العلماء في التوصل الى نتائج ايجابية تمكنهم من ايجاد دواء أو أدوية طبيعية لمقاومة فيروس الايدز دون الخوف من المضاعفات الصحية التي يمكن أن تسببها الأدوية المصنّعة كيماوياً. وتعهدت السلطات الأميركية بصورة غير مباشرة، ممثلة بالمعهد القومي للسرطان، بمكافأة الدول التي زودتها بالنباتات الواعدة، على الرغم من أن الحكومة الأميركية رفضت توقيع اتفاقية التنويع البيولوجي الحيوي التي أبرمت في المؤتمر العالمي للبيئة الذي عقد في البرازيل في حزيران يونيو 1992.