على رغم نفي حكومة اسحق رابين، وكذلك الجهات السورية الرسمية، معلومات صحافية اسرائيلية عن وجود اتصالات سرية سورية - اسرائيلية، فقد طلب 3 نواب اسرائيليين هم بنيامين نتنياهو من تكتل الليكود وافيغادور كهلاني من حزب العمل ويوسي بيليد من حزب "تسومت"، عقد جلسة طارئة للجنة الشؤون الخارجية والأمن التابعة للكنيست من أجل بحث هذه الاتصالات واستجواب رابين حول حقيقة مضمونها وأهدافها. وكان مسؤول حكومي اسرائيلي رفيع المستوى ذكر لمجلة "جيروزاليم ريبورت" حدوث الاتصالات السورية - الاسرائيلية لكنه رفض وصفها بمفاوضات سلام رسمية. وذكر ان السوريين حاولوا خلال هذه الاتصالات الاتفاق مع الاسرائيليين على صيغة كفيلة باحداث تقدم عملي وملموس على المفاوضات الرسمية في واشنطن، وطالبوا بالحصول على ضمانات اسرائيلية بأنه في حال موافقة سورية على تلبية طلب اسرائيل بتطبيق السلام الكامل بين البلدين فان الحكومة الاسرائيلية ستعترف بالسيادة السورية على هضبة الجولان. وقال المسؤول الاسرائيلي ان المفاوضات بين اسرائيل وسورية قطعت مراحل مهمة تتجاوز التصريحات العلنية الصادرة عن اعضاء الوفدين الاسرائيلي والسوري حول المدى الذي وصلت اليه هذه المفاوضات، الامر الذي يتطابق مع مضمون تقرير اعده ثلاثة من اعضاء مجلس الشيوخ الاميركي، ينتمون الى الحزب الديموقراطي، هم كوريل بورين وكليبورن بيل وكارل ليفين، اثر زيارة قاموا بها لدمشق في كانون الأول ديسمبر الماضي واجتمعوا خلالها مع نائب الرئيس السوري عبدالحليم خدام ووزير الخارجية فاروق الشرع. ويشير التقرير الى ان خدام اكد امام الشيوخ الاميركيين ان اسرائيل وسورية توصلتا الى مرحلة تمكنهما من انجاز سلام شامل والاتفاق على ترتيبات امنية متبادلة. ويفيد التقرير ان خدام والشرع مارسا جهوداً هائلة لاقناع الشيوخ الاميركيين برغبة سورية في التوصل الى سلام مع اسرائيل، وأكدا استعداد سورية للمضي في مسيرة المفاوضات "نظراً الى ان فشل هذه المفاوضات سيجلب كارثة حقيقية للمنطقة". ورداً على سؤال حول مفهوم سورية للسلام مع اسرائيل أجاب خدام ان بامكان سورية واسرائيل الاتفاق على عناصر السلام بينهما بشرط اعلان اسرائيل أولاً عن استعدادها للانسحاب الكامل من الجولان. وانتقد امتناع اسرائيل عن تحديد النتيجة النهائية التي ترغب في التوصل اليها من وراء هذه المفاوضات. وفي ضوء هذا التقرير فان تصريحات رابين الاخيرة حول استعداد اسرائيل لانسحاب عسكري في الجولان وليس من الجولان من شأنها ان تساهم في تعزيز امكانيات التوصل الى حل مع سورية، اذ انها تلبي جانباً من الشرط الذي تطرحه سورية مقابل تعهدها بتطبيق الاتفاق السلمي مع اسرائيل. وعلى رغم امتناع رابين عن الاشارة الى انسحاب اسرائيلي كامل من الجولان ورفضه نزع المستوطنات الاسرائيلية، الا ان المراقبين لتطورات الاتصالات الاسرائيلية - السورية يعتقدون ان رئيس الحكومة الاسرائيلية يريد الاحتفاظ ببعض الاوراق من اجل المساومة عليها في مرحلة لاحقة، بهدف انتزاع تنازلات سورية، وبالتحديد في مجالي الترتيبات الامنية ومصادر المياه. وكانت صحيفة "معاريف" الاسرائيلية نقلت عن مسؤول حكومي مقرب من رابين انه لاحظ خلال الفترة الاخيرة ان انقلاباً طرأ على نظرة رابين الى المسيرة السلمية، فقد بات يكرس اهمية ثانوية للمفاوضات مع الفلسطينيين نتيجة "شعوره باليأس" من امكانية التوصل الى حل معهم، بينما "يؤمن بصدق وعن قناعة تامة بامكانية التفاوض مع الرئيس السوري حافظ الأسد" حول الحل السلمي، ويعتبر السنة الحالية بمثابة فرصة حقيقية للتوصل الى هذا الحل. الامر الذي يحوز على موافقة رئيس الوفد الاسرائيلي الى المفاوضات مع سورية ايتمار رابينوفيتش الذي يحدد كانون الأول ديسمبر المقبل موعداً لهذا الحل. ولكن حتى في حال صحة توقعات رابين بالتوصل الى اتفاق سلمي مع سورية خلال السنة الحالية، الا ان العقبة الرئيسية التي ستواجهه ستتمثل بضرورة تأييد غالبية اعضاء الكنيست لهذا الاتفاق. ويذكر ان اتفاق كامب ديفيد فاز بتأييد غالبية اعضاء الكنيست لدى التصويت عليه للمرة الاولى عام 1979 بفضل وقوف حزب العمل المعارض آنذاك الى جانبه، بينما عارضه اعضاء في تكتل ليكود الحاكم آنذاك، بينهم اسحق شامير وموشي ارينز وفي ما يخص الاتفاق السلمي مع سورية فان نظرة الاحزاب الاسرائيلية الى مصير الجولان تختلف عن نظرتها الى مصير سيناء. اذ ان معارضة الانسحاب من الجولان لا تقتصر على تكتل الليكود والاحزاب اليمينية المتشددة والدينية وإنما تمتد ايضاً الى حزب العمل الذي ينتمي عدد من أعضائه الى "لوبي الجولان" في الكنيست، المناهض لأي انسحاب من الجولان.