محافظ الطائف يقف على فرضية الدفاع المدني    الأمير سعود بن نهار يطلق بطولة كأس الطائف للصقور للعام 2025    قواعد محددة لأزياء رواد المطاعم الفاخرة    شات «DeepSeek» الصيني يهز عرش «إنفيديا».. ويقلق التكنولوجيا الأمريكية    الهلال ينهي تعاقده مع نيمار بالتراضي    نائب وزير الدفاع يرعى تخريج الدفعة 105 من طلبة الكلية الجوية    الصحف الإيطالية: الخيمة السعودية إرث جمع حضارات آلاف السنين    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على تباين    انطلاق مناورات تمرين "رماح النصر 2025" في مركز الحرب الجوي    أمير القصيم يبارك الوصول ل 5 ملايين شجرة ضمن مبادرة "أرض القصيم خضراء"    عيون «العقيد» على شباك الأهلي    شباك الفتح تقود «الدون» للهدف 920    محرز يسجل رقماً تاريخياً مع الأهلي    العدالة يواجه الفيصلي.. الجبلين يلاقي أحد.. وأبها مع العربي    برعاية خادم الحرمين.. انطلاق أعمال المؤتمر العالمي عن تاريخ الملك عبدالعزيز    مصرع 3 من أباطرة المخدرات في مصر وبحوزتهم 58 كيلوغراماً ب 10 ملايين جنيه    مختص في «الموارد» ل «عكاظ»: لا نِسب إلزامية لتقييم الأداء في نظام العمل    أمير المدينة المنورة يرعى حفل إطلاق مشروع درب الهجرة النبوية وتجربة «على خُطاه»    أمير المدينة يرعى حفل إطلاق مشروع درب الهجرة النبوية وتجربة "على خطاه"    أجمل رحلات العمر    لغز «كورونا» يعود.. هل خُدع العالم بوباء مصنوع ؟    أيهما أفضل الشيك الذهبي أم البقاء على رأس العمل؟    3 آلاف استفادوا من مركز تمكين المرأة بغرفة الشرقية    603 جولات لضمان الإستثمار الأمثل للمواقع التعدينية    مناقشة وزير تحت قبة «الشورى» !    نائب وزير الدفاع يرعى تخريج كلية الملك فيصل الجوية    " النصر أولوياته متباينة"    في الجولة 17 من دوري" روشن".. ضمك يصعق الاتحاد في الوقت بدل الضائع    في الجولة ال 19 من دوري يلو.. العدالة يواجه الفيصلي.. والجبلين يصطدم ب« أحد»    محافظ الخرج يشيد بجهود «رفادة» الصحية    المخيم الملكي والصورة الأجمل    السلوكيات الخاطئة    مملكة الإنسانية تواصل مساعداتها للشعوب الشقيقة    الإسعاف الجوي بالقصيم يباشر حادث انقلاب مركبة بعنيزة في زمن قياسي    أحفاد أنشتاين في شوارعنا!    وسائل "التباعد" الاجتماعي    إطلاق المرحلة الثانية لتوثيق مواقع التراث المغمور بالمياه    رئيسة وزراء إيطاليا تزور منطقة الحِجِر والمعالم التاريخية والأثرية في العُلا    "الدارة" تدشّن فعاليات مختبر التاريخ الوطني    جائزة عادلة وتمكين أطفال السرطان    لوم ليس له معنى !    منظمة التعاون تدعم صمود الفلسطينيين وترفض التهجير القسري    الدفاتر    ترمب: حظر خدمة المتحولين جنسياً بالجيش.. وإعادة الرافضين للقاح «كوفيد»    نائب أمير الشرقية يستعرض أنشطة الأمر بالمعروف    "فتح" ترفض تهجير الفلسطينيين    المشهد القادم أكثر لطفا !..    المسامحة بلا حدود    اكتشاف علمي جديد لتنظيم السكر وإنقاص الوزن    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالسويدي يُنقذ عشرينياً من تبعات حادث مروري مروع    مكتب وزارة البيئة بالزلفي.. محاضرة عن أضرار المخدرات وسبل الوقاية منها    نائب أمير مكة يستقبل المعزين في وفاة الأمير عبدالعزيز بن مشعل    اكتمال الاستعدادات لبطولة كأس الطائف للصقور للعام 2025 في نسخته الأولى    جامعة أمِّ القُرى تطلق الأسبوع الإعلامي في نسخته الثانية    كيف يعشق الرجال المرأة.. وكيف تأسر المرأة الرجل؟    شرطة النعيرية تباشر واقعة شخص حاول إيذاء نفسه    السعودية باختصار    ولاء بالمحبة والإيلاف!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"عملية مراقبة الجنوب" تفتح حواراً اميركياً - ايرانياً . "مشروع رفسنجاني" للعراق
نشر في الحياة يوم 07 - 09 - 1992

"عملية مراقبة الجنوب" التي بدأت في العراق بقيادة دول التحالف الثلاث، الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، ستمهد لاستئناف الحوار الاميركي - الايراني، بصورة سرية في البداية وعلنية في مرحلة لاحقة، ولقيام "علاقة جديدة" بين واشنطن وطهران.
هذا هو، وفقاً لما كشفته لپ"الوسط" مصادر ديبلوماسية اميركية وفرنسية وثيقة الاطلاع، "الوجه الآخر" للعملية الجديدة التي بدأت نهاية الشهر الماضي بقيادة دول التحالف الثلاث والمتمثلة باعتبار جنوب العراق منطقة محظورة على الطائرات العراقية، والهادفة الى حماية الشيعة في هذه المنطقة من أية هجمات او اعمال قمع يمارسها نظام الرئيس صدام حسين ضدهم، كخطوة جدية نحو تقليص واضعاف سلطة النظام واسقاطه في مرحلة لاحقة. وفي هذا النطاق اكدت صحيفة "واشنطن بوست" الاميركية الواسعة الاطلاع المعلومات التي نشرتها "الوسط" في العدد السابق الرقم 31 اذ قالت ان "عملية مراقبة الجنوب" هي "المرحلة الاولى" من حملة ضغوط على صدام حسين وان الادارة الاميركية ترغب في "تشجيع عسكريين عراقيين على القيام بانقلاب" على صدام نتيجة هذه العملية. وكانت "الوسط" ذكرت في مقال يحمل عنوان "الآن جاء دور تحرير العراق" نشر في العدد الرقم 31 ان "الهدف الحقيقي لعملية الجنوب هو ايجاد ديناميكية جديدة لاسقاط صدام حسين بسرعة" وان دول التحالف "تراهن على حدوث انقلاب عسكري" على صدام، وان العملية الجديدة تشكل "عنصراً ضاغطاً كبيراً لتحقيق انفجار داخل النظام نفسه".
واللافت للانتباه ان عملية الجنوب لم تحرك "مشاعر عربية كبرى"، وبدا كأن هناك "لا مبالاة" عربية، شعبية ورسمية، وحتى من جانب الدول او الجهات التي تعاطفت مع صدام خلال ازمة احتلال الكويت او عارضت استخدام القوة لانهاء الاحتلال، تجاه ما يجري في العراق حالياً وما يمكن ان تسفر عنه هذه العملية من نتائج. و"العبارة السحرية" التي يتمسك بها الجميع في العالم العربي اليوم، سواء في الدول المؤيدة لعملية الجنوب او المتحفظة عليها، هي "التحذير من تقسيم العراق" وقيام "دويلات طائفية على اراضيه" مما يؤدي الى الاخلال بتوازن القوى في المنطقة. وقد اظهرت "عملية الجنوب"، ربما اكثر من اية عملية اخرى، ان "المتعاطفين" ضمناً او علناً مع صدام حسين، إبان أزمة احتلال الكويت، اصبحوا اليوم يعتبرون الرئيس العراقي شاهداً حياً على تجربة مريرة يريدون نسيانها، وعلى مغامرة بالغة الخطورة اضعفت العرب عموماً. ولكل من هؤلاء اولويات وهموم وهواجس اليوم تجعلهم يبتعدون عن صدام حسين وما يمكن ان تسفر عنه "عملية الجنوب" من نتائج على صعيد مصير النظام الحالي.
ايران شيء آخر. انها الغائبة - الحاضرة في "عملية مراقبة الجنوب".
فايران مستبعدة من هذه العملية، ودول التحالف الثلاث لم تلحظ لها اي دور فيها. وقد تم التخطيط للعملية من دون التشاور المسبق مع القيادة الايرانية او الاستعانة برأيها، في حين حرصت دول التحالف الثلاث على الاخذ بآراء دول عربية بارزة.
واكتفى المسؤولون الغربيون عن هذه العملية بابلاغ طهران بالامر بعد التفاهم التام عليها مع الاطراف الاخرى المعنية مباشرة بها.
لكن ايران، في رأي قيادتها، لا بد ان تكون "حاضرة" في هذه العملية ولا بد ان يكون لها "دور ما" فيها. فالرئيس الايراني حجة الاسلام علي اكبر هاشمي رفسنجاني وسواه من المسؤولين الايرانيين يعتبرون ان بلادهم "معنية مباشرة بما يجري في الجارة العراق، خصوصاً في الجنوب العراقي حيث تعيش اغلبية شيعية". رفسنجاني، وفقاً لما يقوله عدد من الخبراء الفرنسيين والبريطانيين المتخصصين في الشؤون الايرانية، يعتبر "ان دور ايران في العراق شبيه بدور سورية في لبنان" اي انه يرى ان "لايران مصالح حيوية ومشروعة في العراق، تماماً كما لسورية مصالح حيوية ومشروعة في لبنان. وقد اعترفت الدول الكبرى بهذه المصالح السورية في لبنان فلماذا لا تعترف بالمصالح الايرانية في العراق؟". هكذا يفكر رفسنجاني. لكن الرئيس الايراني، وفقاً لهؤلاء الخبراء الذين يقيم بعضهم علاقات مع مستشاري رفسنجاني، لا يذهب الى حد اعتبار "ان العراقيين والايرانيين شعب واحد في بلدين"، كما يقول الرئيس حافظ الاسد وكبار المسؤولين السوريين عن اللبنانيين والسوريين، لكنه يعتبر ان "مصالح ايران الحيوية والامنية" تتأثر "مباشرة" بأية ترتيبات او اجراءات او خطوات تتخذ في العراق.
هذا الوضع يدفع الى طرح التساؤلات الآتية: ماذا سيفعل رفسنجاني، بل ماذا يمكنه ان يفعل، لفرض "الحضور الايراني" في العراق؟ كيف ستتعامل ايران مع "عملية مراقبة الجنوب" والخطوات الناتجة عنها؟ هل لا تزال القيادة الايرانية تحلم، فعلاً، باقامة "جمهورية اسلامية" في العراق مشابهة لتلك القائمة في ايران؟ هل ستكون "عملية الجنوب" منطلقاً لمواجهة جديدة، سياسية وغير سياسية، بين ايران والدول الغربية الثلاث، اميركا وبريطانيا وفرنسا، ام ستكون، على العكس، منطلقاً لعلاقة جديدة مع هذه الدول؟ وفي المقابل، هل تنوي دول التحالف الثلاث الاعتراف بأن لايران "مصالح حيوية ومشروعة في العراق"؟ وهل ستنطلق من عملية الجنوب للدخول في مواجهة جديدة مع طهران ام انها ستسعى الى اقامة "علاقة سلمية جديدة" مع القيادة الايرانية؟
ترحيب وانزعاج ايراني
كيف تنظر القيادة الايرانية، فعلاً، الى "عملية مراقبة الجنوب"؟ موقف القيادة الايرانية من هذه العملية هو مزيج من التأييد والانزعاج.
والواقع ان القيادة الايرانية لا تستطيع معارضة عملية الجنوب ولا يمكنها الا ان تساندها، ضمناً او علناً، بصورة مباشرة او غير مباشرة، وذلك لسبب اساسي هو ان ايران لا يمكنها الوقوف ضد قرار تتخذه الدول الكبرى ويهدف الى "حماية شيعة العراق" واضعاف واسقاط نظام صدام حسين. ولا بد، هنا، من العودة قليلاً الى الوراء. ففي نيسان ابريل 1991 ابلغت القيادة الايرانية جهات غربية عدة، على رأسها فرنسا، "عتبها الشديد على الرئيس بوش واستياءها البالغ منه" لأنه شجع الشيعة والاكراد على التحرك لاسقاط صدام حسين، لكن حين حدثت الانتفاضة الشعبية في الجنوب تركت الولايات المتحدة المجال لقوات صدام حسين لقمع هذه الانتفاضة بالقوة المسلحة مما ادى الى وقوع آلاف عدة من القتلى والجرحى وإحداث دمار كبير في مدن وقرى الجنوب. واليوم حين تتحرك اميركا مع فرنسا وبريطانيا "لحماية" اهل الجنوب، لا تستطيع القيادة الايرانية الوقوف ضد هذه العملية. وكان لافتاً للانتباه في هذا المجال ان السيد محمد باقر الحكيم رئيس "المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق" - الذي يتخذ طهران مقراً له - بعث برسالة الى عدد من الدول العربية الاسبوع الماضي انتقد فيها ما سماه "الموقف المعادي والمتسرع لبعض الدول العربية" التي اعربت عن "قلقها ازاء احتمالات تقسيم العراق" نتيجة عملية الجنوب. وأكد الحكيم في رسالته هذه: "ان اياً من مجموعات المعارضة في الشمال او الوسط او الجنوب لا يفكر في تقسيم البلاد، وان النظام العراقي يلوّح بتقسيم العراق لاثارة مخاوف بلدان المنطقة" من عملية الجنوب.
لكن القيادة الايرانية منزعجة، في الوقت نفسه، من "عملية مراقبة الجنوب"، وذلك للاسباب الرئيسية الآتية:
1 - تفضل القيادة الايرانية ان تكون هي التي تحمي شيعة العراق بدلاً من ان تلعب هذا الدور دول اخرى.
2 - عملية الجنوب تفضح، ضمناً، عجز ايران عن حماية شيعة العراق كما تتمنى وعدم مقدرتها على ممارسة "دور مؤثر" في بلد كالعراق تعتبره "اساسياً وحيوياً" لها. ولا بد، ايضاً، من العودة الى الوراء. فحين حدثت انتفاضة اهل الجنوب ضد صدام في آذار مارس 1991 بعد وقف اطلاق النار في حرب الخليج، ورد الرئيس العراقي عليها بالقوة، ابلغ المسؤولون الايرانيون جهات دولية عدة آنذاك: "لن نقف مكتوفي الايدي ازاء عمليات قمع الشيعة في العراق". واعتبر البعض، آنذاك، ان هذا التحذير يمهد لتدخل ايراني مباشر يتخذ شكل ارسال قوات ايرانية او مقاتلين ايرانيين الى العراق للقتال الى جانب الشيعة. لكن ما حدث، في الواقع، هو ان القيادة الايرانية امتنعت عن ارسال قوات ايرانية الى العراق او التدخل مباشرة وبقوة في القتال واكتفت بارسال اسلحة الى المقاتلين العراقيين ضد صدام وبفتح 8 معسكرات لتدريب المتطوعين على الحدود الايرانية - العراقية و"شجعت" آلافاً عدة من الجنود الاسرى العراقيين ايام الحرب العراقية - الايرانية على الانضمام الى مقاتلي الجنوب. وكانت النتيجة ان تمكن صدام من قمع الانتفاضة ووضع حد لها بالقوة. وأكدت مصادر اميركية وفرنسية مسؤولة لپ"الوسط" ان الرئيس الايراني رفسنجاني لم يتدخل مباشرة في العراق آنذاك "لأن القيادة الايرانية تلقت انذاراً من الولايات المتحدة وفرنسا ودول اخرى تطلب منها عدم تجاوز الخطوط الحمراء والتدخل في العراق، ولأن هذه القيادة لم تكن تريد، بعد سنوات الحرب، التورط مجدداً في حرب اهلية عراقية - عراقية". وهكذا لم تتمكن ايران في ربيع 1991 من حماية شيعة العراق، لكن دول التحالف تفعل ذلك اليوم. وهذا يشكل عنصر احراج للمسؤولين الايرانيين.
3 - السبب الثالث للانزعاج الايراني هو ان "عملية الجنوب" تضع دول التحالف في موقع يمكنها من "اختيار" النظام الجديد الذي سيخلف نظام صدام حسين، او على الاقل "من لعب دور مؤثر وفعال" في اختيار هذا النظام. وهذا الامر من شأنه تقليص الدور الايراني في عملية اختيار النظام الجديد.
4 - السبب الرابع للانزعاج هو ان ايران لا تستطيع ان تفعل شيئاً ازاء "عملية الجنوب" للتأثير عليها "سلباً او ايجاباً" اذ انها لا تملك المقدرة على ذلك. وما يزعج القيادة الايرانية، ايضاً، انها "مضطرة" للتعامل مع هذا التطور الجديد في الساحة العراقية ولا تستطيع ان تتجاهله.
"المشروع الايراني" في العراق
كيف ستتعامل القيادة الايرانية، اذن، وفي ضوء هذه المعطيات، مع "عملية مراقبة الجنوب"؟ ما تستطيع ان تؤكده "الوسط" استناداً الى مصادر اميركية وفرنسية وثيقة الاطلاع هو ان الرئيس الايراني رفسنجاني لا يريد الدخول في اي نوع من المواجهة مع دول التحالف بل يريد، على العكس، الانطلاق من "عملية الجنوب" لمحاولة توسيع اطار "الحوار والتنسيق" مع الدول الغربية الثلاث الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا. وفي هذا المجال علمت "الوسط" من مصادر فرنسية وثيقة الاطلاع ان المسؤولين الايرانيين ابلغوا دول التحالف الثلاث عن طريق فرنسا - التي تلعب حالياً دوراً رئيسياً في نقل الرسائل ووجهات النظر بين طهران وواشنطن - ان حقيقة موقفهم مما يجري في العراق وإزاء مستقبل الوضع في هذا البلد يتلخص في الامور الاساسية الآتية:
1 - القيادة الايرانية لا تسعى الى اقامة جمهورية اسلامية في العراق، خلافاً لما يشاع او يتردد في بعض الاوساط العربية والاسلامية والاجنبية.
2 - القيادة الايرانية لا تسعى الى فصل جنوب العراق وإقامة "دولة شيعية" فيه مرتبطة بطهران، كما انها لا تسعى الى انشاء "منطقة امنية" تابعة لها في الجنوب العراقي على غرار "المنطقة الامنية" التابعة لاسرائيل في جنوب لبنان.
3 - القيادة الايرانية حريصة على وحدة الاراضي العراقية وهي تأمل في سقوط نظام صدام حسين ومجيء نظام آخر ومستعدة للمساهمة في اي تحرك يهدف الى اسقاط هذا النظام.
4 - ايران لا ترغب في مجيء نظام جديد في بغداد معاد لها، والقيادة الايرانية تعتبر، فعلاً، ان "مصالحها الامنية والحيوية" ستتأثر بطبيعة النظام القائم في العراق، وان بينها وبين هذا البلد "روابط عدة" لا تستطيع ان تتجاهلها وهي روابط تؤهلها - في رأيها - لأن تلعب دوراً في الساحة العراقية وان تكون "معنية" بكل ما يجري في هذه الساحة وحولها.
5 - القيادة الايرانية تؤيد قيام "تحالف جديد" في العراق يحكم هذا البلد ويضم ممثلين عن السنة والاكراد والشيعة، وحتى عناصر من حزب البعث غير مرتبطة بنظام صدام حسين ومجموعته. وتعتبر القيادة الايرانية ان الشيعة العراقيين "يجب ان يكون لهم دور اكبر" من دورهم الحالي في التحالف الجديد الحاكم، وان تكون "حصتهم" في الدولة والوظائف اكبر مما هي الآن. وستدعم القيادة الايرانية "شيعة العراق" ضمن هذا الاطار.
هذا هو التصور الايراني او "المشروع الايراني" للعراق كما تم ابلاغه الى دول التحالف الثلاث عن طريق فرنسا. وتحاط هذه القضية بالتكتم. وقد أعرب المسؤولون الايرانيون عن "املهم" في ان تأخذ دول التحالف في الاعتبار وجهة نظر ايران هذه، مبدين استعدادهم للتشاور والتحاور معها بشأن المشروع الايراني.
ووفقاً لما قاله لپ"الوسط" مصدر ديبلوماسي فرنسي بارز وثيق الاطلاع على هذ القضية فان "الرئيس رفسنجاني تخلى عن تطبيق نظريات آية الله الخميني في العراق، اذ كان الخميني يريد، بأي ثمن، اقامة جمهورية اسلامية في العراق متحالفة مع ايران.
اما رفسنجاني فانه يتعامل بواقعية اكبر مع الوضع العراقي، ويحاول ان يتبع في العراق السياسة التي اتبعها الرئيس الأسد في لبنان: فرفسنجاني يريد اعطاء دور اكبر للشيعة في العراق، كما سعى الاسد الى ذلك مع المسلمين في لبنان، على امل ان يساعد ذلك على تقوية النفوذ الايراني في الساحة العراقية من دون ان يصل الامر بالضرورة الى قيام تحالف او وحدة بين العراق وايران".
اميركا والدور الايراني
هذا هو "مشروع" القيادة الايرانية الحالية للعراق، وهذا هو موقفها ازاء "عملية مراقبة الجنوب". والسؤال الآن هو: ما موقف دول التحالف الثلاث من ايران حالياً وماذا تريد منها في اطار تنفيذ "عملية الجنوب
المعلومات الخاصة التي حصلت عليها "الوسط" من مصادر اميركية وفرنسية وثيقة الاطلاع على هذه القضية تكشف الامور الآتية:
1 - دول التحالف الثلاث، اميركا وفرنسا وبريطانيا، لا تعترف بأن لايران "مصالح حيوية ومشروعة" في العراق ولا تريد ان تعترف بوجود مثل هذه المصالح، كما اعترفت بأن لسورية "مصالح حيوية ومشروعة" في لبنان. فدول التحالف الثلاث لا تريد ان يكون العراق "امتداداً سياسياً وأمنياً واستراتيجياً" لايران، بل تعتبر ان العراق هو جزء من المنطقة العربية.
2 - دول التحالف الثلاث مستعدة "للتحاور" مع القيادة الايرانية حول "عملية الجنوب" والوضع العراقي عموماً، لكن من دون ان يؤدي مثل هذا الحوار الى اعطاء اي دور ايراني مباشر في العراق او الى تكبير دور ايران في المنطقة. فليس وارداً لدى هذه الدول الثلاث، ولدى الدول العربية الاخرى المعنية بالامر، الاخلال بتوازن القوى في منطقة الخليج لمصلحة ايران.
3 - دول التحالف الثلاث لا تريد الدخول في اي نوع من انواع المواجهة مع ايران بسبب "عملية الجنوب" او نتيجة هذه العملية، لكنها، ايضاً، لا ترغب في عقد "اية صفقة" من اي نوع كان مع القيادة الايرانية في اطار "عملية الجنوب".
4 - الولايات المتحدة، بشكل خاص، تأمل في الانطلاق من "عملية الجنوب" لفتح حوار "جدي" مع القيادة الايرانية. وتستطيع "الوسط" ان تؤكد ان هذا الحوار بدأ، فعلاً، لكن عن طريق فرنسا وأطراف اخرى.
وقد حرص المسؤولون الاميركيون على تسريب "جانب" من هذا الحوار الى وسائل الاعلام حين ذكروا انهم "حذروا" القيادة الايرانية من محاولة "استغلال" عملية الجنوب لتثبيت مواقعها في العراق. والواقع ان "الحوار" الاميركي - الايراني، السري حالياً، يتضمن عناصر اخرى غير هذا العنصر التحذيري. فقد علمت "الوسط" ان ادارة بوش ابلغت المسؤولين الايرانيين استعدادها ورغبتها في عقد "اجتماعات علنية سياسية" بين الجانبين الاميركي والايراني تتناول "عملية الجنوب" والوضع العراقي، وان الادارة الاميركية ترغب في "تعاون ايران" الضمني او العلني في مجال تنفيذ هذه العملية، من دون ان يصل هذا التعاون الى حد اعطاء دور لايران في العراق او في الترتيبات المتعلقة بالعملية.
5 - لا ترغب الادارة الاميركية في اعطاء ايران اي دور في عملية اختيار النظام الجديد في العراق، لكنها "مستعدة" للأخذ في الاعتبار وجهة النظر الايرانية الداعية الى اقامة "تحالف واسع جدىد" يحكم هذا البلد والى اعطاء "الشيعة في العراق دوراً اكبر من الدور الذي اعطاهم اياه صدام حسين".
6 - اذا ما بدأ هذا الحوار الاميركي - الايراني وحدث "تعاون ضمني" بين ايران ودول التحالف ضمن الحدود التي ترسمها هذه الدول، فان ذلك سينعكس على العلاقات الثنائية الاميركية - الايرانية، ويمكن ان يؤدي الى ايجاد "علاقات جديدة"، بصورة تدريجية، بين البلدين.
وفي اي حال، ستكون "عملية مراقبة الجنوب" اساساً لتكثيف "الاتصالات" الاميركية - الايرانية المباشرة وغير المباشرة، في المرحلة المقبلة. وستكون "عملية الجنوب"، من هذا المنطلق، محكاً جديداً ومهماً لمدى قدرة الرئيس الايراني رفسنجاني على "الانفتاح" على الولايات المتحدة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.